إذا عرفنا مفهوم التشارك، وسبب تسمية البنوك الإسلامية بهذا الاسم، سهل علينا أن نعرف القيمة المميزة التي تقدمها البنوك التشاركية. إن التشارك يعني أن المواطن الذي يتعامل مع المصرف لن يبقى ذلك الزبون الذي يرى فيه البنك مستهلكا يغذق عليه أموالا عاجلة يؤديها مضاعفة عاجلا، ولكنه مع المصرف التشاركي جزء من العملية والمسؤولية الواقعة والمتوقعة، ولذلك لاينتظر أحد أن يتسلم أموالا من البنك التشاركي دون أن يقدم للبنك حاجته الشرعية لهذه الأموال، والضمانات الكافية لاستعمال هذه الأموال للمصلحة المشتركة بين البنك والعميل.ثم لا تنتهي مسؤولية المصرف هنا بل يتحمل نصيبه من أي خسارة تلحق بالعميل بعد استعمال المال وفق الحاجة التي شرحها للبنك، والضمانات التي أدلى بها. هي إذا عناصر ثلاثة ترقى بعمل المصرف من مجرد دائن يأخذ من منبع الموظف حصته ثم لا يهمه مصيره، إلى مرحلة تجعل البنك وهو شخصية اعتبارية مع العميل جنبا إلى جنب في خدمة المشترك العام، والتخفيف من حالات الافلاس، والتشرد، والضائقات المالية التي تنتج عن الاستدانة غير المسؤولة التي يقبل عليها الإنسان أحيانا تحت ضغط الشهوة الجامحة التي لا تستحضر العواقب.

العنصر الأول: وهو حاجة العميل للأموال: وهنا يكون العميل مطالبا بتفسير الحاجة إلى المال، والبرهنة على وجاهة هذه الحاجة، وإذا كان من الطبيعي أن المصرف لا يشترط أن تكون الحاجة ملحة، أو ترقى لمستوى الضرورة، فإنه في المقابل لا يمكن أن يقتنع بحاجة المستهلك للبذخ، وتلبية الرغبات العابرة التي تدخل ضمن النطاق المعقول لحاجة الإنسان.

العنصر الثاني: وهو ضمانات المصلحة المتوقعة للبنك وللعميل على حد سواء: وهنا ينتقل المصرف ليتأكد من توفر الضمانات المنطقية المؤدية إلى الربح لكل طرف. فينظر البنك إلى اختيار المنتوج الملائم للحالة المادية للعميل، في حالة البيع والتملك، فيعرض عليه أنسب العروض وليس أغلاها، لأن المسؤولية مشتركة بينهما. أما في حالات الاستثمار فيدلي العميل بكفائته المهنية، وملفه العدلي النزيه، والمعطيات الكافية حول المشروع موضوع الاستثمار…

العنصر الثالث: وهو المسؤولية المشتركة في الأرباح والخسائر: وهذا العنصر هو الذي يضمن جدية المصرف في محاسبة العميل على توفر العنصرين السابقين، لأن أي قبول من المصرف بمغامرة العميل ودخوله في معاملة لا يستطيعها، قبول منه بتحمل الخسارة القادمة التي سيتحملها بمعية الزبون بقوة القانون.