
تأملات نقدية لتجربة حركة 20 فبراير وللقوى اليسارية الديمقراطية المشاركة فيها

إلى روح ع.اللطيف حسني الصديق و الرفيق الفقيد الذي رحل عن دنيانا صباح 12 فبراير..
آراء أخرى
مثقف الفكرة و العمل .. آمن بـ/ و شارك في مظاهرات حركة 20 فبراير
إلى روح شهداء حركة 20 فبراير
***
مرت ست 6 سنوات على تجربة حركة 20 فبراير
روح حركة 20 فبراير لا زالت حية في وعي مناضلين و مناضلات الذين آمنوا بها
روح و أسلوب حركة 20 فبراير لا زالت حية في نضال جماهير الشعب المغربي
لكل واحد منهم تقييم و فهم للحركة.
لذلك نقترح رؤية نقدية
لمسارها الذي انتهى و مآلها الذي أثر في حركات اجتماعية وليدة
لذلك نقترح هذه التأملات النقدية
انطلاقا من فرضية سياسية و تاريخية
لم تكن حركة 20 فبراير سوى حركة إصلاحية للنظام السياسي المخزني التبعي السائد, لأنها لم تكن حاملة لمشروع ثورة ديمقراطية قادرة على تجاوز الاستبداد و الفساد بالقضاء عليهما، و ذلك لسبب بسيط هو أن الديمقراطية التي تخدم مصالح الشعب لا يمكن أن تتحقق في نظام سياسي تبعي و مجتمع تسوده ثقافة و عقلية و ممارسات اجتماعية محافظة لم يتحررا من السيطرة السياسية المخزنية و من الثقافة التقليدية المحافظة و من السيطرة الامبريالية. و ليس بدستور حتى و إن كان ديمقراطيا و انتخابات نزيهة ،في مثل النظام السياسي المغربي المخزني التبعي، يمكن تحقيق تحرر الشعب و المجتمع من الاستبداد و من الفساد و تحقيق المصالح الديمقراطية السياسية و الاجتماعية و الاقتصادية و الثقافية للطبقات الشعبية و الكادحة و المحرومة و على رأسها مصالح الطبقة العاملة.
فشعارات “العدالة الإجتماعية” و “إسقاط الفساد” و “إسقاط الاستبداد” شعارات لا تجسد مشروع ثورة ديمقراطية فعلية و لا تتجاوز برنامج إصلاحي في ظل النظام السياسي و الاجتماعي و الثقافي و الاقتصادي السائد.. و لا يمكن بالتالي تحقيق عدالة اجتماعية و إسقاط الفساد و الاستبداد في نظام سياسي رأسمالي تبعي و في مجتمع طبقي و لا حتى في ظل نظام سياسي رأسمالي ليبرالي فعلا. و قد أكدت تجربة حركة 20 فبراير مقولة أن لا حركة ديمقراطية ثورية بدون نظرية ثورية و بدون قاعدة اجتماعية ديمقراطية شعبية منظمة في تنظيمات ديمقراطية ثورية. ا
وأول درس علمتنا تجربة حركة 200 فبراير هو أن الحركة الديمقراطية الثورية اليوم من المفترض أن تتبلور كحركة ديمقراطية جذرية وطنية متعددة سياسيا و منغرسة وسط الطبقات الشعبية (عمال و فلاحين و أجراء و محرومين شباب و نساء…). لكن هذا التعدد لا بد أن يكون موحدا بتصور سياسي و برنامج و شعار مركزي و بالتنظيم و بالقيادة.
وهو ما لم يتوفر منه إلا النزر القليل
2 ضعف و التباس الصراع السياسي من أجل نظام سياسي ديمقراطي
كانت حركة 20 فبراير بأرضياتها المختلفة و تناقضاتها السياسية عبارة عن كتلة سياسية اجتماعية تتنافر مشاريع مكوناتها السياسية و المدنية و تناضل بدون قيادة سياسية وطنية فبرايرية، قيادة تتجاوز الانتماءات الحزبية الضيقة (و لا أعني الانتماء السياسي الديمقراطي اليساري أو الثوري) و بدون تنظيم وطني و بأطروحات و ممارسات عفوية و طوباوية أو لها سقف إصلاحي.. و هذا الواقع يجعل الصراع السياسي من أجل الديمقراطية الذي تخوضه القوى الديمقراطية ضعيفا من حيث نتائجه و ملتبسا من حيث أهدافه.
وبدعوى ضعف و التباس صراعها السياسي اتخذت قوى سياسية تدعي الديمقراطية أو اليسارية مواقف ضد حركة 20 فبراير أو مواقف محايدة. بينما القوى السياسية اليسارية الإصلاحية أو الراديكالية التي ساندتها تناقضت و تصارعت حول الشعار المركزي. بعضها (الحزب الاشتراكي الموحد) يطرح “الملكية البرلمانية” شعارا مركزيا و البعض الآخر (النهج الديمقراطي) يدافع عن شعار “إقرار دستور ديمقراطي يمثل الإرادة الحقيقية للشعب”، إضافة إلى التباس مواقف “جماعة العدل و الإحسان”.. في حين الطليعة الديمقراطي الاشتراكي كان موقفه من الشعارين عاما غير محدد من النظام السياسي.. و مكونات أخرى تظرح شعار “إسقاط النظام”…
وهذا الواقع لم تتمكن معه مكونات حركة 20 فبراير الشبايبة و السياسية من بلورة إرادة جماعية موحدة حول “شعار مركزي” لتجاوز التناقضات الثانوية عبر بلورة حوار سياسي لحلها بين مناضلي و مناضلات اليسار الراديكالي و أو بين شباب حركة 20 فبراير. و يعود هذا العجز إلى واقع أحزاب و مكونات اليسار الراديكالي الداعمة لـ/ و المشاركة في نضالات “حركة 20 فبراير” إلى ضعف بنيوي في ممارستها السياسية الديمقراطية و التنظيمية العملية وسط الجماهير الشعبية. و بالتالي لم تستطع تعبئة القوى الاجتماعية المنتجة (الطبقة العاملة و الفلاحين الفقراء و المأجورين محدودي الدخل و عموم المحرومين…) للانخراط الفاعل و النوعي في نضالات حركة 20 فبراير.
إن الديمقراطية الحقيقية التي ناضلت من أجلها “حركة 20 فبراير” والقوى الديمقراطية الجذرية تتأسس على تجاوز فعلي لمجتمع و لدولة ما يسمى “الديمقراطية الليبرالية” المخزنية التبعية التي سيجسدها دستور 1 يوليوز 2011
ليستمر التناقض حول الشعار المركزي و إهمال ضرورة وحدة شباب حركة 20 فبراير، منتمي للأحزاب اليسارية الراديكالية أو غير منتم.. و إخضاع مستمر للممارسة النضالية و السياسية لحركة 20 فبراير للتقييم المستمر و للنقد و للمحاسبة و لطرح البدائل. و كان هم بعض القوى اليسارية و جماعة العدل و الإحسان هو استقطاب حزبي لناشطين و ناشطات شباب حركة 20 فبراير أكثر منه بناء علاقات سياسية ديمقراطية نضالية واعية معهم.
وقد تم تهميش حتى المناضلين الشباب الأعضاء في هذه الأحزاب اليسارية الراديكالية الذين يمارسون داخل “حركة 20 فبراير” و الذين لا يخضعون للتوجيهات الحزبية الضيقة خوفا من خلخلة تنظيماتها
3 – استمرار الهوة بين الحركة الاجتماعية العفوية و الأحزاب السياسية الديمقراطية
حاولت القوى المخزنية ضرب “حركة 20 فبراير” من الخلف و اتهمت بعض الشباب بالإلحاد و اعتناق المسيحية و نشرت صورا لأحد أعضاء الحركة أمام زجاجات الخمر و فبركت هذه القوى المخزنية صورة لأمينة بوغالبي ناشطة في حركة 20 فبراير و شابة مناضلة في حزب الطليعة الديمقراطي الاشتراكي تعانق فيها زعيم جبهة البوليساريو محمد عبد العزيز.
لكن كل هذه الممارسات فشلت و حتى القمع باشكاله المختلفة فشل في ثني نضال حركة 20 فبراير.. و كان النظام السياسي يخاف من ان تتحول المظاهرات إلى ثورة منظمة و مستمرة.. و كانت بعض القوى السياسية و النقابية المحسوبة على الصف الديمقراطي هي كذلك تخاف من هذا التحول..
حركة 20 فبراير” ولدت، في غفلة من الأحزاب الديمقراطية و اليسارية، من رحم معاناة الشعب المغربي. خلخلت ركودنا السياسي و انتهازية نخبنا السياسية التي لم تعمل سوى للوصول إلى “ديمقراطية” على مقاس دولة مخزنية بدعوى عدم جر المغرب إلى المجهول. كما أن “حركة 20 فبراير…” لا يحكمها زعيم أو نخبة زعيمة و لا بيروقراطية لها أو لنقل أن زعيمها هو “الشعب يريد إسقاط الاستبداد” هو “الشعب يريد الديمقراطية”.. “الشعب يريد الربط بين المسئولية السياسية و المحاسبة”.. “الشعب يريد الكرامة”.. “الشعب يريد الحرية”.. “الشعب يريد العدالة الاجتماعية”.. “الشعب يريد محاكمة الفساد و المسئولين عنه”.. “الشعب يريد إطلاق المعتقلين السياسيين.. و محاكمة الجلادين و عدم الافلات من العقاب”.. إلخ . هذه الشعارات هي زعيمة “حركة 20 فبراير..”.
نقلت “حركة 20 فبراير…” السياسة نقلة نوعية و انتقل الصراع السياسي في المغرب و النضال الديمقراطي من صراع إصلاحات شكلية دون تغيير جوهر النظام السياسي المخزني إلى صراع من أجل تحقيق نظام سياسي اجتماعي ديمقراطي. و هذا الانتقال كان يطرح مهمات ديمقراطية جديدة لخصتها و كثفتها “حركة 20 فبراير” في بيانها و مبادرتها و نضالها الجماهيري مستلهمة نضال الحركة الجماهيرية الديمقراطية و نضال القوى الديمقراطية اليسارية الجذرية الذي استمر منذ بداية الاستقلال الشكلي سنة 1956.
غير أن قوى اليسار و الديمقراطية و شباب حركة 20 فبراير لم يكنوا مُهَيَّـئين سياسيا و تنظيميا لتوحيد نضالهم و خطتهم و هدفهم السياسي لقيادة مشتركة لنضال جماهير الشعب المنتفضة من أجل تحقيق انتقال المغرب إلى نظام سياسي مجتمعي ديمقراطي.
وبالتالي نعتبر أن شباب “حركة 20 فبراير” و القوى الديمقراطية و اليسارية الجذرية لم تمتلك الوعي و الممارسة السياسيين الثوريين لمواجهة موحدة سياسية و برنامجية و عملية و تأطيرية متضامنة و عمييقة بمستوى ثقل مشروع الانتقال من نظام مخزني تبعي إلى نظام سياسي ديمقراطي.
4- تكرار نفس أخطاء القوى الديمقراطية و اليسارية لا يخدم تبلور قوة اجتماعية ديمقراطية
رغم النضال المرير للقوى الديمقراطية و تضحياتها منذ الاستقلال الشكلي سنة 1956 مارس النظام السياسي سياسة استبدادية كان من نتائجها تخلف واقع الطبقات الشعبية الكادحة و المحرومة سياسيا و اجتماعيا و ثقافيا و معاناتها من استبداد المخزن و تحكم إدارات الدولة المخزنية التبعية و بنياتها المتخلفة في الحياة السياسية و الاجتماعية و الاقتصادية و الثقافية.
الأخطاء السياسية لهذه القوى الديمقراطية و اليسارية المنبثقة عن الحركة الوطنية ساهمت، رغم صدقها النضالي و السياسي آنذاك، في تكريس هذا الواقع لأنها استمرت تبحث عن توافق سياسي مع النظام المخزني التبعي الذي أسسته الدساتير الممنوحة منذ 1962 و المؤسسات السياسية الشكلية و المغشوشة للدولة التي استمرت مسيطرة إلى اليوم تنتج بنيات الفساد و الرشوة و اقتصاد الريع و مجتمع غير متماسك فقد الكثير من قيمه الانسانية أو ارتد إلى الثقافة الرجعية المُفَوَّتة.
شباب “حركة 20 فبراير” و القوى اليسارية المنخرطة في نضالها الديمقراطي الجماهيري و التحاق “جماعة العدل و ألإحسان” أرادوا أن يفرضوا قطيعة فعلية مع هذا الواقع لأنهم يرفضون تكرار الأخطاء السياسية التي ارتكبتها القوى الوطنية الإصلاحية المنبثقة عن الحركة الوطنية منذ الاستقلال الشكلي و التي استمرت تبحث عن التوافق مع مؤسسة المخزن بشروط سياسية لا تحقق الانتقال إلى ديمقراطية حقيقية مما جعلها تنهزم باستمرار و يفرض نظام المخزن مخططه السياسي. غير أن القطيعة ظلت تراوح في موجتها الثورية الأولى لأن حركة 20 فبراير كانت حاملة لعوامل فشلها رغم قوتها الجماهيرية و رغم فرضها على النظام السياسي المخزني بعض التنازلات و الانفتاح السياسي الشكلي.. و هذه بعض العوامل التي أدت إلى نكوص الحركة:
– استمرار تحكم الممارسة السياسية و التنظيمية العفوية في حركة 20 فبراير
– عدم توفر شباب الحركة على تجربة سياسية و تنظيمية لقيادة سياسية و تنظيمية لجماهير حركة 20 فبراير.
– عدم توفر الشباب و لا القوى اليسارية الديمقراطية على إرادة سياسية لبلورة مشتركة لأساليب تنظيم و تكوين و تأطير طلائع جماهير حركة 20 فبراير الشعبية.
– غياب رؤية سياسية و أهداف مُوَحَّدَة و مُوَحِـّـدَة للحركة
– تناقض التصورات السياسية للديمقراطية بين مكونات اليسار الراديكالي و بين طلائع شباب الحركة.
– ظهور ضعف تأثير القوى اليسارية الديمقراطية في النقابات و عدم قدرتها على إقناع و استقطاب الطبقة العاملة و عموم الكادحين للانخراط في نضال و تنظيم و مظاهرات حركة 20 فبراير.
ومما أعاق تبلور رؤية و أهداف سياسية موحَّدَة و موحّـِـدَة هو تناقض تصورين أساسيين للنظام السياسي:
ا- بعض اليسار الديمقراطي الراديكالي يناضل من أجل “ملكية برلمانية” برؤية إصلاحية، أي ملك “يسود و لا يحكم” دون طرح تفكيك و تجاوز المؤسسات السياسية و الدينية للمخزن، و دون فصل واضح للدين عن الدولة، و دون طرح مشروع اقتصادي بديل عن الاقتصاد الليبرالي التبعي، و دون بلورة خطة بناء قاعدة اجتماعية شعبية واسعة منظمة حاملة لمشروع “الملكية البرلمانية”. و بالتالي يمكن أن تكرر هذه القوى اليسارية الديمقراطية الراديكاليية نفس أخطاء القوى الإصلاحية للحركة الوطنية لأنها لا تبني الخط السياسي الديمقراطي الجماهيري وفق ممارسة سياسية تجسد الترابط الجدلي بين التناقض الأساسي و التناقض الرئيسي و التناقضات الثانوية.
ب- و البعض الآخر من اليسار الراديكالي غير واضح من حيث طبيعة النظام السياسي الديمقراطي رغم أنه يطرح إسقاط ما يسميه “المافيا المخزنية” عبر تفكيك مؤسسات المخزن، و يطرح بناء “جبهة الطبقات الشعبية” على أساس النضال الديمقراطي الميداني قبل إنجاز مهمة بناء الأدوات الثورية السياسية و النقابية و المدنية الضرورية التي بدونها لن تُشَكـِّـلَ المحور الأساسي لبناء جبهة الطبقات الشعبية، و بدون هذه الأدوات السياسية النقابية و المدنية لا يمكن مراكمة نوعية لنضال الجماهير الشعبية سياسيا و تنظيميا من أجل تغيير ميزان القوى لصالح ثورة ديمقراطية و صيرورة طويلة للتحول الاشتراكي.
و بالتالي استمر نضال جماهير حركة 20 فبراير عفويا، رغم طرح تصورات و ممارسات سياسية ديمقراطية مختلفة و تأسيس “المجلس الوطني لدعم حركة 20 فبراير”، و لم تَرْقَ بالتالي حركة 20 فبراير إلى قوة جماهيرية منظمة بقيادة ديمقراطية و حد أدنى من التنظيم الوطني و التنظيمات المحلية و برنامج و أهداف سياسية مُوَحَّدَة و مُوَحّـِـدة و شعار مركزي مُوَحَّد.
5- ضعف و التباس “البديل الديمقراطي” في تصور القوى الديمقراطية و اليسارية سبب في إعاقة تحالفها الاستراتيجي
أكدنا فيما سبق أن الوضع السياسي في المغرب يفرض في القوى اليسارية و الديمقراطية بناء تحالف وحدوي و تصور واضح للنظام السياسي و المجتمع الديمقراطي و أساليب النضال السياسي و النقابي و المدني لتغيير موازين القوى و لقيادة النضال من أجل الانتقال إلى الديمقراطية.
إن الديمقراطية الحقيقية التي ناضلت من أجلها “حركة 20 فبراير” والقوى الديمقراطية الجذرية تتأسس على تجاوز فعلي لمجتمع و لدولة ما يسمى “الديمقراطية الليبرالية” المخزنية التبعية التي سيجسدها دستور 1 يوليوز 2011. و بخلاف ذلك تنبني الديمقراطية الحقيقية على فك ارتباطها مع “الديمقراطية الليبرالية” المخزنية و تتجاوزها و مناهضة السيطرة الامبريالية. فتجاوز “الديمقراطية الليبرالية المخزنية” يعني بلورة مضمون راديكالي جديد للديمقراطية في التصور و الممارسة السياسية و الاجتماعية و الاقتصادية و الثقافية المرتبطة بمصالح الشعب المغربي للخروج من كل عوامل و أشكال واقع التخلف الاجتماعي المتمثلة نظام الاستبداد السياسي و التخلف الاجتماعي (هدر مواطنة المواطن و المواطنة، و قهر إنسانية الإنسان المغربي، سيادة اقتصاد الريع، سيادة ثقافة تقليدية تزيف الواقع، الفساد السياسي و الاجتماعي و الاقتصادي).
لكن الواقع غير ذلك إذ تعيش القوى الديمقراطية واليسارية ضعفا و التباسا في تصوراتها لـ”البديل الديمقراطي” نظاما و مجتمعا. و يشمل هذا الواقع عائقا حاسما تحالفها الديمقراطي الاستراتيجي.
ونعتقد أن التصور المرحلي للنظام و المجتمع الديمقراطي يتأسس على الديمقراطية الحقيقية التي تعمل من أجل توسيع جذري للديمقراطية التي تخدم مصالح الطبقات الشعبية السياسية و الاجتماعية و الاقتصادية و الثقافية و تجسد المعنى الحقيقي التقدمي لحرية التعبير و للحريات الفردية و للحريات العامة، للمواطنة الكاملة، للمساواة بين الرجل و المرأة، للمساواة أمام القانون و تطبيق القانون بصرامة مع احترام حقوق الانسان.
وبالتالي الديمقراطية الحقيقية التي، حسب رأينا، هي التي ناضل من أجلها شباب “حركة 20 فبراير” بكل توجهاته الديمقراطية و القوى الديمقراطية المشاركة لإنجاز حداثة ديمقراطية نابعة من الثقافة والتاريخ المغربين التقدميين لرفع تحديات جميع مظاهر التطرف السياسي و الإيديولوجي الذي يخلط السياسة بالدين أو بالخصوصيات الثقافية.
إن رفع هذه التحديات بالنسبة للديمقراطية الحقيقة يتطلب التقدم و النضال من أجل بناء جبهة ديمقراطية قوتها الأساسية مرحليا تتشكل من اليسار الديمقراطي الراديكالي و مكونات اليسار الثوري و القوى الديمقراطية المستقلة عن المخزن على قاعدة تصور و برنامج سياسي ديمقراطي و خطة و أساليب النضال الديمقراطي الجماهيري لإخراج الشعب والمجتمع المغربي والاقتصاد المغربي من براثن التخلف السياسي و الاقتصادي والاجتماعي و الثقافي ومن التبعية العمياء للامبريالية وفقا لرؤية ديمقراطية حقيقية و لممارسة اجتماعية ديمقراطية حقيقية تبلور البدائل و البرامج لتنمية الوعي السياسي و الاجتماعي و إنسانية بديلة متقدمة و ديمقراطية في مجالات التعليم و الشغل و الصحة و السكن اللائق وبيئة طبيعية نظيفة.
إن تصور و ممارسة الديمقراطية الحقيقية تتطلبان ضرورة تنظيم و تعبئة مستمرين لنضال الطبقة العاملة والفلاحين الفقراء و عموم الفئات الاجتماعية الكادحة و الطبقة المتوسطة و منظمات المجتمع المدني الديمقراطي المتضررة من نظام “الديمقراطية الليبرالية” المخزنية المتخلفة من أجل مشاركتها الفاعلة و المبدعة في إنجاز صيرورة التغيير الديمقراطي الشامل للمجتمع و الدولة و تحقيق نظام سياسي الديمقراطي.