“انظروا الآن إلى هذا النمر. إنه نمر شرس متعجرف، شديد الفخر بحريته وقوته وبطشه، ولكنه سيتغير، ويصبح وديعا ولطيفا ومطيعا…” هذا المقتطف من قصة النمور في اليوم العاشر للأديب زكريا تامر تلخص ما قد سيؤول إليه حزب العدالة والتنمية المغربي،إذا لم يتدارك الأمر ويدبر هذه المرحلة السياسية بالوفاء لأطروحة الحزب التي عبرت عن استقلال القرار الداخلي للحزب والوقوف في وجه التحكم بكل قوة.

تدور قصة زكرياء تامر حول الطريقة التي نهجها المروض ليحول نمرا شرسا مزهوا بحريته في عشرة أيام،إلى نمر عاشب لا مخالب له. أمام كل تنازل من النمر، تزداد طلبات المروض مرة بالترغيب ومرة بالترهيب. رغم بساطة القصة فهي غنية بالرموز التي يجب أن يقف عندها أعضاء حزب العدالة والتمية، قيادة وأعضاء أمام سيناريو يبدأ بتنازلات وينتهي بإضعاف الحزب من الداخل، ليس للإجهاز عليه بل لكي يجهز على نفسه بنفسه وسيصبح كغيره من الأحزاب التي فقدت ثقة المجتمع.

كنت أنتظر من ابن كيران حين حاوره الزميل يوسف على قناة ميدي 1عن إمكانية تغيير القانون الداخلي للحزب للسماح بولاية ثالثة، أن يكون حاسما ويقول لا. تركه الباب مفتوحا على تأويلات أخرى ضرب لأكبر مبادئ الحزب. الحزب مؤسسة يأتي فيها الأشخاص ويرحلون. لا أحد ينفي القدرة التواصلية لابن كيران وأن له فضل كبير على النتائج التي حصل عليها الحزب في الانتخابات الأخيرة. الآن ابن كيران وباقي الأعضاء يجب أن يفهوا أن ابن كيران أمين عام قد خلت وستخلو من قبله ومن بعده الأمناء العامون. وأن مجرد التفكير في طرح قضية التمديد للنقاش قد تكون لها عواقب وخيمة على الصف الداخلي للحزب. يجتمع معارضو ومؤيدو الحزب على أن قوة الحزب في الديموقراطية الداخلية، ابتداء من مسطرة الترشيح إلى مسطرة التعيين في المناصب. غير أن هذه الديموقراطية الداخلية تعطي سلطات قوية وكبيرة للأمين العام، وتصبح البنية التنظيمية شبيهة بنظام رئاسي، يتمتع فيها الأمين العام بسلطات قوية. ورغم أن القرارات التي تأتي من الأمانة تخضع لآلية التصويت، فمن يعرف أعضاء الأمانة العامة لا يمكن إلا أن يستنتج أن أغلبهم بنكيرانيين أكثر من بنكيران. الضغوط التي مورست على الحزب من أجل تخليه عن رئاسة فريق المستشارين امتحان خسرت فيه الأمانة العامة، وسيفتح الباب أمام ضغوطات أكبر.

“لقد بوئني الشعب المرتبة الأولى في الانتخابات”، لازمة يرددها ابن كيران ليؤكد شرعية النتيجة التي حصل عليها، لكن يجب أن يأخذ الحزب في الاعتبار أن من أوصلك بالصندوق يمكن ان يطيح بك بالصندوق. يجب الإنصات الى من صوت على الحزب ومن لم يصوت عليه. الاحتجاجات التي بدأت شرارتها في طنجة من أجل مطالب اجتماعية قد تنتقل إلى مدن أخرى، وقد تتغبر هذه المطالب الاجتماعية إلى مطالب سياسية. لا يطالب المغاربة من ابن كيران “ان يثقب السقف” أو يدخل في صراعات دونكيشوتية، لكن ما ينتظره المغاربة هو أن تظهر بصمة تصويتهم على الحزب في قرارات الحكومة.