مع اقتراب موعد الانتخابات التشريعية تطفو على السطح قضية مشاركة المرأة وتمثيليتها السياسية والانتخابية وتطرح أسئلة استفهام متعددة حول ما حققته المرأة من خلال نظام الكوطا الذي يهدف إلى توفير الفرص لعدد من النساء للظفر بمقاعد برلمانية.

وإن كان القانون التنظيمي لمجلس النواب قد حسم في موضوع الكوطا وأقر بأن تدابير تشجيع المرأة وتحفيزها للدخول في السباق الانتخابي محدودة في الزمن وأنه لا يمكن للمرأة الاستفادة منها في أكثر من مرة،فإن عددا من القيادات النسائية تعتبر أن الكوطا في المغرب لم تحقق النتائج المرجوة منها وأن تمثيلية المرأة في المؤسسة التشريعية لازالت ضعيفة.

في حين أن هناك تخوفات كبيرة أن تتحول الكوطا النسائية إلى ريع سياسي توزعه الأحزاب السياسية على من تشاء من القيادات النسائية في غياب للديمقراطية الداخلية داخل الهياكل الحزبية خاصة مع الصراع المحتدم الآن داخل الأحزاب بين الوجوه السياسية النسوية للظفر بترؤس اللائحة الوطنية للنساء.

تحول الكوطا إلى ريع سياسي يتوقف على طبيعة النظام السياسي لكل بلد

الباحثة السوسيولوجية أسماء بنعدادة صاحبة كتاب “المرأة والسياسة” ترى أن مراكز القرار السياسي بالمغرب ظلت شبه خالية من التمثيلية النسائية لأزيد من أربعة عقود رغم أن القوانين بما فيها الدستور كانت تمنحها حق الترشح، مضيفة أن الأحزاب السياسية كانت تجعل الممارسة السياسية فعلا رجاليا ولم تتمكن من التحرر من الهيمنة الذكورية رغم العديد من المحاولات، مما جعل الدولة تفرض هذا الإجراء في انتخابات 2002.

وأكدت بنعدادة  أنه لم يكن  بمقدور النساء المغربيات أن يصلن إلى المؤسسة التشريعية ثم إلى الهيئات المحلية لولا نظام الكوطا، لكن السؤال الإشكالي الذي يطرح نفسه حسب الباحثة هو كيف وظفت الأحزاب السياسية هذا القانون وما هي الإجراءات التي اتخذنها من أجل تطبيقه؟ فإذا كانت الكوطا تحولت إلى شبه ريع أو ريع سياسي فالسبب لا يعود للإجراء في حد ذاته بل يعود إلى الأساليب اللاديموقراطية التي يوظف بها، وإلى عدم تشبع الفاعلين السياسيين بأهميته وضرورته من أجل ترسيخ الممارسة الديموقراطية وتحقيق المساواة بين الجنسين.  

وتشدد بنعدادة على أن إعمال الكوطا لا يعني عدم الاحتكام للقواعد الديموقراطية وغياب الكفاءة بل إن الكوطا لها قواعد تحددها الممارسة السياسية وطبيعة النظام السياسي وأن استعمال اللائحة الوطنية للنساء كان بهدف التغلب على المعيقات الاجتماعية والثقافية التي تحول دون وصولهن إلى مراكز القرار السياسي كما أن هذا الإجراء يجعل المواطن المغربي يتعود على رؤية النساء في المشهد السياسي.

وأشارت الباحثة بنعدادة أن الإجابة بنعم أو لا عن تحول الكوطا إلى ريع سياسي تتوقف على طبيعة النظام السياسي لكل بلد وطبيعة الممارسة السياسية، ففي البلدان التي تحترم فيها القواعد الديموقراطية لا تعتبر الكوطا ريعا سياسيا لأن النساء المستفيدات يخضعن إلى الشروط التي تضعها القوانين المنظمة للانتخابات والقوانين الداخلية للأحزاب السياسية، أما البلدان التي تغيب فيها الشفافية  ولا تحترم  القوانين الانتخابية وتفتقد فيها الممارسة السياسية روح الديموقراطية فإن العملية السياسية برمتها تصبح ريعا وليس فقط إجراء الكوطا فقط.

ألا نرى في المغرب تتساءل بنعدادة نفس الوجوه تتقدم للانتخابات في صفوف الرجال ؟ لا يجب أن نفهم من هذا السؤال أن نفس العملية يجب أن تتكرر مع النساء لكن الممارسة السياسية خاضعة لنفس المحددات والحسابات سواء بالنسبة للرجال أو النساء ولهذا فإن هذا الأمر يجعل النساء المنتخبات يحاولن الاستفادة من نظام الكوطا أكثر من مرة، وتوضح بنعدادة أنه إذا كانت الكوطا ستتحول في المغرب إلى ريع سياسي فلأن الممارسة السياسية للأحزاب لا تحترم مبادئ الديموقراطية الداخلية .

السعار الانتخابي بين النساء على ترأس اللائحة الوطنية يكرس منطق الريع

النائبة البرلمانية عن حزب الاستقلال خديجة الزومي تعتبر أن نظام الكوطا في المغرب جاء بإرادة ملكية لأن الأحزاب لم ترافع بشكل جيد عن المشاركة السياسية للمرأة وعن تمثيليتها داخل المؤسسات المنتخبة.

وأضافت الزومي أنه بالرغم من اعتماد نظام الكوطا فإن تمثيلية المرأة داخل مجلس النواب لم تصل إلى 20 في المائة بينما أننا نجد أن تمثيلية المرأة السياسية في بلدان إفريقية وعربية هي أكبر منا في المغرب.

وأشارت الزومي أنه لا أحد في المغرب قاد بشكل جدي مرافعات من أجل الدفاع عن رفع ثمثيلية المرأة لا وزارة الداخلية ولا الأحزاب السياسية وحتى الحركات النسائية لم تدافع بشكل كبير عن هذه القضية.

وشددت الزومي على أنه قبل أن نتحدث عن نظام الكوطا وعن من ستترأس اللائحة الوطنية لأي حزب سياسي يجب أن نتكلم عن الكفاءة النسائية وعن التواجد الميداني للنساء ، مؤكدة على أنه من اللازم أن تكون هناك معايير في اختيار النساء لأن اليوم ماذا يحصل تضيف الزومي هناك سعار انتخابي بين النساء وحروب في جميع الأحزاب على اللوائح سواء النسائية أو الشبابية مما يكرس منطق الريع والولاءات السياسية.

لا مجال للريع إن كنا نحارب العقلية الذكورية

من جهتها قالت النائبة البرلمانية عن حزب العدالة والتنمية نزهة الوفي إن الحديث عن الريع لا مكان له في مسألة الكوطا وفي اللائحة الوطنية للنساء لأن الربح من ولوج المرأة للمؤسسات التشريعية كبير جدا بالنسبة للمجتمع المغربي فلا مجال للريع إن كنا نحارب العقلية الذكورية القائمة.

وأكدت الوافي أن الحذر من تحول الكوطا إلى ريع يجب أن يكون من داخل الأحزاب السياسية لأنها هي المسؤولة عن تحويلها إلى ريع بسبب تغييب الديمقراطية الداخلية للأحزاب وعدم اختيار الكفاءات النسائية المناسبة.

وعلى النقيض من خديجة الزومي ترى الوافي أن المغرب أحرز تقدما كبيرا في مسألة المشاركة السياسية للمرأة المغربية إذا ما قورن بعدد من الدول العربية  مؤكدة على أن هناك قيادات نسائية برهنت عن حنكتها وكفاءتها العالية ،ففي بعض الحالات تضيف الوافي وأثناء اجتماعات مناقشة بعض القوانين نجد أن عدد النساء الحاضرات أكبر من عدد الرجال وفي بعض الحالات كذلك هناك من البرلمانيات من يحضرن لنقاشات اللجان البرلمانية التي تستمر في بعض الأحيان حتى الواحدة صباحا.