أصدر قضاة محكمة “عين السبع” في مدينة الدار البيضاء يوم الاثنين 20 يونيو الجاري حكما غاية في الغرابة، على الصحفي حميد المهدوي مدير الصحيفة الرقمية “بديل” بأربعة أشهر حبسا موقوفة التنفيذ، مع غرامة مالية قدرها 10 آلاف درهم، على خلفية دعوى قضائية رفعها وزير محسوب على حزب العدالة والتنمية مكلف بالعدل والحريات، اسمه مصطفى الرميد، ويوصف عادة في مثل هذه المناسبات ب”المحامي والحقوقي الأسبق”، بسبب مقال يتحدث عن تلقي الوزير  لتعويضات قال عنها بديل إنها مؤكدة.

هذه التعويضات التي أقام بسببها هذا الوزير الدنيا ولم يقعدها بعد، والتي تتحدث مصادر عن غضبته الغير معهودة، بعد نشر بديل تلك الأرقام، وهي غضبة طبعا لم نجد لها ما يبررها على الإطلاق، فقصاصة بديل تتحدث عن تعويضات وصفها مجموعة من المتتبعين بالمبالغ فيها، وليس باختلاسات حتى يصل الرميد إلى درجة الوصول إلى القضاء، حيث كان بإمكان المكلف بالعدل والحريات أن يصدر وثيقة يعممها على وسائل الإعلام يشرح من خلالها للرأي العام عن حقيقة تلك التعويضات، كما هو معمول به في الدول التي تحترم المواطن، وتضمن في ذات الوقت حقه في المعلومة، وحتى يكون المشهد واضحا للجميع ليعم الاطمئنان، لكن معالي الوزير اختار القفز البهلواني وله ما كان .

من عجائب هذا الحكم أنه يأتي في الوقت الذي صادق فيه مجلس النواب، يوم الثلاثاء 21 يونيو 2016، في جلسة عامة بالإجماع، على مشروع قانون رقم 13-88 يتعلق بالصحافة والنشر، قال عنه الوزير الوصي أنه حداثي وعصري ومتقدم

ومن عجائب هذا الحكم أنه يأتي في الوقت الذي صادق فيه مجلس النواب، يوم الثلاثاء 21 يونيو 2016، في جلسة عامة بالإجماع، على مشروع قانون رقم 13-88 يتعلق بالصحافة والنشر، قال عنه الوزير الوصي أنه حداثي وعصري ومتقدم، وأكثر من هذا خال من البنود السالبة للحرية، مما يجعلنا نتساءل، في أي سياق ومحل للإعراب سنضع هذا الحكم؟ الذي يمكن اعتباره خارج التاريخ، وبعيد كل البعد عن طموح الفاعلين والمهتمين، الذين يرون أن المشكلة في المغرب بين النص على علاته، وبين الواقع، الذي أصبح البعد بينهما يتوسع كلما أخذنا مسافة من الحراك والضغط الذي مورس بشكل ضاغط على السلطات الماسكة بالقرار سنتي 2011 و 2012.

والجميل في هذا الملف وغيره من الملفات المشابهة، أن الأدرع الإعلامية القريبة أو المقربة من السلطة تكون جاهزة وفي تناغم تام مع ما يصدر عنها، فقد تعرض الصحافي حميد المهداوي لوابل من السب والشتم لدرجة إخراجه من قبيلة الصحفيين، في الوقت الذي وجب فيه قلب الآية، وطرح التساؤلات التالية : هل المواقع الالكترونية المتخصصة في تتبع العورات الشخصية، والمتخصصة في سب المعارضين والمنتقدين للسياسة العامة، وشتم كل من يعبر عن رأي مخالف لما هو سائد، محسوبة على زمرة الإعلام؟

بل إننا نسائل مصطفى الخلفي اليوم، كيف لهؤلاء الذين يصبحون على السب ويمسون على الشتم على صدر الصفحات الأولى لمواقعهم الالكترونية، أن يتوصلوا ببطاقة وزارتكم ؟ أكثر من هذا كيف للجائزة الوطنية للصحافة الوطنية التي تنظمها وزارتكم أن تمنح جائزة الصحافة الإلكترونية لهذا النوع من الصحافة ؟ الخارج عن الأعراف والأخلاق المهنية المتعارف عليها، أليس لهذه الجائزة ضوابط حتى تمنح هكذا لكل من “هب ودب” ؟

إن الحكم على صحفي وبتلك الضخامة حتى وإن كان موقوف التنفيذ، يعتبر فضيحة بكل المقاييس، وستجلب للمغرب الرسمي غضبا حقوقيا وطنيا ودوليا، وستكون عواقبه وخيمة على سمعة المغرب الحقوقية، و سيأتي بعدها الوزير مصطفى الخلفي وأمام ميكرفون الصحافة الوطنية والدولية، ليتساءل عن سر “تحامل” التقارير الدولية على المغرب الرسمي، يا للفضيحة..