دائما ما كنت أؤمن بأن التغيير الشامل لا يمر عبر الاحتجاجات الفئوية، لكني في المقابل أؤمن بحقيقة أن الأساتذة ليسوا مجرد فئة مجتمعية منفردة ومنغلقة على نفسها.. أقصد أن الأساتذة مهما كانت وضعيتهم ورتبهم وأسلاكهم فهم الأس الذي تنبني عليه باقي الفئات المجتمعية، لذلك فاحتجاجات الأساتذة هي احتجاجات مجتمع وليست احتجاجات فئة. لذلك كان من المفروض في السلطات المغربية أن تكون أكثر ذكاء في تعاملها مع الأساتذة المفروض عليهم التعاقد بدل الارتجالية والتخبط الذي أوصلنا إلى ما وصلنا إليه اليوم من دماء وكسور وإهانات وتحرش…

ما حدث خلال اليومين الأخيرين بالرباط يجب أن نقف عنده كثيرا، فليس بالأمر العادي أن يتم طرد الأساتذة من الفنادق ليجيروا على المبيت في الأزقة والشوارع، وليس بالعادي في شيء ان يتم ايقاف العديد من الأساتذة وسط المحطات ونقلهم للكوميسريات حيث تم احتجازهم لساعات والتهمة سيئة جدا، “التهمة أستاذ” ..في حسن تم تعنيف باقي الاساتذة الذين استطاعوا الوصول لباب الأحد من اجل المسيرة، ولعل المشاهد والصور المنتشرة عبر الفيسبوك والواتساب وباقي وسائل التواصل الاجتماعي كفيلة بأن تضعنا أمام الواقع البئيس الذي اوصلتنا إليه ارتجالية التعامل مع ملف الأساتذة الذين فرض عليهم التعاقد..

الخوف كل الخوف أن يكون ما وصل إليه هذا الملف سببه تلك المزايدات السياسوية بين بعض الأحزاب وأجنحتها النقابية التي تسعى لتحقيق بعض المكاسب من خلال المتاجرة بتفاصيل الملف، وإلا فلا شيء آخر يمكن أن نفسر عبره كل هذا التأخر في ايجاد مخرج الادماج، باعتباره المخرج الوحيد والمنطقي والعادل الذي يمكنه انهاء كل هذا التخبط.

الحقيقة أن قضية الأساتذة المفروض عليهم التعاقد هي إهانة ووشمة ملطخة على وجه هذا الوطن، خاصة وأن القضية اتخذت بعدا اعلاميا دوليا بعد أن بادرت العديد من المنابر  الاعلامية والحقوقية لإعلان دعمها للأساتذة، ورفضها التام لما يتعرضون له من تنكيل وتعنيف. لذلك فالمفروض في الحكومة المغربية أن تسرع في الاستجابة للملف المطلبي العادل لهؤلاء الأساتذة.