تقرير إخباري: فاسدون ومتابعون ومدانون وهاربون من البرلمان يتقدمون للترشيح في الانتخابات المقبلة
في الوقت الذي كان فيه دعاة حماية المال العام يُنبهون الأمناء العامون للأحزاب السياسية في المغرب من تزكية “الفاسدين” والمنتخبين المتابعين في قضايا ذات صلة بنهب المال العام، وجرائم مختلفة تتعلق بالنهب والتزوير وحتى الاتجار في البشر معروضة أمام القضاء في الانتخابات التشريعية، كان عدد من هؤلاء السياسيين يبحثون عن تزكية من الأحزاب السياسية وأمنائها العاميين اللاهثين وراء حصد أكبر عدد من مقاعد البرلمان المقبل.
في هذا الصدد قال محمد الغلوسي رئيس الجمعية المغربية لحماية المال العام لموقع “لكم”: “إن الأمناء العامون للأحزاب السياسية مسؤولون بدرجة أولى عن هذا “التطبيع” الذي يربط “الفساد” بـ”السياسة” ويقومون بذلك بمسؤولية تامة لتلويث المشهد السياسي”.
واستضاف حزب “الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية” والأصالة والمعاصرة وحزب الاستقلال وأحزاب سياسية أخرى، عددا من الشخصيات المتابعة أمام المحاكم المغربية بتهم ثقيلة، بينها تهم نهب المال العام أو الاتجار في البشر والتزوير والاختلاس، كما قاد أمناء عامون “مفاوضات” مع أسماء فاسدة وأخرى متابعة قد استمالتها للترشح بإسم أحزابهم في انتخابات شتنبر المقبل.
وتشير المعطيات المتوفرة أن عشرات الملفات يُتابع فيها سياسيون ومنتخبون، ترشحوا للنتخابات المقبلة، ومازالت قضاياهم مفتوحة أمام محاكم جرائم الأموال والمحاكم العادية تخص برلمانيين ومنتخبين يواجهون اتهامات خطيرة تتعلق باختلاس وتبديد أموال عمومية، وكذلك تزوير وثائق إدارية بغرض السطو على عقارات الغير، وهناك ملفات أخرى قيد التحقيق من طرف الفرقة الوطنية للشرطة القضائية.
عبد الواحد العاطفي.. رجل الأعمال متهم باستغلال 11 عاملة
سطع نجم عبد الواحد العاطيفي عضو مجلس جهة مراكش آسفي والذي يشغل أيضًا مهمة نائب رئيس الغرفة الجهوية للتجارة والصناعة والخدمات، من مدينة آسفي قبل سنوات، دخل ميدان المقاولات عبر تعيينه وكيلا لشركة “جونيت” للحراسة والتنظيف، وراكم علاقات كبيرة مع مسؤولين معروفون في المدينة، وتمكن بفعل علاقاته من الظفر بعدة مشاريع خاصة وعمومية، ونجحَ في الاستحواذ على أغلب صفقات المحطة الحرارية لآسفي والمكتب الشريف للفوسفاط، وكان يستقبل في مكتبه يوميا مئات الشبان العاطلين، قبل أن يظفر لاحقًا بمشاريع أخرى، أبزرها مشروع “النظافة” بالوكالة الوطنية لتقنين الاتصالات.
وقبل الانتخابات التشريعية بأسابيع منح حزب “الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية” في مدينة آسفي، تزكية انتخابات أعضاء الغرف المهنية لعبد الواحد العاطفي القادم من حزب “الاتحاد الدستوري” نحو “الاتحاد الاشتراكي”، إذ جرى تزكيته كوكيل للائحة الحزب في صنف الخدمات للانتخابات الغرف المرتقبة في غشت المقبل.
ويُتابع عبد الواحد العاطيفي بتهمة “الاتجار في البشر” وتعود هذه القضية إلى عام 2017، وفتح التحقيق فيها عام 2019، وظل متابع في حالة سراح، وفي مارس الماضي أصدرت الغرفة الجنايات الابتدائية بمحكمة الاستئناف بمدينة آسفي، حكمها الأولي في قضية اتهامات للعاطيفي بالبراءة من المتهم بالاستغلال الجنسي واجبار العاملات في شركته على ممارسة الجنس، الذين بلغَ عددهن من المشتكيات 11 سيدة. لكن المشتكيات مدعومات بجمعيات حقوقية وهيئات مدنية استنكرت الحكم الذي تم استئنافه.
وفي يونيو الماضي، أجلت هيأة الحكم، النظر مجددا في الملف الاستئنافي في ذات القضية إلى مطلع شتنبر القادم، أي إلى ما بعد الانتخابات التشريعية، في الوقت الذي أعلن فيه العاطيفي الترشح من جديد باسم حزب الاتحاد الاشتراكي.
الملياردير الدرهم و”لشكر”
أمام حذر الكاتب الأول لحزب الاتحاد الاشتراكي مع الملياردير حسن الدرهم، المتهم بتبديد واختلاس أموال عمومية والتزوير والمشاركة في ذلك كل حسب المنسوب إليه، وذلك على خلفية اختلالات مالية وقانونية وتدبيرية ببلدية المرسى التابعة لإقليم العيون، وهي الاختلالات التي رصدها قضاة المجلس الجهوي للحسابات بالعيون، يُحاول حسن الدرهم البحث عن ملجأ سياسي جديد لدخول غمار الانتخابات المقبلة وتطمين إدريس لشكر الذي يتوجسس من المتابعة القضائية لعضو حزبه.
وتشير معطيات ذات صلة، أن رجل الأعمال حسن الدرهم يبحث عن تزكية الحزب للترشح للانتخابات التشريعية المقبلة بدائرة بوجدور، وحصل على وعود من الكاتب الأول للحزب، إدريس لشكر، رغم أن قاضي التحقيق المكلف بجرائم الأموال لدى محكمة الاستئناف بمراكش، شرع في الاستماع للبرلماني الاتحادي السابق، الملياردير حسن الدرهم، رفقة 17 متهما آخرين، بعد قرار النيابة العامة متابعتهم بتهم جنائية خطيرة.
وسجل تقرير المجلس مجموعة من الخروقات والاختلالات تورط فيها حسن الدرهم، من بينها صرف نفقات دون مراعاة قواعد المحاسبة العمومية والمقتضيات التنظيمية المرتبطة بالصفقات العمومية في تنفيذ النفقات، إذ يتم إصدار سندات طلب من طرف أعضاء المكتب خارج الجماعة ودون توصل مصلحة الحسابات بالوثائق المتعلقة بالنفقات موضوع هذه السندات، كما رصد التقرير عدة اختلالات في تدبير الممتلكات الجماعية، ومن ضمنها الأملاك العقارية، حيث لا يتضمن سجل محتويات الأملاك سوى الدكاكين والمراحيض، علما أن الجماعة تتوفر على ممتلكات أخرى، كما لم يتم تحيينه منذ سنة 2009، فالجماعة تكتفي بإنجاز جرد غير منتظم دون أن يشمل جميع العقارات.
البرلماني عبد الوهاب بلفقيه يرتمي في حضن “البام”
وحصل المستشار البرلماني عبد الوهاب بلفقيه على تزكية من حزب الأصالة والمعاصرة، بعدما تأخر إدريس لشكر الكاتب الأول لحزب الاتحاد الاشتراكي في منحه إياها، من أجل الترشح للانتخابات المقبلة بإقليم كلميم، رغم أنه يتابع في ملفات قضائية ثقيلة، وسيمثل قريبا أمام غرفة الجنايات بمحكمة الاستئناف بالرباط، لمحاكمته رفقة 10 متهمين آخرين بتهمة تزوير وثائق ومحررات عرفية ورسمية واستعمالها في السطو على عقارات الغير بإقليم كلميم.
واستقبل عبد اللطيف وهبي، عبد الوهاب بلفقيه، رفقة أحمد أخشيشن لتزكيته في الانتخابات المقبلة، ويتابع بلفقيه ومن معه من أجل جناية “التزوير في محرر رسمي واستعماله، والتزوير في محرر عرفي واستعماله، والتزوير في وثائق تصدرها الإدارات العامة إثباتا لحق أو منح ترخيص أو صفة واستعمالها، والتوصل بغير حق إلى تسلم الوثائق المذكورة عن طريق الإدلاء ببيانات ومعلومات وشهادات غير صحيحة واستعمالها، وصنع عن علم إقرار أو شهادة تتضمن وقائع غير صحيحة واستعمالها بالنسبة لعشرة متهمين، والمشاركة في التزوير في وثائق تصدرها الإدارات العامة إثباتا لحق أو منح ترخيص بالنسبة لمتهم واحد”.
مبديع.. “لا تنازل”
ربما يكون وزير الوظيفة العمومية وإصلاح الإدارة السابق، ورئيس فريق الحركة الشعبية بمجلس النواب، محمد مبديع، أشهر السياسيين المغاربة المعرفون بقضاياهم القضائية ذات صلة بنهب المال العام، ومع ذلك فإن مبديع (67) سنة، مازال ينوي الاستمرار في السياسية والترشح، بحثا عن حصانة البرلمان، وهو الرجل الذي عمر لعشر ولايات في البرلمان المغربي.
ومحمد مبديع من مواليد مدينة الفقيه بن صالح، نائب برلماني، وعضو المكتب السياسي لحزب الحركة الشعبية يرأس جماعة الفقيه بن صالح منذ أكثر من 23 سنة، وقد سبق ان تم استوزاره دون توفره على شهادة البكالوريا.
وتؤكد المعطيات المتوفرة أن محمد مبديع يُحاول الحصول على تزكية الحزب للترشح في الانتخابات التشريعية والجماعية المقبلة بمدينة الفقيه بنصالح، رغم أنه خضع للتحقيق من طرف الفرقة الوطنية للشرطة القضائية بمقرها المركزي بمدينة الدار البيضاء، بشأن اختلالات وخروقات شابت تسيير مجلس جماعة الفقيه بنصالح التي يترأسها مبديع منذ ما يزيد عن 20 سنة.
وكان الوكيل العام للملك لدى المجلس الأعلى للحسابات قد أحال ملف اختلالات جماعة الفقيه بنصالح على أنظار رئيس النيابة العامة، آنذاك، محمد عبد النباوي، تتضمن خروقات واختلالات مالية تكتسي صبغة جنائية. وبدورها أحالت النيابة العامة هذا الملف على الفرقة الوطنية للشرطة القضائية، من أجل التحقيق في الاختلالات والخروقات التي رصدها تقرير المجلس الأعلى للحسابات، ويتعلق الأمر بأفعال تهم إبرام وتنفيذ مجموعة من الصفقات المتعلقة بالتأهيل الحضري، بما في ذلك صفقات الدراسات وصفقات الأشغال المترتبة عنها، دون مراعاة المقتضيات ذات الصلة المنصوص عليها في القوانين والأنظمة الجاري بها العمل. وكشف التقرير خروقات واختلالات خطيرة شابت صفقات التأهيل الحضري للمدينة، والتي كلفت الملايير من المال العام، وسجل التقرير إبرام صفقة للدراسات غير محددة في المبلغ ولا في أجل التنفيذ مع بعض الشركات المحظوظة، والتي لازالت مفتوحة إلى غاية إنجاز مهمة الافتحاص، حيث إن دفتر الشروط الخاصة لم يحدد أجلا أو مبلغا لإتمام الصفقة، مما يتنافى مع مرسوم الصفقات العمومية.
مستشار برلماني مدان بالسجن يبحث عن “مقعده”
يُسارع الخطى المستشار البرلماني عبد اللطيف أبدوح، بحثا عن تزكية حزب الاستقلال للترشح للانتخابات المقبلة، رغم إدانته في قضية “كازينو السعدي”، والحكم عليه بخمس سنوات سجنا وغرامة نافذة قدرها 50000 درهم وعلى كل واحد من المتهمين في الملف بثلاث سنوات حبسا نافذا وغرامة 40000 درهم.
وعرفت قضية أبدوح المستشار البرلماني عن حزب الاستقلال، الذي شغل منصب رئيس بلدية المنارة جليز بين سنتي 1997 و2003، عقب شكاية رفعتها الهيئة الوطنية لحماية المال العام بمراكش عن طريق رئيس فرعها بمراكش سابقا محمد الغلوسي، حول عملية تفويت للأرض التي يقوم عليها فندق السعدي المشهور بمراكش.
وقال محمد الغلوسي، رئيس الجمعية المغربية لحماية المال العام، إن غرفة الجنايات الاستئنافية تكون أسدلت الستار على قضية استأثرت باهتمام الرأي العام وعمرت طويلا أمام القضاء، حيث توبع المتهمون المدانون من أجل تبديد واختلاس أموال عمومية والتزوير والرشوة”.
وقضت المحكمة بمصادرة وتمليك خزينة الدولة الشقق موضوع استفادة عبد اللطيف أبدوح كرشوة بتجزئة سينكو وبراءة المتهم المهدي الزبيري من المنسوب إليه وبراءة المتهم احمد البردعي من جناية المشاركة في تبديد أموال عمومية وسقوط الدعوى العمومية في حقه بالنسبة للتهم الأخرى والحكم على المتهم عبد الغني المتسلي بسنتين حبسا نافذا وغرامة قدرها 30000 درهم.
روؤساء جماعات “البجيدي” أمام القضاء
لم يسلم أعضاء حزب العدالة والتنمية الإسلامية، أيضًا من تورطهم في ملفات تتعلق بالتزوير وتبديد الأموال العمومية، شأن ذلك رئيس الجماعة الترابية لآسفي عبد الجليل البداوي، إذ مازالت غرفة جرائم الأموال بمراكش تؤجل جلسات محاكمته هو والعربي بلقايد رئيس المجلس الترابي لمراكش.
وفي يوليو الماضي، قررت هيئة قضائية بغرفة الجنايات الابتدائية بمحكمة الاستئناف بمراكش تأجيل محاكمة عبد الجليل لبداوي عمدة آسفي عن حزب العدالة والتنمية بمعية الرئيس السابق لقسم التعمير ورئيس القسم التقني إلى جلسة 29 شتنبر القادم.
ويُتابع عبد الجليل لبداوي بجنايتي التزوير في محرر رسمي واستعماله حسبا لفصول المتابعة 351-353و356-241/1 و114 من القانون الجنائي، ومن أبرزها، جنايات تبديد أموال عامة موضوعة تحت يده بمقتضى وظيفته، ومحاولة تبديد أموال عامة موضوعة تحت يده بمقتضى وظيفته، والتزوير في محرر رسمي واستعماله، فيما وجهت المحكمة لرئيس قسم التعمير السابق ورئيس قسم التقني الحالي تهم التزوير في محرر رسمي والمشاركة في محاولة تبديد أموال عامة موضوعة تحت يد موظف عمومي بمقتضى وظيفته.
أما القيادي في حزب العدالة والتنمية والمقرب من عبد الإله بنكيران، الأمين العام السابق للحزب، محمد العربي بلقايد، فيُتابع لدى محكمة جرائم الأموال حول صفقات تفاوضية بخصوص “كوب 22” ، وتفجرت قضية عمدة مراكش ونائبه، إثر شكاية قدمها، المجلس الوطني للجمعية الوطنية للدفاع عن حقوق الإنسان بالمغرب، للوكيل العام لدى محكمة الاستئناف بمراكش، بتاريخ 17 فبراير من سنة 2017، من أجل إجراء بحث قضائي في حوالي خمسين صفقة تفاوضية أشرف عليها يونس بنسليمان النائب الأول للعمدة، وأشر عليها بالموافقة محمد العربي بلقايد، رئيس المجلس الجماعي لمراكش، بصفته آمرا بالصرف.
وكان قاضي التحقيق قد استمع للعمدة بلقايد ونائبه تمهيديا بعد قرار النيابة العامة تحريك المتابعة في حقهما رفقة موظفين ومقاولين على خلفية التلاعبات التي شابت صفقات “كوب 22″، وتتعلق هذه التهم بـ “تبديد أموال عامة موضوعة تحت يده بمقتضى وظيفته، وجنحة استعمال صفة نظمت السلطات العمومية شروط اكتسابها دون استيفاء الشروط اللازمة لحملها للتوقيع على صفقات دون أن تكون له الصفة للإشراف عليها”.
ويتابع رئيس الجماعة القروية إقليم آسفي، “الثلاثاء بوكدرة” عبد الجليل نفضال عن حزب الأصالة والمعاصرة، بناء على مجموعة من الشكايات التي كان قد تقدم بها عدد من المستشارين الجماعيين، إلى رئيس المجلس الجهوي للحسابات بجهة مراكش آسفي، بسبب خروقات في تدبير الشأن المحلي، بالإضافة إلى متابعته في ملف أخر بناء على اختلالات رصدت في إنجاز صفقات عمومية وإنجاز أعمدة كهربائية وحفر الآبار والتجهيزات المتعلقة بها، وهي المشاريع التي رصدت لها مبالغ مالية مهمة، وعدم تحصيل ديون ناتجة عن كراء محلات تجارية واستغلال الرئيس لشاحنة باسم الجماعة لنقل محاصيله الزراعية، فضلا عن تجاوزات أخرى.
تقرير جطر يورط عمر حجيرة وعبد النبي بيوي
تسبب تقرير سابق للمجلس الأعلى للحسابات، المتعلق بجماعة وجدة خلال الفترة ما بين 2006 و2009، في حكم قضائي بالسجن سنتين نافذتين في حق عمر حجيرة، البرلماني الاستقلالي ورئيس الجماعة الحضرية لوجدة وسنة نافذة في حق عبد النبي بيوي، الرئيس الحالي لمجلس جهة الشرق، والقيادي بحزب الأصالة والمعاصرة.
وتوبع حجيرة وبيوي، بالإضافة إلى مقاولين ومسيري شركات ومكاتب للدراسات بتهم تتعلق بتبديد واختلاس أموال عمومية، وسبق لحجيرة وبيوي أن حصلا على حكم البراءة في هذه القضية سنة 2017، غير أن الوكيل العام للملك قرر الطعن في هذا الحكم أمام محكمة الدرجة الثانية، معللا طلبه بتقرير المجلس الأعلى للحسابات.
ورصد المجلس الأعلى للحسابات مجموعة من النقائص والاختلالات في إنجاز الأشغال، همت ضعف سُمك الزفت المستعمل في الطرق، والذي يقل عن خمسة سنتمترات بخلاف ما هو مثبت بدفتر التحملات، حيث أظهرت الخبرة بأن 63 في المائة من الطرق المنجزة بوجدة ضمن 78 صفقة همت أشغال تهيئة مجالها الحضري، يقل سمكها عن السنتمترات الخمسة المحددة في دفاتر التحملات، كما أن الطبقة التي توضع “لتكسية” الطرق قبل التزفيت في 77 في المائة من الطرق المنجزة، لم تستوف الشروط المحددة في الصفقات، بحسب تقرير المختبر العمومي للتجارب والدراسات الـ”LPEE”، فيما شابت عيوب تقنية بعض المعدات التي سلمها المقاول العراقي لجماعة وجدة، منها رافعة لإصلاح مصابيح أعمدة الإنارة العمومية.
هاربون من البرلمان.. عائدون إلى الانتخابات
لكن تبقى حالات البرلمانيين الغائبين عن حضور جلسات البرلمان السابق، والراغبين في الترشح للبرلمان المقبل واحدة من أغرب مفارقات الانتخابات في المغرب. إذا يسعى الكثير من البرلمانيين الذين عرفوا طيلة الولاية السابقة بغيابهم الكلي عن جلسات البرلمان إلى الترشح للانتخابات المقبلة قصد تجديد عضويتهم في البرلمان المقبل.
ولعل أبرز هؤلاء هو حال البرلماني حميد شباط، الأمين العام السابق لحزب “الإستقلال”، الذي غادر المغرب منذ عام 2019، رغم أنه كان منتخبا برلمانيا، هو وعدد من أفراد أسرته من بينهم زوجته وإبنه، وظل يعيش ما بين ألمانيا وتركيا لمدة سنتين كان يتقاضى خلالها راتبه ومستحقاته وتعويضاته برلمانيا، رغم أنه لم يعد إلى المغرب إلا في بداية 2021. وبعد أن رفض حزب “الإستقلال” ترشيحه للانتخابات المقبلة، طاف على عدة أحزاب سياسية، من بينها “الحركة الشعبية”، بحثا عن تزكية قبل أن يلقي بنفسه في أحضاء حزب صغير، عبارة عن قوقعة فارغة، لا تنشط إلا في مواعيد الاستحقاقات الانتخابية، ممنيا النفس للعودة من جديد إلى قبة البرلمان.
لكن شباط، لم يشتهر فقط بغيابه الطويل عن البرلمان، وإنما أيضا بتقارير المجلس الأعلى للحسابات التي سبق أن وصف قضاتها بـ “الإرهابيين” بعدما سجلوا في تقاريرهم عدة اختلالات في التدبير والتسيير والصفقات أثناء ترأسه لعمودية مدينة فاس، وقبلها بلدية فاس لعدة سنوات، ومع ذلك لم تجد أي من تلك الملفات طريقها إلى القضاء.
ولايختلف وضع شباط، عن وضع البرلماني، عمر البحراوي، الذي انتخب في الانتخابات السابقة برلمانيا بإسم “الحركة الشعبية” عن مدينة الرباط، لكن البحراوي لم يحضر سوى جلسة واحدة من جلسات البرلمان المنتهية ولايته، وهي جلسة الإفتتاح التي يرأسها الملك، حسب ما ينص عليه الدستور، لكن البحراوي، وهو قطعا ليس ملكا، سمح لنفسه أن يغيب لمدة خمس ستوات كاملة عن البرلمان، هي عمر الولاية البرلمانية، وسبب هذا الغياب الطويل هي الإقامة التي حصل عليها البحراوي في كندا، بلد إقامته الثاني الذي يقضي فيه، رفقة أفراد عائلته، طيلة الوقت مستفيدا من أجرته وتعويضاته برلمانيا لايحضر جلساته ولا يهتم بما يدور تحت قبته، وكل ما يهمه هو تعويضاته وصفته البرلمانية.
والبحراوي، ليس غريبا عن عالم السياسة الفاسد أصلا في المغرب، فالرجل عرف بأنه عمدة مدينة الرباط السابق التي تربع على عرشها لمدة ولايتين سابقتين، وبالرغم من التقارير التي تحدثت طيلة فترة ولايته عن الفساد المستشري في بلديته والصفقات المشبوهة والإختلالات في التدبير والتسيير، إلا أنه لم يستدع يوما للتحقيق أو فقط لإبراء الذمة مما ينسب إليه من فساد.
مطالب بـ”منع ترشح” المفسدين
وطالبت الجمعية المغربية لحماية المال العام بمنع “المفسدين” من الترشح للانتخابات المزمع تنظيمها في سهر شتنبر المقبل. وأكد بلاغ الجمعية أن هذه الانتخابات يتطلع المجتمع إلى أن تكون نزيهة وشفافة وتضمن تكافؤ الفرص بين الأحزاب السياسية في إطار مبادئ المساواة والإنصاف، وأشار إلى أن هذه الانتخابات تفرض على الحكومة اتخاذ تدابير وإجراءات حازمة للتصدي لكل مظاهر الفساد المحتملة وإعمال القانون ضد كل المخالفين للقوانين الجارية وتقديم المتورطين للقضاء.
ودعت الجمعية إلى تسريع الأبحاث والمحاكمات ضد المفسدين وناهبي المال العام، واتخاذ إجراءات وتدابير حازمة ضد المتورطين في قضايا الفساد والرشوة ونهب المال العام مهما كانت مستوياتهم ومسؤولياتهم، مع إصدار أحكام رادعة تتناسب وخطورة جرائم الفساد والمال العام وتطبيق مقتضيات الفصل 40 من القانون الجنائي، وذلك بحرمان المدانين في هذه القضايا من الحقوق الوطنية. كما دعا المكتب إلى تعديل قانون الأحزاب ومدونة الانتخابات في اتجاه منع كل شخص تحوم حوله شبهات فساد أو تضارب مصالح أو تم تحريك المتابعة القضائية ضده من أجل جرائم الفساد ونهب المال العام من الترشح للانتخابات.