بعد عشر سنوات على إنطلاقه.. ماذا قدّم “مهرجان طنجة الدولي للشعر” للمدينة؟
بحلول شهرنونبر 2022، تكون قد مرت 10 سنوات على انطلاقة مهرجان طنجة الدولي للشعر، الذي تنظمه جمعية “المدينة للتنمية والثقافية”، وسط دعوات لرفع الحصار عن الثقافة بالمدينة والانفتاح على الطاقات الشعرية المحلية.
وتعرف مدينة طنجة جدلا واسعا حول المهرجان، بين من يرى أنه لا يمثل الحالة الثقافية بالمدينة، وأنه لايمثل شعرها وشعراءها محليا بله دوليا، وبين من يعتبر أن المهرجان يحتاج إلى تطوير وتجويد، منطلقه فتح تمهيد لطاولة حوار حقيقي ونزيه يعلو على المصالح والحساسيات يجمع بين الفاعلين الثقافيين والوزارة الوصية على القطاع.
و”مهرجان طنجة الدولي للشعر”، تظاهرة ثقافية تنظمها “جمعية المدينة للتنمية والتربية” كل سنة، يعنى بالشعر والشعراء، ضمن فقراته مسابقة شعرية، وتنظيم ندوات ومحاضرات، بالإضافة إلى تكريم أسماء شعرية من داخل المغرب وخارجه، وقد وصل هذه السنة دورته العاشرة.
وفي هذا الصدد، طالبت فعاليات ثقافية بمدينة طنجة، برفع الحصار عن الثقافة من أجل بناء واقع إبداعي وثقافي يمكن من تنظيم مهرجانات تليق بالمدينة.
ودعت في تصريحات متفرقة لموقع “لكم”، بمناسبة السنة العاشرة لانطلاق “مهرجان طنجة الدولي للشعر”، إلى الاعتماد على أهل الاختصاص في الإعداد للمهرجانات الثقافية،مؤكدين على ضرورة الانفتاح أكثر على الطاقات الشعرية المحلية التي بحسبهم تشعر بنوع من التهميش، مقترحين اقتحام الفضاءات التعليمية بالمدينة.
وفي الوقت الذي تؤكد فيه الفعاليات الثقافية على ضرورة اتخاذ مجموعة من الخطوات المنهجية والمبدئية، مثل التنويع أو بالأحرى الجمع بين مختلف الحساسيات الفنية دون قيد أو شرط، اللهم شرط الصوغ الشعري السليم، تقول إدارة المهرجان أنها منفتحة على الجميع وأنه لم يسبق لها أن صدت الباب في وجه أحد، مبرزة أنها قد ربحت الرهان بتحقيق مكسب ثقافي فريد تفتخر به عروس الشمال باحتضانها لمهرجان أدبي شعري رفيع المستوى.
وتوجه إدارة المهرجان، انتقادات حادة لأسلوب تعامل المجالس المحلية المنتخبة المتعاقبة، وفي مقدمتها جماعة طنجة، معتبرةأنها تتعامل بأسلوب ومنطق لا يمت إلى الوعي الثقافي والحس الحضاري بأدنى صلة، وهو ما يرد عليه العمدة الجديد،أن توجُّه جماعة طنجة في المجال الثقافي، هو أنها ستكون دائما إلى جانب الأنشطة الجادة التي بإمكانها تحقيق الإشعاع لمدينة طنجة.
تقييم عام للعقد الأول
بخصوص التقييم العام لمهرجان طنجة الدولي للشعر، بعد وصوله للمحطة العاشرة المنتظر تنظيمها شهر نونبر المقبل، اعتبر عمر الشاعر وهو أحد شعراء طنجة، ومهتم بالشأن الثقافي، أن أول ما يمكن أن يقال عن هذا المهرجان أنه يطبق حرفيا مقولة مطرب الحي لا يُطرب، مبرزا، أننا لا نكاد نجد لشعراء طنجة صوتا إلا لماما.
وأضاف عمر الشاعر، في تصريح لموقع “لكم”، أن المهرجان يفتقر لأهل التخصص في إعداد الجزء المتعلق بالمحتوى الشعري، فوضع البرنامج واختيار الشعراء سواء أكانوا محليين أم ضيوفا يخضع لاعتبارات تفتقد للنظرة النقدية المتخصصة، وفي أحسن الأحوال يتم الاختيار عن طريق استشارات عابرة واعتمادا على شراكات لحظية.
واستدرك المتحدث، أننا لا ننكر أنه قد أعطى صدى للمدينة، وجعلها محط أنظار الفعاليات الأدبية والثقافية لفترة معينة، كما أن جائزة الشباب التي يقدمها المهرجان تساهم في التعريف بمبدعين جدد وتشجيعهم على الظهور والعطاء.
أما الشاعر مصطفى المسعودي، فقد قال في تصريح لموقع “لكم”، أنه وبصراحة لا علاقة لي بهذا المهرجان ولا أعلم هل مرت 10أم 20سنة عليهولست من متابعيه، لسبب بسيط هو أني أعتبره لايمثل الحالة الثقافية والشعرية في طنجة، وحسب علمي الكثير من الأصدقاء الشعراء بطنجة لا علاقة لهم به أيضا ولا يحضرون فقراته، وبالنتيجة لم أتلق يوما أية دعوة من منظميه ولا يهمني ذلك.
وأضاف المسعودي، أنا أشتغلت في الحقل الثقافي والإبداعي بطنجة منذ ثمانييات القرن الماضي وأعرف جيدا ذاكرة المدينة وأتأسف اليوم أنه لايوجد بطنجة مهرجان حقيقي يمثل شعرها وشعراءها محليا بله دوليا.
من جانبه اعتبر محمد نافع العشيري، الأستاذ بالمدرسة العليا للأساتذة بمرتيل، ونائب رئيس الجمعية المغربية لخدمة اللغة العربية، أن المهرجان أصبح تقليدا سنويا راسخا استطاع أن ينقش اسمه في المشهد الثقافي المحلي والوطني والغربة كما استطاع أن يحافظ على إيقاعه مواعيده.
واعتبر العشيري، في تصريح لموقع “لكم”، أن مهرجان طنجة الدولي للشعر، استطاع أن يحول المدينة الى إحدى الفضاءات الشعرية العربية التي تحظى بتقدير عدد كبير من الشعراء المغاربة والعرب.
بدوره، اعتبر الصادق بنعلال الباحث في قضايا الفكر والسياسة، أنه وبعد مرور عشر سنوات على مهرجان طنجة الدولي للشعر، يمكن القول بأنه أضحى مكونا من مكونات الإنجاز الثقافي المغربي، بفضل مشاركة عديد الشعراء والنقاد الوازنين والمنتمين إلى دول عربية وأجنبية في مختلف دوراته السابقة، فضلا عن الأنشطة الثقافية الموازية له وبالخصوص جائزة الشعراء الشباب.
وأضاف، في تصريح لموقع “لكم”، أنه وبالعودة المتأملة الفاحصة للمحتوى العام للدورات المشار إليها سابقا نستنتج بعض الملاحظات الإيجابية، المتمثلة في استنبات تجربة إبداعية في قلب مدينة طنجة التي اشتهرت بالحركية الاقتصادية والتجارية والسياحية أكثر من الممارسة الثقافية بالمعنى العميق، مؤكدا، أن أمام هذا المهرجان الثقافي الواعد مشوار طويل من أجل اجتراح مواضيع وقضايا فنية وجمالية ذات الصلة بالأسئلة الصعبة التي يطرحها واقع الصوغ الشعري عالميا، والمناداة على المبدعين الكبار وطنيا وعربيا ودوليا بغض النظر عن اختلاف ذائقتهم الجمالية والرؤيوية .
محمد الأزرق المتتبع للشأن الثقافي، اعتبر أن مهرجان طنجة الدولي للشعر، وبعد عشر سنوات من الانطلاقة بات من بين أهم التظاهرات الشعرية في المغرب، إلى جانب مهرجان “أصدقاء المعتمد” بمدينة الشاون، نظرا لأهمية المحاور التي يتطرق لها المهرجان، والتي تتميز بالطزاجةوالجدة والراهنة، علاوة على استقطابه لأصوات شعرية لها تقلها في المشهد الشعري العربي، ومن بين القيم المضافة للمهرجان هو تنوع أصواته الشعرية بين القصيدة العمودية وقصيدة النثر وقصيدة التفعيلة والزجل.
مكسب ثقافي تفتخر به عروس الشمال
فيما يخص تقييم إدارةالمهرجان بعد مرور عقد من الزمان على تأسيسه، أكد بلال الصغير المدير العام للتظاهرة في مقابلة مع موقع “لكم”، أنه ومن غير جدال أننا قد ربحنا الرهان بتحقيق مكسب ثقافي فريد تفتخر به عروس الشمال باحتضانها لمهرجان أدبي شعري رفيع المستوى رغم تنظيمه في وسط يصعب فيه بشكل كبير استقطاب المدعمين لمثل هذه الأنشطة، وهو ما يناقض حجم مدينة طنجة التي تمتاز بتراثها الحضاري وصبغتها الثقافية المغربية الأندلسية عبر التاريخ.
وأكد الصغير، على أن المهرجان قد استطاع أن يحقق كثيرا من الإنجازات، ذكر منها نجاحه في تكوين جمهور متذوق للشعر، إلى درجة تشكيل صورة راقية عن جمهور طنجة العظيم الذي أصبح إلقاء الشعر في حضرته أمل كل الشعراء، لاسيما وأنه يتألف من مختلف شرائح المجتمع بمختلف الأعمار، مشيرا إلى أن جمهور طنجة الشعري عائلي بامتياز، بحيث تجد أسرة كاملة تجسد حضورها بكامل أناقتها داخل القاعة تستمع وتستمتع بما يجود به الشعراء من بوح الخواطر وعذب الكلام، خلافا لما جرى عليه الأمر في اللقاءات الشعرية الأخرى التي يتم تنظيمها في باقي مناطق المملكة أو خارجها، باستثناء مهرجانات عالمية كبرى تعد على رؤوس الأصابع، وكانت حافزا لنا على التنافس رغم كل الاكراهات.
من جهة أخرى، قال بلال الصغير، إن المهرجان أصبح يجسد في مضمونه وإطاره الثقافي حوارا حقيقيا بين المثقفين والفاعلين والمهتمين وحتى السياسيين والمجالس المنتخبة والسلطات والوزارة الوصية على القطاع حول الوضع الثقافي ببلادنا عامة وعلاقته بدعم مختلف الجهات، الأمر الذي يطرح للنقاش مسألة رفع جودة المهرجان والمساهمة فيه لتحقيق المزيد من الإشعاع الأدبي لمدينة طنجة، وتختلف وجهات النظر في هذا الشأن من فرد لآخر بحسب الحساسيات التي ينتمي إليها، ورغم كل الاختلافات فإننا كجهة منظمة نراها عاملا جوهريا لإدراك مبتغى الشاعر خاصة والمثقف عامة بوصفنا الجهة الفاعلة والمسهمة بشكل عملي في الرقي بالعمل الثقافي.
ميزانية المهرجان والجهات الداعمة
ملف آخر يتداول كثيرا في ذهن العديد من المراقبين، بالنظر لحساسيته، وهو الملف المالي، فقد اعتبر المسؤول الأول عن المهرجان أن اللقاء مع “لكم”، هو مناسبة لإزاحة الستار عن هذا الموضوع وبشكل واضح جدا لا لبس فيه ولا غموض.
الميزانية العامة لمهرجان طنجة الدولي للشعر خلال دورات العقد الأول:
بالنسبةللأرقام المدرجة أعلاه، بخصوص الميزانية العامة لكل دورة، فهي تشمل حسب إدارة المهرجان، المتطوعين والدعم اللوجستيكي والعيني ومساهمات المنخرطين والأعضاء.
وحتى نكون أكثر وضوحا تؤكد إدارة المهرجان، فإنه سوف يتم إصدار تقرير شامل عن العقد الأول للمهرجان يشمل إلى جوانبه الأدبية جانبه المادي، حيث تمت طباعة كرونولوجيا المهرجان في نسخة تجريبية، ستليها طباعة نسخة مفصلة عن الجوانب المادية، وسوف يتم نشرها في موقع المهرجان الذي لا يزال في طور الصيانة.
وعن الجهات الداعمة للتظاهرة الثقافية، أفادت الإدارة المسؤولة، أنالجهات الداعمة للمهرجان، فهي ولاية جهة طنجة ـ تطوان ـ الحسيمة، ووكالة تنمية الأقاليم الشمالية، معتبرة أن الجهات الأخرى التي من المفترض فيها أن تحتضن هذا العمل الثقافي الكبير ماديا ومعنويا كوزارة الثقافة والجماعة الحضرية وباقي المجالس المنتخبة فلم يدعموا المهرجان حتى بالحضور، وأصبحنا نتوسل حضورهم قبل دعمهم من غير جدوى.
وعلى الرغم من هذا الواقع الذي يسيء إلى العمل الثقافي قبل أن يسيء إلينا وإلى هذا المهرجان، يقول بلال الصغير المسؤول الأول عن المهرجان، فإننا قد اخترنا طريقا واضحا لا يعوقه قلة الدعم ولا سوء المعاملة، وشعارنا التحلي بمزيد من الصبر الذي يبرهن عليه قيامنا بوضع ملف الدعم رهن إشارتهم عبر مكتب الضبط إضافة إلى دعوة الحضور لئلا نتهم بالتقصير، ولهم واسع النظر ليعبروا عن مدى اعتزازهم بالعمل الثقافي في هذا البلد الأمين.
وأما فيما يتعلق بالقطاع الخاص يضيف المتحدث، فلا يخفى عليكم مدى اعتماده على منطق الربح والخسارة، ولا يقع في حسبانه أي اعتبار لدعم التراث اللامادي لهذا الوطن ما دام أنه لن يجني من ورائه ربحا ماديا ملموسا، لاسيما وأن مهرجاننا بالنسبة إليهم عمل غير مربح ولا قادر على تسويق علامتهم التجارية، وإذا أردنا أن ننظر إلى الأمر بشكل أوضح فإنما يتعلق لب المشكلة بتوافر عنصر الثقة ووضع النقاط فوق الحروف منذ البداية.
أسلوب المجالس المنتخبة لا يمت إلى الوعي الثقافي بصلة
أما بخصوص الثغرات والاخفاقات التي واجهت المهرجانطيلة عشر سنوات، فقد قال مدير المهرجان، أود أن أطمئنكم ببشائر التفاؤل لدينا وما اكتسبناه من مناعة لتخطي كل ذلك والتركيز على الهدف المنشود دون سواه، مضيفا، ولا أخفي عليكم ما واجهنا ونواجه نحن كجهة منظمة من مثبطات، أذكر القليل من كثيرها الذي لا ريب عندي أنه سيبقى ببقاء المهرجان، وأبدأ بأسلوب تعامل المجالس المنتخبة معنا بأسلوب ومنطق لا يمت إلى الوعي الثقافي والحس الحضاري بأدنى صلة عندما يرمقوننا بنظرة احتقار ويخاطبوننا بمنطق (هدوك كيقولو غير الشعر).
وأشار إلى أن المجالس المنتحبة تتعامل مع ملف طلب الدعم كما يتعامل صاحب صفحة على الفيسبوك توصل بطلب صداقة من مجهول لا يطمئن إليه، وكأن ما نطالب به في سياق الوجه الثقافي للمدينة على غرار الأوجه الأخرى لا يعتبر حقا من الحقوق.
وأفاد المتحدث، على أنه قد انصرم من عمر المهرجان عقد من الزمان، يشهد على ثلاثة عمداء لمدينة طنجة من تيارات سياسية مختلفة، فضلا عن ثلاثة رؤساء للمقاطعات الأربع أيضا من تيارات سياسية متعددة، وأربعة رؤساء لمجالس الجهة، واثنين من رؤساء مجالس العمالة، وأربعة مندوبين للثقافة، واثنين من الولاة وخمسة وزراء للثقافة، وتبقى دار لقمان على حالها، لم تغير منها كل هذه الأرقام قيد أنملة لتضع ثقتها في المهرجان على الرغم من كل ما حققه من نجاحات يعرفها الجميع، طبعا هناك استثناء، وأقصد به السلطات المحلية التي كانت ومنذ البداية إلى جانب المهرجان، ويمكن أن نعدها الشريك الاساسي الذي ضمن هذا الاستمرار، وأستثني كذلك فترة تولي الدكتور محمد الاعراج لوزارة للثقافة على قصر مدتها، وفترة 2017 و2019 على مستوى المقاطعات، أما المجلس البلدي فلم يدعم المهرجان إلا مرة واحدة بمبلغ متواضع جدا سنة 2014 على ما أعتقد، وسنة 2017 بمبلغ يعدل نصف المبلغ الأول على هزالته، ومن المخجل جدا الحديث عن دعم 2018 و2019، وأتذكر أنه في سنة 2017 خصصت الجماعة للمهرجان ثلاث غرف مزدوجة في فندق غير مصنف ليتم إلغاء ذلك قبل حفل الافتتاح بسبع ساعات تقريبا، وعلى العموم فإن العوائق كثيرة جدا ولا يكفي أن يستوعبها هذا الحوار، ولعل الفرصة تسنح لذكر تفاصيل أكثر في الحفل الختامي للمهرجان بمناسبة عقده الأول، وفق مدير المهرجان.
عمدة طنجة يؤكد دعمه للأنشطة الجادة
من جهته، أوضح منير ليموري عمدة طنجة في تصريح لموقع “لكم”، أن توجُّه الجماعة في المجال الثقافي، هو أنها ستكون دائما إلى جانب الأنشطة الجادة التي بإمكانها تحقيق الإشعاع لمدينة طنجة، وفي هذا الصدد، يعتمد دعم الأنشطة على المعايير الموضوعية، حيث نركز على الجودة والقيمة المضافة التي يمكن أن يحملها الحدث للمدينة ولسكانها وزوارها.
واعتبر ليموري، أن وصول مهرجان طنجة الدولي للشعر إلى دورته العاشرة دليل على أنه مشروع جاد يحظى بالاستمرارية وبصم على إرث مهم، مضيفا أن هذا المسار لا يمكن لجماعة طنجة إلا أن تسعى إلى تنميته وتطويره، وبالتالي ستكون جاحدة لو لم تكن بجانبه خلال الدورة الحالية، ومن هذا المنظور تنظر جماعة طنجة إلى كل المهرجانات التي لها تاريخ والتي استطاعت أن تضع بصمات إيجابية على الفعل الثقافي بالمدينة.
وأكد عمدة طنجة في ذات التصريح لموقع “لكم”، أن منظمي المهرجان سيحظون باستقبال من طرف المكتب الجماعي خلال الأسبوع المقبل، بهدف الاتفاق على صيغة للتعاون بما يضمن حضور الجماعة خلال الدورة المقبلة، وذلك وفق الإمكانية المادية واللوجيستية المتاحة لها.
وأشار، إلى أن المكتب المسير منذ أن جرى تشكيله منذ أكثر من سنة، كان حريصا دائما على الحضور في جميع الأنشطة الثقافية التي تعرفها طنجة، سواء في شخص رئيس المجلس الجماعي أو نوابه، حيث لا تتجاهل الجماعة أي دعوة للحضور أو المساهمة في مثل هذه الأنشطة.
ماذا أضاف المهرجان للشعر والشعراء؟
بالنسبة لمصطفى المسعودي وهو شاعر وروائي، فهو لا يرى، أية إضافة لهذه المبادرة التي اعتبرها أنها جاءت من فوق ولاعلاقة لها بالشعر، مشيرا إلى أنه يتناهي إلى سمعه بعض الحديث العابر في استدعاء بعض المشارقة لكن ذلك لايخلق أي حدث شعري حقيقي محليا ووطنيا،بل يمر في صمت شبه مطبق، معبرا عن أسفه أن طنجة بتاريخها وامتدادها العظيم لايوجد في رصيدها مهرجان شعري حقيقي بعيدا عن الارتزاق وتدخل جهات من خارج الحقل الثقافي.
أما الصادق بنعلال الباحث في قضايا الفكر والسياسة، فقد أبرز أنه بمجرد انعقاد دورات هذا الملتقى الشعري الكبير بشكل منتظم ومتواصل هو في حد ذاته إضافة ملموسة للمعطى الثقافي، مشيرا إلى أن الساحة في أمس الحاجة إلى هكذا لقاءات فنية رفيعة، تنزع نحو نشر الوعي الجمالي والإبداع الرفيع في زحمة الانشغال اللامحدود بالاهتمامات الضيقة والجري وراء المصالح المادية والأيديولوجية الضيقة.
واستدرك المتحدث، لكن الموضوعية تتطلب منا أن المهرجان المعني بالأمر مازال بعيدا نسبيا عن تحقيق الطموحات والغايات الأسمى منه. فعلى مستوى مدينة طنجة لم تعط الكلمة إلى حد الآن لكل شعراء المدينة بغض النظر خصائص منتجهم الفنية والموضوعية، تماما كما هو الشأن بالنسبة للساحة الثقافية الوطنية.
بدوره، اعتبر محمد الأزق المتتبع للشأن الثقافي، أن المهرجان ساهم في تلاقح أصوات شعرية من طنجة مع أصوات عربية، الأمر الذي أدى إلى تطوير الذائقة الشعرية لدى بعض الشعراء لا سيما الشعراء الشباب والشابات، مشيرا إلى أن الشعر في طنجة أصبح أكثر تداولا وانتشارا، فقرات المهرجان لا تعرف عزوفا كما هو الحال مع المهرجانات الأخرى، والفضل يعود إلى الحملة التسويقية المتقنة التي تقوم بها إدارة المهرجان.
من جانبها قالت إدارة المهرجان، في تصريح لموقع “لكم”، أن مهرجان طنجة الدولي للشعر قد أتاح للشعر والشعراء على مستوى مدينة طنجة خاصة والمغرب عامة منبرا حرا تتنافس فيه جميع الحساسيات الشعرية، ولا شك أيضا في أن هذا المهرجان قد جعل من مدينة طنجة قبلة لكل الشعراء والمهتمين الذين وجدوا فيه ذلك المحضن الثقافي الذي لم تتمكن الوزارة نفسها من خلقه، في حين أننا نعلم ما تتخبط فيه الوزارة من التعامل مع عناصر خاصة بها تسيطر عليها لوبيات تحكمها مصالح خاصة، ولعل ذلك من أكبر الأسباب التي أفسدت الذوق وقطعت السبيل أمام ثقة المتلقي.
من جهة أخرى، يؤكد مدير المهرجان بلال الصغير، على أن المهرجان قد أضاف للمغرب علامة ثقافية وأدبية بارزة لا ريب أنها ستبرز اسمه في لائحة البلدان العالمية التي لها سمة بارزة بهذا الشأن من خلال اشتهارها باحتضان عرس ثقافي مميز، واشتهارها بجمهورها الأدبي الذواق، على غرار جمهور طنجة الذي تبتهج به المحافل، ولا يخفى عليكم ما لهذا الأمر من أهمية بالغة في إبراز الوجه الثقافي المشرق لهذه المدينة، ونحن نعلم أن الوجه الإعلامي والثقافي يلعب في الوقت الراهن الدور الرائد في الرفع من شأن الدول والبلدان التي ترعى الثقافة وتحتضن المناسبات الإشعاعية الكبرى التي تشد إليها الرحال، لأن الوجه الثقافي المشرق لا يقل تأثيرا عن الوجه الاقتصادي والدبلوماسي للدول.
الأسماء التي رأت النور مع المهرجان
وبخصوص الأسماء الشعرية التي رأت النور مع مرجان طنجة الدولي للشعر، قال بلال الصغير، لا يمكن أن نزعم بأن المهرجان قد ولدت فيه أسماء جديدة ولا يحق لنا ذلك، لأن الشعر لا يمكن أن ينبع إلا من خاطرة وخيال الشاعر، ومن إبداع الشعراء تتولد الأسماء وتصنع لنفسها مكانا، باستثناء الأسماء التي رأى إبداعها النور لأول مرة في أفياء مهرجان طنجة الدولي للشعر، لاسيما في سياق جائزة طنجة الكبرى للشعراء الشباب الذين تتراوح أعمارهم بين 18 و30 سنة ممن تأهلوا للفوز بهذه الجائزة المتواضعة الغنية بمضمونها على قلة ذات يدها، ذلك أن سائر تلك الأسماء أضحى لها اسم رسم نفسه بدقة في قلب الخارطة الشعرية المغربية والعربية، وأصبح لها بعد ذلك شأن ومكان، إلى درجة ـ وهذه ملاحظة شخصية ـ أن كثيرا من الجهات الأخرى التي تبنت مبادرة الجوائز فيما بعد تمنح جوائزها لكل من فاز بجائزه طنجة، ولعل ذلك ما يؤكد نزاهة لجنة التحكيم التي أسند إليها المهرجان مهمة الاختيار من منبع الثقة وحسن الظن والمسؤولية، ولطالما سمعت من بعض أعضاء اللجنة ما يؤكد هذه المسؤولية ويثبت حرصهم على مراعاة كل المعايير المعتمدة في اللجان الموازية بهذا الصدد، وبهذه المناسبة فإننا نجدد الترحم على روح عضوة لجنة التحكيم في الشعر الحساني الفقيدة عزيزة يحضيه عمر ابنة الأقاليم الجنوبية، هذا وللإشارة فإن الجائزة تمنح لأربعة أصناف شعرية، الشعر العربي الفصيح، والشعر العامي (الزجل)، والشعر الأمازيغي، فضلا عن الشعر الحساني.
وأشار الصغير إلى أن عددا من الشعراء الذي فازوا ضمن قسم الشعر العربي الفصيح قد شرفوا المغرب أيما تشريف عندما فازوا أو تأهلوا بعد ذلك في مسابقات دولية كنا لهم فيها سندا وداعمين، ومنها على سبيل المثال جائزة كتارا لشاعر الرسول صلى الله عليه وسلم، وبرنامج أمير الشعراء، هذا فيما يخص الشعراء الشباب، أما فيما يتعلق بالقامات الشعرية الكبرى فإن عددا منها قد تألق اسمه وتوجته الأماسي الشعرية الكبرى المنظمة على مستوى دورات المهرجان، ومنها من وجد في ظله ألقا إعلاميا كبيرا لم يتسنَّ له في غيره من المنابر، لاسيما في ظل التكتلات المصلحية التي تتحكم في الدور الإعلامي لإبراز أسماء ووأد أخرى لغايات ضيقة.
انفتاح على العالم العربي وتهميش الشاعر المحلي
من الملاحظات التي يسجلها عدد من المتتبعين للمهرجان، وبعض الفاعلين الثقافيين، أن المهرجان يبالغ في الانفتاح على العالم العربي، في حين أنه يهمش الشاعر المحلي وبخاصة مدينة طنجة، أوضح مدير المهرجان، أنه فيما يخص الانفتاح على العالم العربي، هذه مناسبة لنوضح الاستراتيجية العامة للمهرجان منذ نشأته وإلى الآن، فليس يخفى على كل ملاحظ أمعن النظر في تفاصيل برامج الدورات الخمس الأولى أنه قد تم التركيز على الشعراء المغاربة سواء بالنسبة للشعر الفصيح أو لشعر الزجل مع إشراك محدود لبعض الشعراء العرب، بينما كان التركيز خلال الخمس سنوات الثانية على الشعر الفصيح بمشاركة شعراء مغاربة وعرب مع إشراك شعراء أجانب بلغات أخرى، طبعا مع الاحتفاظ بالهوية المغربية في كل دورة من خلال جائزة طنجة الكبرى للشعراء الشباب التي تضم الروافد المغربية كلها، وكما تعلمون فإن كل جهة اطلعت على ملف المهرجان قد أحاطت بهذه المعلومات التي يتضمنها تصوره العام ، علما بأن بعض الجهات حاولت الاقتباس منه بطريقة رديئة لم توفق فيها، نظرا لأن رؤية العقد الثاني من المهرجان تختلف بما يقارب 50 في المئة عن رؤية العقد الأول، وهنا يجب أن يعلم من أشار لهذه النقطة بأننا نشتغل بخطة ثابتة وراسخة البنيان، وفي قناعة تامة بما نفعل، وهذا سر من أسرار نجاح هذا المهرجان واستمراره رغم كل الاكراهات.
أما فيما يتعلق بقضية تهميش أو بالأحرى إقصاء الشاعر المحلي، على اعتبار أن المهرجان ينظم في مدينة طنجة، يعتقد بلال الصغير، أن هذه الأغنية أصبحت مستهلكة ولا معنى لها وتفتقر إلى أدنى نسبة من الصحة ولا حاجة بنا إليها أصلا، مشيرا إلى أن المهرجان لم يقفل بابه في وجه أحد منذ دورته الأولى، وأنا شخصيا تواصلت مع شعراء المدينة واحدا واحدا، ومعظمهم كانوا مساهمين في تأسيس هذا المهرجان، ولا يزالون يسهمون فيه ويعبرون عن استعدادهم الكامل للتضحية من أجل رفع جودته.
وأضاف، في اعتقادي أننا قد وجهنا الدعوة لشعراء طنجة كلهم، ولا أظن أن هناك من لم يسبق له أن شارك أو وجهنا له الدعوة، باستثناء من يدعي الشعر من غير أن يكون له أهلا، أو من لا ترقى تجربته إلى مستوى الظهور بها في محفل تشارك فيه وتحضره قامات أدبية كبيرة، فنحن نتيح لها الفرصة من خلال جائزة الشباب لتصقل تجربتها دورة بعد دورة حتى تتأهل للمشاركة الرسمية، مؤكدا على أننا في الأخير بشر قد نصيب وقد نخطئ، وفي نفس الوقت لا يمكن أن نزعم بأننا وزارة وصية على القطاع، نحن لا نعدو المحاولة لترميم ما انهدم ويهدم اللوبي الثقافي، وسياق الدعوات صدقني يكون بشفافية عالية رغم إلزامية بعض الاعتبارات التي تحكمنا أحيانا، أما مصطلح الاقصاء فلا وجود له في قاموس المهرجان، فقط من أراد أن يقصي نفسه ويلعب دور الضحية إثارة للشفقة والتعاطف فهذا لا كلام معه، وكذلك بعض الأفراد الذين تعمدوا الإساءة للمهرجان ولضيوفه وأعضائه ولشخصي أيضا، ومنهم من يريد أن يأتي مكرما قبل أن يأتي شاعرا، فنحن نلح هنا بأننا نحترم تراتبية أبجدية النجاح ولا نراعي العلاقات الاجتماعية.
اقتراحات لتجويد المهرجان
قدمت التصريحات التي استقاها موقع “لكم”، مجموعة من المقترحات، لتجويد المهرجان، وفي هذا الصدد، طالب الشاعر مصطفى المسعودي، برفع الحصار عن الثقافة بطنجة وفتح المجال وقاعات العرض والدعم أمام الشباب والجمعيات والفعاليات الجادة من أجل بناء واقع إبداعي وثقافي يليق بالمدينة ، حينها سنستطيع تنظيم مهرجانات في مستواه.
من جهته، قال الباحث الصادق بنعلال، أنه ومن أجل أن يصبح مهرجان طنجة الدولي للشعر رافعة ثقافية مفصلية محليا ووطنيا لا بد من اتخاذ مجموعة من الخطوات المنهجية والمبدئية، مثل التنويع أو بالأحرى الجمع بين مختلف الحساسيات الفنية دون قيد أو شرط، اللهم شرط الصوغ الشعري السليم، مبرزا أن الساحة، في انتظار استدعاء شعراء متميزين مسكونين بطرح الأسئلة الوجودية والإنسانية من داخل الوطن وخارجه بغض النظر عن الشكل الشعر والقناة اللغوية الموظفة (عربية – أمازيغية – إسبانية – إنجليزية – ألمانية..)، فالشعر بوح بالألم البشري والحلم الإنساني بغد أفضل.
أما الأستاذ محمد نافع العشيري، فهو يقترح على المهرجان الانفتاح أكثر على الطاقات الشعرية المحلية التي تشعر ربما بنوع من التهميش كما اقترح انفتاحه على الطاقات الشعرية الشابة واقتحام الفضاءات التعليمية بالمدينة.
الشاعر عمر الشاعر، يرى أنالقول الفصل هو الاعتماد على أهل الاختصاص، كل في مجاله دون تجاوز، فالتسيير لأهل الإدارة و التيسير، والاقتصاد لأهل الاقتصاد، الأدب لأهل الأدب، فضلا عن الانفتاح على أكبر قدر من الفعاليات الثقافية الحقيقية، ومحاولة الإفادة من آرائها ومنظوراتها المختلفة.
من جهتها إدارة مهرجان طنجة الدولي للشعر، ترى أن المهرجان يحتاج إلى تطوير وتجويد أدائه، أولا إلى تماسك مثقفي المدينة وأخذهم بيد المهرجان دعما معنويا وأدبيا قبل أن يكون دعما ماديا، لأن خذلان بعض الجهات المحسوبة على الفئة المثقفة بل والأديبة الشاعرة أشد فتا في عضد المهرجان من ندرة الدعم المادي، وقديما قال الشاعر:
وظلم ذوي القربى أشد مضاضة … على النفس من وقع الحسام المهند
واقترح بلال الصغير عن إدارة المهرجان، ، أن يطرحوا من اعتباراتهم تلك الحسابات الضيقة التي تسيء إلى الثقافة والمثقف بشكل عام، وتربك المشهد الأدبي ببلادنا بدون مبرر، ففي الوقت الذي نعاني فيه من قلة الاهتمام الرسمي بالجانب الأدبي بل والعلمي أيضا إلى درجة الاستهانة التي تزري بتاريخ حضاري مشرق طويل، نجد أفرادا وتكتلات معينة تجمعها مصالح ضيقة أو حساسيات نفسية نرجسية تمعن في محاربة كل إشعاع ثقافي وأدبي لا يخدم أجندتها ولا يضعها في مركز الصدارة، وفي ذلك إساءة لسمعة المغرب والمغاربة خاصة في وسائط التواصل الاجتماعي التي تشهد معارك عنيفة بهذا الصدد، تسبب في تفكيك ما تبقى من بنية الجمهور الأدبي الذواق الذي بإمكاننا مضاعفته لو أننا مشينا في أداء رسالتنا على صراط مستقيم.
من ناحية أخرى فإنني، يضيف الصغير، أقترح تمهيد طاولة حوار حقيقي ونزيه يعلو على المصالح والحساسيات يجمع بين الفاعلين الثقافيين والوزارة الوصية على القطاع، وأعني بالفاعلين أصحاب الرأي والكلمة وليس الكراكيز، وفضلا عن كل ما سبق فإن على المستشار الجماعي أن يقوم بدوره في الدفاع عن المهرجانات الهادفة التي تطمح إلى الرقي بالأصالة المغربية، وتسهم في الحفاظ على الهوية الوطنية والعربية، وليس محتما علينا أن ننتظر ليجيء مجلس تلو مجلس كل وسعه أن ينظم تظاهرات معينة خلال الفترة المتعلقة به ويخصص لها مبالغ ضخمة ليكون استمرار أي نشاط متعلقا دائما بحزب أو مجلس أو شخص، مؤكدا على أن طاقم الجمعية والمهرجان ما زال يتمتع باستقلالية تامة، ولا يوجد في خريطتها عضو منخرط في تكتل معين أو حزب معين حفاظا على الصورة المستقلة للمهرجان.