أبرز ما جاء في مذكرة “مجلس حقوق الانسان” بخصوص تعديل القانون الجنائي

تضمنت مذكرة المجلس الوطني لحقوق الانسان، ملاحظاته بخصوص تعديل القانون الجنائي، من أجل قانون جنائي يحمي الحريات ويستوفي مبادئ الشرعية والضرورة والتناسبية.
ومن القضايا التي خصها المجلس الوطني لحقوق الإنسان، بملاحظات وتوصيات مهمة في مذكرته حول مشروع القانون رقم 10.16 المتعلق بتعديل القانون الجنائي، والموجهة إلى رئيسي مجلسي البرلمان وإلى الفرق البرلمانية، بعد المصادقة عليها من قبل مكتب المجلس بتاريخ 29 أكتوبر 2019.
وغطت توصيات المجلس الوطني عدة مجالات من القانون الجنائي، بما في ذلك ما يتصل بعدم تقادم التعذيب، وزجر ضروب المعاملة القاسية واللاإنسانية والحاطة بالكرامة، ومكافحة الاختفاء القسري، وتجريم التحريض على العنف والكراهية والتمييز.
أمن الدولة
أوضح المجلس الوطني لحقوق الإنسان أن مشروع القانون الجنائي ركز على المفهوم المجرد لأمن الدولة والذي يوحي بأن للدولة مصالح جديرة بالحماية تختلف عن مصالح مجموع المواطنين، لهذا أوصى المجلس بتعديلها إلى الجرائم التي تخل بالسير العادي (أو الصحيح) للمؤسسات الدستورية، أو الجرائم التي تخل بسير المؤسسات الدستورية، وكذا تغيير صياغة الفصل 206 في اتجاه تدقيق العناصر التكوينية لجريمة المس بالسلامة الداخلية للدولة وصورها.
واستند المجلس الوطني كسند للتوصيتين على ضرورة انسجام صياغة القانون الجنائي شكلا ومحتوى مع تعميق التوجه الديموقراطي للمغرب.
وبسبب تنامي ظاهرة التظاهر في الشارع العمومي وتزايد احتمالات وقوع العنف والاستفزاز، أوصى المجلس الوطني لحقوق الإنسان بإضافة فصل خاص بالعنف العمومي والتحريض عليه في سياق التظاهر أو المس بالنظام العام، عندما يكون هذا العنف خطيرا وغير متناسب، مع الحرص على أن يكون مفهوم العنف عاما من حيث آثاره بحيث يشمل حالات المس بالسلامة البدنية أو المعنوية أو النفسية للفرد أو بملكيته وأمنه.
وفي ذات السياق دعا المجلس الوطني لحقوق الإنسان، إلى إضافة مقتضى جديد يتعلق بالعنف بالفضاء العمومي بسبب تنامي وسائل التحريض وإمكانياته وأوجهه ولخطورة ممارسات التحريض على العنف والكراهية والتمييز، وذلك باحترام مبدأ الشرعية، فلا جريمة ولا عقوبة إلا بنص.
وطالبت المؤسسة الحقوقية إلى إضافة مقتضيات خاصة بالتحريض على ارتكاب جناية أو جنحة أو فعل يعاقب عليه القانون، ولاسيما التحريض على العنف مهما كان نوعه وعلى الكراهية والتمييز، مع تحديد عناصره بكيفية صريحة ودقيقة بحيث يشمل أفعال الدعاية، والتأثير والتهديد والضغط، والنص على الحالات التي يساعد فيها شخص على ارتكاب جناية أو جنحة أو يدفع إليه أو يشجع عليه.
التعذيب جريمة خطيرة
نظرا لكون التعذيب جريمة خطيرة فقد دعا المجلس الوطني لحقوق الإنسان لضرورة تقوية آليات مكافحة إفلات مرتكبيها من العقاب، خاصة وأنه يرتكب غالبا من طرف مرؤوس تحت الرقابة الفعلية لرئيس أو من يقوم مقامه.
وأوصى المجلس بأن يعاقب بنفس العقوبة المتعلقة بجريمة التعذيب (ويحال على الفصل المتعلق بتلك الجريمة)، الرئيس الذي كان على علم بأن أحد مرؤوسيه ممن يعملون تحت إمرته ورقابته الفعليتين قد ارتكب أو كان على وشك ارتكاب التعذيب، أو تعمد إغفال معلومات كانت تدل على ذلك بوضوح، أو كان يمارس مسؤوليته ورقابته الفعليتين على الأنشطة التي ترتبط بها جريمة التعذيب؛ وفي حالة لم يتخذ كافة التدابير اللازمة والمعقولة التي كان بوسعه اتخاذها للحيلولة دون ارتكاب جريمة التعذيب أو قمع ارتكابها أو عرض الأمر على السلطات المختصة لأغراض التحقيق والملاحقة؛
وأكد المجلس الوطني لحقوق الإنسان أن إضافة هذه المقتضيات بشأن معاقبة الرؤساء عن جريمة التعذيب التي يرتكبها مرؤوسوهم ستساهم في تقوية الترسانة القانونية ضد الإفلات من عقاب جريمة التعذيب، لأنه لا يجوز التذرع بأي أمر أو تعليمات صادرة من سلطة عامة مدنية أو عسكرية أو غيرها لتبرير جريمة التعذيب”.
وفي ذات السياق اعتبر المجلس الوطني لحقوق التعذيب جريمة لا تسقط بالتقادم، لهذا أوصى بإضافة مقتضى جديد بخصوص عدم تقادمها، مع تأكيده على أن تعريف جريمة التعذيب يتطلب وجود علاقة بين مرتكب الجريمة والسلطة العمومية، والحال أن الأفعال المادية التي تشكل تعذيبا ينتج عنها بالنسبة للضحية نفس الألم ونفس الأضرار الجسدية والنفسية سواء ارتكبها موظف عمومي أو شخص لا علاقة له بالأجهزة العمومية. لذا وجب تجريم تلك الأفعال التي تتسم بصبغة وحشية عند ارتكابها من طرف الخواص.
وطالب المجلس الوطني لحقوق للإنسان بأن يعاقب أيضا كل من يؤدي شخصا آخر بطريقة وحشية بالسجن من خمس إلى خمسة عشر سنة”، وبإضافة مقتضى جديد بشأن معاقبة الخواص على ارتكاب إيذاء الأشخاص بطريقة وحشية تضاهي التعذيب.
الاختفاء القسري
أشار المجلس الوطني لحقوق الإنسان في توصياته بخصوص الاختفاء القسري، إلى أن الإيذاء الجسدي أو النفسي الذي يتكون من نفس الأفعال الذي تعتبر اختفاء قسريا فيما لو قام بها موظف عمومي أو بدعم من الدولة ينجم عنه نفس الآثار الخطيرة بالنسبة لسلامة ضحيته عندما يرتكبه شخص ليس موظفا عموميا ولا علاقة له بأجهزة الدولة.
وطالب بأن “يعاقب أيضا على الاختفاء القسري إذا ارتكبه أشخاص أو مجموعات من الأفراد يتصرفون دون إذن أو دعم أو موافقة من الدولة”، تفعيلا لمقتضى الدستور بتجريم الاختفاء القسري، والحرص على أن يتم ذلك التجريم بانسجام مع مقتضيات معاهدة حظره التي صادق عليها المغرب، ولتقوية الترسانة القانونية ضد الإفلات من عقاب جريمة الاختفاء القسري.
وفي هذا الصدد أوصى المجلس الوطني لحقوق الإنسان بإضافة مقتضى جديد بشأن مسؤولية الرؤساء عن الاختفاء القسري، ولتحسيس المرؤوسين بفظاعة الجريمة ووضعهم أمام مسؤوليتهم عن احترام حقوق الإنسان.
ولعدم كفاية النص العام الموجود حاليا بالقانون الجنائي حول أسباب تبرير الجريمة وهو الفصل 124، فقد أوصى المجلس الوطني لحقوق الإنسان بإضافة مقتضى جديد يتعلق بعدم إمكانية التذرع بأمر الرئيس بارتكاب الجريمة للتملص من المسؤولية الجنائية، وأن يتم التنصيص صراحة على حماية ضحية الاختفاء القسري بإضافة العبارة التالية إلى الفقرة 1 من الفصل 231/13 : “…..إذا أطلق سراح الشخص المختفي قسريا وهو يتمتع بصحة جيدة قبل مضي أقل من خمسة أيام من يوم الاعتقال أو الاحتجاز أو الاختطاف فإن العقوبة هي…..”.
الإجهاض القضية الشائكة
على إثر النقاش والجدل اللذين أثارهما موضوع الإجهاض ، بحيث تحول لقضية رأي عام إثر اعتقال الصحفية هاجر الريسوني، فقد خصته مذكرة المجلس الوطني لحقوق الإنسان حول القانون الجنائي بتوصيات دقيقة ومفصلة، حيث أوصى بالسماح للسيدة الحامل بوضع حد لحملها في الحالة التي يكون فيه تهديد لصحتها الجسدية أو النفسية أو الاجتماعية، بمبررات شتى أهمها:
– المواكبة التشريعية الحمائية لواقع الإجهاض السري بالمغرب والتصدي للظاهرة بطريقة عقلانية،
– العمل على تجنيب النساء (وعدد مرتفع بينهن من المراهقات والشابات المغربيات) مخاطر الإجهاض السري،
– مكافحة الإجهاض السري ولوبيات المتاجرين بأجساد النساء المغربيات (وغيرهن) في الظروف القاسية والمؤلمة التي تصاحب الإجهاض السري للنساء الحوامل،
– الاعتراف بأن مواصلة حمل غير مرغوب فيه لأسباب تتعلق بالصحة بمفهومها الشامل الجسدي و الاجتماعي والنفسي فيه تعد على حرمة كيان السيدة الحامل ومن ثم خرق لحقوق الإنسان،
– كل ذلك مع تقرير أن الإجهاض لا يمكن أن يصبح حدثا مبتذلا لا يستحق وقفة متأنية قبل اللجوء إليه نظرا لتعلقه أيضا بحياة جنين تعتبر موجودة بالقوة أو بالفعل (en puissance ou en fait) وهو ما يستلزم إحاطة تحريره بضوابط تحصن اللجوء إليه من الزلل.
وأوضح المجلس الوطني لحقوق الإنسان أنه خلص لموقفه استنادا إلى مفهوم منظمة الصحة العالمية في تعريف الصحة الذي يقرر بأن “الصحة هي حالة من اكتمال السلامة بدنياً وعقلياً واجتماعياً، لا مجرّد انعدام المرض أو العجز”، وتفعيلا لمضمون التوصيات التي وجهتها للمغرب لجنتين وازنتين من لجان الأمم المتحدة: لجنة حقوق الإنسان ولجنة حقوق الطفل. وهو ما يعني حقوقيا تنفيذ المغرب للالتزامات التي قبلها بموجب مصادقته على المعاهدات المتعلقة بحقوق الإنسان، ثم التطور الملموس للقانون المقارن بالتعامل الحمائي العقلاني مع ظاهرة الإجهاض السري وذلك في جل الدول المتقدمة التي تحرص على احترام حقوق الإنسان وخاصة الحقوق المتعلقة بالمرأة.
وفي الوقت الذي أجاز فيه المجلس الوطني لحقوق الإنسان للحامل أن تقرر وضع حد لحملها إذا كان في استمراره تهديد لصحتها النفسية والاجتماعية شرط ألا تتعدى مدة الحمل ثلاثة أشهر، ماعدا في الأحوال الاستثنائية التي يحددها الطبيب، فقد اشترط قبل اللجوء إلى وضع حد للحمل مراعاة الضوابط التالية:
1) ينبغي ألا تتعدى مدة الحمل ثلاثة أشهر
2) ألا يتم وضع حد للحمل إلا بعد استقبال الحامل التي ترغب في وضع حد لحملها من طرف طبيب مختص.
3) يتعين على الطبيب خلال مقابلته مع الحامل التي ترغب في وضع حد لحملها أن يبين لها المخاطر والمضاعفات المحتملة التييمكن أن تنتج عن وضع الحد لحملها.
4) منح الحامل التي ترغب في وضع حد لحملها مهلة أسبوع لكي تفكر بتأن قبل أن تتخذ بصفة نهائية قرار وضع حد لحملها،
5) يجب أن يسمح القانون للطبيب الذي لا يرغب في القيام بعملية وضع حد للحمل أن يمتنع عن القيام بتلك العملية إلا في حالة تعرض صحة الحامل لخطر محدق،
6) وفي هذه الحالة يتعين توجيه الحامل التي ترغب في وضع حد لحملها لجهة طبية أخرى تقبل القيام بوضع حد للحمل.
7) لا يجوز وضع حد للحمل إلا من لدن طبيب.”
وعن تعديلات الفصول المتعلقة بالإجهاض في القانون الجنائي، أكدت مذكرة المجلس الوطني لحقوق الإنسان على أن الفصول من 449 إلى 452 غير دقيقة ولهذا يجب إدخال عدد من التعديلات عليها، خاصة في قضايا كقضية إعطاء زوج سيدة حامل مختلة العقل سلطة قبول أو عدم قبول وضع حد لحملها بسبب المرض العقلي على وجه الإطلاق فيه محاذير متعددة، حيث أكد أن الصور التي يمكن أن تتجلى فيها مثل هذه النازلة سوف تختلف باختلاف الظروف المحيطة بحمل السيدة المريضة. مثلا، متى وقع الحمل؟ هل أصيبت الزوجة بمرض عقلي قبله أو بعده؟ كيف يعاشر زوج زوجته بشكل يؤدي إلى حملها إذا كانت المعاشرة والحمل قد حصلا في وقت كانت فيه الزوجة فاقدة أو ناقصة العقل؟ ثم ألا يجوز أحيانا أن تكون معاشرة الزوج الذي يكتفي المشروع بموافقته على وضع حد للحمل، بدون قيد ولا شرط، أحد العوامل التي أدت إلى الخلل العقلي للزوجة الحامل؟
ولهذا نصت توصيات المجلس الوطني لحقوق الإنسان على توفير حماية قانونية أكبر لمن يكون في وضعية هشة، كالزوجة المعتلة (وخاصة إذا فقدت عقلها تماما وأصبحت مجنونة)، إذ لا يمكنها أن تتخذ بنفسها قرار وضع حد لحملها أو الإبقاء عليه، لذا فإنها تستحق في وضعيتها الهشة حماية قانونية أوفى وحيطة أكبر من طرف المشرع.
في ذات السياق اقترح المجلس الوطني لحقوق الإنسان أن تضاف إلى الفصل 453/2 فقرة تنص على ما يلي: “في وضعية المرأة الحامل المصابة بمرض عقلي لا يمكن للطبيب أن يقوم بوضع حد للحمل إلا بعد أن يتأكد قاضي الأسرة، على وجه الاستعجال، من سلامة الوضع الذي تتم فيه موافقة أو عدم موافقة الزوج على إجهاض زوجته المريضة ويقرر ما يراه مناسبا لحمايتها”.
وأشارت توصيات المجلس الوطني لحقوق الإنسان، إلى إن إعطاء النيابة العامة دورا في مسطرة اللجوء إلى الإجهاض سوف يأتي بنتيجة عكسية للمرغوب فيه من وجهة نظر حقوق الإنسان وهو حماية الحامل نتيجة لاغتصاب أو علاقة سفاح إذ يجعل المسطرة فقد يتهيب مستعملوها المحتملون لدرجة تؤدي إلى عزوفهم عن الخوض فيها وتفضيلهم اللجوء إلى الإجهاض السري، موضحا إلى أن زنا المحارم يحدث بين الأقارب وأن الحامل قد تواجهها صعوبات حقيقية من الناحية الأسرية والاجتماعية في اللجوء إلى القضاء أولا ثم إلى النيابة العامة في مرحلة تالية.
تحصين ضحية الاغتصاب
طالبت المذكرة التي أدلى بها المجلس الوطني لحقوق الإنسان حول القانون الجنائي بضرورة إضافة شروط مسطرية تحصن ضحية الاغتصاب من المس بكرامتها أثناء المحاكمة، وذلك بألا يسمح للمتهم بجريمة الاغتصاب أثناء المحاكمة بالإشارة إلى ماضي الضحية أو التذرع به لمحاولة التملص من المسؤولية عن ارتكاب الجريمة، و إذا أراد المتهم أن يدفع بكون الضحية المغتصبة كانت راضية ولم تكره على الممارسة الجنسية، فيجب أن يقدم ذلك الدفع في جلسة سرية.
ونظرًا لما لي قضايا الاغتصاب من حساسية فقد أكد المجلس الوطني لحقوق الإنسان على اللجوء دوما الى سرية الجلسات عند الاقتضاء.”
ونوصي أيضا بالنص على هذه المسطرة الحمائية بكل جزئياتها في صلب مدونة القانون الجنائي بما في ذلك ضرورة اللجوء إلى سرية الجلسات عند الاقتضاء، رغم أن ذلك منصوص عليه في قانون المسطرة الجنائية، على سبيل تذكير القضاء بما للموضوع من أهمية وحساسية.
ونصت مذكرة تعديلات المجلس الوطني لحقوق الإنسان على تعري٥ الاغتصاب بأنه :”الاعتداء على جسم شخص عن طريق إيلاج عضو جنسي في أي جزء من أجزاء جسمه مهما كان ذلك الإيلاج طفيفا. وذلك باستعمال القوة أو التهديد باستعمالها أو بالقسر، من قبيل ما ينجم عن الخوف من تعرض ضحية الاعتداء أو الغير للعنف أو الإكراه أو الاحتجاز أو الاضطهاد النفسي أو إساءة استعمال السلطة، أو باستغلال محيط قسري، أو يرتكب الاعتداء على شخص يعجز عن التعبير عن رضا حقيقي”.
الاغتصاب الزوجي
أوضحت مذكرة المجلس الوطني لحقوق الإنسان أن جوهر الاغتصاب يكمن في إكراه شخص آخر على ربط علاقة جنسية، وبالتالي فتوفر عقد الزواج لا يمكن معه أن نفترض بأن بإمكان الزوج إكراه زوجته على ممارسة الجنس معه وخاصة إذا كان ذلك باستعمال العنف، ولهذا لابد من إضافة مقتضى جديد يتعلق باغتصاب الزوج لزوجته.
واستندت المؤسسة الحقوقية في توصياتها على ما ذهبت إليه لجنة حقوق الإنسان ولجنة القضاء على كل أنواع التمييز ضد المرأة ومع قبول المغرب نفس التوصية في إطار الاستعراض الدوري الشامل الذي كان موضوعا له خلال شهر مايو 2017)، واستجابة لمطالب المجتمع المدني التي تنطلق من واقع وجود حالات متعددة يتم فيها إكراه الزوجة من طرف زوجها على ممارسة الجنس مع استعمال العنف في كثير من النوازل.
عقوبات العبادات تمييزية
أعلن المجلس الوطني لحقوق الإنسان أن العقوبات المتعلقة بالعبادات في القانون الجنائي لا تنسجم مع مقتضيات الدستور ولا مع المعايير الدولية لحقوق الإنسان، ولا تنسجم مع مقتضيات الدستور ولا مع المعايير الدولية لحقوق الإنسان.
وقال في مذكرته التي أدلى بها لرئيسي غرفتي البرلمان ورؤساء الفرق البرلمانية، أن العقوبات المتعلقة بالعبادات تمييزية وتقتصر على حماية ديانة واحدة فقط.
وأوصى المجلس الوطني لحقوق لإنسان بحذف الفقرة الثانية من الفصل 220 للقانون الجنائي، وبإعادة النظر من طرف المشرع في الفصل المذكور بإضافة الحماية التي يوفرها لكي تشمل الإكراه على اعتناق ديانة معينة.
وطالب المجلس الوطني لحقوق الإنسان بإضافة عبارة “من استعمل العنف أو التهديد لإكراه شخص أو أكثر على اعتناق أي دين أو مباشرة عبادة ما أو على حضورها أو لمنعهم من ذلك، يعاقب بالحبس من ستة أشهر إلى ثلاث سنوات وغرامة من مائتين إلى خمس مائة درهم”.
مكافحة الجريمة المنظمة
أعلن المجلس الوطني لحقوق الإنسان في مذكرته التعديلية لفصول القانون الجنائي أن هناك خلل منطقي وقانوني في في الفصل 298 والمتعلق بجنحة إخفاء شخص مرتكب لجناية أو تهريبه، ولهذا وجب حذفه.
وأضاف أنه كان من الأفضل الحديث عن مساعدة الشخص على الهرب وليس تهريبه. لأن التهريب يتعلق عادة بالأشياء والبضائع. وذلك بالرغم من أن المعاهدات الدولية تستعمل مصطلح تهريب المهاجرين مثلا وهي ترجمة معيبة لمصطلح traite الذي يستعمل بالنسبة للأشخاص الذي يقابله مصطلح contrebande الذي يستعمل للبضائع والأشياء.
واعتبر المجلس الوطني إن مقتضيات الفصل 298 من المشروع يمكن أن تكون غير سليمة من الناحية القانونية في بعض الصور. الفصل يقضي بأن الشخص الذي يخفي أو يهرب شخصا ما وهو على علم بارتكابه جناية أو بأن العدالة تبحث عنه يتمتع بعذر معف من العقوبة في الحالة التي يثبت فيها لاحقا بأن الشخص الذي أخفاه أو هربه لم تتم إدانته. الإشكال المطروح هنا هو أن الشخص الذي تم إخفاؤه أو تهريبه إن كان في الواقع بريئا، ولم تتم إدانته بسبب ذلك، فالفعل الجرمي الذي بسببه تتم المعاقبة على الإخفاء والتهريب تبين أنه غير موجود أصلا. لذا لا يمكن القول بوجود سبب للإعفاء من العقوبة عن فعل تبث بأنه لا يشكل جريمة أصلا ولا يمكن المعاقبة عليه. الذي ينبغي القيام به في مثل هذه الحالة هو تبرئة الشخص المتابع بالإخفاء وإطلاق سراحه إن كان معتقلا وتعويضه عن الاعتقال الذي تعرض له تعسفا أو خطأ.
تهريب المهاجرين
وعلى منوال المطالبة بحذف الفصل الذي يتحدث عن تهريب مرتكب جناية، دعا المجلس الوطني لحقوق الإنسان ، إلى إعادة النظر في مقدار العقوبة وتخفيفها في حالة عدم التبليغ عن جريمة تهريب المهاجرين أو الشروع فيها، لأنها تبدو قاسية إن أخذت وفق ما جاء في الفصل 231/25 لأنه ليس من السهل على أي شخص يعلم بوجود شبكة لتهريب المهاجرين أن يقوم بالتبليغ عنها لأن ذلك قد يشكل خطرا على حياته.
نجاعة العقوبات البديلة
اقترح المجلس الوطني لحقوق الإنسان العمل على اعتماد العقوبة البديلة نظرا لنجاعتها، ولهذا طالب بإضافتها في تلافي العقوبة السالبة للحرية لسهولة تطبيقها وعدم ارتفاع تكلفتها.
ودعا إلى إضافة العقوبة البديلة المتمثلة في حمل سوار إلكتروني إلى قائمة العقوبات البديلة التي تبناها المشروع من أجل أحكام مرنة في قضايا مثل الاتجار في كميات هزيلة للمخدرات لأن أصحابهاهم في الواقع مدمنون تستغلهم العصابات الإجرامية أو شبكات الإجرام المنظم ووسطاؤها لتسويق بضاعتهم. فمن الأجدى والأولى أن يحكم على مثل هؤلاء بعقوبة بديلة تتمثل في الخضوع لتدابير علاجية.، مع إضافة إضافة فقرة لقائمة الجرائم التي يقصيها المشروع من إمكانية الحكم بصددها بعقوبة بديلة كحالة العود ولو مرة واحدة، مع تخويل القاضي إعمال سلطته التقديرية بخصوص اللجوء أو عدم اللجوء إلى تلك المرونة.
إلغاء عقوبة الإعدام
طالب المجلس الوطني في مذكرته الاستشارية بإلزامية إلغاء عقوبة الإعدام، رغم أن هذا المقترح غير موجود في مشروع القانون الجنائي.
وأرجع المجلس الوطني مطالبته بتخليص القانون الجنائي من عقوبة الإعدام للتطور الحضاري للإنسانية والاتجاه الغالب بشأنها في مجال حقوق الإنسان هو إلغاؤها، وأيضا لكون القضاة نادرا ما يحكمون بعقوبة الإعدام، بل أكثر من ذلك فإن الأحكام الصادرة بهذه العقوبة لا تنفذ منذسنة 1993 وهو ما يشكل إلغاء لتلك العقوبة بالفعل de facto دون الإقدام على إلغائها قانونيا، مشيرا إلى أن إلغاء عقوبة الإعدام ستكون قفزة نوعية في مجال حماية الحق في الحياة ومن الناحية الرمزية في مجال التشبث بحقوق الإنسان في أحدث معالمها.