الغش المدرسي: الشجرة التي تخفي الغابة وماذا بعد ال «VAR»؟
رغم أني لست من المهووسين بكرة القدم كرياضة جميلة أنتجتها الثقافة البشرية، ولدي انطباع غير جيد حول توظيفها، كإيديولوجيا، لأداء أدوار إشغالية تتفيهية صارفة للمدمنين عليها عن الاهتمام بقضاياهم الأساسية والمصيرية بوعي أو دون وعي. وذلك على غرار توسيل بعض أنواع الفنون الرخيصة والمبتذلة ذات الموضوعات “الحامضة” لأداء ذات الدور، وتسخير مختلف القنوات لذلك. رغم ذلك فقد تابعت المباراة الأخيرة بين فريق الوداد البيضاوي المغربي وفريق الترجي التونسي في إطار نهائي كأس عصبة الأبطال الإفريقية، والتي كانت تجري بملعب رادس بتونس، ليلة الأول من شهر يونيو 2019، وتوقفت بسبب احتجاج فريق الوداد البيضاوي على حرمانه من هدف مشروع، ومطالبته بالرجوع إلى الفيديو «VAR» لاستعادة حقه بعد التأكد من مشروعية الهدف، وذلك ما لم يحصل بسبب عدم تشغيل التقنية لسبب من الأسباب، وهو الأمر الذي اعتبره عدد كبير من المتتبعين والمحللين التقنيين غاية في الاستهتار والعبث. خاصة وأن هناك شبه إجماع سابق للمحللين التقنيين حول الظلم لذي تعرض له فريق الوداد في مباراة الذهاب أيضا، بسبب حرمانه من هدف مشروع، والذي ساوقه رفض الحكم العودة إلى الفار رغم كونه يشتغل، وتم تشغيله لصالح الفريق الخصم. الخلاصة أن مباراة الإياب المهزلة توجت بإعلان فريق الترجي بطلا للدورة في أجواء يعمهما استياء الجميع تقريبا، بما في ذلك جل الجمهور الذي انسحب من الملعب.
آراء أخرى
في سياق الأجواء المشحونة للمباراة، واللغط المصحوب بالاستغراب الدائر حولها، راودتني عدة أسئلة وأنا أتابع الذي يجري؛ أليست سياستنا هكذا؟ أليس اقتصادنا هكذا؟ أليست ثقافتنا هكذا؟ أليست علاقاتنا الاجتماعية هكذا؟ أليست ثقافتنا هكذا؟ أليس تديننا هكذا؟ أليست مشاريعنا الكبرى متوقفة مثل هذه المباراة رغم أنه لا وجود لمبرر معقول يدعو إلى التوقف؟ نعم تقع أخطاء، الأخطاء واضحة، فلتصحح، ولتستمر المباريات والتحديات في كل مناحي الحياة. وأمام العجز المطلق للحكم عن إصدار أي قرار رغم أن الأمور واضحة يمكن حسمها بمجرد العودة إلى هاتف محمول تساءلت: هل هناك من يدير السيرك عن بعد وهذه مجرد كراكز متحركة في الملعب؟ ولماذا يصر التحكم على ألا تكون اللعبة نظيفة، والمنافسة شريفة، فتفضي إلى انتصار الجميع، وفرح الجميع؟ أي وضع مُقرِفٍ هذا؟
وبعد؛ أليس هذا وجهنا الحقيقي في المرآة بلا “عكّار”؟ وها نحن عراة تماما، وعورتنا مكشوفة أمام العالم أجمع؟
لعله من المثير جدا للانتباه ليلة الجمعة، 31 ماي 2019، وبعد الذي جرى، أنه لا حديث في الشارع المغربي إلا عن المباراة وظلم الحكام والغش الرياضي والمؤامرة ضد المغرب وغير ذلك. كما لا حديث في موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك Facebook إلا عن ذلك، وطيلة يوم السبت 01 يونيو 2019 أيضا. وذلك يدعو إلى التساؤل: وهل الذي حدث إلا غيض من فيض الغش بمجمعاتنا؟ بحياتنا؟ فلِمَ هذا المنسوب العالي من اللغط عندما تعلق الأمر بمجرد مباراة في كرة القدم لا تسمن ولا تغني من جوع بالقياس إلى حجم إخفاقاتنا في مجالات أكثر حيوية وحساسية؟
الأكثر أهمية بالنسبة لي من كل ما حدث هو أنه أعاد إلي، بقوة التداعي، السؤال الذي طالما طرحته حول ظاهرة الغش المدرسي واللغط الكثير حولها؟ وأي سؤال عويص هذا؟
لعل المتابع المهتم ينتبه، بلا جهد كبير، إلى أنه كلما صارت الامتحانات الدراسية على الأبواب مع اقتراب انتهاء الموسم الدراسي كلما كثر الحديث عن ظاهرة الغش المدرسي، وغطى موضوعها على غيرها من الموضوعات ذات الصلة بالغش في جميع مناحي الحياة. وهو ما يجعل كل حديث منفصل عن السياق العام للظاهرة غير ذي معنى. وإنه لمن المدهش حقا أنه قُبَيل كتابة هذه السطور المتواضعة حول هذه الظاهرة قلت لا بأس من إطلالة على ما كتب حول الغش من مقالات تقاربها على شبكة الأنترنيت، فإذا بالمفاجأة كبيرة جدا، وذلك بالنظر إلى كون كل العناوين والموضوعات التي مكنتني منها الشبكة، على الأقل الأكثر من عشرين عنوانا ورابطا، ارتبط أساسا بالغش المدرسي، وبالضبط الغش في الامتحانات، وذلك ما بين مقالات مكتوبة وفيديوهات، فتساءلت: أليس التركيز على الغش المدرسي بهذا الكم وهذا الكيف فيه الكثير من التسطيح العائد إلى الاهتمام بالمظهر وإغفال الجوهر؟ أليس من السخافة الاقتصار على جلد الغابة التي تخفي شجرة الفساد؟ وأين المشكل إذن؟
لأن الغش، بشكل عام، يدور حول معاني التزوير والتزييف والاحتيال والخيانة والغدر والكذب والتقصير، وهي كلها معاني سلبية، ولأن الغش المدرسي سلوك منحرف يتراوح بين التقصير والتزوير وحفظ الأمانة بالنسبة للمدرسين والمسؤولين وعدم القيام بالواجب والالتجاء إلى أساليب غير مشروعة في التقويمات والامتحانات من أجل الحصول على نتائج جيدة بالاعتماد على التزوير والخداع والاحتيال، وبالنظر إلى جسامة الأخطار المترتبة على هذه الظاهرة السرطانية التي استشرت في المدارس والجامعات والمعاهد وغيرها، فلا أحد من العقلاء يستطيع، على مستوى الحكم، تبرير الغش أخلاقيا، خاصة وأن الغش المدرسي قد يفرز مجتمعا مريضا على جميع الصعد، سواء في الحاضر أو المستقبل، إلا أن هذا الورم الخبيث يجد له تبريرات واقعية براغماتية على مستوى رد الأسباب إلى مسبباتها، ذلك أنه يجد جذوره متأصلة في الانحطاط، ولا نبالغ إذا قلنا الإفلاس، القيمي للمجتمع في جميع أبعاده؛ السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والرياضية وغيرها، فأي قطاع من القطاعات المجتمعية لا ينخره الغش؟ حينما يعشش الغش في السياسة، وتصبح محض حقل للعبث والكذب والنفاق والارتزاق واللامسوؤلية والزبونية واللاكفاءة والسباق نحو المكاسب والمناصب والبيع والشراء في الذمم والتمثيل الفرجوي. وحين يصبح الاقتصاد مغشوشا قائما على الفساد والرشوة والريع والاحتكار والتحايل والإقصاء والتهريب والتهرب الضريبي والاستئثار بنصيب الأسد من الخيرات والمقدرات برا وبحرا، وتحت الأرض وفوقها. حين تصبح القيم الرائجة على المستوى الاجتماعي هي قيم الفردانية والاستغلال والحقد والكراهية والذئبية والنفاق والتملق والخيانة والسخرية والمباهاة والرياء. حين تهيمن على الثقافة مظاهر التفاهة، وتعم مظاهر الدجل والشعوذة والتكفير والتطرف والتدين الطقوسي المغشوش المرائي الخالي من المعنى الفاقد للمردودية الأخلاقية الروحية، وتدور كثير من الأمثال الشعبية في فلك تبرير مظاهر الغش والفساد من قبيل: “شف واسكت” و”ادهن السير يسر” و”تمسكن حتى تتمكن” و “اللي ما عندو سيدو عندو للاه” و “اللي عندو خالتو فدار العرس ما يبات بالجوع” و “سلك حسن لك” و “لا عين شافت لا قلب وجع”، والحمد والرضا على كل شيء مهما كان سيئا باعتباره تدبيرا إلهيا حكيما، وعندما يسكت المثقف متقاعسا، أو يتحول إلى مجرد كائن انتهازي وصولي مرتزق متملق يستغل جهل وضعف الناس من أجل توهيمهم وتضليلهم والاحتيال عليهم لخدمة مصالحه الضيقة وتبرير الفساد وخدمة المفسدين الغشاشين الكبار المحترمين. حين تصبح الرياضة مصدرا الاغتناء غير المشروع للنافذين والمتحكمين وسماسرة الدوريات والمنافسات والمباريات… وحين تصبح صحة المواطنين للبيع والشراء والاستهتار، سواء في القطاع العام الذي ينخره الغش من أعلى الرأس إلى أسفل القدمين، أو القطاع الخاص الذي لا شيء يعلو فيه على منطق الربح والفلوس، حيث لا معنى ولا قيمة ولا كرامة للإنسان. حين يصبح المعيار في مباريات التوظيف هو القبيلة والزبونية والحزبية والرشوة والولاء، وينعدم تكافؤ الفرص. حين يُعين للعمل في التعليم، كقطاع حساس جدا، من لا يمتلك الكفاءة المعرفية والمنهجية والاستعداد النفسي والتكوين البيداغوجي اللازم. حين يَصطحب الأساتذة في امتحانات الترقي حقائب منتفخة الأوداج لم يحملوها طيلة مشوراهم المهني من أجل الغش. حين يكون التعليم الأولي مجرد افتراض في كثير من المناطق ويبنى عليه ما بعده دون واقعيته. حين يتم اعتماد الخريطة المدرسية في انتقال التلاميذ من مستوى إلى مستوى دون اعتماد نتائج التقويم أو باعتماد عتبات متدنية جدا عن المعدل. حين ينصرف بعض الأساتذة في القطاع إلى إعطاء الدروس الخصوصية والسمسرة في التلاميذ والنقط بدون ضمير. حين يتعاطى بعضهم للتدريس وبذل المجهود بالقطاع الخاص على حساب القطاع العام. حين تُفصَّل مباريات توظيف أساتذة الجامعات على المقاس بلجنة علمية من خمس أساتذة يتعاونون على تنفيذ الجريمة ويحتفلون بها، حين تمنح النقط والمعدلات بطريقة مزاجية لاعتبارات غير علمية، حين يعي الطالب الجامعي أن منصب زميله في الدراسة ابن فلان محجوز مسبقا… حين تباع الشهادات والدرجات والبحوث بثمن بخس يقبض ثمنه المفترض أنهم نخبة المجتمع وصفوته والمؤتمنون عليه. حين يهيمن غياب العدل، ويكثر الظلم وانتهاك الحريات والحقوق، وتنعدم الثقة في القضاء. حين يصبح الغش أحد الركائز الأساسية للترقي في عدد من القطاعات، وحين يتم ضرب مبادئ التكوين الجيد والنزاهة والشفافية والاستحقاق وتكافؤ الفرص وربط المسؤولية بالمحاسبة، وحين تتخلى المدرسة والأسرة والإعلام، وباقي قنوات التنشئة، عن التربية على قيم العمل والواجب والنزاهة، وحين يثبت الواقع أنه لا معنى ولا مردودية لهذه القيم في مجتمع فاسد ومتخلف على جل المستويات، كما تؤكد ذلك الدراسات والإحصائيات والأرقام والترتيبات، سواء الداخلية أو الخارجية، كما تؤكد ذلك الخطب الرسمية أيضا. حين يغيب عن الفرد الشعور بالمسؤولية اتجاه نفسه واتجاه الآخرين، اتجاه الوطن واتجاه الإنسانية، ويستسلم للتفاهة وثقافة الاستهلاك والغرائز والمباهاة والتمشهدية بتعبير السوسيولوجي المغربي عبد الرحيم العطري، حين يستسلم للعبودية الطوعية بتعبير المفكر الفرنسي إي تيتيان دي لابوا سيي، حين يكون أضل من الأنعام أو كالحمار يحمل أسفارا بالتعبير القرآني. حين يهيمن الغش على كل شيء، وينجح الغشاشون في حياتهم الشخصية والمادية، وتصبح لهم قيمة اعتبارية، ويتحولون إلى قدوة، ماذا تنتظر من أفراد المجتمع غير الإيمان بالغش منهجا للنجاح في الحياة، وشرطا له، ف “من نقل انتقل ومن اعتمد على نفسه بقي في قسمه” كما في المحفوظ التلاميذي. حين يصبح الغش تطبيقا “Application” اجتماعيا وقيميا متأصلا في البنية الذهنية للتلميذ مواطن المستقبل. ولا نبالغ إذا قلنا إن قد وصل عند البعض إلى درجة التأليه باعتباره المنقذ والمعول عليه الذي لا مفر منه إلا إليه. حين تصبح أساليب الغش حقوقا مقدسة يعتبر من يقف في طريقها شاذا، ومتخلفا، ومنتهكا للفرص والأرزاق، وعنصريا، أو منافقا يسكت على غش الأقوياء الكبار ويحارب غش الضعفاء الصغار، في غياب تام لتكافؤ الفرص. حين كل هذا، ماذا تنتظر من أفراد المجتمع جميهم؟ ماذا تنتظر من تلاميذ جلهم ضعاف محبطين لا رادع لهم؟ ماذا تنتظر من مراقب لا يحس بالضمانات الأمنية الكافية والقناعات الثابتة الموجبة لأداء الواجب؟ ماذا تنتظر من مسؤولين أحرص ما يحرصون عليه هو أن تمر الأمور شكليا بدون مشاكل، معتبرين ذلك نجاحا في حد ذاته، فضلا عن حرص البعض على التعويضات السمان في غياب المساواة بينهم وبين المشاركين في نفس المهمة.
وإذا كان نظام التربية والتعليم والتكوين، باعتباره القلب النابض للمجتمع بجميع أبعاده، قائما على الغش، فهل يُنتظر إلا الإفلاس المجتمعي؟
ولأن الشيء بالشيء يذكر، كما يقول المثل، فمن الوقائع والنوادر الدالة التي تحضرني، والتي تحتاج إلى تدخل علم النفس الاجتماعي، أو تدخل فرق الجريمة المنظمة، لحل لغزها، سأورد ما يلي:
- روى أستاذ أنه بينما كان يحرس في قاعة للامتحان جاءه أستاذ آخر، يحرس قبالته في قسم آخر، سلم عليه بحرارة، وأخبره بأن بالقسم ابنه، وفي ذلك كلام ضمني بالتماس التجاوز عنه والسماح له بالنقل. خلال الامتحان بدأ ذلك التلميذ باستخراج الأوراق والحروز، ووضعها على الطاولة، فحاول المراقب تنبيهه إلى ضرورة الحرص على النزاهة طالبا منه إزالة الأوراق، وعدم إثارة الفوضى في القسم. سحب التلميذ الحروز لبعض الوقت ثم أعادها مرة أخرى بدون استحياء، توجه إليه المراقب وسحب منه الأوراق. بعد ذلك سحب منه الهاتف الأول، ثم الهاتف الثاني. ولما علم أبوه المراقب في قسم آخر بذلك بطريقته الخاصة، لربما من خلال إشارة بينه وبين ابنه، جاء إلى الأستاذ، واستعطفه من أجل إعادة الهاتف الثاني إلى ابنه، فاعتذر له الأستاذ بدعوى أن ابنه أثار فوضى في القسم، ولا يعرف حتى كيف يغش، وأنه سحب عددا من الهواتف ولا داعي لإحراجه، فاقترح عليه أن يأتيه بالهاتف في غفلة من التلاميذ، ويشير إلى ابنه بالخروج إلى المرحاض، ويسلمه له في الأدراج. نظر إليه الأستاذ المراقب بشفقة وحسرة، وتركه واقفا، وعاد إلى مواصلة الجحيم. بالمناسبة فإن هذا الأستاذ الأب يدرس التربية الإسلامية.
- روى أستاذ آخر أنه في حصة للمراقبة ضبط تلميذا بحوزته رزمة من الحروز محزومة بحرز أيضا، مكتوب عليه من جهة الظهر بالخط الغليظ: “اللهم رب إني أسألك التوفيق، إنك على كل شيء قدير”.
- روى أستاذ ثالث أنه قبل اجتياز الفرض الأخير في السنة الدراسية لقسم في مستوى الثانية باك، ونظرا لأن التلاميذ ضعاف جدا، جازف بمساعدتهم، فأخبرهم بأن كل من حاول الإجابة بشكل منتظم، وبخط واضح، وبذل مجهودا ذاتيا، سيحصل على الأقل على المعدل. ومن حاول الغش سيحصل على الصفر مرفقا بتقرير. خلال إنجاز الامتحان ضبط تلميذة تمرر لزميلتها ورقة لمساعدتها رفقة المبيض الذريعة، وهما معا بمستوى ضعيف جدا. يقول الأستاذ: لقد اكتشفت من خلال هذا السلوك أن المهم في البنية الذهنية للتلميذ لم يعد هو الحصول على المعدل وإنما هو النجاح في عملية الغش.
- روى آخر أنه فوجئ بسؤال محرج وهو يقوم بالمراقبة؛ بادره أحد التلاميد بقوله: وصلْنا إلى الثانية باك بمستوى ضعيف جدا أستاذ، فكيف يُطلب منا في الآن ما لا نستطيع؟ وزايدون كلشي كايغش، واش غي حنا؟ (الجميع يغشون، وليس نحن فقط؟)؟ فرد عليه بأن ما يقوله غير صحيح، ولا يدخل في مسؤوليته، ونهره، وظل طيلة الحصة متوترا يفكر في السؤال.
- وروى آخر أنه كثيرا ما يتم استبدال المراقبين المتشددين في الحراسة بآخرين طيعين لتجاوز الاصطدامات والمشاكل والمضاعفات.
- وروى آخر أنه لم يُعرف لحد الآن من سرب امتحان الرياضيات، وأن ابن فلان يتم انتقاء المراقبين له على المقاس، وابن فلان تصله الأجوبة كاملة، وآخرين معقودة لأجلهم لجن الإجابة بالمقاهي والمنازل. أما قصة التصغير في المكتبات فلا تخفى على أحد.
والطرف والنوادر والمهازل لا تنتهي. وإمكانيات التخفيف من الغش باستعمال الهواتف متوفرة مثلا، ولكن؟
وأخيرا رحم الله سبط بن التعاويذي إذ يقول:
إذا كان ربُّ البيتِ بالدّفِّ ضارباً *** فشيمةُ أهلِ البيت كلُّهمُ الرقصُ
كذلك هو حال التعليم، بتلاميذه وطلبته وموارده البشرية في كل أسلاكه، مرآة للمجتمع، يتفاعل معه جدليا، يتأثر به ويؤثر فيه ويعيد إنتاجه بتعبير بيير بورديو، وسيبقى كذلك ما لم يكن هناك إصلاح سياسي قيمي اجتماعي اقتصادي ثقافي عام، والجميع متهم حتى تثبت براءته.
وقبل نقطة النهاية لا بد من التأكيد على أن هناك استثناءات؛ فالشرفاء لا يعدمهم زمان أو مكان أو مقام. وهم شعلة الأمل.
ولكن، إذا أثبت ال «VAR» أن الغش هو المهيمن، وتم الإصرار على الخطأ، ما العمل؟ هذا هو السؤال.
باحث في اللسانيات والتواصل والتربية