
.. الشُّرطَة فى خِدمَة الوَطَن والمُوَاطنِين

( الشرطة فى خدمة الشعب ) أو ( الشرطة فى خدمة المواطنين)..هذا الشّعار نجده مكتوباً بحروف بارزة ذات بُنط كبير وعريض عند مداخل مراكز الشرطة ورجال الأمن فى بلادنا وفى مختلف أنحاء المعمور.. ترى.. هل يطبّق هذا الشعار ب”الحرف” فى معايشات ، ولقاءات، وتعاملات رجال الأمن مع مختلف شرائح المواطنين، والمواطنات على تباين درجاتهم، ومستوياتهم، الإجتماعية فى هذا البلد الأمين..؟ الإجابة عن هذه التساؤلات ليست بالأمر الهيّن اليسير، إذ لا يمكن، ولا يجوز الحُكم بشكلٍ تعميمي فى هذا المجال، ذلك أنّ الواقع الذي نعمل ونتعامل به،أو نعيشه ونتعايش معه يومياً فى هذا المضمار ينبئنا، ويبيّن لنا عن يقين – والحقّ يُقال- أنّ هناك رجالاً ونساءً من هيئة رجال الأمن ونسائه فى بلادنا ولله الحمد من يتّسمون، ويتّسمن بسموّ الخُلق، وحُسن المعاملة ، ودماثة التعامل، وحميد التصرّف فى قيامهم وقيامهنّ بعملهم وعملهنّ اليومي المتواتر، وإضطلاعهم وإضطلاعهنّ بالواجب المنوط بهم وبهنّ ،هذا الواجب الذي يتطلّب منّا جميعاً أن نخصّهم ونخصّهنّ بكلّ مودّة فى هذا القبيل. وقد سبق لي أن أشرتُ، ونشرتُ من قبل فى عدّة منابر إعلامية، ومواقع صحافية مقالاتٍ تمّ تسليط الأضواء خلالها إبّانئذٍ على المهام التي يضطلع بها رجالُ الأمن فى بلادنا، حفاظاً على أمنها، ،كما تعرّضتْ هذه المقالات – فى نفس الآن- لبعض التصرّفات ، والتجاوزات ،والمعاملات غير اللاّئقة التي يعامِل بها ( بعضُهم وهم قلّة ) المواطنينَ ،حيث رجونا فى هذه الكتابات من كبار المسؤولين على هذا القطاع الحيوي الهام فى بلادنا ضرورة إيلاء مثل هذه الظواهر، والتصرفات العناية الفائقة التي هي قمينةٌ، وجديرةٌ ،وحَرِيَّةٌ بها . ونعود فى هذه العجالة، والعوْدُ أحمدُ، لتسليط مزيد من الأضواء الكاشفة على هذا الموضوع الجادّ من زوايا أخرى، نظراً لأهميته القُصوى بالنسبة لأمن البلاد من جهة ، وصوناً وحفاظاً على سلامة ، وراحة، ورفاه، ورفاهية، وكرامة، ومصداقية المواطنين والمواطنات من جهة أخرى .
آراء أخرى
الأمن والأمان
ولقد أشرنا غير ما مرّة فى مناسبات سابقة أنّه من المعروف والمألوف أنّ بلادنا ولله الحمد أصبحت تشهد فى الأعوام الأخيرة بدون إنقطاع ملتقيات ،ومنتديات، وندوات، وتجمّعات، ومناظرات ، ومؤتمرات محليّة، وجهوية ،وإقليمية، ودولية عالمية متوالية على إمتداد الحَوْل فى مختلف الأصعدة السياسية، والإقتصادية، والقانونية، والتجارية، والإستثمارية ،والبرلمانية ، والجامعية، والثقافية ، والأدبية ، والعلمية، والإعلامية ،والرياضية، وفى العديد من المجالات الأخرى التي لا حصر ولا حدّ لها، ناهيك عن توالي تنظيم المهرجانات ، والتظاهرات ، والمباريات ،والمسابقات الغنائية، والموسيقية، والفنية، والسينمائية، والمسرحية ، والفكرية ،والشعرية، والسياحية، والفلكلورية ، والتراثية ، والصّوفية، والرياضية، والشبابية، الدورية، وسواها من الأنشطة والملتقيات العديدة الأخرى من كلّ ضَرْب، ومن كلّ صِنفٍ ونوع.
والحالة هذه، ما بالك بهذه الأفواج الهائلة من البشر من كلّ جنس التي تتطاير، وتتقاطر، وتتسابق،وتتلاحق، وتتوافد، وتتهافت على بلادنا صيفاً ،وخريفاً، وشتاءً ،وربيعاً ،بعضهم قدِم إليها بحثاً عن شمس المغرب الدافئة، ،والبعض الآخر جاء للتزلّج والتزحلق على ثلوجه النّاصعة فى آكامه العالية، وهضابه السّامقة، وقممه الشّاهقة، والبعض الآخر جاء لكرم الضّيافة، وحُسن الوفادة، التي يشتهر بهما المغرب من أقصاه إلى أقصاه ، والبعض الآخر جاء للتسوّق، والتبضّع ، والتنزّه ،والتسرية والتسلّي… بيعا ً،وشراءً ،و تبادلاً، ومقايضة ً، والبعض الآخر قَدِم للإستمتاع بمعالمه ،ومآثره العمرانية والمعمارية التاريخية الباهرة ، والبعض الآخر جاء ليستمتع ببحاره ،وبحيراته ، وأنهاره، ووديانه، وجداوله، وجدائله ،وشلاّلاته، وسهوله، وسهوبه، وصحاريه، وواحاته، وجباله ،ووهاده، وأخاديده، وتضاريسه، والبعض الآخر قدِم لمزاولة هواية القنص ،والطّرد ،والصّيد فى غاباته،ومفاوزه، ومهامهه، وآجامه، وفى مراتعه، ومرابعه، وثغوره، ومنتجعاته على سَاحليْه الشاسعيْن المتوسّطي، والأطلسي الذيْن يمتدّان مُجتمعيْن على مسافة تقارب الأربعة آلاف كيلومتر). والبعض الآخر حضر إلى هذا البلد فاراًّ بجلده من لظىَ السّعير الملتهب ،وأوار الغضب الهادر المتأجّج ،والفتن التي هي أشدّ من القتل ،التي عمّت بعض البلدان التي أصبحت أعشاشاً وأوكاراً، وساحات وحلبات،ومسارحَ لمختلف ضروب الفنون والجنون ،هناك حيث تطلع شمس الله وتسطعْ، وتجول وتصول فى عنان السماء ، وفى أعلى قمم الجبال وآلآكام النائية، ثم يحطّ قرصها الذهبي أخيراً ويغيب فى مَهَل وسلام وراء الآفاق اللاّزوردية الشفقية القانية المُحمرّة على صفحة المحيط الأطلسي الهادر…كلّ هؤلاء وأولئك وسواهم وجدوا ضالتَهم فى ربوع هذه الأرض الفيحاء، حيث الأمن والأمان، فراراً وهروباً وملاذاً من الرّياح العاتية التي هبّت كأتيٍّ منهمرٍ على العديد من البلدان المجاورة لنا، والنائية عنّا، وممّا سبّبته تلك التوابع والزوابع، والهزّات والرَجّات من الفِتَن، والمِحَن ، والأهوال، والمشاكل والقلاقل التي أحدثت بثوراً وتجاعيد، وهوّات عميقة، وإنشقاقات سحيقة فى تضاريس الخرائط السياسية، والإجتماعية فى هذه البلدان، والتي ما فتئت تبحث فى سديم الليل البهيم ،وهزيعه المعتم حائرةً، ملتاعةً، قلقةً، هلعةً، مروّعة عن بَوْصلة الإنقاذ، وطوق النجاة والخلاص لإرشادها إلى السّبيل السويّ ، كما أنّها ما إنفكّت تعاني إلى اليوم مخاطر الدّوارَ والبوارَ، وإنعدام الأمن والإستقرار.
فى خدمة الوطن والمواطنين
من المواضيع التي أشرنا إليها فى مقالات سابقة والتي ما إنفكّت تستأثر بإهتمام المواطنين فى بلدنا فى الآونة الأخيرة هي نقاط المراقبة الأمنيّة التي يقيمها رجال الأمن عند مداخل معظم المدن المغربية ومخارجها للتحرّي ، والتمعّن ، والتفتيش ، وهو أمر حتمي ولا ريب ربّما تكون قد فرضته الظروف الدولية، والتهديدات المتوالية التي تلوّح بها الجماعات الإرهابية المتطرفة ،والمتزمّتة من كلّ جانب ،هذه الإجراءات الأمنية مع نجاعتها التي إعتاد عليها المواطنون وألفوها تقدّم من جهة أخرى للزوّار، والسيّاح، والوافدين والأجانب صورةً غير حقيقية ، وإنطباعاً غير دقيق عن واقع السّكينة التي ينعم بهما المغرب ، وتوحي لهؤلاء الأجانب على وجه الخصوص بوضعٍ لا يمتّ بصلة إلى الحقيقة التي تعيشها البلاد ، هذا ناهيك عن أنّ بعض رجال الأمن يمطّطون فى بعض الأحيان فى إجراءات المراقبة من إلقاء أسئلة وإستفسارات جزافية على العابرين والمسافرين ، وكأنّ الأمر يتعلّق بمحضر داخل مخفر، وليس عند نقاط مراقبة إعتيادية، وروتينية متكرّرة، ومتواترة فى الهواء الطّلق .
الشّئ بالشّئ يُذكر
أن يقوم رجال الأمن بحفظ الأمن، وضمان سلامة المواطنين والبلاد لهو أمر محمود ومطلوب لا ريب يعتريه ولا مناص منه، فهذا يدخل فى صميم عملهم اليومي والليلي الشّاق، ولكن أن يتخلّل هذا العمل بعض التجاوزات، والمضايقات على بعض المواطنين فهو أمر آخر قد لا يستسيغه ويتقبّله الناس ، ولا العقل، ولا القانون .
أعتقد جازماً أنّه ممّا لا شكّ فيه أنّ الأطر الأكفاء من رجال الأمن ونسائه الذين يزاولون هذه المهمّة هم مؤهّلون للإضطلاع بها على خير ما يُرام، والتي تتطلّب منهم طول البال والباع، وقسطاً وافراً من الصّبر والجَلَد،والأناة، وسعة الصّدر، ولا ريب أنّهم يتوفّرون على هذه المزايا ،والسّجايا، وعلى تجارب ميدانية وعمليّة فى هذا القبيل، وعلى نضجٍ وافٍ سنّاً، وعملاً ، وخبرةً ،وعِبرة، وحنكةً، وخلقاً وإحتراماً لمهنتهم فى جوٍّ ينبغي أن يسوده الإخاء والمواطنة، والتسامح والإحترام نحو المواطنين . أمّا بعض العاملين فى هذا الميدان الذين تُسند إليهم أو تُناط بهم مسؤولية مزاولة هذه المهامّ العسيرة المحفوفة بغير قليل من المخاطر والصّعاب ، فلابدّ لهم قبل كلّ شئ من التمتّع بخبرة وتجربة فى هذا المضمار من مراسٍ، ومرانٍ فى فنّ القول ،وحُسن المعاملة، ودماثة السّؤال، والتحلّي بالصبر، وخِصْلة ضبط النفس، وفوق ذلك كلّه الخُلق الكريم، وإلاّ فإليكم نموذج لما يمكن أن يحدث ،وقد حدث بالفعل.
ما هكذا يا سعدُ توردُ الإبلُ..
ولن نذهب بعيداً لتقديم الأمثلة على بعض التصرّفات الإنفرادية لبعض رجال الشرطة التي لا تليق بالمهمة اليومية التي يقومون بها، إذ شاءت الصّدف أنّه عندما هممتُ بكتابة هذا المقال، وعندما كنتُ ألملم مصادرَه ومراجعَه ومظانّه تلقّيتُ مكالمة حبيّة من أحد الأصدقاء الثقات المقرّبين ممّن تولّوا مسؤوليات سامية ورفيعة فى الدّولة سابقاً، وحكى لي الواقعةَ التالية: أوقف أحد رجال الأمن (شرطي المرور تحديداً بجوار مديرية الأمن الإقليمي أو مبنى مركز الشرطة الرئيسي بمدينة الحسيمة يوم الأحد 15 أكتوبر الجاري2017 فى السّاعة التاسعة والنّصف ليلاً ) أوقف السيارة الخاصّة لابنته التي كانت حديثة العهد بالعودة إلى بلدها بعد مدّة طويلة قضتها فى بعض البلدان الأوربية كطبيبة أسنان متخصّصة ، أوقفها – على ما يبدو- فقط لأنها كانت تمتطي رفقة قريبة لها سيارة ذات لوحة أجنبيّة ،خاصّة وقد إنصرمت فترة أو عطلة الصّيف، وعادت أفواج جاليتنا المقيمة بالخارج إلى أماكن إقامتها وعملها فى المَهَاجِر،وأصبحت المدينة خالية من هذه الأنواع من اللوحات، وخاطبها بجفاء، وبكلمات لا تليق برجل الأمن الذي ينبغي أن يكون مثالاً للمعاملة الحسنة، والخلق الكريم ، فقالت له : أنا مواطنة ، ولي الحقّ أن أزور، وأن أكون فى بلدي متى شئت،وعندما قدّمت نفسها، وأخبرته أنّها تتوفّر على جميع أوراق السيّارة فى تمام صلاحيتها، لم يجد ما يقوله لها فاختلق شيئاً لم يحدث، إذ إدّعى أنها لم تتوقف عند علامة قف، فقالت له بلى إنني وقفتُ كما أفعل ذلك دائماً، وهذه هي الحقيقة التي لا مراء فيها ، عندئذٍ قال لها وكأنّه يمازحها أو يداعبها: عندي صورة ، فقالت له أرني إيّاها إذن لو تفضّلت ، فلاذ بالصّمت، ولمّا لم يجد ما يفعله أو يقوله أخلى سبيلها وذهب لحاله بعد أن إمتعض لونُه. وشعر بنوعٍ من الحَرَج، والخَجَل.
والتساؤل الذي يُطرح، ويفرض نفسَه فى حالات مشابهة لهذه الحالة هو: لماذا يقع رجل الأمن فى مثل هذه المواقف المُحرجة، فليكن صادقا،ً وصريحاً، ومُجيداً لعمله منذ البداية ، وألاّ يختلق الأباطيل، وواجبه وعمله يحتّمان عليه أن يحترم جميع المواطنين، وأن يعاملهم بخلقٍ كريم، فكلهم ينبغي أن يكونوا سواسية فى نظره، سواء القاطنون داخل المغرب أو المقيمون خارجه ،أو الذين تحمل سياراتهم لوحات وطنية أم أجنبية، والذي يعنينا فى المقام الأوّل فى هذا القبيل هو مقدار المعاناة التي يعانيها بعض المواطنين الآخرين فى حالات مشابهة للحالة الآنفة الذكر.
إنّني على يقين تامّ أنّ كبار المسؤولين من رجال الأمن فى بلادنا الذين يضعون ثقتهم فى أفراد الشرطة عند أداء مهامّهم بنزاهة ومسؤولية، ومعاملة المواطنين بلطف، وأدب، وإحترام ،لابدّ أنّهم – عند قراءتهم لمثل هذه الأمور،أو معرفتهم بهذه الوقائع أو سواها- تعلو مُحيّاهم مَشاعر الأسف والأسى من هذه التصرّفات غير اللائقة ، ولابدّ أنّهم مؤمنون ومقتنعون بدون أدنى شكّ أنّ رجل الشرطة – الذي هو مجنّد بكلّ إخلاص لخدمة الوطن والمواطنين – ينبغي له وعليه أن يتحلّى بالصّفات الحميدة ليشيع الإحترامَ والثقة َبينهم، وليحظى بالتالي هو الآخر بإحترامهم، وتعاطفهم ، وليس العكس نظراً للمهمّة الشاقّة والعسيرة المنوطة به .
متابعات ومعاناة
وتجدر الإشارة فى هذا المضمار أنّ الصحافة فى بلادنا أفادت مؤخراً (الأربعاء18 أكتوبر2017) أن الجنرال دوكور دارمي السيّد حسني بنسليمان يطارد المرتشين عبر إجبار الدركيين على تشغيل الكاميرات التي سُلّمت لهم، كما أنه أصدر تعليمات جديدة لمفتشية القيادة العليا للدرك الملكي بالرباط لمراقبة رجال الدرك المكلفين بالسّير والجولان، الذين لا يُشغّلون كاميرات المراقبة التي سبق أن أمر الجنرال بوضعها على صدور عناصر كوكبة الدركيين من راكبي الدراجات النارية، والعاملين بالمراكز الترابية والقضائية وذلك لتوثيق عمليات التدخل وتخليق المرفقات الدركية .وأفادت الصحافة فى هذا الخصوص كذلك أنّ لجان التفتيش التابعة للقيادة العليا للدرك الملكي فاجأت عشرات الدّوريات، وأمرت مسؤولين بمنحها محتويات الكاميرات، والمدد الزمنية التي إستغرقتهاعملية الإستعمال، واتّضح لهذه اللجان فيما بعد عدم إستعمال مجموعة من الدركيين على مستوى التراب الوطني، لهذه الكاميرات المحمولة على الصّدور. كما أمرت مسؤولين جهويين بموافاتها بمحتويات كاميرات في أوقات إشتغال دوريات بالمدارات الطرقية سواء على الصعيديْن الوطني والجهوي، فضلاً عن الطرق السيّارة، ففوجئت بتعطيلها وعدم صلاحيتها، الشئ الذي وضع مجموعة من الدركيين في قفص التساؤل والإتهام.
ويرى أحد المحللين :” ” أنّه بالنسبة لرجال الدرك على سبيل المثال فقد فتحت لهم مدوّنة السّير، والغرامات الكبيرة مجالاً خصباً للرّشوة ، فمنذ البداية حذّر الكثيرون أنّ ثقل الغرامات سيشجّع على تعاطي الرشوة ، فمع كثرة المخالفات التي يمكن على أساسها تحرير مخالفات من قبيل عدم ربط حزام السلامة الأمامي، والخلفي ، والسّرعة المفرطة، والأضواء ، ومُعدات السلامة ،وعلامة قف، وتجاوز الضوء الأحمر، والأطفال، وسواها من التقنينات ، بالاضافة إلى ضعف التشوير الذي يتم إحداثه عمداً لاصطياد المخالفين” .
وفى نفس السياق كان المواطنون والمواطنات قبل ذلك قد إستبشروا خيراً عندما أحدِثت منذ بضع سنوات قليلة فى بلادنا شرطة مختصّة تُعرف ب”شرطة الشرطة” تراقب بشكل خاص عناصر الشرطة العاملة على الطرقات ، وتترصّد أخطاءها ، وتتصدّي لكلّ أنواع هذه التجاوزات من أيّ نوع ، وتقوم هذه الفرقة وهي – على شاكلة الشرطة التي توجد فى مختلف المدن الأوربية ، وسواها من مدن العالم – بدوريات متوالية، وجولات مباغتة على مجموع التراب الوطني، دون إشعار للشرطة التي تكون تزاول مهامها على الميدان، وتوفر الأدلة الدامغة لمعاقبة المخالفين بإلتقاط صور لهم في حالة تلبّس أو غير ذلك. ويستفاد – حسب علمنا بواسطة وسائل الصحافة والإعلام – أنّ هذه الفئة من الشرطة المغربية منذ إنشائها أنجزت خلال السّنوات الأخيرة العديد من التقارير والمحاضر فى هذا القبيل ممّا ذهبنا إليه فى هذا القبيل، بالإضافة إلى جمعها للإثباتات الكافية، وُضعت أمام أنظار كبار المسؤولين الأمنيّين فى بلادنا للنّظر والبتّ فيها . وتتنوّع أو تتراوح أشكال العقوبات التي قد تلحق بهؤلاء الذين إرتكبوا بعض التجاوزات بين التوبيخ، والزّجر، والتنقيل، وقد تصل في بعض الأحيان إلى الفصل، وقد لقيت هذه العملية،التي تدخل في إطار محاربة الفساد، والقضاء على الرشوة، والفساد الإداري، وتوخّي النزاهة ،والمصداقية ، وحسن المعاملة إستحساناً وقبولاً بين أوساط المواطنين .
وفى ختام هذه العجالة حريّ بنا أن نشير مع ذلك أن رجال الأمن على إختلاف مشاربهم يظلون يشكّلون جهازاً وطنياً للشرطة، لذا يجب النظر إلى المشاكل التي يعانون منها، والمشاغل التي تقضّ مضجعهم، فقد نطقت الألسن ، وتحرّكت الضمائر الحيّة فى المدّة الأخيرة لإنصافهم نظراً لما يبذلونه من جهود مضنية خلال عملهم اليومي الرّوتيني المتواتر للحفاظ على أمن الوطن والمواطنين ،كما كانت هناك إشارات نحو ضآلة الرّواتب التي يتقاضاها رجال الشرطة التي أصبحت لا تسمن ولا تغني من جوع . وتعالت أصوات للفت الأنظار إلى الخصاص الذي يعانيه جهاز الأمن في الموارد البشرية، ممّا يجعل الواحد منهم يعمل قرابة ثماني ساعات في اليوم، فضلاً عن حرمانهم من عطل الأعياد، والمناسبات ،كما أنهم لا يستفيدون من الرّخص السنوية كسائر الموظفين، وعليه، علينا أن ندرك كيف تعيش هذه الهيئة أو هذه الفئة من المواطنين الذين يعملون فى صمت، ويعانون كذلك في صمت، فالشرطي يظلّ شرطياً بزيّه ، وبمهمّته، ومسئوليته، وواجبه، ولكنه فى آخر المطاف يظلّ إنساناً.