الخليجيون يهرولون تباعا إلى دمشق بعد إعلان أمريكا الإنسحاب العسكري منها في سياق دولي وإقليمي مضطرب، بل إن المملكة السعودية وهي رأس حربة الخليج، طرحت فكرة إعادة إعمار سورية لترضية بشار الأسد، بعد أن كانوا إلى الأمس القريب، يتبادلون مع نظامه كل عبارات السب والقذف، من خلال سفيرهم في الأمم المتحدة، الذي كان بدوره يتلقى صفعات سفير الحمهورية السورية بشار الجعفري بقصائد شعرية كلها هجاء!!!

هل رأيتم كيف رمت الولايات المتحدة الأمريكية  بأنظمة البؤس الخليجي المتهمة بتمويل التنظيمات التخريبية التي دخلت إلى الشام في إطار محاصصة دولية لتنفيذ الاجندة الشرق أوسطية تحت عنوان الربيع العربي بعد أن فشلت باقي الخيارات؟

هل تريد السعودية تبييض وجهها من خلال الارتماء في الحضن الروسي عبر البوابة السورية بعد أن وجدت نفسها في مأزق كبير بعد تورط النظام السعودي في اغتيال الكاتب السعودي جمال خاشقجي في مقر القنصلية السعودية باسطنبول بطريقة بربرية ووجهت باستنكار عالمي غير مسبوق؟

ماهي انعكاسات التخبط السعودي الخليجي على الوضع في مصر ولبنان وتونس وليبيا على خلفية المتغيرات الجيوبوليتيكية والجيو استراتيجية  المتسارعة في منطقة الخليج والشرق الأوسط؟

هل بقي أي شك  بعد الآن في كون أنظمة الخليج هي مصدر كل الشرور وهي أصل الداء من الخليج إلى المحيط!!

هرولة انظمة الخليج في اتجاه بشار الأسد لم تكن حبا في النظام العلوي، أو في الشعب السوري، أو في سيادة سورية ووحدتها الترابية، بل إن هرولتهم التي تجسد فشلهم الذريع في تحقيق أهدافهم، تظل محكومة بحسابات جيوبوليتيكية واخرى جيو استراتيجية، بعد أن وجدوا أنفسهم في مأزق مع الأمريكان الذين يطالبونهم بالمزيد من الدفع مقابل الحماية، ومع الأتراك بعد تنفيذ النظام السعودي لجريمته النكراء في حق خاشقجي، ومع قطر التي حاولوا عزلها من خلال حصار لم يعط أكله، ومع روسيا التي أصبحوا يراهنون عليها الآن كملاذ أخير للخروج من عنق الزجاجة بعد أن فشل رهانهم على الرئيس ترامب الذي رفع في وجههم شعار الدفع مقابل الحماية!

انظمة “التيه” الخليجي تدفع الآن  ثمن تسلطها، وثمن قذارتها، وثمن تخريبها للأوطان وهي صاغرة  ومعزولة دوليا بل وحتى في محيطها الإقليمي كما بدا جليا من خلال الجولة الفاشلة لولي العهد السعودي محمد بن سلمان إلى عدد من الدول العربية والمغاربية.

على ضوء كل هذه التحولات، لا شك أن سورية ستعود  الى المجتمع الدولي قوية، ولا شك أن الشعب السوري سيستفيد  من الدروس والعبر بشكل أكثر، وسيلعب دورا فعالا في إعادة إعمار بلاده، التي خربتها الأجندة الدولية في إطار مشروع الفوضى الهدامة، بسبب استفادة ملايين السوريين من اللجوء الإنساني في الخارج.

المستفاد من هرولة الأنظمة الخليجية في اتجاه سورية، هو أن رعاة الاجندة الدولية التخريبية ” ملوك وامراء البترودولار” ضحكوا على طيف كبير من الشعب السوري صدقوا أن الربيع ديمقراطي، وضحكوا على شعوبهم الخليجية بعد أن أنفقوا ملايير الدولارات في تمويل تنظيمات سفك الدماء، وعقدوا صفقات التسلح بملايير الدولارات انعشت اقتصاديات الدول الكبرى، وتسببوا في جر النظام السوري إلى قتل آلاف الأبرياء السوريين في حرب طاحنة فرضت عليه..

للاسف الشديد، ها هم الآن يهرولون جماعة نحو دمشق، من أجل كسب عطف الدب الروسي، عبر مصالحة النظام السوري الذي طالبوا برأسه لسبع سنوات دون أن يتحقق لهم المراد!!

لو أنفق بؤساء الخليج  كل تلك الملايير من الدولارات في العلم والمعرفة وفي مشاريع تنموية من المحيط إلى الخليج، لما رأينا الفكر الإرهابي يتغلغل في مجتمعاتنا، ولا نزوحا جماعيا على الحدود الإقليمية، ولا ركوبا لامواج البحر من قبل آلاف الشباب الذين تحولوا إلى قوت يومي للحوث  في عرض البحار!!

مادام أن منطقة الخليج محكومة بأنظمة قروسطوية  مستبدة، ترضى بلعب  الادوار القذرة في مشروع الفوضى “الهدامة“، وتنفق ملايير الدولارات لإجهاض أي مشروع نهضوي تحرري ديمقراطي تقدمي، فإن البؤس بكل تمظهراته سيظل هو عنوان المرحلة..