اكيد أن الحرج الأخلاقي الذي نشهده اليوم لا يزعج بن سلمان في شيء، ما دام لم يترجم إلى ملاحقة قضائية جادة، تضعه على رأس المطلوبين، سواء من طرف القضاء التركي أو لدى القضاء الجنائي الدولي..

الحرج الأخلاقي لا يزعجه في شيء، وذلك أساسا لأنه بمقياس السلطوية، الأشبه بمنطق العصابات منه الى تراتبية الأولويات في أي مطبخ سياسي يحترم نفسه، هذا الحرج لا يساوي شيئا أمام الحرج الذي يمثله وكان سيمثله الظهور المنتظم لخاشقجي على وسائل الاعلام العالمية، من الواشنطن بوست الى اكثرها “عداء” وفي مقدمتها الجزيرة..

يحدث هذا كله أمام صمت رسمي لأنظمة المنطقة، واعلامهم، والساسة الذين يدورون في فلكهم، كما لو أن ما يحدث يعادل الخبر العادي الذي يقول “كلبا عض رجلا” على حد تعبير الإعلاميين، حتى الاعلام المغربي الذي دأب على التعليق على حرية التعبير في فنزويلا البعيدة جدا ابتلع لسانه هذه المرة، والسبب في ذلك معروف طبعا، لأن الواقف في قفص الاتهام هو ولي نعمة ولي النعمة.. وحدهم “بائعو الاوهام” عبروا عن استيائهم من الفاجعة!

المنتظم الدولي في وضعية لا يحسد عليها، وفي مقدمتهم الرئيس الأمريك دونالد ترمب الذي بات ينظر الى أي تعليق له على الحادثة بوصفه ورقة جديدة يوظفها لابتزاز بن سلمان على شاكلة درك المرور الفاسدين في السلطويات، وليس غيرة على حرية التعبير وقيم العالم “الحر”..

طبعا، من السذاجة أن يعتقد المرء أن سابقي ترمب في إدارة البيت الأبيض كانوا ملائكة.. لقد كانوا مجرمين، بمن فيهم ويلسون رغم كل الاساطير التي نسجت حول سلامه، ولكنهم كانوا يخفون وجههم البشع وراء قناع البلاغة الرنانة، وكل ما قام به ترمب أنه أسقط هذا القناع وحول البيت الأبيض من دركي أخلاق العالم الحر إلى الدرك الأسفل من الاخلاق..

قضية خاشقجي وضعت العالم “الحر” أمام امتحان عسير.. فهل سيخفق فيه هو الآخر؟ لننتظر وتر.