مع تطور الأحداث في زمن الكورونا، وربط بعضها ببعض، يتضح جليا، أن كل حدث او تطور إلا وتفوح منه روائح توابل الشركات، ها هي هنا، تحاضر في رحلة ما بعد أزمة فيروس الكورونا، وتوصي فيما يشبه أوامر يجب أن تسير على نهجها الدولة، بأن مصالح الشركات فوق كل اعتبار استراتيجي للدولة، ولا ضرر في اغراق الدولة بقروض خارجية، من أجل حلحلة مشاكل الاقليات البورجوازية.

في حديث أحد السياسيين ورجال الأعمال حول نقاش ما بعد أزمة فيروس الكورونا، شدد المتحدث على أن مصلحة الشركات، فوق كل استقرار مالي للدولة، وأن حل مشاكل هذه الشركات، التي تضررت بفعل جائحة فيروس الكورونا، أولى من جميع الازمات الأخرى، التي كشف عنها الغطاء الفيروس اللعين، وتلك المتعلقة بأزمات القطاع الصحي، وأزمات التعليم الذي بات يتخبط خبط عشواء، وهو ما يبدو ظاهرا من خلال عطلة منتصف الليل.

مصلحة الشركات فوق مصالح الوطن، أن تخرج الدولة هذه الإمبراطوريات المالية،التي يصنف اصحابها سنويا في قمة اهرامات الرجال بادخي الثراء من قبل المجلة الأمريكية فور بيست، أن تخرجهم الدولة من كسادهم التجاري، ولا ضرر ان تزج بنفسها في غياهب المديونية العالمية، ونحن لازلنا ندعو وندق ناقوس الخطر، حول هذا السرطان الذي يدب في شريان الاقتصاد الوطني.

ما ان ابتلعنا بالكاد غصة هذه التوجيهات الرأسمالية المتوحشة، التي ليس من المفروض ان تصدر عن سياسي، مطلوب منه الدفاع عن مصالح الدولة، بدل التفكير الذاتي الأناني، أو ما يعرف نحن وبعدنا الطوفان.

حتى تسرب إلى الرأي العام الوطني، قانون يطبخه ذات الشخص، ويتعلق الأمر بمشروع قانون 20.22 المتعلق بتنظيم منصات التواصل الاجتماعي.

القانون الذي أجج الرأي العام، باعتباره مشروع قانون، يهدف بالدرجة الأساس إلى تقويض حريات التعبير التي يكفلها دستور 2011 في فصله 25، حيث يكفل حرية الفكر والرأي والتعبير بكل أشكالها، وحرية الإبداع والنشر والعرض في مجالات الإبداع الأدبي والفني والبحث العلمي والتقني مضمون.

هذا الانقلاب الفجائي في تعاقد الشعب والدولة لفاتح يوليوز، تفوح منه روائح الشركات، مرةً أخرى وهو ما يعيد إلى الاذهان واقعة المقاطعة الكبيرة، التي ضربت شركات بعينها، عقابا لها، على مجموعة من الأمور التي يراها المواطن تضر بمصالحه.

ان مشروع قانون 20.22 المتعلق بمنصات التواصل الاجتماعي، يهدف بالدرجة الأساس إلى اخضاع العامة، التي تعاكس مصالح الاوليغاشيات او الاقلية البورجوازية، التي لم تجد سبيلا إلى استمالة هذه العامة، التي بحسب منطوق الدستور لها كامل الحق في التعبير عن ارائها، ومنه محاكمة من يقفون في الصف المناوئ لمصالح الشعب.

لكن ما يثير الحنق والحسرة في الآن ذاته، هي أن يرضى حزب الاتحاد الاشتراكي على نفسه ان يؤدي دورا، لا يليق بتاريخه ولا برجالاته في مسرحية محبوكة، تشكل مؤامرة على القوات الشعبية، التي ينبغي على هذا الحزب، أن يحذفها من إسمه، ما دام انه ارتضى على نفسه، أن يصير حديقة خلفية لأصحاب الشركات، الذين يسعون جاهدين إلى تحوير بلادنا عن مسارها الصحيح، الذي يمضي إلى بناء دولة الحق والقانون، إلى بناء دولة الشركات، والمواطن المستهلك.

مشروع القانون هذا سيزيد من هوة التباعد بين بعض الطامحين إلى تصدر انتخابات 2021 وفئات شعبية واسعة، لا لشيء فقط، لأن هؤلاء يعتمدون ويتعمدون سياسة الترهيب ولي الأذرع من أجل بسط سيطرتهم الشاملة على جميع مؤسسات الدولة، وتحويل البلاد إلى مزرعة سعيد لطموحاتهم وأطماعهم الربحية.