قدم المرصد الوطني لحقوق الناخب، يوم الثلاثاء بالرباط، تقرير الملاحظة الانتخابية للانتخابات التشريعية 2016، الذي أعده بشراكة مع مؤسسة “كونراد أديناور” الألمانية. وخلص التقرير إلى أن استحقاقات 7 أكتوبر عرفت أكثر من سابقاتها عدة خروقات، وعمقت الهوة الموجودة بين المغرب والديمقراطية.

استغلال الأطفال نقطة سوداء في الانتخابات

وشملت عملية الملاحظة التي قام بها المرصد جهتي الرباط سلا القنيطرة وطنجة تطوان الحسيمة. وتمت هذه العملية بمشاركة شبكة الانتخابات في العالم العربي ومقرها عمان الأردن.

ولفت المرصد أنه خلال مرحلة القيد الانتخابي التي انتهت بمنع الأشخاص المعنويين من إنجاز تسجيلات إلكترونية جماعية وتطبيق قاعدة “عنون إلكتورني واحد تسجيل واحد”، قد ساهم بشكل كبير في عدم الوصول إلى رقم أفضل للمسجيل في اللوائح الانتخابية على اعتبار أن هذا الأمر حد من فعالية هذه العملية بالنسبة لعدد من الأحزاب ومنظمات المجتمع المدني،  بالتالي حددت الهيئة الناخبة في 15 مليون و 702 ألف و 592 ناخب.

وعرفت الانتخابات عودة السلفيين لخوض غمار الانتخابات. واعتبر المرصد رفض طلب ترشح السلفي حماد القباج بسبب “مناهضته للديمقراطية”، غير قانون وغير دستوري واعتداء واضح على حق المواطنين في الترشح، وأن البرلمان المغربي عرف وبشكل مستمر حضور شخصيات كانت لها في السابق مواقف متطرفة.

على مستوى الوسائل المعتمدة في الحملات الانتخابية فإن المرصد يؤكد أن الطرق التقليدية مازالت هي الفاصل في المعارك الانتخابية. وشكل الشباب الفئة الأكثر نشاط خلال الحملة التي عرفت كسابقاتها استغلال الأطفال كمساعدين، خصوصا خلال المسيرات التي تنظم داخل المدن وكذا من أجل توزيع الوثائق الانتخابية على المنازل وهو ما سجله التقرير نقطة سوداء في الحملات الانتخابية ببلادنا.

وسجل المرصد أن التواصل المباشر بين المرشحين والمواطنين يفسح المجال لتقديم وعود خارج مجال عمل النائب البرلماني المتمثل في التشريع والرقابة من قبيل التعهد بحل المشاكل المرتبطة بالتشغيل ودور الصفيح والنقل والطرق والكهربة القروية والتزود بالماء الصالح للشرب والصحة والتعليم…

 تنامي الحس البرغماتي

وأكد التقرير أن المواطن المغربي أصبح يستقبل الحملات الانتخابية ببرودة أكثر من السابق، معتبرا أن الانتخابات لم تمكن المغرب منذ الاستقلال من التغيير المنشود ومن تحقيق العدالة الاجتماعية واستكمال بناء دولة الحق والقانون.

وأبانت الحملة الانتخابية عن تنامي الحس البرغماتي لدى المواطن المغربي بالمدن والقرى، حيث أصبح الشباب على وجه الخصوص يعرضون خدماتهم على المرشحين مقابل مبالغ مالية سواء مقابل العمل كمساعدين أو مقابل أصوات افرد العائلة، معتبرين أن الفائدة الوحيدة التي يمكن جنيها من هذه الانتخابات هي تلك المبالغ النقدية.

وعرفت فترة الحملة انتشار كبير لظواهر الاعتداء على الأشخاص والممتلكات، حيث تم تسجيل العديد من الحوادث المرتبطة بالاعتداء بالهراوات والسيوف والرشق بالحجارة، مما نتج عنه إصابة العديد من المواطنين بجروح متفاوتة الخطورة وحرق وتكسير زجاج العديد من السيارات بكل من بوزنيقة والخميسات واستوكة…

وعرفت هذه الانتخابات طيلة أيام الحملة وصولا إلى يوم الاقتراع استعمال مفرط للمال من أجل شراء الأصوات بشكل فردي وجماعي في إعادة لسلوكات انتخابية غير سليمة عرفتها بلادنا خلال بعض الاستحقاقات التي شهدتها خلال القرن الماضي.

رجال السلطة يوجهون الناخب

وسجل ملاحظو المرصد عدد من الخروقات، حيث أن 13.4 بالمائة منهم لاحظوا استعمال بعض الأساليب غير القانونية من أجل التأثير على تصويت المواطنين وتوجيههم للتصويت على أحزاب معينة، وسجل أزيد من 69 بالمائة من الملاحظين عدم تجهيز أغلب مراكز التصويت بولوجيات تسمح بولوج الأشخاص في وضعية الاعاقة.

وأكد 25 بالمائة من الملاحظين استمرار توزيع الوثائق الانتخابية يوم الاقتراع بجانب بعض مكاتب التصويت، وأفاد ثلاثة ملاحظين أنه تم السماح لبعض الناخبين بالتصويت خارج المعزل.

وفضلا عن ذلك، تدخل بعض رجال السلطة ببعض الدوائر الانتخابية خلال الحملة الانتخابية ويوم الاقراع لتوجيه الناخبين للتصويت لأحزاب معينة حسب 27 في المائة من الملاحظين، وفي المقابل، أكد 7.9 بالمائة عدم وجود رجال الأمن أو رجال القوات المساعدة أمام مكاتب التصويت.  

وأفاد 20 بالمائة من الملاحظين، عدم احترام رؤساء مكاتب التصويت للقوانين الجاري بها العمل في عملية تنظيم المكتب وسير عملية التصويت واحتساب الأصوات، حيث سجل التقرير 11 حالة تم خلالها إعادة فرز الأصوات اكثر من مرتين بسبب عدم تطابق عدد المصوتين مع الأصوات الموجودة، منها 5 حالات أدت إلى نشوب نزاع بين رؤساء المكاتب وممثلي اللوائح المرشحة.

 التحقيق في استعمال المال

وأوصى المرصد الوطني لحقوق الناخب بضرورة إجراء مراجعة دقيقة وشاملة للنظام الانتخابي ببلادنا وضمان استقرار النصوص القانونية بهدف تحسين السلوك الانتخابي، وكذا إحداث لجنة مستقلة للإشراف على الانتخابات لتفادي كل الاشكالات المرتبطة بنزاهة الانتخابات.

وشدد المرصد على اعتماد البطاقة الوطنية عند التصويت خلال الانتخابات وتجاوز عملية التسجيل التي تحرم العديد من المواطنين من ممارسة حق التصويت.

 ودعا المرصد المجلس الأعلى للحسابات إلى التحقيق في الاستخدام المفرط للأموال خلال الحملة الانتخابية من طرف بعض المرشحين مع ضرورة البحث عن صيغة قانونية لمواكبة الحملة الانتخابية وتغطية جميع الدوائر بمراقبين ميدانيين.