أخيرا خرج الرئيس الأمريكي المنهزم دونالد ترامب ليعلن ما تأخر إعلانه لسنوات، خرج ترامب ليخبرنا أن المملكة المغربية قررت تطبيع العلاقات السياسية والدبلوماسية مع الكيان الصهيوني، وأنه في المقابل وقع إعلان سيادة المغرب على صحرائه..

قد يبدو الخبر قاسيا وفيه الكثير من الإهانة لمشاعرنا كمغاربة، إلا أنه لم يكن مفاجئا بالمطلق لانه مجرد حلقة من حلقات مسلسل تطبيع الدول العربية مع الكيان الإسرائيلي والذي انطلق بيتطبيع الإمارات، البحرين، السودان ثم المغرب، وطبعا في انتظار باقي الدول. الامر المختلف في تطبيع المغرب أنه جاء كمقابل، أي التطبيع مع إسرائيل مقابل إعلان سيادة المغرب على صحرائه.. وهو الأمر الذي نعتبره فوضويا وغير مؤسس على نظرة استشرافية نحو المستقبل الذي أثبت لنا في قضايا كثيرة مشابهة أنه غير مستقر، غير ثابت. طبعا المغرب يعرف جيدا أن الإدارة الأمريكية غير مستقرة، وأن إدراة جون بايدن قد تكون مخالفة تماما لإدارة ترامب في ما يخص قضية الصحراء لذلك فإعلان ترامب قد يكون غير ذي أهمية في المستقبل القريب مع تولي بايدن الحكم في يناير القادم. ثم وهذا مهم، أن يتخ ترامب قرارا مهما وجذريا بهذا الشكل قبل أيام قليلة من مغادرته للبيت الأبيض قد تكون له تأثيرات سلبية على القرار نفسه. طبعا أن تعترف الولايات الأمريكية بمغربية الصحراء هو أمر لطالما انتظرناه هنا في المغرب بحكم ما تعنيه لنا الصحراء كجزء من وحدتنا الترابية، إلا أن توقيت القرار ومن اتخذ القرار يجعلنا نحس بنوع من اللاطمئنان. خاصة وأن أغلب المراقبين الدوليين يقولون بأن القرار الأمريكي مجرد قرار آني من ترامب وأن الإدارة القادمة لن تسير على نفس النهج.

نقصد القول أن هذا المبرر الذي ساقه ترامب وبعده المغرب الرسمي  بالتطبيع مقابل الاعتراف بمغربية الصحراء كان الهدف من خلاله التخفيف من حجم الصدمة على الشعب المغربي، وربما العربي، ومن ثم ردة فعل أقل ارتدادية وأقل تأثير. نقول ذلك بنوع من التأكيد لأن التطبيع أمر واقع وحتمي مقابل الاعتراف بمغربية الصحراء أو من دونه، فهذا الجمع بين القضيتين هو فوضى غير مفهومة وغير مبررة، وفيه الكثير من الإهانة لوعي الشعب المغربي الذي يفهم جيدا حقيقة التطبيع، كما يفهم  جيدا قيمة الصحراء بالنسبة للمغرب..

كان المفروض ألا يقع هذا الخلط بين القضيتين وأن يحاول المغرب نيل الإعتراف الأمريكي بمغربية الصحراء بعيدا عن نقاش التطبيع أو على الأقل أن يتم الفصل زمنيا بين الواقعتين لأن إنجاز الإعتراف الأمريكي انصهر وسط حقيقة التطبيع.

في الأخير نقول أن القضية الفلسطينية ليست قضية دول وأنظمة، هي أولا وأخيرا قضية شعوب لذلك فقرارات الأنظمة السياسية بالتطبيع مع الكيان سيساسيا واقتصاديا لا يغير من الحقيقة شيئا، لا يغير شيئا من حقيقة كون إسرائيل مجرد كيان وهمي.