– سبق أن تطرقنا- في موضوع سابق بجريدة لكم- لعنف الدولة ضد أساتذة الغد وتهافت الأساس القانوني له، وسنحاول في هذه الورقة بيان بعض الحجج الداعية إلى وقف العمل بالمرسومين – موضوعا الخلاف بين الحكومة و أساتذة الغد –  ليس بمنطق الدعوى إلى عدم احترام القانون و السماح لكل من لا  يجد مصلحته في الوقوف ضده لما فيه من مس بمصداقية مؤسسات الدولة ، و إنما بالاستناد إلى بعض الأمثلة تتعلق بعدم تطبيق قانون موجود أو بسابقة تراجع الحكومة تحث الضغط عن تطبيق قانون سبق وأن صدر في الجريدة الرسمية، و حججنا على  دعوانا هي:

1- إذا كان الخطاب الرسمي – على الأقل منذ دستور2011- يدافع عن اعتماد المقاربة التشاركية وأهميتها في مشروع بناء الدولة فإن الحكومة في المرسومين اعتمدت مقاربة أحادية في تدبير الملف. وهذا يجعلنا أمام ما قاله  الماهتما غاندي: ” ما تقومون به من أجلي و من دوني فهو ضدي”.

2- تغليب المقاربة المالية ( بتقليص المنحة و تقليص عدد المستفيدين مقارنة بالمكونين في المراكز) بالسعي إلى توجيه الخريجين نحو القطاع الخاص وترسيخ أطروحة نهاية الدولة المشغل ، والسؤال هو: هل يمكن للقطاع الخاص أن يضمن نفس الامتيازات مقارنة بالدولة ( خاصة على مستوى الأجر و الأمن الوظيفي)؟ 

3- إذا كانت الحكومة ( في خطابها) تستند إلى حجة أن الرافضين للمرسومين قد اختاروا عن بينة و حرية الولوج إلى هذه المراكز و هم يعلمون مسبقا بوجودهما فإن رد الرافضين يدافع عن صدورهما في الجريدة الرسمية ( صدر المرسوم رقم 588-15-2 في الجريدة الرسمية بتاريخ 8 أكتوبر2015 ) لا حقا على انتماءهم إلى المراكز. إذا تبث ذلك فإننا نكون أمام واقعة تمس بأحد المبادئ القانونية التي يتلقاها طالب الحقوق منذ سنته الأولى و هي قاعدة عدم رجعية القانون و الأثر الفوري له.

نتساءل مع السيد رئيس الحكومة ( المفتي ضدا على الدستور) : هل نقابة حزبه عندما كانت تضرب خالفت القران الكريم؟ أم أن الحكومات السابقة كانت لا تطبق القران  الكريم و بالتالي يجوز شرعا الإضراب ضدها؟ أم نقابته تحذف الإضراب من أسلحتها؟

وإذا كان هناك خطأ في الإصدار فعلى الحكومة أن تتحمله و ليس الطرف الضعيف؟

4- لجأ رئيس الحكومة إلى القران الكريم لتبرير أطروحة ” الأجر مقابل العمل”، و عليه فإن الفضل يعود للحكومة ( و الصحيح إليه كما يقول) في ضمان توازن كفتي الميزان ( الأجر و العمل)، علما أن الأساس القانوني هو قانون المحاسبة العمومية الذي يصنف أجور الموظفين ضمن النفقات العمومية ، و من بين مبادئ النفقة العمومية أن الأداء يتم بعد الإنجاز( بغض النظر عن خطورة هذا النوع من الربط المقاولاتي) و السؤال هو: لماذا لم تطالب نقابته عندما كان حزبه في المعارضة بتطبيق هذا القانون و هم يعلمون بوجوده؟ 

و كذلك يعلمون بوجود قانون الاقتطاع من الأجر منذ 5 أكتوبر1984 و صدر المرسوم التطبيق له في 10 مايو2000 ؟ ( لنلاحظ السنوات الفاصلة بين القانون و المرسوم التطبيقي) و بقي القانون في الرفوف حتى جاءت الحكومة الحالية و عملت على تفعليه مستندة على حجة تقول بأن العمل بالقانون الموجود و ليس بالحق المصرح به فقط ( حالة حق الإضراب المصرح به دستوريا و لم يصدر قانون يعترف بممارسته) ضد على تصدير الدستور المغربي الذي ينص على بناء دولة يسودها الحق و القانون؟

و عليه، فإننا نتساءل مع السيد رئيس الحكومة ( المفتي ضدا على الدستور) : هل نقابة حزبه عندما كانت تضرب خالفت القران الكريم؟ أم أن الحكومات السابقة كانت لا تطبق القران  الكريم و بالتالي يجوز شرعا الإضراب ضدها؟ أم نقابته تحذف الإضراب من أسلحتها؟

5- نتيجة الضغط الذي مارسه مهنيو التجار الصغار ( من قبيل الإعلان عن مسيرة وطنية احتجاجية يوم 2 مارس 2014 و إغلاق المحلات التجارية يوم الجمعة الثاني من شهر فبراير  (14 فبراير 2014) ضد المادة 145 مكرر من قانون المالية 2014 ، تم إلغاء المادة 145 مكرر من قانون المالية 2015. 

قد يرد علينا البعض في إطار المغالطات المنطقية بأن لا قياس مع وجود الفارق بدعوى أن قانون المالية يتغير سنويا فإننا ندافع عن الفكرة القائلة بعدم الكيل بمكيالين و تطبيق القانون على الجميع  ( الميزان)، و هنا يطرح السؤال : هل من يملك وسائل أخرى للاحتجاج ( المال) غير الشارع يستطيع فرض إرادته؟ 

6- لقد صادقت المملكة المغربية على اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد سنة 2007 وتم نشرها في 17 يناير 2008، حيث تنص المادة 3 منها  “على منع الفساد والتحري عنه وملاحقة مرتكبيه ، وعلى تجميد وحجز وإرجاع العائدات المتأتية من الأفعال المجرمة” ـ فما التدابير التي اتخذتها الحكومة للسهر على تطبيق قانون يسمو على المرسوم، أم خوفا من ” التماسيح و العفاريت” عفا الله عما سلف ؟.

7- يطالب الائتلاف الوطني لمكافحة المخدرات بتفعيل القانون 91-15 القاضي بمنع التدخين في الأماكن العمومية -غير المفعل مند 1996- لما فيه من أضرار على صحة المواطنين و على ميزانية الدولة . فلما الأولوية إذن هل لقانون ( و مرسومه التطبيقي للعام 2008 و المصادق عليه من طرف أعضاء البرلمان بمجلسيه) تترتب على عدم تطبيقه نتائج و خيمة على الصحة و المال أم التمسك بمرسوم يتعلق بفئة محدودة العدد و ليس فيه ضرر للآخرين؟

ختاما نتمنى أن يكون رئيس الحكومة مثل تلك المرأة معصوبة العينين رمزا للعدالة – علما أن هذه سمة القاضي و رئيس الحكومة يعتبر خصما و ليس حكما-، وأن لا يعمل بمنطق الكيل بمكيالين : توقيف العمل بالقانون حلال للبعض ( التجار ، و شركات التبغ ….)، و أحيانا بغض البصر عنهم باستعمال عبارات من قبيل “إذا قررت الإدارة “( المادة 212 من المدونة العامة للضرائب)  – بتحويل صيغة الوجوب إلى الاحتمال- و تشدد في تطبيقه – إلى حد القسم بالله والرجوع إلى القران –  بالنسبة للمعطلين و المتدربين و الموظفين و الأجراء؟ فأين الميزان؟