قال عبد الرحيم العلام أستاذ الفكر السياسي بجامعة “القاضي عياض” بمراكش، إن الشعب المغربي يحب السياسية ومسيس بطبعه، لكن للأسف الشديد بعض الممارسات السياسية سواء الصادرة من السلطة أو الأحزاب السياسية، هي التي تبعد الناس من السياسة وتحرمنا من الزخم السياسي الذي تحتاجه البلاد.

وأضاف العلام في الندوة التي نظمها مركز “تكامل للدراسات والأبحاث”، ليلة أمس الأربعاء، حول ” “الحياة السياسية خلال وبعد الأزمة الوبائية”، أن الكثير من الفاعلين السياسيين يشتكون من تبخيس الفعل السياسي وهذا صحيح، وممكن أن يكون وارد، لكن للأسف الشديد الموقف السياسي الذي تعبر عنه القيادات الحزبية ضعيف جدا.

وأوضح العلام أن ما يحدث اليوم في البرلمان المغربي وفي المجالس البلدية والجماعات المنتخبة، يبرهن أن السياسي يبخس نفسه بنفسه، فمن الذي منع البرلمانيين أن يكونوا في البرلمان لمناقشة المشاريع التي تعرض عليهم، ويسائلون الحكومة عن الأخطاء التي تمارسها؟، هل منعهم فيروس “كورونا”؟ لكن لماذا لم يمنع الفيروس الأطباء ورجال ونساء النظافة من مزاولة عملهم؟.

وتساءل العلام لماذا لا يعقد البرلمان بكل أعضائه الجلسات ويجعلها علنية أمام مواقع التواصل الاجتماعي؟، ولماذا ذهب البرلمانيون إلى الوسيلة الأسهل وهي المكوث في البيوت وتوكيل بعض النواب فقط بالقيام بمهامهم حتى في التصويت؟، ومن الذي يمنع المجالس المنتخبة من عقد دوراتها؟.

وأكد العلام أن الدستور تعرض للانتهاك، والطريقة التي يجتمع بها مجلس النواب مخالفة للدستور، بدليل أن مجلس المستشارين رفضها واعتمد التصويت الإلكتروني.

وانتقد العلام التصويت بالوكالة في مجلس النواب، مشيرا أن جميع برلمانات العالم تجتمع وتشتغل إلا البرلمان المغربي الذي يخشى لوحده من فيروس “كورونا”.

وتابع بالقول “أخشى أن الزخم الموجود سياسيا في المغرب لا تستثمره الأحزاب السياسية وتبعد نفسها عن الاستفادة منه”.

وشدد العلام على أن العمل الحزبي من أبرز تجليات الديمقراطية، وما يهمنا أن الأحزاب السياسية الموجودة في المغرب تتقوى، وهذا لا يمنع أن نوجه انتقادات لها، علما أنها جزء من الحياة السياسية، وليست كلها.

وأبرز ذات المتحدث أن المثقف العضوي هو كل شخص لديه فكرة ومؤثر، ويمكن أن يكون في المعارضة أو في السلطة، والمثقف العضو كما نظر له “غرامشي” ليس هو المثقف المناضل، فممكن أن يكون المثقف العضوي داخل دواليب السلطة.

واعتبر العلام أن هناك إفراط في السياسة لدى المغاربة، وتفريط حزبي، خاصة أن مواقف بعض الأحزاب السياسية مع الأسف ضعيفة.

وأكد أن البرلماني عندما يمكث في المنزل ولا يقوم بمهامه من داخل البرلمان، فإنه لا يعطي القدوة للآخرين.

وأوضح العلام أن البرلمان يجب أن يجتمع بكل أعضائه حتى لو اضطر للقيام بجلسات عن بعد والتصويت عن بعد، فمشروع قانون 22.20 المهرب كان ممكن أن يمر وكل البرلمانيين غير حاضرين.

وأضاف أنه حتى مرسوم بقانون الخاص بحالة الطوارئ الصحية، كان يجب أن يحظى بمناقشة واسعة من البرلمان، لأنه لماذا يتم اعتقال الناس ويزج بهم مباشرة في السجون، في ظل غياب أي إجراءات بديلة، علما أن الدول الأخرى تفرض غرامات وليس عقوبات حبسية.

وشدد العلام على أن كل القوانين التي يمكن أن تصدر عن البرلمان حاليا فاقدة للشرعية الدستورية وباطلة.

وتحدث العلام أيضا عن بعض الشخصيات السياسية التي تروج لتأجيل الانتخابات، مشيرا أنه كل الخوف أن البرلمان الذي تعامل بهذه الطريقة مع هذه الظرفية، وفي ظل عدم وجود عدة انتخابية كاملة أن يتم الترويج والعمل على تأجيل الانتخابات، وهذا أمر مخالف للدستور.

وأكمل بالقول “لدينا مشكل آخر أن الانتخابات الجماعية والتشريعية ستتصادف في نفس السنة، وهذا لحد ذاته إكراه، يضاف إلى كورونا، وأنا أخاف أن يتم التوجه إلى تأجيل الانتخابات”.

وأشار أن هناك أيضا حديث يروج عن تشكيل حكومة كفاءات أو حكومة وطنية، مضيفا “أنا لا افهم كيف يبيح البعض لأنفسهم الدوس على الدستور باجتهادات مثل هذه”.

وشدد على أنه إذا كانت هناك أزمة يجب أن نتجه للتفكير في حلها بطرق ابتكارية وليس مخالفة الدستور عبر تأجيل الانتخابات.

واعتبر أن الذي يفكر ويتسابق من أجل تولي الشأن العام مستقبلا يجب أن يفكر كيف سيعالج تداعيات هذا الفيروس وخاصة في الجانب السياسي، لأنه لا يمكن أن نعود بعد هذه الأزمة بنفس الأحزاب السياسية وبنفس العمل والنخب القديمة، علما أن لدينا مجموعة من الأحزاب مثل “الكارتيلات الاقتصادية” تظهر التنافس لكنها خارجة من نفس البوثقة ولها نفس الخلفية، وهذا الكلام يهم أيضا الفاعلين السياسيين خارج الأحزاب السياسية.

وأكد العلام أن الأحزاب هي أيضا جزء من المجتمع، وعندما يكون المجتمع حيويا فإن هذا ينعكس على الأحزاب، ولقد رأينا كيف رفض المجتمع بقوة مشروع 22.20، وانعكس هذا على الأحزاب السياسية بدورها، حيث امتلكت الجرأة ورفضته.

وختم العلام مداخلته بالتأكيد أن مسألة المعتقلين السياسيين يجب أن تحل لأن النظام السياسي اليوم قوي وله شعبية لحل هذا المشكل، وإذا فعل ذلك سيزيد من شعبيته ولن يزايد عليه أحد سواء في الداخل أو الخارج.