لمدة ساعتين، تم احتجاز المؤرخ الإسرائيلي إيلان بابيه في مطار أمريكي، وسُئل عما إذا كان يعتقد أن إسرائيل ترتكب إبادة جماعية، وسأله كذلك عملاء الحدود عن رأيه في شعارات الاحتجاج الشعبية بعد وقت قصير من وصوله إلى ديترويت بولاية ميشيغان.

وكتب إيلان بابيه في مقال رأي على صحيفة “الغارديان” البريطانية: ” أنا مؤرخ إسرائيلي أعيش في المملكة المتحدة، اشتهر بكتبي عن تاريخ فلسطين والشرق الأوسط، والتي تتحدى الرواية الإسرائيلية الرسمية للتاريخ.”

وكان بابيه تعرض قبل أيام للإيقاف في مطار ديترويت من قبل عميلين لمكتب التحقيقات الفيدرالي الأمريكي (إف بي آي)، حيث تم التحقيق معه لمدة ساعتين ومصادرة هاتفه، ونسخ محتوياته، قبل السماح له بالدخول.

وأضاف المؤرخ الإسرائيلي بأنه تلقى هذا الشهر دعوة لزيارة الولايات المتحدة من قبل منظمة عربية أمريكية جديدة، لحضور ندوة من أجل مشاركة أفكاره حول الوضع في قطاع غزة.

وبعد رحلة استغرقت، يحكي إيلان بابيه، بأن شخصان أوقفاه عند وصوله إلى مطار ديترويت، “اعتقدت أنهما من عملاء مكتب التحقيقات الفيدرالي، على الرغم من أنني اكتشفت لاحقًا أنهما عميلان من وزارة الأمن الداخلي. اقترب مني رجلان وأبرزا شارتيهما وطلبا مني مرافقتهما إلى غرفة جانبية.” يضيف بابيه.

واستنكر المؤرخ الإسرائيلي تجاهل محاولته الأولى لمعرفة سبب إيقافه. وأضاف: “كان من الواضح أن العملاء كانوا يطرحون الأسئلة وكان دوري هو الإجابة عليها، وليس العكس. لذلك حتى اليوم، على الأقل رسميًا، لم أتلق أي تفسير للحادثة.”

وأوضح الناشط الإشتراكي البارز في إسرائيل أن الجولة الأولى من الأسئلة كانت حول آرائه بشأن حماس. وقال إن “العملاء أردوا ثم معرفة ما إذا كنت أعتقد أن تصرفات إسرائيل في قطاع غزة ترقى إلى مستوى الإبادة الجماعية وما رأيي في شعار “فلسطين يجب أن تكون حرة من النهر إلى البحر”.

أجاب بابيه: “قلت نعم، أعتقد أن إسرائيل ترتكب إبادة جماعية. أما بالنسبة للشعار، فقلت إنه من وجهة نظري يجب أن يكون الناس في أي مكان في العالم أحرارًا.”

وأشار المؤرخ الإسرائيلي، إيلان بابيه، إلى تجربته اللافتة في المطار الأمريكي حيث تعرض لاستجواب من قبل العملاء حول علاقاته في الجالية العربية والمسلمة الأمريكية. وأفاد بأنه طُلب منه تزويدهم بأرقام هواتف، وأخذوا هاتفه لفترة طويلة قبل أن يطلقوا سراحه. وأوضح بابيه أن هذه التجربة كانت لا تزال مثيرة للقلق، وجزء من ظاهرة أكبر وأكثر خطورة.

وفي سياق متصل، تطرق إيلان بابيه إلى رفض فرنسا وألمانيا السماح للدكتور غسان أبو ستة، رئيس جامعة غلاسكو، بحضور فعاليات مماثلة لتلك التي حضرها في الولايات المتحدة. وأوضح بابيه أن الحظر المفروض على أبو ستة يهدد بتقويض التزام ألمانيا بحماية وتسهيل حرية التعبير والتجمع وعدم التمييز.

وأوضح المؤرخ الإسرائيلي، أن هذه القيود تنتهك حرية التعبير والأكاديمية، وأنها تمثل قضية خطيرة تتعلق بالحرية الأكاديمية وحرية التعبير. ولفت إلى التناقض في التعامل مع هذه القضية في المجتمعات الليبرالية والديمقراطية، مشيرًا إلى أن الوضع معقوص في حالة فلسطين.

وأختتم بابيه بالتأكيد على أن هذه القضية تتعلق بالحقوق الأكاديمية والإنسانية، ويجب إعادة النظر في السياسات القائمة لضمان حرية التعبير والتجمع وعدم التمييز.

ويُعتبر إيلان بابيه من أبرز الباحثين المؤيدين للقضية الفلسطينية في العالم، حيث ألّف على مدى سنوات كتبا عدة تفضح زيف الدعاية الصهيونية حول “الحق” في فلسطين التاريخية، على غرار “عشر خرافات عن إسرائيل” و” فكرة إسرائيل: تاريخ السلطة والمعرفة” و”التطهير العرقي في فلسطين” و”الفلسطينيون المنسيون: تاريخ فلسطينيي 1948″، فضلا عن كتب أخرى بالاشتراك مع المفكر اليهودي الأمريكي نعوم تشومسكي، على غرار “عن فلسطين” و”غزة في أزمة: تأمّلات في الحرب الإسرائيلية على الفلسطينيين”.