عبارة العنوان موقوفة على ما بعدها، وباقي المثل يقول : “والقزم عملاقاً والخفاش نسراً والظلمات نورا،ً لكن أمام الحمقى والسذج فقط”!!

   المعنى لمن يدرك الكنه ويرتضي اكتشاف الماوراء، ما يراه المتتبع لمفارقات الحكومة العثمانية الهجينة. تقوض السلم الاجتماعي وتعبث بمستقبل البلاد؛ وترهن الشعب تحت سياط قرارات استبدادية غادرة؛ وتمارس أبشع جرائم التدبير بكل أبعاده الاقتصادية والسياسية والمالية. وفوق ذلك كله تستغبينا وتدعي نجاعة الاختيارات وفعالية التنمية وسيرورتها وسلامة التخطيط والنمو!
    كل المؤشرات توضح فشل البرامج الحكومية الهوائية، حيث تأكد تحويل إجراءات ضريبية كثيرة لصالح رأس المال وأرباب العمل والقطاع الخاص على حساب المواطن المغربي الحقيقي، وانكماش الاقتصاد وتفككه وانعدام الرؤية المتكاملة للمخطط التنموي الصحيح.
    كل مشاريع القوانين المالية التي زاحمت تطلعات المواطنين وانتظاراتهم في العشرية الأخيرة هي في المحصلة “استمرار للإصلاح المضاد الذي يعتمد اختيارات سابقة أثبتت فشلها في تحقيق التنمية بالمغرب”، حسب تعبير الاقتصادي المغربي نجيب اقصبي.
   هل هناك استعارات أخرى يمكن تأويلها أفقيا حتى تعني ما تعنيه محدودية فكرة الشيطان المتحول؟!
     إن متاهة الشيطان، أو وهمه يصل درجة الكذب والسحت!
نعم ، ما الذي يدفع رئيس الحكومة العثماني إلى تحويل أنظار الشعب من الأزمة الاقتصادية والاجتماعية الخانقة إلى ” طريق السلامة والطمأنينة ” المدجنة بالهرطقة السياسية والتخدير الدراماتيكي؟ هل هو الاقتناع بشجاعة ما سماه سابقا بالإصلاحات الهيكلية الرامية إلى تحسين الوضعية الاقتصادية والمالية للمغرب، رغم المثبطات والحواجز؟ أم الفشل المقنع الذي يختبأ خلف متاريس الفجيعة السياسية غير المعلنة، في انتظار التأشير على انتهاء مرحلة ودور الخادم المطيع؟!.
   العجيب أن الصراعات الحزبوية الضيقة بين شركاء الحكومة ذات الأغلبية العصابية، ألمحت غير ما مرة إلى وجوب تقديم الاستقالة وإعادة تأهيل أفكار جديدة قادرة على التغيير وإحداث طفرة إصلاحية جدرية في البلاد. آخر التصادمات التصريح الناري الذي اوقعه وزير عضو في المجلس الحكومي تابع لحزب الحمامة يتهم فيه شريكه الحكومي البيجيدي بجر البلاد إلى الهلاك! وصولات وجولات في كواليس الحكومة تؤكد صراعا خفيا على السلطة وبداية نفاذ مخزون النفاق السياسي وضمور البيات الشتوي المنتظر، على إيقاعات بيانات ونقيضها، ترفع من حرارة اللبس بين فريقين يتقمصان أدوارا فوق طاقتهما، متأهبان لتحصين قدراتهما على ميزاب الانتخابات التشريعية القادمة، ويستشعران درجة الانتقال من

نظرية الإغواء والمواعدة وتقديم صور مهلوسة لشرائح واسعة من الشباب المغفل الذي يتق فقط بآمال مدججة بالانتظار ورؤية ضبابية لمستقبل حالم!

      الشيطان يلج العقول المخدرة من النوافذ المفتوحة. إنه يعيد الكرة مرات لينشق عن الحراكيين الثوريين الجدد، الذين كفروا بالسياسة في البلاد، وصاروا يفكرون بركوب أمواج الفانطوم، طالبين حقا ما يعتبرونه كونيا واختياريا، هو البحث عن سعادة مفقودة وكرامة مهدورة مسلوبة، خارج جغرافية الوطن.

    ترى هل يقتنع الشيطان بكمين الاصطفاف خلف لعبة سياسية مكشوفة؟ وهل ينتظر مثله مثل القزم والخفاش والظلام الحالك أن ينقلب السحر على الساحر وترتفع قيم الشر عن أخلاق النفس الزكية؟

     هل يصبح الشيطان في التفاصيل الدقيقة من هذه المسرحية السياسية العفنة مجرد ألعبان يبدد غيوم الشك في الحسابات الضيقة التي لا نراها ولا ندركها إلا في التصريحات الهشة والبهارات الشعبوية السائبة والوجوه الضاحكة المصفرة؟!

    ذلك أن حبائل الشيطان تنسج بعد كل معركة غبارا كثيفا، يخيل لكل رائي أنها غيث ونجاة، بيد أن كل شيء من نسج خيال، يعني وواقعنا يعبر عنا ” عشم إبليس في الجنة!” صحيح ونحن وراءه نصدقه يا للويل!!