كلما اقترب موعد المحطة الانتخابية، كلما تنامى اللغط و السجال، وتجددت معهما الدعوات للمشاركة أو المقاطعة، بحدة اكبر، و هنا يبرع صاحب كل موقف في جرد مبرراته المعللة لأحد الموقفين، حيث يرى الأول الإدلاء بصوته آلية لقطع الطريق على المفسدين، رغم علمه بما سيشوب هذه العملية من تجاوزات مخلة بنزاهتها ومصداقيتها. في حين يذهب الثاني إلى اتخاذ قرار مقاطعة الانتخابات وعدم المشاركة فيها نظرا لفقدانه الأمل في جدوى هذه المشاركة ما دام الإطار القانوني المستند إليه، لا يسمح للمنتخب بممارسة قناعاته و تصوراته للتنمية  في احترام تام للتعاقد مع المواطنين.

الواقع ينطق بحقيقة لا مراء فيها، أن كلا الموقفين، لا يخدم قضية التغيير، وأن المستفيد الوحيد من كليهما سيكون لا محالة وحده المقدس السياسي ( الدولة العميقة- المخزن- المؤسسة الملكية)

خيارين اثنين، يخلقان جوا من التردد و حالة تساؤل مستمرة، أصوت أم أقاطع ؟ 

الواقع ينطق بحقيقة لا مراء فيها، أن كلا الموقفين، لا يخدم قضية التغيير، وأن المستفيد الوحيد من كليهما سيكون لا محالة وحده المقدس السياسي ( الدولة العميقة- المخزن- المؤسسة الملكية)، سواء فاز هذا الحزب أو ذاك، قاطع هذا الحزب أو شارك، فالأمران سيان، لأن مالك القرار برمته فاعل واحد هو الملك، و من ينوب عنه محليا و وطنيا. بالتالي فلا المشاركة تؤهل المواطن المغربي لخلق تعاقد مع الحزب السياسي الذي يراه مناسبا يمكنه من مساءلة حصيلته و محاسبته بعد انتهاء ولايته، في غياب كل الشروط التي تجعله قادرا على تنفيذ برنامجه في استقلالية تامة عن المؤسسات التي يعينها الملك، و لا المقاطعة كموقف ذو حمولة إيديولوجية و سياسية، استطاعت فرض واقع جديد يلزم السلطة بتقديم تنازلات من شأنها  الوصول لشراكة حقيقية في إدارة البلد، وإقامة نظام سياسي حقيقي يحترم إرادة المواطن، وأن تكون السلطات مستقلة ومصدرها الشعب. لتظل الفائدة الوحيدة من المقاطعة هي نأي أصحابها بأنفسهم عن دخول لعبة سياسية لا يتحكمون في قواعدها، و إن لم تحقق أي تغيير.

وعليه فالجدوى الوحيدة من العملية الانتخابية، هو شرعنة الصورة الكاذبة التي يسوقها المغرب كبلد الانتقال الديمقراطي، و بالاستتباع شرعنة السلطة و تحكمها في المشهد السياسي و الاقتصادي بما يخدم تواجدها و مصالحها، إضافة إلى انتعاش بعض الطفيليات المستفيدة من الوضع.

خيارين اثنين، تحسن السلطة تقويضهما لصالحها في جل الظروف، إما المشاركة و معها تتحمل الأحزاب السياسية تبعات النتائج المترتبة عنها و السياسات العمومية المنتهجة بعدها، وإما اعتبار خيار المقاطعة، مجرد عزوف عن السياسة يفترض توعية المواطنين، بالتالي لا مانع في الاستمرار ولو بنسب مشاركة ضئيلة. 

فهل من خيار ثالث؟