لست منزعجا فقط من ملحمة الأبطال التي تجند عشرات الفنانين لإنتاجها فأنتجوا في الأخير العبث، أنا أيضا منكسر. منكسر للحال الذي أصبح عليه هذا الوطن.

لن أتحدث عن الميزانية التي خصصت لإنتاج الملحمة، التي من المفروض أنها  تشكل دعما لواحد من أهم الملفات التي يراهن عليها المغرب لتحقيق تنمية تأخرت جدا، فواضح من الصور المسربة من هنا وهناك أن ميزانيتها لم تتجاوز 200 درهم خصصت لاقتناء صناديق الخضر من أجل أن يقف فوقها الفنانين. وواضح أيضا أن تصويرها لم يكن الهدف من خلفه دعم تنظيم ملف المغرب لاحتضان أس العالم 2026 بقدر ما كان الهدف نيل الرضا الملكي  سيراً على “الموضة” الجديدة للفنانين في إنتاج أغاني ومقاطع مدح في الملك، والحقيقة ، إذا ما نحن تأملناها، سنجد أنها تشكل إساءة للجهد الذي يقوم به الملك من أجل خلق مغرب مشرق ومتنور.

لن أتحدث أيضا عن كون الملحمة صورت دون مخرج وربما دون منتج ودون مساعدة فنية لما احتوته من أخطاء كثيرة لا يرتكبها حتى المبتدئين. لن أتحدث أيضا عن كلمات الأغنية التي كانت بعيدة بغرابة عن جوهر الموضوع…

لكني أود فقط أن أتساءل كيف لفنانين كبار من قيمة ثريا جبران ومحمد الجم  ونادية أيوب وغيرهم…  أن يقبلوا بالمشاركة في هذه المجزرة الفنية؟ لا بأس أنهم يريدون دعم الملف المغربي ولكن كيف يقبلون بالمشاركة والعمل في ظروف غابت عنها أبسط شروط الاحترام لشخصهم أولا ولنا نحن كمشاهدين ثانيا… لماذا قبلوا بالاشتغال بهذه الطريقة الرديئة؟

إنني أخاف أن يتحول فنانينا إلى ما يشبه نموذج الفنان في مصر، أو ما يعرف بفنان السلطة حيث يتم تناسي رسالة الفن السامية والتركيز على خدمة السلطة الحاكمة بطريقة رديئة يغيب عنها الفن ويحضر التملق. كنا سنكون سعداء لو أن تسخير الفن في خدمة السلطة يتم بطريقة راقية يُحترم فيها الذوق العام ويُحترم فيها وعي المشاهدين.

سأعود للملحمة وأطرح السؤال: هل خدمت هذه الأغنية ملف المغرب لاحتضان كأس العالم؟ هل العالم اندهش بروعة المغرب وقرر منح أصواته للمغرب؟ هل الفيفا صدمتها قدراتنا الفنية وإنتاجاتنا الضخمة وقررت دعم ملفنا؟  أسئلتي ليست ساخرة ولا هي تهكم من واقعنا المضحك المبكي، أنا أتساءل لأني أريد أن أفهم كباقي المغاربة.. لماذا أنتجتم هذه الملحمة؟

طبعا لأنكم وطنيون جدا.. وطنيون لدرجة الرداءة !!!