راسل الإئتلاف المغربي ضد عقوبة الإعدام، رئيس الحكومة سعد الدين العثماني بمناسبة انعقاد الدورة 46 لمجلس حقوق الإنسان، والتي انطلقت بجنیف بتاریخ 22 فبرایر 2021 ، لمناقشة جدول أعمال غني بالمواضیع الحقوقیة وعلى رأسها الحقوق المدنیة والسیاسیة.

وأشار الائتلاف في مراسلته، أن ما یمیز هذه الدورة بالخصوص، هو تنظیم الحوار عالي المستوى حول عقوبة الإعدام، وهو بمثابة ورشة تفكیر تعددي بإسهام من خبراء في علم حقوق الانسان، وذلك تبعا لما قرره المجلس منذ سنة 2015 لما أطلق تجربة اللقاء الرفیع المستوى لتناول مواضیع عالیة الأهمیة لدى الرأي العام الدولي، ولدى المنظمات المدنیة المشتغلة بقضایا حقوق الإنسان بكل أبعادها الدستوریة والمجتمعیة والثقافیة والسیاسیة وغیرها.

وأوضح أن المغرب عضو بالمجلس سنة تأسیسه في 2006 ثم سنة 2014 ، وهو الیوم مرشح ویتنافس لنیل مقعد بالمجلس من جدید، وهي مهمة لیست بالعادیة بل تفرض على كل دولة تترقب الفوز بالمقعد مثل المغرب، أن ترقى بعطائها وانضباطها في مجال الحقوق الانسان لدرجات عالیة، تسمح لها بتقدیم الرأي والمشورة و تقییم و مراقبة مدى تنفیذ الدول الأعضاء بالتزاماتها التعاقدیة الحقوقیة في أسمى مستویاتها، أو كما ینص القرار المنشئ للمجلس: ” على أن الأعضاء المنتخبین للمجلس یجب أن یلتزموا بأعلى المعاییر في تعزیز وحمایة حقوق الإنسان، أي أن تكون صفحاتها الحقوقیة بیضاء في مجال احترام حریة الرأي والتعبیر وتأسیس الجمعیات وعدم الامتناع من تسلیم الوصلات واحترام قواعد المحاكمة العادلة والالتزام بالمساواة بین الجنسین و تقدیس الحق في الحیاة.

ودعا الائتلاف رئيس الحكومة إلى تنزيل المادة 20 من الدستور اعترافا بالحق في الحياة، وخصوصا بعد انعقاد المنتدى الدولي لحقوق الإنسان بمراكش اخر سنة 2014، وما بعد المطالبة الرسمیة بالغاء عقوبة الاعدام من قبل المؤسسة الدستوریة وهي المجلس الوطني لحقوق الإنسان، ومطالبات الهیئات الحقوقیة في كل المناسبات.

وأبرز أن الحكومة لا زالت تتعامل مع الحق في الحیاة معاملة غیر دستوریة، و تنحاز لثقافة حزب الأغلبیة وتفرضها على كل مكونات الحكومة، و تتصرف مع المواثیق الكونیة لحقوق الإنسان دون مستوى ما تنص علیه، وهي التي علیها كعضو مرشح للمجلس أن ترقى لمستواها ولمستوى البروتوكولات الدولیة والإقلیمیة ذات الصلة بإلغاء عقوبة الاعدام.

واستغرب الائتلاف من عدم مصادقة الحكومة على البروتوكول الاختیاري الثاني للعهد الدولي للحقوق المدنیة والسیاسیة الخاص بإلغاء عقوبة الإعدام، ورفضها المصادقة على میثاق روما للمحكمة الجنائیة الدولیة، ورفضها كذلك مناقشة مقترحات قوانین قدمتها أحزاب سیاسیة ترمي إلى إلغاء عقوبة.

وأكد الائتلاف أنه يمكن أن يتفهم تنافس الحكومة المغربیة داخل مؤسسة أممیة مثل مجلس حقوق الانسان، التي تعود العضویة فیه للدول، لكنه لا یقبل الازدواجیة التي تتعامل بها الحكومة وهي تسعى لبلوغ أعلى منصة حقوقیة عبر العالم من خلال محاولة الحصول على ثقة المجموعة الافریقیة، وفي نفس تصر ذات الحكومة على التأجیل إلى ما لا نهایة له فيما يخص تنزیل المادة العشرین من الدستور أي إلغاء عقوبة الإعدام، إلى جانب تأجيلها تزیل مواد حاسمة أخرى منه مثل القانون التنظیمي للدفع بعدم دستوریة القوانین، وتأجیل القانون التنظیمي للحق في الاضراب وغیرهما.

واتهم الحكومة بخلق اللبس لدى الرأي العام بقولها أنها ستقلص من عدد المواد الموجبة لعقوبة الإعدام في مشروع القانون الجنائي المعلق منذ 2015 ، وهو ما یعتبر في نظر الائتلاف تناقضات مرفوضة حقوقیا و محاولات للتهرب من اتخاذ القرار بالإلغاء تحت غطاء شعارات إیدیولوجیة تجاوزها المجتمع و مضى علیها الزمن، مما لن تكون الحكومة معه داخل مجلس حقوق الانسان سوى رقما عادیا تأثیره ضعیف.

وشدد الائتلاف على عدم جدوى عقوبة الإعدام قضائیا وثقافیا ومجتمعیا وقانونیا وإنسانیا، داعيا رئیس الحكومة إلى وضع حد للوهم في تعایش الحق في الحیاة مع الإبقاء على عقوبة الإعدام.

وطالب الائتلاف رئيس الحكومة أن يجعل من مشاركة المغرب في دورة مجلس حقوق الإنسان الحالیة، الفرصة المثلى لتعلن الحكومة أمام العالم أنها قررت إلغاء عقوبة الاعدام من قوانینها الجنائیة والعسكریة، وأنها قررت تحویل عقوبة المحكومین بالإعدام إلى عقوبات محددة، وأنها قررت أن ترفع الاعتقال عن المحكومین بالإعدام الذین تقادمت العقوبة في حقهم وأصبحوا أسرى تعسفا، وأن تقرر تعویضهم عما قضوه من مدة بالسجون بعد سقوط العقوبة بالتقادم.