دون مقدمات وبشكل مفاجئ خرج السيد إلياس العماري ، زعيم حزب “السلطة”  الأصالة والمعاصرة ، ليعلن أنه قرر النزول من قمة هرم الحزب لأسباب  لا علاقة لها بالظرفية الراهنة التي يمر منها المغرب .. إلا أن السيد العماري لم يخبرنا بالسبب الرئيس الذي جعله يقدم على هذه الخطوة  خاصة و أنه يجري الحديث عن كون الاستقالة لم تكن اختيارا بل أُجبر عليها بعدما تورط في الحديث بسخرية وتهكم عن الملكية التي قال عنها أنها لا تراعي إلا مصالحها الذاتية ، كان ذلك في أحد لقاءاته بمنزل السيدة خديجة الرويسي وحضره أيضا مجموعة من الشباب والطلبة . 

قد يكون هذا الأمر صحيحا وقد يكون غير ذلك ،إلا أن الأهم هو أن صفحة إلياس العماري ستطوى قريبا و ربما إلى الأبد في انتظار أن تطوى صفحة باقي الزعماء السياسيين الذين جلبهم الربيع العربي ليكونوا درعا يحمي السلطة من غضب الشارع ..كان أولهم السيد عبدالاله بن كيران الذي استطاع أن يصنع لنفسه مكانا أكثر اتساعا من ذاك الذي رسمته له السلطة حتى انه أصبح يشكل منافسا لها ،فكان لابد لهذه السلطة أن تصنع زعماء من نفس الطينة الذين بمقدورهم مجاراة بن كيران والعمل على سحبه من معركته ضد الفساد الذي تمثله السلطة إلى معركة ثانوية ضد زعماء بعض الأحزاب ..وبالفعل تمكن زعماء أحزاب الاتحاد الاشتراكي ،والاستقلال و الأصالة والمعاصرة من سحب بن كيران إلى معركتهم وتحولت الساحة السياسية بسبب ذلك إلى فوضى خطابية بين فعل ورد فعل لتفقد بذلك العملية السياسية جديتها ، وتفقد الأحزاب ،سواء التي توجد في الحكومة أو التي توجد خارجها ،ما تبقى من مصداقيتها .

وسط هذه الفوضى كان من الطبيعي أن تتيه مصلحة الوطن ومصلحة المواطن  لنصل اليوم إلى ما نحن عليه وليضطر الملك إلى تقديم نقد لاذع للسياسيين والمسؤولين بسبب آلت إليه الأوضاع من تدهور كان يمكن تفاديه لو أن السلطة تركت الأحزاب تقرر في مصيرها الداخلي 

وسط هذه الفوضى كان من الطبيعي أن تتيه مصلحة الوطن ومصلحة المواطن  لنصل اليوم إلى ما نحن عليه وليضطر الملك إلى تقديم نقد لاذع للسياسيين والمسؤولين بسبب آلت إليه الأوضاع من تدهور كان يمكن تفاديه لو أن السلطة تركت الأحزاب تقرر في مصيرها الداخلي ،ولو أنه تم ترك المجال لبن كيران وحكومته من أجل الاشتغال في بيئة نظيفة تؤثثها معارضة نظيفة وجدية .

الآن وبعدما وقع ما وقع ، وبعدما كادت قرارات و مخططات “السلطة” تقودنا إلى الكارثة (حراك الريف وتبعاته) يتضح أن هذه السلطة لم تستفد شيئا من الدرس و أنها ما تزال مصرة على الانزلاق بهذا الوطن نحو الهاوية ..فكل المؤشرات تقول أنها بصدد الاتجاه لإحداث تغييرات شبه جذرية في المشهد السياسي المغربي وذلك بالاعتماد الكلي على التكنوقراط في تسيير الشأن العام ، أقصد أننا نتجه نحو حكومة وحدة وطنية يقودها التكنوقراط.  قد يحدث هذا بطريقة مباشرة أو عبر إلباس بعضهم زي أحزاب بعينها كما حدث مع السيد الوزير محمد حصاد الذي أصبح بين ليلة وضحاها عضوا بحزب الحركة الشعبية بل وربما يتجه لرئاسة الحزب أيضا .

إن حدث هذا ،وهو محتمل جدا خاصة بعد خطاب 29 يوليوز ، ستكون جريمة اغتيال السياسة قد تمت بعدما تم قبل سنوات اغتيال الأحزاب.