قال علال بنلعربي، الكاتب العام للنقابة الوطنية للتعليم سابقا، ومؤلف كتاب “يجبُ الدفاع عن المدرسة العمومية :أسباب الأزمة وسبل الخروج منها ” إن أزمة التعليم في المغرب، هي أزمة جوهرية ومرتبطة بما هو سياسي ومجتمعي، وأن هذه الأزمة لن تتوقف عند زيادة 2000 درهم في أجور العاملين بالقطاع، فذلك لن يستدعي الصمت لاحقًا، حيث أن أزمة التعليم أوسع من ذلك بكثير، وبل هي أزمتنا جميعا، أزمة الدولة والمجتمع.

وتحدث بنلعربي، خلال لقاء تقديمه لكتابه الجديد “يجب الدفاع عن المدرسة العمومية” عقده المكتب المحلي للنقابة الديمقراطية للشغل في مدينة آسفي، ليلة أمس الأربعاء، حول ما قاله وزير التعليم شكيب بنموسى، بخصوص طلب الزمن الإصلاحي للتعليم، رد بنلعربي، إن كتابه الجديد يُفكك هذا الإدعاء، قائلا: “لقد صبر المغاربة 40 سنة، حتى أضحى “الصبر ضبرا” وأن المسألة تتعلق باختلال بنيوي في أزمة التعليم بالمغرب، وليست نقاط سوداء كمال قال المسؤول الحكومي.

واعتبر بنلعربي في مؤلفه الجديد، أن قضية التعليم، قضية وطنية، ليست ككل القضايا الأخرى، فهي تسمو فوق كل الاعتبارات، وتتعالى على جميع الحسابات السياسية والأيديولوجية والدينية، لأنها تعد العامل المركزي المحدد للمستقبل الوجودي والحضاري للمغرب، وهي المرتكز الحاسم في تحقيق التنمية الشاملة المستدامة،وفي البناء الديمقراطي، لذلك لا يجوز توظيفها لأغراض مصلحية ضيقة وظرفية، من طرف أي جهة كانت، ولا يجوز للدولة إهمالها تحت أي ذريعة من الذرائع أو مبرر من المبررات ذات الطابع المصلحي الخاص ب”الدولة” بمنطق أيديولوجي سياسي صرف، أو غير ذلك.

300 ألف تلميذ يغادرون المدرسة كل سنة منذ 20 سنة

ودق بنلعربي ناقوس الخطر بخصوص عدد الأشخاص الذي يُغادر مقاعد الدراسة منذ 20 سنة بالمغرب، وقال إنه جرى التطبيع مع هذا الرقم وأصبحَ يمر مرور الكرام في الصحافة والندوات، حيث يتعلق الأمر بـ300 ألف شخص يغادرون مقاعد الدراسة، قائلا: ” لـ20سنة يُغادر 300 ألف شخص، هل تعلمون ما هي التكلفة المادية لهذا الرقم؟، لقد أجبتُ عن ذلك في هذا الكتاب، وقدمت أرقاما لـ3 سنوات، بحيث أن ملايين الشابات والشبان يُغادرون مقاعد الدراسة، أليس هذا عنصر بنيوي أم مجرد نقط سوداء؟”.

وتابع المحدث ذاته، “إن المجلس الأعلى للحسابات عام 2018، وهو مؤسسة دستورية، وليست نقابية أو جمعوية، قال إن 6 ألاف مدرسة عمومية بدون مراحيض، فكيف تُريدون منا أن نقول إن إرادة الإصلاح موجودة لدى الدولة؟، وبتالي تُطرح هنا مسألة القرار السياسي، وأضاف إن الأرقام التي أوردها في كتابه، تثير الدهشة، وعلى من يقراءها أن يقول “اللهم إن هذا منكر” لأن من لديه ابنته في عمرها 9 سنوات، لن تجد مرحاض عمومي في مدرسة”.

وأشار بنلعربي أنه إذا لم يتم ربط النظام التعليمي بالنظام السياسي، ورؤية النظام السياسي للنظام التعليمي، فلا يُمكننا فهم ماذا يقع، وإذا قال الكاتب ميشيل فوكو “يجبُ الدفاع عن المجتمع” فبالنسبة لي، في حالتنا في المغرب، يجبُ الدفاع عن المدرسة العمومية، لأنه من خلالها يمكننا الدفاع عن المجتمع، فإذا أردت الدفاع عن المجتمع، عليك الدفاع عن المدرسة العمومية”.

ولخص الكاتب، أن الدولة عادة تستخدم مقاييس رسمية للتحكم وضبط المجتمع وقياس نبضه، وهذه المقاييس، هي القانون والقضاء والجيش والمؤسسات، وهناك أيضًا مقاييس غير رسمية، وهي كما يُسميها الكاتب ميشيل فوكو “الجهاز التربوي” وهنا تتدخل الدولة، وبالنسبة لحالة المغرب، فهذه الآليات والمقاييس، هي ثقافة المخزن وتقاليد المخزن، وعندما أقول “المخزن” فإنني أستند عن نصوص المفكر المغربي عبد الله العروي، في تعريفه للمخزن.

وبحسب الكاتب تستمد قضية التعليم أهميتها من كونها قضية مقدسة لأنها مرتبطة بالمجتمع في أبعـاده التربوية والتعليمية والثقافية والتاريخية والإنسانية. فمـن واجـب الدولـة ومـن مسـؤولياتها الوطنية والسياسية والدستورية والأخلاقيـة أن تضمـن وتؤمن تعليما عموميـا جيدا ومجانيا للجميع، ولا يحق لهـا الإخلال بهذه المسؤولية، فالتعليـم حـق لأبناء الشعب المغربي تجاه الدولة، ولا يحق لهـا التملص منه.