“كثّر” المنتمون إلى حزب العدالة والتنمية في الآونة الأخيرة، وبالتزامن مع اقتراب الانتخابات التشريعية للسابع من شتنبر المقبل، قيادة ومنظرين وقواعد، من خلال التصريحات والمقالات والتدوينات، من كون حزبهم مستهدف من جهات ما، يصفونها ب”قوى التحكم”، ويجعلون من حزب الأصالة والمعاصرة الجزء الطافي من جبل الجليد هذا.   

أعتقد بأن الدفع بهذه التحليلات بعد كل الحراك السياسي في المغرب منذ اشراقة الربيع المغربي لا تستقيم، على اعتبار أن مصادقة المغاربة على الدستور الجديد وخاصة البند الذي يتحدث عن الديمقراطية كخيار مجتمعي استراتيجي ومبدأ من مبادئ الحكم لا رجعة عنها.

المطلوب هو تقييم موضوعي، يقيس بدقة مواطن القوة ومكامن القصور في التجربة التي توشك على الانقضاء

بمعنى أن التخوفات التي يعبر عنها الحزب غير مفهومة.كما أن الحزب من المفروض عليه أن يبتعد عن مثل هذه الحروب الصغيرة، ويلتفت إلى ما هو أهم، ويأتي على رأسها، إعطاء الحساب للمغاربة وطرح الحصيلة.وأية حصيلة؟

لا نريد منهم أن يرددوا ما دأبوا عليه في حواراتهم ولقاءاتهم ومنتدياتهم في تعداد الانجازات، بالقول: قمنا بكذا، وزدنا في كذا، وخفضنا من كذا.. ليس هذا هو المطلوب.في اعتقادي، المطلوب هو تقييم موضوعي، يقيس بدقة مواطن القوة ومكامن القصور في التجربة التي توشك على الانقضاء.

لا يجب أن يعتبر مسؤولو الحزب أن مثل هذا النقد يصب في صالح خصومهم الذين يتربصون بهم عند كل منعطف ليكيلوا لهم التهم والاخفاقات..إن مثل هذا التمرين السياسي، يجب ـ ليس على حزب العدالة والتنمية القيام به، بل على باقي الأحزاب المشاركة في الحكومة، أن تقوم به.

ومن بين الإشكالات الكبرى التي على المسؤولين الحزبيين الانكباب عليها، إشكالية النمو. فالرقم الذي أعلنت عنه المؤسسات الدولية والوطنية، رقم مخيف، ويلخص كل ما يمكن قوله، فنسبة 2 في المائة التي نما بها الناتج الوطني الخام هذه السنة يكذب كل المجهودات التي يقوم بها المسؤولون المغاربة، مع العلم أن جل الأحزاب السياسية وعدت بالرفع من نسبة النمو إلى 7 في المائة، وأتذكر أن السيد عبد الإله بنكيران بعد سنة واحدة على تنصيبه عندما سئل عن هذا الرقم، أجاب بأن هذا الرقم سيتم الوصول إليه تدريجيا حتى نهاية ولايته الحكومية.

لقد كذب الماء الغطاس كما يقال، وها هو أهم المؤشراتالدالة على حيوية الاقتصاد الوطني يكذب بنكيران. سيقول قائل إن هذه الحكومة حافظت على التوازنات الماكرواقتصادية. إلا أن هذا الجواب مردود عليه، لأن الحفاظ على التوازنات الاقتصادية مجهود تقني، يمكن الوصول إليه من خلال رزمة من الإجراءات المالية،أهمها خفض الإنفاق العام. أما النمو فلا يمكن الوصول إليه إلاعبر إجراءات مبتكرة وخلاقة يبدو أن سياسيينا عاجزون على تصورها،ولأنه مرتبط بالقيام بإجراءات تمس في العمق البنيات السياسية والاقتصادية والاجتماعية.. وهذا ما لا يريد أن يقترب منه أحد، مفضلين سياسة الترقيع، والحروب السياسوية الخاوية “اللي م عندها حتى نفع لا للبلاد ولا للعباد”.