علقت صحيفة “واشنطن بوست” الأمريكية، على نتائج الاستفتاء على التعديلات الدستورية في تركيا، قائلة إن الموافقة على الاستفتاء بفارق ضئيل عمن صوتوا بـ”لا”، واحتمال اندلاع احتجاجات من قبل المعارضة، يشيران إلى حالة الاستقطاب العميقة في البلاد، وأن الفوز بهامش بسيط يمثل ضربة للرئيس رجب طيب أردوغان، ويوحد المعارضة المنقسمة.

وأشارت الصحيفة في تقرير لها، إلى أن اثنين من أحزاب المعارضة رفضا الاعتراف بالهزيمة، وطالبا بإعادة فرز الأصوات، بعد عدة تقارير تحدثت عن تزوير، ورغم العديد من الإخفاقات في الديمقراطية التركية، إلا أن الانتخابات الأخيرة كانت نزيهة فى أغلبها، غير أن هذا لم يكن الانطباع السائد مساء أمس الأحد، إذ تحدثت أحزاب المعارضة عن تقارير تشير لتزوير في بطاقات الاقتراع وأخطاء من قبل اللجنة الانتخابية.

ويقول الباحث التركي سليم سازاك، إن المعارضة التركية اعتقدت دوما أنها خسرت بشكل عادل تماما في الانتخابات الماضية، إلا أن ما حدث أمس الأحد يعد تغييرا كبيرا.

ويقول معارضو أردوغان، إن التعديلات سترسخ لحكم الرجل الواحد، وتؤسس منظومة ديكتاتورية فعلية، بينما يجادل أنصاره بأنه نظرا لتاريخ تركيا مع الانقلابات، وآخرها المحاولة التي جرت منتصف يوليو الماضي، والصراع الأهلي، وفشل السياسات الائتلافية، فإن هناك حاجة لسلطة تنفيذية أقوى، وعندما يصبح النظام الجديد ساري الفعل في الانتخابات المقبلة، المتوقع إجراؤها سنة 2019، فإنها ستمثل التغيير الأكبر في السياسات التركية منذ ظهور الجمهورية الحديثة عقب الحرب العالمية الأولى.

واعتبرت الصحيفة، أن الانتصار بنسبة طفيفة فى الاستفتاء ضربة كبيرة لـ”أردوغان”، إذ ستوحد المعارضة المنقسمة الآن ضده، وأول المؤشرات على هذا اندلاع مظاهرات في أنحاء إسطنبول أمس، بالأوانى، للتعبير عن الغضب من التصويت، وربما يكون “أردوغان” قد حقق فوزا، لكنه لا يستطيع أن يدعي الانتصار الصريح الذي كان يأمله.

وحذر زيا ميرال، الباحث في مركز التحليل التاريخي وأبحاث الصراع في بريطانيا، من حالة انعدام يقين مقبلة في تركيا، وقال إن الهامش البسيط للفوز والأصوات المتنازع عليها ستلوث شعور أردوغان بالانتصار وسهولة معالجة العملية فيما بعد، ويقوي هذا من موقف المعارضة التركية، لكنه يعني أيضا أن الأطراف الدولية ستصبح أكثر صراحة في المطالبة بعدم المضي قدما في تغييرات مقترحة، ويتجلى هذا في بيان المجلس الأوروبى الذي طالب بالفعل باحترام استقلال القضاء، وستكون المرحلة المقبلة مكثفة سياسيا واجتماعيا، مع اندلاع احتجاجات أو تصاعد حالة الجدل السياسي القاسي.