مع رصاصة ″الرحمة″ التي اخترقت جسد الطالبة المغربية البريئة حياة الهاربة من أتون المعاناة أملا في بلوغ شاطئ الأمل هناك في أوروبا القارة العجوز، يكون المخزن المغربي من ألفه إلى نونه قد دشن مرحلة جديدة في التعامل مع مهمشي هذا البلد.

وسواء أكانت هذه الواقعة حقيقية أم مختلقة، لأنه وكما يقول المفكر الأمريكي نعوم تشومسكي فجميع الحكومات في العالم تتقن شيئا واحدا فقط : الكذب والخداع ! فالنتيجة الحتمية هي التحذير التالي :

لكم أيها المهمشون على هذه الأرض أن ترفعوا عقيرتكم بالصراخ أنى شئتم..لن تنالوا شيئا..السجن بانتظاركم..والتجنيد الإجباري لأبنائكم..والرصاص الحي لمن يخوض عباب البحر هربا..أنتم عبيد وجزاء العبد المارق القتل..ولا شيء سوى القتل..

وطز فيكم وفي أسلافكم كما كان يقول الديكتاتور الليبي القذافي لمخالفيه ومعارضيه..

أيها الشعب المغربي الذي انطلت عليه حيلة الإصلاح من داخل المؤسسات وفي ظل الاستقرار ووو…

المخزن يقول لك في صمت..طز فيك وفي تاريخك وفي تضحياتك..ولتذهب دماؤك إلى المجاري كمياه الصرف الصحي..

طز على حلمك وصبرك على الجبابرة من بني جلدتك..وكفراعنة المصريين القدامى سيذبح أبنائك ويستحيي نسائك – للسخرة والمتعة كما يقول المؤرخون والمفسرون- وستبقى ذليلا مقهورا أبد الآبدين.

وأنت جالس هنا ترقب في سكون واستسلام روح ″حياة″ البؤساء تصعد إلى السماء اغتيالا وقسرا أو تنظر إلى جيش الأفارقة على أرضك يرحلون من شمال البلاد إلى جنوبها كالعبيد والأصفاد في أيديهم..

هل أنت أحسن حالا منهم؟

أنت واهم..نفس المصير يحاك في السر لفقرائك..

هاك مشاهد من الحضيض الذي أنت فيه :

نساء يلدن على أبواب المستشفيات..هدم للمباني على قاطنيها وتهجير للسكان إلى العراء..يوميا جرائم وعنف ومخدرات ولحوم آدمية للمتعة للتصدير والاستيراد وسحرة ومشعوذون..صوصو وزوزو وفوفو وفرفر وشبشب في المدارس للأطفال وكأن اللغة العربية عاقر من المفردات الجميلة..خراب في خراب..وكهنة النظام يرددون بلا انقطاع نحن أفضل حالا من فرنسا! ما هذا!!؟؟

لترقد في سلام يا صامويل بيكيت فشخصياتك لم تجرؤ على التلاعب باللغة إلى هذه الدرجة..وشكرا لك يا ألبير كامو لأنك فتحت أعيننا على فلسفة العبثية في الحياة قبل أن نرى شخوصها في واقعنا البئيس..وتحية إجلال واحترام لك يا سارتر على وجوديتك فلولاك لشككنا في ماهيتنا ولاعتقدنا فعلا أننا صراصير في هذه الأرض وأن مكاننا الطبيعي في مواسير وأنابيب المياه العفنة.

عقود من الثرثرة والكلام ولا شيء! فماذا ننتظر ياترى؟

لنقم صلوات اللطيف في منازلنا ومساجدنا ولنرتقب هبوط الرب من عليائه ليخلصنا من هذا الجبروت.

جربنا هذه الوصفة في الماضي القريب فلماذا لا نعيدها مرة أخرى؟