شاعر أحتقر النقالين والناطقين بأصوات غيرهم.. 

عاش أحمد المجاطي حياته مخلصا للشعر.تذوقا وتدريسا وإبداعا.وعاش حياته بأسلوب ومنظور شعريين.وسيستمر حيا بيننا بعد مماته بالشعر. فالشعر هو العالم الذي حقق فيه احمد المجاطي ذاته وكينونته.

هذا كلام عبد الحميد عقار في كتاب “شاعر في السماء”الذي ساهم فيه جماعة من الأدباء والباحثين عن المجاطي الذي رحل قبل عشرين سنة تاركا وراءه من يقرأ له بمتعة ومن يصدر كتابا للذكرى والشهادة والوفاء لصديق وأستاذ وأديب ناقد.

احمد المديني المبادر للفكرة والساهر على إصدار المؤلف رفقة المكتبة الوطنية يكتب:

” أشق شيء على نفسه أن يرى الزور والزيف قد عاما على الصدق والحقيقة والمواضعات الاجتماعية على الطبيعة التلقائية والخنوع والتوافق على التمرد والإباء …خبرت هذا منه مباشرة في عشرة طويلة بالدار البيضاء مدينتنا المشتركة قبل آن ينتقل إلى فاس ويستقر أخيرا بالرباط .في هذه الديار كلها رايته يطرد الكذابين والمتملقين المتزلفين عديمي الموهبة خاصة.المتطفلين على الشعر و النثر.سواء بسواء شر طردة.بعد أن يسلقهم بلسانه حضورا وغيابا.وهو في الآن إذ يتشكك في سيرة الفضلاء يأنس إلى مجالسة الأصفياء و تطرب روحه للأحاديث الصريحة و الحكايات الطريفة ويمكن أن يضحك حتى تدمع عيناه مثل أي طفل وهو قد كبر..”

محمد الهرادي أحد أصدقاءه الذين خالطوه وعاشروه يقول” كانت شقته بشارع العلويين بيتنا الثاني.فيه نستبعد جميع حواجز التحفظات ونطلق العنان لحريتنا في التعبير عن انشغالاتنا في الكتابة والسياسة والحياة ونقد الآخرين وسلخ جلودهم

محمد الهرادي أحد أصدقاءه الذين خالطوه وعاشروه يقول” كانت شقته بشارع العلويين بيتنا الثاني.فيه نستبعد جميع حواجز التحفظات ونطلق العنان لحريتنا في التعبير عن انشغالاتنا في الكتابة والسياسة والحياة ونقد الآخرين وسلخ جلودهم.نادرا ما كان يزوره محمد برادة الكثير الأسفار.وحين يزوره يترك خلفه كالعادة كومة كتب للقراءة.

الكتاب يقرأ بيسر وسهولة ومتعة ووفاء للثقافة المغربية  متنقلا بين المقال النقدي و البروفيل وتجد فيه عودة إلى أيام  كلية الآداب بفاس وإتحاد كتاب المغرب وهو منظمة تقف سدا منيعا ضد المحافظين و” الرجعية” والسلطة التي كانت عصاها طويلة وجلادوها و بوليسها يفزع  من مقال أو قصيدة شعر.

من بين شهادات الكتاب ما كتبه محمد بنطلحة تحت عنوان”باقة صمت فوق قبر احمد المجاطي”.

يسرد بنطلحة” من ذي قبل لم أكن سمعت بأحمد المجاطي.في قاعة المحاضرات رأيته لأول مرة.في مقتبل العمر كان.وكانت جميع حركاته وتحركاته ترسم أمامي دفعة واحدة أسارير شاعر من النمط العالي.بحة في الصوت.نظرات متوقدة.خجل مكتنز بأسراره.جزء صغير من سيجار أشيب.قلق في كل شيء.و أطوار فيها ما فيها من الغرابة و التميز”.

ويضيف محمد بنيس في الكتاب ” لابد من توضيح أن ما يبرر استعمال عبارة”قراءة أحمد المجاطي” هو انه مؤلف يجمع في أعماله بين الشعر والنقد.أو بين الشعر و الدراسة النقدية.لذلك لا يصح النظر إليه من حيث هو شاعر مع إغفال عطائه النقدي..

كلام بنيس يجد كل مبرراته في الدراسة الجامعية التي طبعت مسار و حياة الشاعر” أزمة الحداثة في الشعر العربي المعاصر”..

المجاطي في هذا الكتاب كان قاسيا قسوة العاشقين والعارفين المخلصين  للأدب.

كان قاسيا مع المتطفلين على الشعر والأدب والنقالين والحاضنين للرغوة التي تذوب تحت أول ضربة شمس.