الأمر الأكيد هو أن السيد إدريس لشكر يعيش آخر أيامه على رأس حزب الاتحاد الاشتراكي الذي فقد كل بريقه خلال السنوات الأخيرة ليتحول بذلك إلى حزب لا يختلف كثيرا عن الأحزاب التي تصنعها السلطة على مقاس يناسب احتياجاتها.. لا نقول أن لشكر كان السبب الرئيس لما وصل إليه الحزب اليوم ولكننا نقول أن لشكر نفسه هو نتيجة لعبث ممنهج اقتحم باب الحزب قبل سنوات، طبعا لم تكن بدايته المشاركة في حكومة التناوب، وقد تكون نهايته المشاركة في حكومة العثماني.

القريبون من حزب المهدي بن بركة والمطلعون على كواليسه يعلمون ولا شك  بتواجد مخطط علني يهدف لإبعاد السيد لشكر من على رأس  الحزب خلال الأشهر القليلة القادمة بعدما تأكد للجميع أن استمراره كزعيم للحزب  سيحول دون القدرة على الشروع في بلورة الرؤية الجديدة التي أتى بها الأستاذ عبد الرحمن اليوسفي والتي تهدف إلى إعادة بعث الروح في حزب المهدي بن بركة كواحد من الأحزاب الوطنية الأكثر تأثيرا في المشهد السياسي المغربي، فرؤية الأستاذ اليوسفي تنبني على القطع مع إرث مرحلة السيد لشكر  باعتبارها واحدة من أسوء المراحل في تاريخ الحزب كما تنبني على انفتاح حقيقي على الشباب.. وهو الأمر الذي نفسره باحتمالية تسليم كتابة الحزب للسيد أحمد رضى الشامي الذي يتولى حاليا منصب رئيس المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي.. رغم أن كثيرين يتوقعون بأن يتم بداية تسليم الكتابة للسيد الحبيب المالكي كمرحلة انتقالية يتم فيها تجديد هياكل وأجهزة الحزب على مستوى الأقاليم والجهات من أجل أن يكون التغيير مبنيا على أسس قوية وألا يتم السقوط في أخطاء المرحلة الماضية… طبعا السيد المالكي يحظى بالكثير من الاحترام والتقدير داخل الحزب لأنه واحد من الأسماء التي ساهمت في بناء وتقوية الحزب إلا أنه بطريقة ما تحول مؤخرا إلى أحد الأطراف التي ساهمت في تقهقر وتراجع الحزب من خلال قبوله وتأييده للكثير من القرارات التي اتخذها لشكر وكان الجميع يعلم أنها قرارات ستقود الحزب نحو نهايته..  لذلك نقول أن تسليم الحزب للسيد المالكي هو أحد الأخطاء التي قد تكرس الأزمة بدل أن تحلها. 

كثيرون أيضا يتوقعون أن السيد عبد الكريم بنعتيق هو من سيقود هذه المرحلة الانتقالية بحكم أنه رجل توافقات ويحظى بتأييد أغلب الاتحاديين بحكم أنه التحق بالحزب قبل أربع سنوات فقط، وهي الفترة التي عمل خلالها على الانفتاح على كل الاتحاديين بطريقة مكنته من أن يصل للمكتب السياسي وأيضا مكنته من أن ينال موافقة الجميع عندما تم اقتراح اسمه لحمل حقيبة وزارة الهجرة…

طبعا لا نعترض على أحقية السيد بنعتيق في قيادة الحزب خلال مرحلة ما بعد لشكر، لكن الخوف كل الخوف أن تمتد المرحلة الانتقالية إلى سنوات طويلة تصبح معها مصلحة الحزب غير ذات قيمة وتصبح معها رؤية السيد اليوسفي مجرد وميض.. لذلك نقول أن انبعاث حزب الاتحاد الاشتراكي من جديد مرتبط أولا بشخصية الاتحاديين الذين يجب أن يقتنعوا بأن الحزب أهم من ذواتهم. أقول ذلك لأني أعلم جيدا أن أزمة الاتحاد الاشتراكي مرتبطة أساسا بتغليب المصلحة الذاتية على مصلحة الحزب.