إنه لا جدال في كون سنة 2017 كانت من بين السنوات الأسوء في تاريخ المغرب الاجتماعي والسياسي و أيضا الحقوقي..ليس فقط لأنه حدث التراجع عن كل ما تم تحقيقه خلال الخمس سنوات الماضية و إنما أيضا لأن الدولة   مصرة على الاستمرار في نهج سياستها الأحادية البعيدة عن الإشراك الفعال والايجابي للهيئات السياسية والحقوقية والمدنية بالبلاد..ليستمر بذلك هدر الوقت دون القدرة على الوصول إلى نموذج تنموي يُخرج البلاد من ويلاتها التي لا تنتهي..

لقد كانت سنة 2017 ،بصدق، وشمة بؤس إضافية على جبين هذا الوطن بحكم الإشكالات الكثيرة التي واجهها، والتي لو حُسن التعامل معها لكان بالإمكان أن يصبح المغرب بحق دولة الاستثناء، ولأصبح النموذج المغربي في التعامل مع الأزمات مصدر إلهام لدول المنطقة الشمال إفريقية والشرق أوسطية..إلا أنه للأسف أخلفت الدولة الموعد أيضا واختارت أن تلعب بالطريقة التي تجيدها والتي تعتقد أنه عبرها فقط يمكنها أن تحافظ على استقرارها والواقع أنها تسعى للحفاظ على بقائها ككيان متحكم وحيد..

محطتين أساسيتين يمكن أن نشرح عبرهما كيف فوتت الدولة الفرصة  لجعل نفسها نموذجا إقليميا يحتذى به :

أولا : كان قرار إعفاء السيد عبد الإله بن كيران من رئاسة الحكومة و تعويضه بالسيد سعد الدين العثماني، أولى الخطوات التي عبرت من خلالها الدولة على أنها قطعت مع كل ما أنتجه الربيع العربي من تأثيرات أجبرتها على تعديل رؤاها حتى لا نقول تقديم تنازلات، فقد اتضح أنه ليس في منطق دولتنا أن تقدم التنازلات كيفما كانت..قلت أن التخلي عن بن كيران الذي كان يشكل نموذجا للسياسي القريب من الشعب،خطابيا على الأقل، أبان عن نية الدولة في العودة إلى ما قبل 2011، والعودة بشكل تدريجي لتبني رؤيتها التقليدية في اختيار شركائها(أتباعها) السياسيين..

ثانيا: التعامل الارتجالي والسلبي مع ملف حراك الريف السلمي المسالم، وإصرار الدولة على اللجوء إلى المقاربة الأمنية ،البعيدة عن العقلانية والحكمة والقريبة من تلفيق وتوزيع التهم بعشوائية وصلت حد تهمة الانفصال، أدى إلى توسيع الهوة وتعميقها بين الدولة والشعب، و أدى أيضا إلى انتقال الاحتجاجات إلى مناطق أخرى من المغرب..الأمر الذي ينذر بمغرب مشتعل خلال السنة التي نستقبلها. نقول أيضا أنه الدولة ابتعدت عن جادة الصواب من خلال استمرار اعتقالها لناصر الزفزافي ورفاقه وهم الذين يُنظر إليهم بعين “البطولية” من قبل العالم أجمع، إنهم فقط صوت الشعب الذي رفض الذل والمهانة واختار أن يقولا “لا” بدلا عن 30 مليون مغربي..

تغادرنا إذن سنة 2017 بسلبياتها وانزلاقاتها…ونستقبل سنة 2018 التي قد تكون مشابهة لسابقتها من حيث منطق الدولة في التعامل مع المواطن لكنها قد تكون مختلفة جدا في طريقة تعامل المواطن مع الدولة خاصة و أن كل البوادر تنذر بسنة اجتماعية سيئة..لذلك فإننا نتوقع أن ترتفع وثيرة الاحتجاجات بشكل قياسي قد تصل إلى ما لا نتمناه جميعا .