جاء في أمثال العرب: «ما هكذا تورد يا سعد الإبل» وهو مثل في الأصل قيل لرجل اسمه سعد حصل منه إيراد الإبل على الماء على وجه غير مناسب فقيل له ما هكذا تورد يا سعد الإبل، ثم صار مثلاً يضرب لكل من حصل منه عمل غير مناسب، وأنا أضرب المثل لقائد بلاد الحرمين فأقول: ما هكذا تكون السياسة يا سلمان، وقد اتَّحد مورد المثل ومَضْرَبُه اسماً ومسمىً.

عرف بعدم حبه للمغامرات ولا المجازفات، فتسلح بالهدوء والنفس الطويل في كثير من الأزمات الداخلية حين كان أميرا لمنطقة الرياض ثم وزيرا للدفاع فوليا للعهد، فقليلون هم من اعتقدوا أن الملك السعودي سلمان بن عبد العزيز سيقود البلاد إلى حرب ضد المسلحين الحوثيين في اليمن، ويعيد ترتيب أوراق الحكم داخل بيت آل سعود.

غير العاهل السعودي منذ توليه مقاليد الحكم ملامح السياسة الخارجية للمملكة العربية السعودية، وطريقة انتقال الحكم داخل العائلة المالكة، على خلاف ما ذهب إليه البعض في البداية، الذين لم يتوقعوا حدوث أي تغيير كبير.

فمن خلال إطلاق حملة الضربات الجوية ضد الحوثيين باليمن، ورفع وتيرة الدعم المخصص للمعارضة في سورية، أعطى الإشارات على مساعي المملكة إلى لعب دور أكثر حزما كان هدف الملك سلمان هو حماية المسلمين السنة ضد ما يرى أنه نفوذ متصاعد لإيران تحت شعار “صد المد الإيراني بالمنطقة”.

فرغم مرور أسابيع على قصف التحالف الذي تقوده السعودية في اليمن، إلا أن الضربات فشلت في إعاقة تقدم الحوثيين. وخلفت الحرب مقتل حوالي ألفي شخص، أغلبهم من المدنيين، بحسب منظمة الصحة العالمية. وأثارت حالة الجمود في اليمن تساؤلات حول قدرات الجيش السعودي، الذي يعتمد على الولايات المتحدة لمساعدته لوجستيا واستخباراتيا في حربه ضد الحوثيين واستفادت إيران في الفترة الماضية من الاضطرابات في المنطقة، وحاولت توسيع نفوذها الأمر الذي جعل السعودية تتحرك مجبرة على اتخاذ سياسة أكثر حزماً، خاصة أن التقارب الأميركي الإيراني زاد الشعور لدى المملكة بضرورة انتهاج سياسة حازمة لإعادة الاستقرار للمنطقة.

القرار السعودي الأخير المتعلق ب”إعلان حزب الله منظمة إرهابية” أظن بأنه قرار غير مدروس و قد يكبد السعودية خسارة شعبية خاصة وان الشعوب العربية اليوم ترى بان حركات المقاومة في الشرق الأوسط هي العدو الرادع لإسرائيل و يجب مساندتها و دعمها 

إن المشكلة الكبيرة التي تعاني منها السياسة الخارجية السعودية هي كونها ربما تعمل دون وضع خطط استرتيجية بعيدة المدى، و من غير أن تعرف أن السياسة الدولية اليوم ليست سوى سياسة المصالح، فالسعودية تعلن العداء صراحة بينها و بين إيران و من في الحاشية الإيرانية، وازداد ذالك العداء بعد الاعتداء على السفارة السعودية في إيران بعد إعدام “النمر”، لكن لن ننكر بان التقارب الامريكي_الايراني أثر بشكل كبير على صناع القرار السعودي وتخوف المسؤولون السعوديون من قيام الولايات المتحدة بتقليص التزاماتها تجاه شركائها التقليديين في الخليج لصالح التقارب مع إيران، بعدما تمكنت إدارة الرئيس باراك أوباما في أبريل من التوصل إلى اتفاق أولي بشأن البرنامج النووي الإيرانية،ضف إلى ذالك التقارب الروسي_الأمريكي الأخير بخصوص الهدنة في سوريا، هذا يبين لنا أن العدو قد يصبح صديقا وفيا في يوم واحد، وهو ما يجب على السعودية أن تستفيد منه و تعرف جيدا بان إيران اليوم ليست هي إيران الأمس ،إيران اليوم أصبحت لها دورا فعالا في المنطقة و في استقرار المنطقة و يجب عليها كذالك أن تحاول تجاوز الأزمات الطفيفة و تحويل ذالك لصالحها.

أما فيما يخص القرار السعودي الأخير المتعلق ب”إعلان حزب الله منظمة إرهابية” أظن بأنه قرار غير مدروس و قد يكبد السعودية خسارة شعبية خاصة وان الشعوب العربية اليوم ترى بان حركات المقاومة في الشرق الأوسط هي العدو الرادع لإسرائيل و يجب مساندتها و دعمها حتى و إن كانت لا تعرف خلفياتها (الشعوب) خاصة “حزب الله بلبنان”و”حماس”بغزة، فجل الشعوب ترى بأن القرار السعودي ضد حزب الله هو “هدية لإسرائيل” لا غير ذالك، و هو ما تزكيه وسائل الإعلام الاسرائيلة التي استغلت الفرصة ورحّبت بقرار مجلس التعاون الخليجي ومجلس وزراء الداخلية العرب بإعلان حزب الله منظمة إرهابية ،حيث اعتبرت صحيفة “معاريف” إلى أن القرار هو “إنجاز لإسرائيل”.،فبذالك ستخسر السعودية ثلة من المؤيدين لها و المعجبين بسياسة سلمان الجديدة بالمنطقة.

إن طريقة التعامل مع القرار السعودي التي قام بها “تيار المستقبل اللبناني”متمثلا في كل من رئيس الحكومة الأسبق سعد الحريري ووزير الداخلية الحالي نهاد المشنوق حين نأو بتيارهما عن القرار السعودي وتبعاته، باعتبار أن الحّد من تأثيرات الإعلان على الأرض لن تكون سهلة، في ظل حالة الاستقطاب الحادة والشرخ الشعبي والسياسي المتزايد على خلفية المشكلات الإقليمية ،فهي طريقة تعامل بحنكة سياسية بالدرجة الأولى و عقلانية ثانيا حتى و ان كانت الرياض هي الداعم الرسمي لتيار “المستقبل”.فالحريري قال “لا علاقة لي بالموافقة أو عدمها، “حزب الله” مصنّف منذ زمن منظمةً إرهابية، ونحن نتحاور معه؛ وما له علاقة بالوضع الداخلي لا يتغيّر بالنسبة إلينا. أما في ما يخص الأعمال، التي يقوم بها “حزب الله”، فتعرفون تماماً أننا ضدها، وأنا أصنّفها إجرامية وغير قانونية وإرهابية أيضاً”. ودعا الحريري إلى مواصلة الحوار مع الحزب من أجل درء الفتنة،لأنهم يعرفون جيدا الدور الأساسي الذي بات يلعبه حزب الله،لا في لبنان فقط بل في منطقة الشرق الأوسط برمتها.