قراءة تحليلية لمدونة الشغل
تقديــــــــم:
آراء أخرى
– السيرورة التاريخية و الاجتماعية لظهور مدونة الشغل:
1- في فترة الحماية، كان الاهتمام منصب على سد الثغرات التي يعرفها التشريع الاجتماعي، و ذلك بإحداث الإطار التفاوضي لتطوير الاتفاقيات أي عن طريق القانون الإتفاقي. و في هذا السياق جاء ظهير 17 أبريل 1957 حول الاتفاقيات الجماعية قبل قانون النقابات ل16 يوليوز 1957، ثم المجلس الأعلى للاتفاقيات الجماعية المنظم و المؤسس للظهير الصادر في 29 نونبر 1960، الذي كانت الإشارة إليه في ظهير 17 أبريل 1957.
2- في بداية الاستقلال، كان الانشغال منصب حول تحديث البنيات الاقتصادية و مغربتها و مغربة الغدارة و أجهزة التسيير.
3- مع بداية الثمانينات، كانت الحكومة المغربية تسعى الى مدونة شغل عصرية لكي تستجيب للمطالب المباشرة لمنظمة العمل الدولية بهدف تحفيز الاستثمارات، فضلا عن مطالب الفرقاء الاجتماعيين و الاقتصاديين. و للإشارة ان مشروع 1979 المتعلق بتشريع الشغل عمل على تجميع النصوص المشتة منذ 1913. و في سياق التطور التاريخي و الاحتماعي تم إنجاز مشروع جديد سنة 1993 وقدم الجزء الأول منه إلى لجنة الاقتصاد و التجارة ليتم الاعتراض عليه من طرف جميع أعضاء اللجنة إلى حين عرض المشروع في شموليته؛ و في نقاش هذا المنحى ظهر مشروع 1994 الذي عوض فيما بعد بمشروع 1995. و فيما يخص هذا المشروع الأخير (1995) الذي قدمت بشأنه تعديلات من طرف النقابات العمالية بالخصوص المركزية النقابية الكنفدرالية الديمقراطية للشغل و الاتحاد المغربي للشغل، و ساندتها أنذاك المعارضة السياسية البرلمانية، مما أدى إقناع الحكومة بأهمية تلك التعديلات و إمكانية مراجعة مشروع 1995.
ونشير في هذا الصدد إلى أهم الملاحظات حول هذا المشروع و التي نجملها فيما يلي:
• ملاحظات المشغلين التي تركزت على وجه الخصوص في ضرورة توفير المرونة في التشغيل و التسريح و مدة العمل و الإغلاق و التسريح لأسباب اقتصادية أو تقنية؛ إضافة الى التقليل من الغرامات في حالة المخالفات و حذف العقوبات الحبسية و التراجع عن المتابعة الفورية المستندة من طرف محاضر المخالفات التي ينجزها مفتش الشغل…
• ملاحظات المركزيات النقابية يمكن إجمال أهمها في الإلحاح على ضرورة تقوية الحماية التشريعية للحريات النقابية و تنظيم التشغيل و حماية استقرار الشغل و مراجعة كيفية تحديد الأجور و تقوية أشكال التفاوض الجماعي و المشاركة المهنية و مطابقة تشريع الشغل المغربي مع اتفاقيات منظمة العمل الدولية و مواثيق حقوق الإنسان…
4- مسلسل الحوار الاجتماعي، إن أهم ماميز العقد الأخير من القرض الماضي و بداية القرن 21 العشرين هو إقتناع كل الأطراف بضرورة التفاوض و التوافق من أجل تأهيل الاقتصاد الوطني و ربح رهان التنمية المستدامة؛ و هو ماعرف بمسلسل الحوار الاجتماعي. ومن أجل بدء مسلسل الحوار الاجتماعي تم تشكيل لجنة مكلفة بدراسة مشروع مدونة الشغل و طرحت في جدول أعمالها 25 موضوعا للمناقشة. لكن هذه اللجنة لم تجتمع أي جمدت نشاطها عمليا، و انصبت المفاوضات حول موضوعات محددة و بصورة مركزة حول: الأجور، السكن الاجتماعي، الترقية الداخلية، التغطية الصحية، القانون الأساسي للأطباء. و كان التركيز على هذه المواضيع ذات الطابع الاستعجالي على حساب مناقشة المشروع برمته. و كان من نتائج هذه المداولات؛ الإعلان عن صدور التصريح المشترك في غشت 1996. و هو ما سيمهد تشكيل حكومة التناوب فيما بعد و دخول المعارضة السياسة للحكم لأول مرة في مسارها السياسي منذ الإطاحة بحكومة عبد الله إبراهيم و صياغة مشروع جديد لمدونة الشغل سنة 1998. هذا وقد عمل المشروع الجديد لمدونة الشغل على التوفيق بين طرفي الإنتاج، أرباب العمل و العمال أخدين بعين الاعتبار توصيات المنظمات المهنية للمشغلين و مقترحات المنظمات النقابية إضافة إلى الاستئناس باتفاقيات منظمة العمل الدولية.
و في نونبر 1998 عرض هذا المشروع على المنظمات المهنية للمشغلين و على النقابات العمالية قصد إبداء رأيها فيه، غير أنه لم يتم الحسم في كل النقط الواردة في هذا المشروع بين الفرقاء الاجتماعيين، مما أدى إلى مبادرة الحكومة بإحالة المشروع نسخة 1999 على أنظار لجنة العدل و التشريع و حقوق الانسان بمجلس المستشارين بتاريخ21 مارس 1999، و قد جمد النقاش في هذا المشروع بهطذا المجلس نظرا للمعارضة الشديدة من طرف المركزيات النقابية الأكثر تمثيلا للعمال.
و في التعديل الحكومي الجزئي عقب وفاة المرحوم الحسن الثاني بادرت وزارة التشغيل إلى دعوة كل الفرقاء الاجتماعيين لمناقشة المشروع من جديد دون جدوى بسبب التباينات في كثير من النقط العالقة.
و بعد تعيين الحكومة الجديدة عقب انتخابات 27 شتنبر 2002 توصلت لجنة العدل و التشريع و حقوق الإنسان بمجلس المستشارين برسالة في 23 ماي 2003 تؤكد تشبت الحكومة بمشروع المدونة و تطلب مناقشته بالأسبقية طبقا للفصل 56 من الدستور. و على هذا الأساس أستأنف الحوار الاجتماعي من جديد ما بين الحكومة و الفرقاء الاجتماعيين على أرضية تبني مقاربة التوافق و التراضي على مجموعة من التعديلات التي كانت محط خلاف. ليتوج مسار هذه المفاوضات بإبرام إتفاق 30 أبريل 2003، و بعد ذلك تمت مناقشته في مجلس المستشارين و كلفت لجنة تقنية لهذا الغرض و بعد المناقشة صادق مجلس المستشارين بالإجماع على نسخة 1999 من مشروع مدونة الشغل، لينتقل فيما بعد إلى مجلس النواب الذي صاذق عليه كذلك بالإجماع في 03 يوليوز 2003.
وبهذا العمل المتواصل لجميع المتدخلين في الموضوع من حكومة و برلمان و فرقاء اجتماعيين نجح المغرب في ربح رهان إقرار مدونة شغل عصرية و معاصرة لمواجهة تحديات القرن الجديد و تأهيل المقاولة المغربية لخوض غمار المنافسة و التنافس مع صيانة حقوق العمال.
5- محتويات المدونة:
أ- كتاب تمهيدي: مجال تطبيق المدونة،
ب- الكتاب الأول: الاتفاقيات المتعلقة بالشغل،
ت- الكتاب الثاني: شروط الشغل و أجر الأجير،
ث- الكتاب الثالث: النقابات المهنية،
ج- الوساطة في الاستخدام و تشغيل الأجراء،
ح- الكتاب الخامس: أجهزة المراقبة،
خ- الكتاب السادس: تسوية نزاعات الشغل الجماعية،
د- استنتاجات و خلاصات ختماعية.
هذا و تضم مدونة الشغل الجديدة 589 مادة موزعة سبعة كتب و كل كتاب يتكون من أقسام و كل قسم يتحتوي عدد من الأبواب و نجد كذلك عدد من الأبواب تضمن عدد من الفروع. و تنص المادة 587 من مدونة الشغل على ما يلي: تظل النصوص الصادرة بتطبيق الظهائر الشريفة و المراسيم الملكية بمثابة قوانين المشارإليها في المادة السابقة(المادة 588)، سارية المفعول بصفة مؤقتة، ما لم تتعارض مع أحكام هذا القانون.
وتشمل المادة 588 ما يلي: مكاتب التشغيل، الكفالات، الإجازات الإضافية المخولة بمناسبة الولادة، عقد الشغل، اتفاقية الشغل الجماعية، الاستيطان، الهجرة، ضوابط الشغل/مدة الشغل/الراحة/ ، تمثيل المستخدمين، الأجور، المصالح الطبية للشغل، أنظمة خاصة، النقابات المهنية، سن التقاعد.
الكتاب التمهيدي:
قبل الكتاب التمهيدي تناول المشرع المغربي الأسس المرجعية لهذه المدونة عبر تصدير مستهله ما يلي: ((…. إننا نحث الحكومة و البرلمان على الاسراع بإقرار مدونة شغل عصرية، تشجع على الاستثمار و التشغيل، كما أننا ندعو كافة الشركاء الاجتماعيين إلى إقامة سلم اجتماعي، الذي يعد من مقومات الثقة في الاستثمار و حفزه.)) مقتطف من خطاب جلالة الملك. كما تمت الإشارة التي بذلت من كل الأطراف من أجل الوصول إلى هذه المدونة عبر مفاوضات بناءة من طرف الجميع استحضرت روح التوافق و التراضي و التنازلات المشتركة من أجل خدمة القضايا الحيويو و الكبري للوطن وعلى رأسها التشغيل و تحفيز الاستثمار المنتج للثروة و لمناصب الشغل، كما تمت الإشارة إلى الأساس الدستوري و التزامات المغربية الخارجية و خاصة مع منظمة العمل الدولية.
حدد هذا الكتاب التمهيدي الأشخاص الذين سيسري عليهم هذا القانون وهم جميع الأشخاص المرتبطين بعقد شغل أيا كانت طبيعة هذا العقد و الذين يشتغلون لدى أشخاص طبيعيين أو معنويين، باستثناء الأجراء الخاضعين لأحكام و أنظمة أساسية خاصة بهم على أن لا تقل عن تنص عليه مدونة الشغل من ضمانات ومنهم؛ أجراء المقاولات العمومية التابعة للدولة و الجماعات المحلية، البحارة أجراء المقاولات المنجمية، الصحفيون المهنيون، أجراء الصناعة السينمائية، البوابون في البنايات المعدة للسكنى إضافة أجراء القطاع العام الذين لا يسري عليهم أي قانون. كما أن بعض الفئات من العمال سيتم تنظيم علاقة الشغل و التشغيل و الحماية الاجتماعية بالنسبة إليهم عبر إصدار قوانين خاصة بهم و منهم عمال المنازل و عمال الصناعة التقليدية. كم تطرق هذا الكتاب التمهيدي إلى بعض التعاريف من قبيل تعريف الأجير و تعريف المشغل، ثم إلى بعض الأحكام العامة المتعلقة باحترام الحرية النقابية و الجزاءات المترتبة عن عدم التقيد بمضامين هذا الكتاب التمهيدي.
الكتاب الأول: الاتفاقيات المتعلقة بالشغل.
أولا/في عقد الشغل:
1- عقد الشغل الفردي: يحدد مفهوم العلاقة بين الاجير و المشغل و يتضمن المكتسبات الآتية؛ يمنع صراحة تسخير الأجراء لأداء الشغل قهرا أو جبرا، رفع سن التشغيل من 12 إلى 15 سنة انسجاما مع الاتفاقية الدولية رقم 138 لمنظمة العمل الدولية، ضمان حق المرأة في إبرام عقد الشغل دون وصاية و ذلك امتدادا امتدادا لمراجعة موقع المرأة في قانون العقود و الالتزامات ومدونة التجارة، منع كل تمييز بين الأجراء بسبب الجنس أو العرق أو اللون، تحديد مدة قصوى للاختبار وذلك تجنبا للتجديدات المتكررة لهذا العقد و حرمان الأجير من عقد الشغل اللامحدود و النهائي.
2- عقد الشغل المحدد المدة: (المادة 16-17) الأصل في العقد هو أنه عقد غير محدد المدة و لا يلجأ إليه إلا في بعض الحالات الاستثنائية التي وردت على سبيل الحصر، طالما أنه لا يرقى إلى مستوى العقد الغير محدد المدة من حيث الضمانات الحمائية في حالة إنهائه لسبب من الأسباب. و لتفادي تجديد عقد الشغل المحدد المدة قررت المدونة الجديدة للشغل أن لا يتجاوز عقد الشغل المحدد المدة سنتين مع اختلاف في عدد مرات التجديد بين القطاع الفلاحي و القطاعات الغير الفلاحية.
3- توقف عقد الشغل: و هو توقف عن العمل دون فسخ العقد في حالة المراة الحامل، الاضراب، مشاركة الممثل النقابي في دورات تكوينية أو مؤتمرات أو ندوات…
4- انتهاء عقد الشغل: ينتهي عقد الشغل في الحالات التالية:
• أجل الإخطار المواد 43-48-49-50
• الفصل التعسفي عن العمل المواد 36-63
• الفصل لأسباب تكنولوجية أو هيكلية أو اقتصادية أو إغلاق المقاولة، المواد 66-69.
• الفصل التأديبي: المواد 39-40-62-63-64 (في حالة ارتكاب الأجير لأخطاء جسيمة).
ثانيا/عقد المقاولة من الباطن:
عقد المقاولة من الباطن هو تكليف مقاول أصلي مقاول فرعي من أجل إنجاز أو تقديم خدمة أو خدمات لفائدته عن طريق وسيط.
لقد نظمت مدونة الشغل الجديدة هذه العلاقة بتدابير حمائية أقوى و ذلك في إطار العلاقة بين المقاول الأصلي و المقاول من الباطن المواد 87-88-89-90-91. من حيث احترام احترام جميه أحكام هذا القانون و بالنصوص التشريعية و التنظيمية المتعلقة بالضمان الاجتماعي و حوادث الشغل و الأمراض المهنية إضافة إلى التقيد بكل شروط الشغل و أجر الأجير كما هي محددة في الكتاب الثاني من مدونة الشغل.
ثالثا/المفاوضة الجماعية:
عملت المدونة على تنظيم المفاوضة الجماعية و ذلك من خلال أطرافها (المواد 92-94) و من حيث موضوعها المادة 96 و من حيث مباشرتها المواد (101-102)
تعرف المادة 92 منم مدونة الشغل كما يلي: (( المفاوضة الجماعية هي الحوار الذي يجرى بين ممثلي المنظمات النقابية للأجراء الأكثر تمثيلا أو الاتحادات النقابية للأجراء الأكثر تمثيلا من جهة، و بين المشغل أو عدة مشغلين أو ممثلي المنظمات المهنية للمشغلين من جهة اخرى، بهدف:
تحديد و تحسين ظروف الشغل و التشغيل؛
تنظيم العلاقات بين المشغلين و الأجراء؛
تنظيم العلاقات بين المشغلين أو منظماتهم من جهة و بين منظمة أو عدة منظمات نقابية للأجراء الاكثر تمثيلا من جهة أخرى.)).
تجرى المفاوضة الجماعية على مستوى المقاولة و القطاع مرة كل سنة، ويمكن التنصيص على دورية مغايرة لإجراء هذه المفاوضة. كما تجرى مرة في السنة أو كلما دعت الضرورة إلى ذلك مفاوضات بين الحكومة و المنظمات المهنية للمشغلين أو المنظمات النقابية الأكثر تمثيلا على المستوى الوطني للتداول في مختلف الملفات الاقتصادية و الاجتماعية التي تهم عالم الشغل.
رابعا/اتفاقية الشغل الجماعية:
خصصت مدونة الشغل القسم الرابع من الكتاب الأول المتعلق بالاتفاقيات المتعلقة بالشغل من حيث تعريفها، إبراهمها و أطرافها و الانضمام إليها ثم مجال تطبيقها و دخولها حيز التطبيق إضافة إلى مدتها و طريقة إنهائها و تنفيذها إضافة إلى أحكام مختلفة بصددها. ونورد هنا تعريفها كما ورد في المادة 104 من مدونة الشغل: (( “اتفاقية الشغل الجماعية”، هي عقد جماعي ينظم علاقات الشغل و يبرم بين ممثلي منظمة نقابية للأجراء الأكثر تمثيلا، أو عدة منظمات نقابية للأجراء الأكثر تمثيلا، أو اتحاداتها، من جهة، و بين مشغل واحد، أو عدة مشغلين يتعاقدون بصفة شخصية، أو ممثلي منظمة للمشغلين أو عدة منظمات مهنية للمشغلين من جهة أخرى. ويجب ، تحت طائلة البطلان، أن تكون اتفاقية الشغل الجماعية مكتوبة.))
تمنح مدونة الشغل الحق في إبرام اتفاقية الشغل الجماعية للمنظمات المهنية الأكثر تمثيلا أو اتحادات نقابية كما أشرنا إلى ذلك في التعريف المادة 104؛ من حيث محتوياتها تعتمد الاتفاقية الجماعية للشغل على الاتفاقية النموذجية الإطار المنبثقة عن المجلس الأعلى للاتفاقيات الجماعية الذي عوض مجلس المفاوضة الجماعية المادة 105. ومن حيث تعميم الاتفاقية الجماعية تلزم مدونة الشغل الجديدة السلطة الحكومية المكلفة بالتشغيل من خلال قرار تتخذه على تعميم بنود الاتفاقية الجماعية على كل القطاعات التي يهمها الأمر على المستوى الوطني بشرط أن تضم تلك الاتفاقية ما لايقل عن ثلثي الأجراء التابعين للمهنة؛ و منم حيث انتهائها في غير محددة المدة مع وجوب إرفاق و وثيقة الإنهاء بمشروع التعديلات المزمع إدخالها على الاتفاقية المادة 116 الفقرة 03 .
الكتاب الثاني: شروط الشغل و أجر الأجير.
تمهيد:
يعتبر هذا الباب ذو أهمية كبرى لأنه أثار نقاشا حادا بين الفرقاء الاجتماعيين في جولات الحوار الاجتماعي صيف 2003، كما تبدو أهميته من خلال إنتظارات منظمة العمل الدولية التي تطالب الحكومة المغربية بملائمة التشريع الاجتماعي المغربي مع مختلف الاتفاقيات المصادق علها. و يتكون هذا الباب من خمسة أقسام إضافة إلى أبواب و فروع.
اولا/في فتح المقاولة:
تلزم مدونة الشغل من يرغب في فتح مقاولة التصريح بها، خصوص إذا كانت من صنف المقاولات التي تشغل أجراء معاقين أو تختص بالتشغيل المؤقت المادة136، و ذلك تحت طائلة جزاء جنائي؛ (غرامة مالية تتراوح مابين 200 إلى 5000درهم المادة 137.)
ثانيا/النظام الداخلي:
تعتبر المدونة النظام الداخلي مصدر مهني هام لعلاقات الشغل مع ضرورة وضع نظام داخلي للمؤسسة أو اعتماد النموذج الذي اقره القرار الوزاري؛ و اعتباره من طرف المجلس الأعلى ملحا لعد الشغل مضيفا إليه الصبغة التعاقدية عوض النظامية.
– انطلاق من مبدأ التفاوض تلزم المدونة عند وضع أي نظام داخلي للمؤسسة أو عند تعديله، التشاور مع مندوبي الأجراء و الممثلين النقابيين بالمقاولة عند وجودهم حول مقتضياته المادة 138.
– إحاطة الأجراء علما بهذا النظام الداخلي للمقاولة و تسلمهم نسخة منه إذا طلب منها ذلك، و ضرورة المصادقة على هذا النظام الداخلي للمقاولة من طرف السلطة الحكومية المكلفة بالشغل.
– ضرورة الاستشارة مع المنظمات النقابية الأكثر تمثيلا و المنظمات المهنية للمشغلين عند وضع النظام الداخلي لد السلطة الحكومية المكلفة بالشغل المادة 139.
– ضرورة احترام مقتضيات النظام الداخلي من طرف المشغل و الاجراء على حد سواء.
ثالثا/حماية المرأة و الحدث:
1- حماية الحدث:
– على مستوى التشغيل: ملائمة مدونة الشغل الجديدة مع الاتفاقية الدولية رقم 138 و التي تؤكد على ضرورة اعتماد سن أدنى للتشغيل لا يقل عن 15 سنة عوض 12 سنة المعمول بها سابقا.
إذا كانت مدونة الشغل قد منعت تشغيل الحدث دون سن 18 فقد سمحت بذلك استثناء إذا حصل المشغل على إذن مكتوب من مفتش الشغل وبعد استشارة ولي أمر الحدث المادة 145، وذلك تحت طائلة حق مفتش الشغل في أن يطلب من مأموري القوة العمومية التدخل لمنع إقامة ذلك و بع إحاطة النيابة العمة بذلك المادة 149.
– على مستوى ظروف الشغل: إذا كانت مدونة الشغل قد حددت 12 ساعة كحد أقصى للأجير الراشد، غير أن هذا الاستثناء لا ينطبق على الأجير الحدث الذي لا يتحاوز سنه 18 سنة شمسية أو 16 السنة في بعض الأشغال المادة191 . وفي كل الحالات يستحق الأجير الحدث تعويضا يساوي أجر يومين عن كل فترة 26 يوما من الشغل الفعلي.
– أجر الأجير الحدث: لا يجوز التمييز بين أجر الأجير الحدث و أجر أجير راشد.
– المراقبة الطبية للأجير الحدث أثناء تنفيذ الشغل: عملت مدونة الشغل أن يطلب عرض الأجير الحدث دون سن 18 سنة، و في أي وقت على طبيب عمومي، ثم ألزمت المدونة المؤسسسات المتوفرة على مصحة طبية للشغل بأن تخضع لفحص طبي يجريه طبيب الشغل على كل أجير بلغ سن 18، و ذلك مرة في السنة على الأقل، و كل أجير يقل سنه عن 18 سنة مرة في كل ستة أشهر المادة327.
2- حماية المرأة الحدث:
– المساواة الأجرية: تضمن مدونة الشغل الجديدة مساواة حقيقية بين الرجل و المرأة العاملة، و ملائمة مدونة الشغل في الشق المتعلق بالمرأة مع مدونة الأسرة التي أحدثت تغييرا نوعيا فيما يخص المساواة في الحقوق و الواجبات بين الرجل و المرأة. و هي بذلك استجابت لطلبات لجنة خبراء منظمة العمل الدولية و تماشت مع الميثاق الدولي للحقوق العمالية.
– المقتضيات الحمائية الخاصة: سمحت مدونة الشغل للمرأة الأجيرة بالعمل الليلي مع الأخد بعين الاعتبار الوضع الصحي و الاجتماعي للمرأة العاملة، و هو نفس الاتجاه الذي كرسته منظمة العمل الدولية في أخر اتفاقياتها رقم 174 حول العمل الليلي.
– رفع أجازة الولادة : من 12 أسبوعا إلى 14 أسبوعا مع إمكانية تنصيص عقد الشغل أو الاتفاقية الجماعية أو النظام الداخلي للمقاولة على مددا أطول، مع مراعاة الحالة الصحية من طرف المشغل أثناء مرحلة الحمل للمرأة الأجيرة.- توقف عقد الشغل لمدة أقصاها 8 أسابيع.
– السماح للمرأة الأجيرة من الاستفادة من عطلة غير مدفوعة الأجر لمدة سنة لتربية مولوده، و استئناف العمل مع انتهاء هذه المدة؛ و هو ما يتماشى و الاتفاقية رقم 158 المتعلقة بالأجراء ذوي المسؤوليات العائلية.
– أكدت مدونة الشغل على ضرورة إنشاء دور للحضانة مشتركة بين عدة مؤسسات متجاورة المادة 136 .
رابعا/حماية الأجير:
لأول مرة في التشريع الاجتماعي المغربي يتم حماية الأجير المعاق و الأجير الحدث المعاق من خلال مدونة الشغل الجديدة.
1- على مستوى التشغيل: إضافة إلى التمييز الذي كرسته المادة 9 من مدونة الشغل و الظي أكد صراحة على عنصر الإعاقة، و المادة 136 تلزم المشغل الذي يعتزم تشغيل أجير معاق أن يقدم تصريحا بذلك إلى مفتش الشغل، ثم ضرورة عرض الأجير المعاق على فحص طبي قبل تشغيله حتى لا يسند إليه شغل يفوق طاقته و قدراته المادة 168 .
2- على مستوى ظروف الشغل: يتمتع الأجير المعاق بمقتضيات حمائية سواء فيما يتعلق بنوعية الأعمال الموكولة إليه أو لمدة الشغل أو المراقبة الصحية. كما منعت المادة 179 تشغيل الأجراء المعاقين في المقالع و في الأشغال الجوفية التي تؤدى في أغوار المناجم.
3- على مستوى مدة الشغل: لا يمكن تشغيل الأجير المعاق ليلا ( الظروف المشابهة للأجير الحدث ). و لا يمكن كذلك للأجير المعاق وقف الراحة الأسبوعية و لو لضرورة المقاولة عكس باقي الأجراء.
4- المراقبة الصحية:
– وجوب توفير كل الشروط الصحية و السلامة المهنية للأجير المعاق المادة 169 .
– ضرورة الفحص الطبي السنوي للأجير الحدث من طرف طبيب عمومي للتأكد من أن الشغل الذي أسند أليه لا يفوق طاقته أو لا يتناسب مع نوع إعاقته المادة 167 .
– عهدة مدونة الشغل إلى لجنة حفظ الصحة و السلام المهنية تقديم الاقتراحات بشأن إعادة تأهيل الأجير المعاق داخل المقاولة الفقرة 6 من المادة 338 .
خامسا/مدة الشغل:
1- تحديد مدة الشغل: في تحديد مدة الشغل تميز المدونة بين القطاع الفلاحي و القطاع الغير الفلاحي، فيما يخص النشاطات الغير فلاحية تكون مدة الشغل للأجراء 44 ساعة في الأسبوع أي 2496 ساعة في السنة. ثم أقرت مدونة الشغل بمبدأ الاستشارة مع المنظمات المهنية للمشغلين و المنظمان النقابية الأكثر تمثيلا؛ إضافة إلى توزيع عدد الساعات حسب حاجيات المقاولة شريطة أن لا تتعدى 10 ساعات في اليوم.
2- التقليص من مدة الشغل: اعتمدت مدونة الشغل على شكل من أشكال المرونة الداخلية بحيث خولت المادة 185 من مدونة الشغل إمكانية توزيع مدة العمل السنوية أي 2496 ساعة حسب حاجيات المقاولة شريطة أن لا تتجاوز 10 ساعات في اليوم بعد استشارة مندوبي الأجراء و الممثلين النقابيين إن وجدوا؛ و لا يترتب عن هذا الإجراء أي تخفيض في الأجر الشهري. و عند حدوث أزمة اقتصادية أو لطارئ خارج عن إرادة المقاولة يمكن تقليص مدة العمل شريطة أن لا تتجاوز 60 يوما في السنة. و في هذا الصدد وجب على المشغل استشارة ممثلي الأجراء في المقاولة، و في حالة عدم التوصل إلى اتفاق أكدت مدونة الشغل على أنه لا يسمح بالتقليص إلا بغذن يسلمه عامل الإقليم أو العاملة طبقا لمسطرة إدارية حددتها المادة 67 من مدونة الشغل. هذا و قد عملت مدونة الشغل على توحيد نسبة الزيادة في الأجرعن ساعات الإضافية في الأنشطة الفلاحية و الأنشطة الغير الفلاحية.
سادسا/العطل و الإجازات:
في مدونة الشغل الجديدة هناك إمكانيات تجزئة العطل السنوية أو الجمع فيما بينها على مدى سنتين عوض ثلاث سنوات المعمول بها في تشريع الشغل السابق؛ و هي بذلك أخذت ملاحظات الخبراء في منظمة العمل الدولية المادة 240 من مدونة الشغل.
فيما يخص إجازة الأجير السنوية حددتها مدونة الشغل و ألزمت المشغل بها في حدود 18 يوما؛ مع ضرورة إخبار الأجراء بجدول المغادرة 30يوما قبل تاريخ المغادرة عوض 45 يوما التي كان معمولا بها في التشريع السابق.
أما عن الغيابات، عملت المدونة على رفع مدة التغيب من يومين إلى ثلاثة أيام في حالة الوفاة المادة 274، و السماح بالتغيب في حالة الزواج أو الوفاة لأحد أقارب الأجير مع ضرورة أداء أجره للمدة المقررة قانونيا للتغيب المادة 276.
– 191 ساعة في الشهر عوض 208 في النشاطات الغير الفلاحية،
– 208 ساعة عوض 223 في النشاطات الفلاحية.
سابعا/حفظ الصحة و السلامة:
ألقمت مدونة الشغل بالمسؤولية على المشغل في توفير كل شروط الصحة و السلامة في أماكن العمل، و عدم السماح للأجراء باستعمال مواد من شأنها الإضرار بالصحة و السلامة البدنية للأجير داخل المقاولة و أثناء ممارسته لعمله؛ ثم ألزمت المشغل بإحداث مصلحة طبية للشغل في المؤسسات المشغلة ل خمسون أجير و ما فوق أو مباشرة أنشطة من تعريض صحة العمال لأمراض مهنية المادة 304. و ألزمت كلك طبيب الشغل بمسك بطاقة عن الأخطار و الأمراض المهنية و عدد الأجراء المعرضين داخل المقاولة لأخطار مهنية، على أن توجه هذه البطاقة للمشغل و للجنة حفظ الصحة و السلامة و توضع رهن إشارة مفتش الشغل و طبيب الشغل المادة 325.
كما ألزمت مدونة الشغل بتوجيه التقرير المتعلق بمصلحة طب الشغل على مندوبي الأجراء و الممثلين النقابيين عند وجودهم قصد دراسته و إبداء الرأي فيه 307.
ثامنا/الأجــــر:
فيما يخص أجر الأجير ألغت مدونة الشغل التمييز في الأجر ما بين الأجراء المبني على أساس السن أو الجنس المادة 356 و المادة 346، تماشيا مع أحكام الاتفاقية رقم 100 المتعلقة بالمساواة في الأجر و المصادق عليها من طرف المغرب، مع ضرورة استشارة المنظمات المهنية للمشغلين و الأجراء في تحديد الحد الأدنى للأجر المادة 365.
و ألزمت كذلك بأداء الأجر للأجير الذي يتقاضى أجره على أساس الساعة أو اليوم خلال 27 ساعة لمغادرته لعمله إذا ترك الشغل من تلقاء نفسه، عوض ثمانية 8 أيام التي معمول بها في تشريع الشغل السابق المادة 365.
ثم ألزمت مدونة الشغل الجديدة المشغل بالاحتفاظ بدفتر أداء الأجور لمدة سنتين عوض ثلاث سنوات المادة 373، مع منع المشغل من الاستفادة من الحلوان المادة 376 ؛ و تمتيع مستحقات الأجراء بالامتياز من الرتبة الأولى بدلا من الرتبة الخامسة المادة 382.
كما عملت مدونة الشغل الجديدة على إحياء بعض الإطارات التفاوضية حول الأجر، حيث دعت على ضرورة استشارة المنظمات المهنية و المنظمات النقابية الأكثر تمثيلا للأجراء.
الكتاب الثالث: النقابات المهنية و مندوبو الأجراء ولجنة المقاولة و الممثلون النقابيون داخل المقاولة.
أولا/النقابات المهنية:
من الضروري الإشارة إلى أن المغرب أعاد النظر في ظهير 16 يوليوز 1957 المتعلق بالنقابات المهنية، و أصدر ظهير شريف رقم 1.00.01 صادر في 9 ذي القعدة 1420 (15 فبراير 2000) بتنفيذ القانون رقم 11.98 المغير والمتمم بموجبه الظهير الشريف رقم 1.57.119 الصادر في 18 من ذي الحجة 1376 (16 يوليو 1957) بشأن النقابات المهنية، و هو ماتضمنته مدونة الشغل مع بعض الترميمات الجديدة، و المغرب بهذا العمل يمهد للمصادقة على الاتفاقية رقم 87 لمنظمة العمل الدولية المتعلقة بالحرية النقابية و حماية الحق في التنظيم ( انظر الملحق رقم:01)
1- من حيث أهداف النقابة و صلاحيتها: عملت مدونة الشغل على توسيع أهداف النقابة و مجالات تدخلها إلى حد تخويلها حق المساهمة في التحضير للسياسة الوطنية في الميدان الاقتصادي و الاجتماعي؛ و توسيع كذلك مجالات استشارة النقابة و تمثيليتها في اللجان المحدثة.
2- من حيث تأسيسها: توجه نسخة من ملف التأسيس إلى المندوب الإقليمي المكلف بالشغل المادة 415 من مدونة الشغل الجديدة. وحدت سن العضوية وحصرها في سن التشغيل أي 15 سنة، مع حق المرأة في ممارسة العمل النقابي و تحمل المسؤوليات المحلية، الجهوية و الوطنية.
3- من حيث حرية الحرية و العمل النقابيين: يلاحظ أن هناك تطور نوعي على مستوى ممارسة الحق النقابي، و ذلك بإضافة قسم خاص بالممثلين النقابيين داخل المقاولة من المادة 470 إلى المادة 474 من مدونة الشغل. كما منعت كل مس بالحريات النقابية داخل المقاولة، أو التمييز بين الأجراء بسبب الانتماء النقابي وذلك تحت طائلة جزاءات عقابية (غرامات مالية). إضافة إلى عدم احتكار العمل النقابي من طرف المنظمات المهنية للمشغلين من قبيل تأسيس نقابة ذيلية للمشغل و التحكم فيها أي احترام استقلالية العمل النقابي داخل المقاولة.
و من أجل تعزيز ضمانات النشاط النقابي تم إقرار مقتضيات جديدة منها على وجه التحديد:
• منع كل مس بالحقوق المتعلقة بالممارسة النقابية داخل المقاولة،
• منع كل إجراء تمييزي يقوم على أساس النشاط النقابي للأجراء،
• اعتبار كل فصل من العمل ناتج عن ممارسة النشاط نقابي فصلا تعسفيا المادة 36 من المدونة.
• تعليق مشروعية كل إجراء تأديبي يعتزم المشغل اتخاذه ضد الممثل النقابي على قرار معلل المادة 417 و المادة 472 ؛ و أخد موقف مفتش الشغل بالموافقة أو الرفض، أي استفادة الممثل النقابي من نفس تسهيلات التي يستفيد منها مندوب الأجراء.
ثانيا/مندوبو الأجراء:
من بين المقتضيات الجديدة لمدونة الشغل نشير على الخصوص إلى ما يلي:
• تمديد نظام التمثيلية المهنية إلى القطاع الفلاحي بعد أن كان مقصيا من الاستفادة من هذا النظام المادة 430من مدونة الشغل.
• تخفيض سن الناخب من 18 إلى 16 سنة وسن الترشيح من 21 إلى 20 سنة المادة 438 و 439 من مدونة الشغل،
• الإحالة على نص تنظيمي لتحديد مدة الانتداب، بعد أن كانت ست سنوات في ظهير 1962 أصبحت أربع سنوات في مشروع مدونة الشغل لسنة 1998 و ثلاث سنوات في مشروع 1999.
• توسيع ملحوظ لمحالات تدخل مندوب الأجراء و استشارته و مجالات تمثيليته في اللجان الجديدة بالمقاولة،
• اعتبار كل فصل من العمل الناتج عن طلب الترشيح لممارسة مهمة مندوب الاجراء أو ممارسة هده المهمة او ممارستها في السابق، فصلا تعسفيا عن العمل المادة 36 من مدونة الشغل الجديدة،
• تعزيز حماية مندوب الأجراء ضد أي إجراء تأديبي يعتزم المشغل اتخاذه في حقه بنفس الحماية التي سبق توضيحها بشان الممثل النقابي،
• اعتبار نتائج مندوبي الأجراء من معايير تحديد النقابة الأكثر تمثيلا للعمال؛
• تقوية المناعة ضد انحراف مندوب الأجراء عن تحمل مسؤوليته التمثيلية، من خلال تخويل ثلثي الأجراء الناخبين سحب الثقة من المندوب الممارس مرة واحدة فقط بعد مرور نصف مدة الانتداب بقرار مصادق على صحته.
الكتاب الرابع: الوساطة في الاستخدام و تشغيل الأجراء.
على خلاف التشريع السابق تبنت مدونة الشغل في هذا الكتاب اتجاها جديدا يتمثل في خوصصة قنوات التشغيل من جهة، و تكرار المقتضيات السابقة فيما يتعلق بتشغيل الأجراء مع بعض التعديلات الطفيفة من جهة أخرى.
و هكذا و إن أبقت مدونة الشغل على دور السلطة المحلية في مجال التشغيل، إلا أنها ألغت مكاتب التشغيل العمومية و أرست تنظيما قانونيا بإحداثها لوكالات التشغيل الخصوصية سيما بعدما صادق المغرب على اتفاقية رقم 181 المتعلقة بنفس الموضوع.
اولا/الوساطة في الاستخدام: إذا كانت مدونة الشغل قد حافظت على بعض القنوات الخاصة من قبيل الوكالات الفنية و الصحافة مع إصلاح جزئي لبعض مقتضياتها، فقد أعلنت عن إحداث وكالات خصوصية تقوم بعمل الوساطة من جهة و سمحت بتأسيس مقاولات التشغيل المؤقت التي تقوم بتشغيل عمال بشكل مؤقت و تحت شروط و ظروف معينة من جهة أخرى.
1- و كالات التشغيل الخصوصية: تعتبر الأحكام المنظمة لهذه الوكالات جديدة حيث لم يسبق للتشريع الاجتماعي أن عرف مثيلا لها؛ و قد عرفت مدونة الشغل الوساطة التي تقوم بها وكالات التشغيل الخصوصية بكونها تلك العمليات الهادفة إلى تسهيل التقاء العرض و الطلب في مجال التشغيل، و كذا جميع الخدمات المقدمة لطالبي الشغل و المشغلين على حد سواء، و كذلك من أجل إنعاش التشغيل و تنشيط الاندماج المهني المادة 475 من مدونة الشغل الجديدة.
– شروط إنشاء و كالات التشغيل الخصوصية: نصت مدونة الشغل على عدة شروط التي يجب توفرها لإنشاء وكالات التشغيل الخصوصية منها:
أ- ضرورة أن يكون العازم على إنشاء هذه الوكالة شخصا اعتباريا المادة 477 من مدونة الشغل الفقرة الثانية،
– وجوب توجيه طلب الإذن بممارسة الوساطة على السلطة الحكومية المكلفة بالشغل على غرار أن يكون ذلك الطلب متضمنا للمعلومات المتعلقة بالوكالة كالعنوان و جنسية مديرها و رقم تقيدها في السجل التجاري و قانونها الأساسي و مبلغ راسمالها و رقم حسابها البنكي و نماذج العقود التي تستعملها. و يمكن للسلطة المكلفة بالشغل في كل حين طلب معلومات إضافية تراها ضرورية و خاصة رقم الانخراط في الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي.
– يجب أن تتوفر الوكالة المزمع تاسيسها على رأس مال لا يقل 100000 درهم المادة 481 من مدونة الشغل.
** ملحوظة: يجب على وكالات التشغيل الخصوصية أت تودع كفالة مالية لدى صندوق الإيداع و التدبير يساوي 50 مرة القيمة الاجمالية السنوية للأحد الأدنى للأجر المادة 482 من مدونة الشغل.
ب- التزامات وكالات التشغيل الخصوصية:
1- إزاء طالبي الشغل:
• منع كل تمييز،
• منع المسؤول عن الوكالة أو مديرها من أن يستخلص من طالب الشغل مقابلا أي كان نوعه المادة 485 ،
• احترام الحياة الخاصة لطالبي الشغل أثناء معالجة ملفاتهم المادة 479،
• منع تسلم أو تلقي مسؤولي وكالات التشغيا ودائع و كفالات أي يا كان نوعها المادة 485 ،
2- تجاه السلطة الحكومية:
• إلزام المسؤول عن الوكالة بأن يبعث في متم كل ستة أشهر كشفا مفصلا عن خدمات الوكالة ألى المصالح المكلفة بالتشغيل مع تضمينه بيانات الطرفيين المعنيين المادة 484 ؛• إلزام المسؤول عن الوكالة بمسك سجل خاص تدون فيه جميع عمليات التشغيل التي قام بها، وذلك من اجل تمكين السلطة الحكومية المكلفة بالشغل من اجراء المراقبة الضرورية المادة 486 ؛
• الزام المسؤول عن الوكالة بتقديم المعلومات التكميلية عن الوضعية القانونية للوكالة، خاصة وضعيتها إزاء الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي الفقرة الأخيرة من المادة 483 ؛
• ضرورة عرض جميع عقود الشغل للعمل بالخارج المبرمة من طرف وكالات التشغيل الخصوصية على التأشير المسبق من لدن السلطة الحكومية المكلف بالشغل المادة 489 ؛
• إمكانية سحب الإذن بالممارسة من طرف السلطة الحكومية المكلفة بالشغل .
** ملحوظة: تجدر الإشارة أن مدونة الشغل الجديدة أقرت جزاءات زجرية لكل من خالف هذه الأحكام قد تصل إلى 30000 درهم المادة 494 من مدونة الشغل.
ثانيا/مقاولات التشغيل المؤقت.
1- التزامات مقاولات التشغيل المؤقت: تعتبر الأحكام المنظمة لوكالات التشغيل المؤقت جديدة في التشريع الاجتماعي المغربي، و جاءت مستنسخة للمقتضيات الواردة في الاتفاقية 181 الخاصة بوكالات التشغيل المؤقت. وقد عرفت مدونة هذه المقاولات بكونها شخص اعتباري مستقل عن السلطة العمومية يقتصر عمله على تشغيل أجراء بهذف وضعهم، مؤقتا، رهن إشارة شخص ثالث يسمى “المستعمل” يحدد مهامهم ويراقب تنفيذها مع أداء اجورهم و الوفاء بكل الالتزامات القانونية الناشئة عن عقد الشغل.
2- التزامات أصحاب مقاولات التشغيل المؤقت: اشترطت مدونة الشغل الجديدة أن يكون كل من العقد الذي يربط مقاولة التشغيل المؤقت مع المستعمل و كذا العقد الذي يربطها بكل أجير تم وضعه رهن إشارة المستعمل كتابيا المادة 501 و هو استثناء على مبدأ رضائية عقود الشغل؛ و يجب ان يشتمل على مايلي:
– السبب الموجب للجوء إلى أجير مؤقت، مدة المهمة و مكان تنفيذها، المبلغ المحدد كمقابل لوضع الأجيررهن إشارة المستعمل، و مؤهلات الأجير و كيفيات أدائه و فترة التجربة التي لايمكن أن تتعدى يومين إذا كان العقد مبرما لمدة أقل من شهر و ثلاثة أيام لمدة تتراوح مابين شهر و شهرين و خمسة أيام إذا كانت مدة العقد تفوق شهرين. وكذلك يجب تحديد مواصفات المنصب الي يشغله الأجير و رقم انخراط مقاولات التشغيل المؤقت في الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي المادة 501.
– كما حددت المدونة على سبيل الحصر الحالات التي يمكن اللجوء فيها إلى أجراء مقاولة التشغيل المؤقت بعد استشارة الهيئات التمثيلية للأجراء داخل المقاولة من أجل القيام بأشغال غير دائمة تسمى ” مهاما ” و هي على الشكل الآتي:
• إحلال أجير محل أجير آخر في حالة غيابه أو في حالة توقف عقد الشغل، ما لم يكن التوقف ناتج عن الإضراب؛
• ازدياد نشاط المقولة مؤقتا؛
• إنجاز أشغال ذات طابع موسمي؛
• إنجاز أشغال استقر العرف على عدم اللجوء فيها إلى عقد شغل، غير محدد المدة بسبب طبيعة الشغل،
• لايمكن اللجوء إلى أجراء مقاولة التشغيل المؤقت من أجل إنجاز أشغال تكتسي خطورة خاصة المادة 497؛
• كما يجب على المقاولة المستعملة أن تتخد كل التدابير الوقائية و الحمائية الكفيلة بضمان حماية صحة و سلامة الأجراء المؤقتين العاملين لديها. و تكون المقاولة المستعملة مسؤولة على تأمين هؤلاء الأجراء ضد حوادث الشغل و الأمراض المهنية المادة 504 من مدونة الشغل الجديدة.
3- تشغيل الأجراء: تعتبر الأحكام المنظمة لتشغيل الأجراء استنساخا للمقتضيات الواردة في ظهير 7 ماي 1940 المتعلق باستجدام الاجراء و بنقض عقد الشغل مع بعض التعديلات الطفيفة. حيث ورد في المادة 507 من مدونة الشغل الجديدة:(( يشغل كل مشغل من يحتاج من الأجراء، وفق الشروط المنصوص عليها في هذا الكتاب ( الكتاب الرابع/ الوساطة في الاستخدام و تشغيل الأجراء ) مراعيا فقط ما يتوفر عليه طالبو الشغل من مؤهلات، و ما لديهم من خبرات، وتزكيات مهنية.)) كما انه يجب إعطاء الأولوية في التشغيل إلى الأجراء القدامى و من بعدهم المؤقتين؛ و ألزمت المدونة على المشغل الذي يشغل أجراء بأن يطلع على ذلك في أجل ثمانية أيام، المصلحة المكلفة بالتشغيل الواقعة في المكان الذي يباشر فيه الأجير نشاطه المادة 511.
4- المجلس الأعلى لإنعاش التشغيل و المجالس الجهوية و الإقليمية لإنعاش التشغيل: ألغت المدونة المرسوم الملكي الصادر في 14 غشت 1967 و المتعلق بإحداث لجن لليد العاملة و مجلس أعلى لليد العاملة (المادة 586) و تعويضه بمجلس أعلى لإنعاش التشغيل و مجالس جهوية و إقليمية للتشغيل و ضمنت تمثيلية الفرقاء الاجتماعيين حيث أصبح المجلس الأعلى لإنعاش التشغيل يتكون من ممثلين عن الإدارة و ممثلين عن المنظمات المهنية للمشغلين إضافة إلى المركزيات النقابية فضلا عن كل شخص له كفاءة وخبرة في مجال اختصاصات المجلس الأعلى لإنعاش التشغيل عبر دعوته للمشاركة في رأشغاله و يرأسه الوزير المكلف بالشغل أو من ينوب عنه.
(المادة 523) تعتبر مهام المجالس الأعلى لإنعاش التشغيل و المجالس الجهوية و الإقليمية لإنعاش التشغيل مهام استشارية و يرأسها عمال الجهات و الأقاليم و يعهد إليها مايلي:
• إبداء الرأي بشأن قضايا التشغيل و الغدماج المهني؛
• تقديم الاقتراحات الكفيلة بغنعاش التشغيل و دعم المقاولات الصغرى و المتوسطة، و تعزيز و ملائمة التكوين لحاجيات سوق التشغيل المحلية؛
• المساهمة في تقييم النتائج المحصل عليها فيما يتعلق بإجراءات إناش التشغيل، التي تلقى الدعم و المساندة من طرف الدولة؛
• تنشيط الحوار و التشاور و الشراكة بين مختلف المتدخلين محليا في مجال سوق التشغيل؛
• التنسيق و التعاون مع مختلف الأطراف المعنية محليا للنهوض بسوق التشغيل و صياغة برامج مشتركة في هذا المجال. كما يعهد للمجالس الجهوية لإنعاش التشغيل بإعداد تقرير سنوي يرفع للمجلس الأعلى لإنعاش التشغيل، حول قضايا و آفاق التشغيل مشفوعا بالمقترحات و المشاريع الكفيلة بإنعاش التشغيل.
الكتاب الخامس: أجهزة المراقبة.
تشرع القوانين بشكل عام من أجل تنظيم العلاقات بين الأفراد سواء كأشخاص طبيعيين أو أشخاص معنويين، من أجل نوع من التوازع و تذويب الخلافات في إطارحذ أدنى من التعايش. و مدونة الشغل جاءت من أجل الإجابة على عدد من المطالب سواء من طرف المنظمات المهنية للمشغلين أو مطالب المركزيات النقابية، و هما طرفين غير متوازنيين في منطق الصراع نظرا لطبيعة الصراع؛ و لأن منطق المصالح المشتركة يفرض على الجميع إيجاد صيغ مشتركة للتعاون من أجل مصلحة العمال و أرباب المعامل. غير أن القانون وجد ليحمي الطرف الضعيف في معادلة الانتاج كيف ما كانت طبيعة هذا الإنتاج و الطرف الضعيف في هذه المعادلة هم الأجراء؛ و لأن الدولة أو الحكومة هي الضامنة لحقوق الجميع و الحالة هاته يلاحظ أن المقتضيات القانونية المتعلقة بهذا المجال تطرح إشكالات متعددة، فمن جهة أولى فإن هذه المقتضيات تختلف من تشريع لآخر، بحيث تعدد أجهزة تفتيش الشغل، و من جهة ثانية فإن هذا الجهاز يعرف شللا داخليا ناتجا عن عدة اعتبارات لعل أهمها هو ضعف هذه المؤسسة و هزالة نتائج الرقابة. و كان من المفترض خلال جولات الحوار الاجتماعي تجاوز هذه الاشكالات عبر تقوية هذا الجهاز بموارد بشرية مع تحفيزات مادية و هي المطالب التي يطالب بها مفتشي الشغل علما ان المغرب صادق الاتفاقية 129 بشأن تفتيش العمل في الزراعة و على الاتفاقية 81 بشأن تفتيش العمل في الصناعة و التجارة.
و يمكن القول أن مدونة الشغل الجديدة استجابت لكثير من المطالب الفقهية و المهنية لكن دون أن تحقق ذلك الإصلاح الشامل عبر تمكين جهاز تفتيش الشغل من أن يكون أداة فاعلة لمراقبة التشريع الاجتماعي. و ما هو جديد في هذا السياق هو تقنين بعض الممارسات الي كان يعرفها هذا الجهاز و التي لم تكن مستندة على أي أساس قانوني. (المصالحة على سبيل المثال)
1- الدور الوقائي و التصالحي: انسجاما مع الاتفاقيتين الدوليتين المتعلقتين بتفتيش العمل 81 و 129 حددت المادة 532 مهام تفتيش الشغل فيمايلي:
• السهر على تطبيق الاحكام التشريعية و التنظيمية المتعلقة بالشغل؛
• إعطاء المشغلين و الأجراء معلومات و نصائح تقنية حول أنجع الوسائل لمراعاة الأحكام القانونية؛
• إحاطة السلطة الحكومية المكلفة بالشغل علما بكل نقص أو تجاوز في المقتضيات التشريعية و التنظيمية المعمول بها؛
• إجراء محاولات التصالح في مجال نزاعات الشغل الفردية.
يحرر في شأن هذه المحاولات محضر يمضيه طرفا النزاع، و يوقعه بالعطف العون المكلف بتفتيش الشغل. و تكون لهذا المحضر قوة الإبراء في حدود المبالغ المبينة فيه.
و في نفس هذا السياق أكدت المدونة الدور الوقائي لمفتش الشغل كما أعطت صبغة قانونية ل”مسطرة الملاحظات” التي كان يلجأ إليها مفتش الشغل عوض الإنذار و قبل تحرير المحاضر في شأن المخالفات.
2- ضبط المخالفات: استجابة لملاحظات لجنة الخبراء لمنظمة العمل الدولية ألزمت المدونة مفتش الشغل بإحاطة السلطة الحكومية الملفة بالشغل بكل نقص يعتري التشريع المعمول به و يترتب عنه حيف بالنسبة للأجراء. (المادة 519 الشهادة الإدارية) و أعطت الاختصاص للأعوان المكلفين بتفتيش الشغل في مراقبة القوانين المطبقة على ماجوري المقاولات و المؤسسات التابعة للدولة و الجماعات المحلية عند غياب أعوان آخرين معهود لهم بهذه المهمة. (المادة 517) و اصبح توجيه محاضر المخالفات إلى رئيس المحكمة الابتدائية أو وكيل الملك حسب طبيعة المخالفات يمر عبر المندوب المكلف بالشغل مباشرة عوض الإدارة المركزية كما كان معمول به سابقا. كما سمحت للأطباء و المهندسين المكلفين بتفتيش الشغل بتحرير المحاضر كل في مجال اختصاصه. و تماشيا مع الاتفاقية 81 أعطت المدونة الإمكانية لمفتش الشغل بالأمر باتخاذ التدبير الفورية في حالة إخلال يعرض الأجراء لخطر حال، و عند رفض المشغل الإمثتال لتلك الأوامر، سمحت لمفتش الشغل بتحرير محضر و توجيهه مباشرة إلى رئيس المحكمة بصفته قاضيا للأمور المستعجلة. و تناولت المواد 546-547 مقتضيات زجرية في حالة عرقلة أو منع مفتش الشغل من القيام بمهامه ، و عدم فتح سجل الإنذارات المنصوص عليها في المادة 536 و عدم الامتثال لمقتضيات المادتين 537 و 538 من مدونة الشغل و تتراواح الغرامة في هذه الحالات مابين 2000 درهم و 5000 درهم و في الحالة الأولى أي منع مفتش الشغل من القيام بمهامه تترواح الغرامة ما بين 25.000درهم إلى 30.000 درهم و في حالة العود تضاعف هذه الغرامة.
الكتاب السادس: تسوية نزاعات الشغل الجماعية.
سوف نتناول في هذه الزاوية أهم مستجدات المدونة فيما يتعلق بمسطرة تسوية نزاعات الشغل الجماعية قياسا لتشريع الشغل السابق.
1- في مفهوم نزاعات الشغل الجماعية و أطرافها: خلافا لتشريع الشغل تعرف مدونة الشغل الجديدة في المادة 549 نزاعات الشغل الجماعية هي كل الخلافات الناشئة بسبب الشغل، و التي يكون أحد أطرافها منظمة نقابية أو جماعة من الأجراء، و يكون هدفها الدفاع عن مصالح جماعية، مهنية لهؤلاء الأجراء. و تكون أطرافها مشغل واحد، أو عدة مشغلين، أو منظمة واحدة مهنية للمشغلين، و يكون هدفها الدفاع عن مصالح مشغل أو عدة مشغلين أو المنظمة المهنية للمشغلين. وتجدر الملاحظة هنا أن المدونة لم تعبر عن تجليات هذه النزاعات الجماعية بالإضراب و بالإغلاق المضاد له و كأنها أشكال أخرى غير هاتين الوسيلتين، في حين أن تشريع الشغل السابق كان واضحا في التعبير عنهما ( الفصلان 1 و 34 من ظهير 1946 ).
2- في مرحلة التصالح و البحث و المصالحة:
– لقد أضافت مدونة الشغل الجديدة مرحلة جديدة قبل خوض المرحلتين المقررتين في تشريع الشغل السابق (المصالحة و التحكيم) وهي المتمثلة في تدخل إما المندوب المكلف بالشغل لدى العمالة أو الإقليم إذا كان النزاع الجماعي يهم أكثر من مقاولة، و إما مفتش الشغل إذا كان النزاع يهم مقاولة واحدة (المادة 552) في إطار ماسمي بالتصالح.
– أضيفت مهمة البحث لمهمة المصالحة سواء بالنسبة للجنة الإقليمية أو اللجنة الوطنية المواد 561 و 562.
– تم توسيع صلاحية اللجنة من أجل تسوية النزاع الجماعي مع التزامات جديدة، المواد 561 و 562.
– خولت للمزير المكلف بالشغل في إطار اللجنة الوطنية للبحث و المصالحة استدعاء أي شخص يراعي في اختياره الكفاءة في مجال اختصاصات تلك اللجنة للحضور إلى أشغالها. (المادة 564)
3- في مرحلة التحكيم:
– اختارت المدونة الجديدة في موضوع التحكيم أن تستقر على حكم واحد عوض تعدد الأحكام كما كان في تشريع الشغل السابق.
– أصبحت مراجعة قوائم المحكمين (لاختيار حكم واحد منها) لا تتم إلا خلال ثلاث سنوات المادة 568 عوض المراجعة السنوية لتلك القوائم كما كان في التشريع السابق الفصل 6 من قرار وزاري 19 يناير 1946.
– تم تحديد نوعية المصادر التي يجب أن يعتمدها الحكم في إصدار قراره بحسب نوعية النزاع الجماعي. (المادة 572)
– تم تعويض المجلس الأعلى للتحكيم كجهة طعن ضد قرارات المحكمين في ظهير 1946 بالغرفة الاجتماعية بالمجلس الأعلى المادة 575 مع ما يترتب عن ذلك من تغيير لتشكيلة هذا الإطار المكلف بالبت في نقض قرار الحكم.
4- من حيث الجزاءات: نميز بين نوعين من المخالفات؛
– المخالفة المتمثلة في خوض نزاع جماعي (إضراب أو إغلاق مضاد له) دون اللجوء أصلا إلى مسطرة التسوية أو كان اللجوء إليها لا حقا على شن النزاع. و حيث يلاحظ أن التشريع السابق ظهير 1946 إذا كان يرتب غرامة مالية ترفع قيمتها في حالة تكرار المخالفات (الفقرة 1 و الفقرة 34) و ما يعني ذلك من اعتبار مسطرة التسوية إجراءا قبليا إلزاميا قبل خوض تجربة القوة تحت طائلة الجزاء، فأن مدونة الشغل استلهاما من الاتفاقيتين الدوليتين 93 و 113 الصادرتين عن منظمة العمل الدولية و استجابة لمطالبات المنظمات النقابية، قد اعتبرت مسطرة التسوية اختيارية من حيث المبدأ، بحيث لا تثبت المخالفة و لا تصبح تلك المسطرة إلزامية تحت طائلة الجزاء (الغرامة) إلا إذا لم تتم الاستجابة لدعوة أحد أطراف النزاع لفتح إجراءاتها من طرف الآخر (المادة 583).
– المخالفة المتمثلة في عدم تنفيذ الاتفاقيات المنبثقة عن استنفاذ مسطرة التسوية. و إذا كان تشريع الشغل السابق قد رتب جزاءات صارمة ضد مرتكبي هذه المخالفات كالغرامة و الحرمان من المشاركة في الصفقات العمومية من جانب المشغلين و اعتبار عدم التنفيذ إنهاء غير مبرر لقد الشغل من جانب الأجراء الفصول 18 و 21 و 22 و 23، فقذ اكتفت مدونة الشغل بالإحالة على قواعد المسطرة المدنية المتعلقة بالتنفيذ طالما اعتبرت أن تلك الاتفاقات قوة تنفيذية (المادة 581).
الكتاب السابع: مقتضيات ختامية.
تضمن هذا الكتاب نسخ لجميع المقتضيات المخالفة لقانون الشغل رقم 65.99 ومنها:
– مكاتب التشغيل؛
– الكفالات؛
– الإجازات الإضافية المخولة بمناسبة الولادة؛
– عقد الشغل؛
– اتفاقية الشغل الجماعية؛
– الاستطان؛
– الهجرة؛
– ضوابط الشغل-مدة الشغل-الراحة؛
– تمثيل المستخدمين؛
– الأجور؛
– المصالح الطبية للشغل؛
– الأنظمة الخاصة ببعض المهن؛
– النقابات المهنية؛
– نزاعات الشغل الجماعية؛
– سن التقاعد.
على سبيل الختم:
لقد صدر الظهير الشريف رقم 1.03.194 بتاريخ 11 سبتمبر 2003 القاضي بتنفيذ القانون رقم 65.99 المتعلق بمدونة الشغل، كما صدرت المراسيم التطبيقية و القرارات المتعلقة بعدد من المواد المكونة لمدة الشغل عبر تعاقب ثلاث وزراء هذا القطاع الهام في بنية مؤسسات الدولة باعتباره يدبر العلاقة بين أطراف الإنتاج من جهة المشغلين و من جهة ثانية الأجراء.
و بعد مرور عشر سنوات نظمت مناظرة و طنية للوقوف على عدد من السلبيات و الإيجابيات التي فرضتها الممارسة العملية و التنزيل على أرض الواقع مقتضيات هذا القانون، و اليوم بعد أكثر من 15 سنة على المصادقة على مدونة الشغل؛ وفي إطار النقاش الدائر حول قانون الإضراب و اختلاف المقاربات مابين الحكومة و المركزيات النقابية؛ اعتقد أنه آن ألوان لاعتماد نفس المنهجية التي أعدت بها مدونة الشغل عبر مأسسة الحوار الاجتماعي و الدخول في مفاوضات عوض مشاورات ثلاثية الأطراف السلطة الحكومية المكلفة بالتشغيل من جهة و ممثلين المشغلين و المركزيات النقابية على أساس تقييم شامل لمدونة الشغل أفق تعديلها بما يتلاءم مع مستجدات سوق الشغل و الأنماط الجديدة للتشغيل و تلبي الطموحات المشروعة لكل الأطراف؛ و بالتوازي طرح مشروع قانون للنقابات و الإضراب للنقاش العمومي من أجل مؤسسات نقابية عصرية و ديمقراطية ضمـــن كراس مشترك يتضمن قانـــون للشغل و قانـــون النقابات و قانون الإضراب و في تناغم مع المشروع التنموي الجديد المعلن في خطاب العرش ل 30 يوليوز 2019.
*إطار بوزارة الشغل و الادماح المهني/مفتش شغل.