أكد آخر تقرير لصندوق النقد الدولي فيما يخص تأثير الوضع السياسي في العجز المالي للبلاد، أن اتخاذ القرارات بطريقة ارتجالية قد يكون له تأثير على الميزانية العامة وضبط الأوضاع المالية. وحذر صندوق النقد الدولي من التهديد الذي يمكن أن تواجهه الحكومات التي تعاني من نقص في الدعم البرلماني أو المدعمة من قبل الائتلافات. هذه الحكومات قد تعاني من الديون مرتين أكثر من الحكومات الأكثر استقرارا.

ضم تقرير صندوق النقد الدولي عن دور الوضع السياسي في السياسة المالية قاعدة بيانات واسعة من 90 دولة لمدة 50 عاما، مؤكدا أن الدين العام يتزايد مرتين في المجالس التشريعية حيث لا يكون أمام الحكومات السيطرة على البرلمان. بالإضافة إلى ذلك، فإن الدول الضعيفة سياسيا قد يصل عجزها المالي إلى سبع مرات أقل من الميزانية المرتقبة.

على الرغم من أن التقرير لم يذكر بلدانا محددة، فقد اعتبرت جريدة “إلباييس” أن الحكومة الإسبانية معنية بالأمر مما يفسر العجز العام في الاتحاد الأوروبي بالرغم من إضافة ثلاث سنوات متتالية من النمو الاقتصادي.

أكد مدير الشؤون المالية في صندوق النقد الدولي أن الحكومات عندما تحصل على أغلبية واسعة فإن الفرق بين ما يطمح إليه وما يمكن فعله ضعيف جدا، بينما عندما تكون لديك حكومات هشة فقد يصعب عليها حشد أغلبية في البرلمان مما يجعل الفرق أكبر بكثير. نفس الشيء بالنسبة للحكومات المكونة من الائتلاف خاصة عندما يكون عدد الوزراء يفوق المتوسط وهو 14 وزيرا بأكبر عدد من الحقائب فإنه يصعب ترشيد النفقات.

الدورة الانتخابية

من جهة أخرى، فإن العجز يرتفع بمعدل 1% خلال السنوات التي تجرى فيها الانتخابات خاصة بالنسبة للدول التي تعاني من مشاكل مؤسساتية حيث يتم الاتفاق في تلك الأوقات على الأجور العامة ولكن أيضا على المعاشات والإعانات. ومن المثير للاهتمام أن الاستثمار غالبا ما ينخفض في تلك السنة، ذلك لأنه يتم الإعلان عما يسمى بالدورة 28 شهرا قبل موعد الانتخابات، بخلاف الدول التي لديها آليات للتقييم التقني للاستثمارات”.

وحذر تقرير صندوق الدولي من أن ضعف الحكومات قد يؤدي إلى ضعف ضبط الأوضاع المالية العامة، ويمكن أن يترك الدول محملة بالديون وبالتالي تعرضها لأزمات مالية أو على الأقل ارتفاع في الأسعار.

 وأكدت الدراسة على أن لون الحزب ليس له تأثير على السياسات المالية للدول، كذلك الأمر بالنسبة للإيديولوجيات فقد تم تركها بعيدا. ومع ذلك فهناك فرق ما بين الحكومات اليمينية واليسارية، حيث أن اليسار يميل إلى رفع ضريبة الدخل والذي يعتبر أكثر تقدمية، على عكس الحكومات اليمينية التي تعمل على رفع ضريبة القيمة المضافة التي تعتبر أكثر كفاءة لأنها لا تحد من التشجيع على العمل كما تأخذ بعين الاعتبار الصادرات.

الفرق الثاني يتعلق بالاستثمار، فحكومات اليسار غالبا ما تقوم باستثمارات عمومية ولمدة أطول. وخلافا للاعتقاد الشائع فإن الإيديولوجية ليس لها تأثير على النفقات الاجتماعية، والسبب هو أن هذا يشمل أساسا المعاشات وإعانات البطالة، وسياسات التعليم والصحة التي كفلتها الدولة، وبالتالي يمكن تغييرها عن طريق تغيير الحكومة.

الحلول المقترحة من طرف الصندوق

أكد التقرير على أن الرفع من جودة المؤسسات يعتبر عاملا أساسيا لتحسين السياسات العمومية للدول، حيث أن تحديد سقف الإنفاق والديون يمكن أن يخفف من المشكل لكن لا يمكن القضاء عليه بصفة نهائية. كما أن الدول التي تتوفر على السلطات الضريبية المستقلة عادة ما تحسن من توازن الميزانية بنسبة 2% تقريبا من الناتج المحلي الإجمالي.

وحسب الصندوق ذاته، فهذه المؤسسات قادرة على جذب اهتمام وسائل الإعلام عندما يتعلق الأمر بالإسراف في الإنفاق، في حين لا تظهر الكثير من الفعالية في تحقيق ذلك عندما يتعلق الأمر باتخاذ إجراءات تصحيحية.  

 عن جريدة إلباييس الإسبانية