قال فريق حزب “الاستقلال ” بمجلس النواب، إن المناقشة السنوية لتقارير المجلس الأعلى للحسابات، أصبحت أمرا روتينيا مملا ، ما دام المجلس  يصدر سنويا  تقارير سوداء عن هشاشة الحكامة التدبيرية، بل بعدد مخيف من الجرائم المالية، في غياب أي تحسن يذكر في المقابل.

ونبه الفريق الاستقلالي في مداخلة له، خلال مناقشة تقرير المجلس الأعلى للحسابات، بمجلس النواب، اليوم الأربعاء، إلى ضرورة تجنب الانتقائية في عمليات المجلس، ( حساسيات بعينها أو مؤسسات بعينها فلا أحد فوق القانون، وبلادنا هي دولة مؤسسات لا أشخاص).

ودعا الفريق إلى توسيع قاعدة الافتحاص والتدقيق والمراقبة التي يقوم بها المجلس الأعلى والمجالس الجهوية للحسابات، خاصة أن السياق العام الذي تجرى فيه تقارير المجلس يتسم  باهتزاز منسوب الثقة لدى فئات عريضة من المواطنين، وتتزايد فيه الاحتجاجات الفئوية، وتتعاظم المطالب الاجتماعية، إضافة إلى عودة الهجرة السرية والعلنية، للشباب.

وأوضح الفريق “الاستقلالي” أن أسباب تراجع منسوب الثقة تعود إلى ضعف الإجراءات الزجرية الخاصة بملفات الفساد، التي تجد طريقها سريعا نحو النسيان، وتفريط الحكومة في مبدأ دستوري مهم وفارق، جاء بالأمل مع دستور 2011، هو مبدأ ربط المسؤولية بالمحاسبة، إلى جانب استكانة الحكومة أمام الفساد، بل وتعايشها معه.

وأشار فريق حزب “الميزان” أن تقرير المجلس الأعلى للحسابات يؤكد مرة أخرى غياب البعد الاستراتيجي في الاستثمار العمومي، وضعف نجاعة ومردودية هذا الاستثمار ، مما يشكل هدرا للزمن السياسي وللمالية العمومية في آن واحد.

وتطرق الفريق للوضعية المقلقة التي يعيش عليها صندوق الإيداع والتدبير على اعتبار وديعا قانونيا لتعبئة موارد الادخار وحمايتها وتثمينها، ومحفظة حكومية استثمارية هامة، مشيرا أن الحكومة تعرف وتبارك السياسات المالية والاستثمارية للمقاولات العمومية، رغم أن بعضها يكبد المال العام خسائر بملايين الدراهم، في استثمارات خاسرة، تغلب عليها العشوائية وسوء التدبير ، وبالتالي تتحمل مسؤولية الإخفاق الكبير الذي كشف عنه هذا التقرير الأسود، أو أن الحكومة تترأس صوريا المجالس الإدارية لهذه المؤسسات والمقاولات العمومية .

وشدد الفريق “الاستقلالي” على أن بناء هذه  الثقة الغائبة، يستلزم من الحكومة امتلاك إرادة واضحة، لضمان تشفيف المالية العمومية، ومحاربة الفساد، والتوجه نحو تدبير عمومي جديد ينبني أساسا على تعاقدات واضحة ودقيقة، ويواكبه ربط صارم للمسؤولية بالمحاسبة.

ونبه الفريق أيضا  للاختلالات التي شهدها البرنامج الاستعجالي في قطاع التعليم، وفي قطاعات أخرى، في غياب أي محاسبة، أو تحرك صارم من الحكومة، يكرس الإفلات من المحاسبة، ويضعف الثقة خاصة لدى فئة الشباب.

وأكد الفريق أن الشباب المغربي هو من يدفع ثمن هذه الإخفاقات ، وعلى رأسها إصلاح صندوق التقاعد، والذي يوضح تقرير المجلس الأعلى للحسابات، أنه كان ظرفيا ولا يمتلك بعدا استراتيجيا، ففي الوقت الذي يؤكد التقرير  أن مؤشرات ديمومة نظام المعاشات المدنية يتجه رأسا نحو التدهور، فإن الحكومة تؤجل فتح النقاش العمومي حول الموضوع بما يكرس افتقادها للاستباقية، في انتظار استهدافها مرة أخرى لجيوب الموظفين والاجراء، الحلقة الأضعف،  لترقيع اصلاح جديد، دون أي بحث عن أسباب هدر أموال تلك الصناديق والمسؤولين عليها.

وسجل الفريق “الاستقلالي” أسفه من غياب الحكومة عن جلسة دستورية هامة، من المفروض أنها وطبقا للمادة 148 من الدستور، تكون مخصصة لمناقشة التقرير السنوي للمجلس الأعلى للحسابات مع حكومة الأربعين وزيرا، وليس مع طيفها أو 3 وزارء.

واعتبر الفريق أن الغياب ينم عن استهتار حكومي بالسلطة التشريعية وتبخيس لعملها ودرورها الرقابي والتقييمي لعمل الحكومة، وهو أمر غاية في الخطورة، ويضرب في العمق مصداقية المؤسسات.