ثارت ثائرة البعض على الانتقادات التي استهدفت رئيس جامعة كرة القدم المغربية فوزي لقجع وعلى أدائه في منصبه الرياضي من طرف قطاعات مختلفة من المغاربة، فشن حملة واسعة للدفاع عن الرجل حيث تحولت ردة الفعل هذه إلى مناسبة لتقديم فروض الولاء وتجديد الطاعة للرئيس الكروي من طرف مختلف الأطر الرياضية وكذا من طرف الجسم الصحفي الرسمي مع الاستعانة كما جرت العادة في مثل هذه المناسبات بنشطاء التواصل الاجتماعي الموالين، فتتالت الإدانات وتناسلت الصيحات لتبييض صفحة الرجل كأنه لا يخطئ ولا يعرف في عمله أي تقصير.

الغريب في الأمر أن النظام المغربي تجاوز كثيرا من الأنظمة الاستبدادية التي تترك هوامش للشعوب التي تحكمها من أجل التعبير عن آرائها حتى لو اقتصر الأمر على أمور ترفيهية كما هو الحال مع “الجلدة المنفوخة”، لكن للمخزن الرياضي رأي آخر فالرياضة الأكثر شعبية في العالم لا يمكن أن تُسنَدَ مسؤوليتها إلا لكبار المسؤولين في البلاد استثمارا لها من أجل تلميع رموز السلطة، وكذا للقناعة الثابتة لديه في عدم أهلية “الرعايا” لتسلم أية مسؤولية مهما كانت تافهة دون وصاية مخزنية عليهم، وهكذا فقد تعاقب على تسيير دفة كرة القدم عدد من النافذين، حيث اعتبرت في البداية قطاعا مؤمما للجنرالات ليتسلم المشعل بعدها في العقدين الأخيرين لوبي رجال الأعمال في تعبير جلي عن نفوذه المتعاظم في بنية الدولة.

على أن الفرق بين المسؤولين السابقين والمسؤول الحالي هو أنهم كانوا قليلي الظهور وقد اكتفوا بتوجيه القطاع عن بعد، فيما اختار الرئيس الحالي النزول إلى الميدان وممارسة رقابته بحشر أنفه في كل صغيرة وكبيرة، وبما أنه مولع بالأضواء وبجعل الكاميرات تركز عليه بمناسبة وبدون مناسبة فقد تسبب حضوره المتضخم بالمشهد الكروي في عدة أزمات داخلية وخارجية، حيث حول لعبة يفترض أن تسود فيها الروح الرياضية بين الفائز والخاسر إلى ساحة حرب حقيقية وساهم في تأجيج العداوة بين فرق شمال إفريقيا التي كانت تقتصر على الندية في الجانب الرياضي، كما اعتبر أي هجوم خارجي على شخصه هجوم على المغرب، والأنكى من كل هذا أن النقد المحلي له ولمكتبه الجامعي أصبح أصحابه طابورا خامسا للخارج في نظر جوقته الدعائية.

لا شيء يبرر الدفاع عن رئيس الجامعة حتى لو كانت الأسطورة التي نسجت حول دوره في الإقلاع الرياضي المغربي حقيقية، إذ أن المسير عليه أن يتقبل الرأي الآخر لا أن يمارس الإرهاب اللفظي بحق كل مخالف لممارساته حتى لا يجرؤ أحد على مساءلته، فالواقع خلاف ما تروجه البروباغندا الدعائية لشخصه فهو ركب على إنجاز منتخب أبناء المهجر ونسبه لنفسه، وهو الذي يتحمل مسؤولية الإجهاز على منتخبات باقي الفئات الوطنية التي لم تقم لها قائمة منذ توليه لمنصبه الكروي الحالي، وهو الذي يتستر لحدود اللحظة عن المتسببين في فضيحة تذاكر المونديال، أما “الإنجازات” الصغرى التي قيل أنها تحققت في عهده فلا تساوي قيمة الإنفاق المبذول من أجلها.

لقد بلغ تكميم الأفواه مستويات غير مسبوقة بعد أن ضاقت السلطة ذرعا بانتقاد مسؤولها الرياضي في شؤون كروية بحتة، فماذا سيكون موقفها إذا قرر المغاربة أن يحاسبوا الرجل على باقي مسؤولياته وأن يحاسبوا باقي رموزها عن تردي أوضاع الشعب السياسية والاقتصادية والاجتماعية؟