تخوض جبهة البوليساريو حربا يائسة ضد المغرب في ظل مناخ دولي يعاكس ارادتها حيث تحشد امريكا حلفاءها لدعم مغربية الصحراء و حيث حاضنتها الجزائر تعيش ازمة مالية خانقة و حدودا مشتعلة و حراكا قد يتجدد و بالتالي اخر ما تحتاجه هو الدخول في حرب مدمرة. في هذا المقال سنبسط ستة اسباب تجعل الاعتقاد بانفصال الصحراء عن المغرب وهما و اشعال المنطقة عوض القبول بالحكم الذاتي انتحارا عبثيا.

1.الاعتراف بمغربية الصحراء صار واقعا                                      

قبل سنوات قليلة لم تكن هناك دولة عربية او افريقية تعترف بمغربية الصحراء بل حتى المغرب في خطابه الموجه للخارج كان يتحدث عن الاستفتاء و تقرير المصير. الان صارت مجموعة عربية و افريقية تدعم صراحة مغربية الصحراء بافتتاحها لقنصليات هناك في اعتراف واضح يشرعن لسيادة المغرب على صحرائه. كما انه قبل يومين اجتمع وزير خارجية المغرب مع مساعد وزير خارجية امريكا شينكر مع اربعين دولة عبر تقنية التواصل عن بعد لدعم مخطط الحكم الذاتي المقترح من طرف المغرب كثمرة أولية ناتجة عن الاعتراف الامريكي بمغربية الصحراء.

2.الاعتراف الامريكي جعل  مجلس الامن متحايدا                               

اعتراف امريكا بمغربية الصحراء سيحد من الضغط الدولي عبر مجلس الامن و يزيح احتمالية العقوبات او العمل العسكري تحت البند السابع وهو البند الذي استعمل قصد تمرير الاستفتاء في تيمور الشرقية سنة 1999 وبالتالي الانفصال عن اندونيسيا. ستتغير قرارات مجلس الامن في الموضوع  لتتضمن التطورات الجديدة خصوصا مقتضيات الاعتراف الامريكي بسيادة المغرب على الصحراء و ستصير هاته القرارات في اسوء الحالات بالنسبة للمغرب تكرارا غير ذي تاثير للقرارات السابقة الصادرة عن مجلس الامن.

3.إبطال مهمة المينورسو المتمثلة في إجراء الاستفتاء                                

لقد وضعت قوات المينورسو في الصحراء بهدف تنفيذ الاستفتاء و هي الاجراء العملي للتدخل الدولي في الصحراء. في عهد اوباما طالبت سفيرة امريكا بالامم المتحدة سوزان رايس توسيع صلاحيات المينوسو و يعني ذلك بشكل ضمني اضعاف قبضة المغرب على الصحراء بحيث ان ذلك كان سيؤدي الى ظهور سلطة اخرى غير سلطة المغرب توفر الحماية للمتظاهرين و تمنع القوات المغربية من تحقيق الاستقرار. كما كان سينقل الوضع في الصحراء من ادارة مغربية كاملة الى ادارة تحت المراقبة و مشروطة برضى و اهداف القوى الكبرى. اضف الى ذلك ان طرد المغرب للمينورسو سنة 2016  بعد وصف بان كيمون الصحراء بالمحتلة طالبت روسيا بتوضيح الاجراءات -في اشارة للعقوبات- التي سيفرضها مجلس الامن ضد المغرب في حالة عدم ارجاع المينورسو. فالمينورسو هي عين و يد الدول الكبرى في الصحراء تتفاوض فيما بينها حولها و تضرب بها المغرب وقتما تشاء. الان و بعد الاعتراف الامريكي افرغت المينورسو من محتواها و لم تعد اداة تطبيق الاستفتاء او مراقبة الادارة المغربية للصحراء.

4.الاعتماد على اشعال الصحراء من الداخل غير ممكنا                            

قليلة هي الاحتجاحات داخل المدن الصحراوية و لا تحض باي تغطية اعلامية دولية بل حتى عندما يتم محاصرة بيت من بيوت الصحراويين المحتجين لا نجد اي مساندة من طرف الساكنة. تقوية الاحتجاجات و توثيقها دوليا و الترويج لها من طرف لجان حقوق الانسان كانت خطوة حاسمة كما شرح ستيفن زونيس الاستاذ بجامعة سان فرنسيسكو  ادت الى بروز ضغوط دولية دفعت لاجراء الاستفتاء. زونيس دعا في مقال له بجريدة فورين بوليسي للاقتداء بنموذج تيمور الشرقية قصد تحقيق ‘استقلال’ الصحراء لكن ذلك لم يعد ممكنا. وحتى لو حدثث مثل هاته الاحتجاجات القوية فان الاعتراف الامريكي بمغربية الصحراء جعل احتمال الضغط الدولي على المغرب من الماضي.

5.فقدان البوليساريو القدرة على التعبئة                                   

يبدو ذلك واضحا من خلال عدم التفاعل مع قيادات البوليساريو لا من الناحية الإعلامية و لا من الناحية التنظيمية. فمثلا من يروج لاخبار الحرب المزعومة في الصحراء هم على رؤوس الاصابع وهم غالبا من الذين تعرضو للطرد من وظائفهم فحملو الدولة المغربية مسؤولية طردهم فصارو انفصاليين يروجون لأطروحة الانفصال وبروباغاندا الحرب . اما من الناحية التنظيمية فهي اشد بؤسا اذ لم يعلن احد من الصحراويين سواء في الصحراء او في الخارج انه التحق بصفوف المحاربين الراغبين في “تحرير’ الصحراء.                                             .

6.الرهان على العمل المسلح بات خاسرا.       

البوليساريو اليوم لم تعد بوليساريو السبعينات او الثمانينات فهي بعد اكثر من شهرين  على استئناف العمليات العسكرية حسب زعمها لم تحض حتى باعتراف مغربي بوجود مثل هاته العمليات او بتغطية اعلامية دولية تدل على وجود هذا العمل العسكري. و على عكس السبعينات و الثمانينات حيث كانت البوليساريو تقود عمليات كبيرة و مفاجئة صار الجدار الرملي العازل حادا لفعالية الهجمات و لم تبق  الاشتباكات المباشرة التي تميزت في الماضي بخطورتها و دمويتها.  ما بقي فقط بعض القذائف التي تزعم البوليساريو انها تنهار على العسكر المغربي لكن الحقيقة ان لا احد يوثق منتهاها.

نحن الان اذن امام حرب يائسة و بئيسة تخوضها قيادة هرمة تجاوزها الزمن و تقود مستقبل المستضعفين من النساء و الاطفال نحو المجهول في مخيمات تفتقر لادنى شروط العيش الكريم. و مع الاستثمارات الضخمة التي اعلنت في الصحراء سواء المغربية او الامريكية او العربية فان تنمية هائلة تنتظر المنطقة و من الخير ان تتمتع بها ساكنتها من الصحراويين عوض الاستمرار كلاجئين.ربما حان الوقت لكي تراجع البوليساريو و الجزائر مواقفهما و يقبلا بمقترح الحكم الذاتي المطروح قبل فوات الاوان. فالاحداث تتسارع ضد ما تشتهي سفنهما. و رب فرصة حاضرة اليوم تصير حلما في المستقبل.