أكد باحث إسرائيلي أن نظامي الحكم في المغرب والجزائر خرجا من الربيع العربي بأقل الأضرار، “لكن الاضطرابات الأخيرة توحي بأن أساليب الحكم القديمة قد لا تكون كافية” حسب بروس مادي ويتزما، عضو هيئة التدريس في جامعة “تل أبيب” بشعبة تاريخ أفريقيا والشرق الأوسط.

وأوضح الباحث في مقال تحليلي نشر، يوم الخميس 25 أبريل 2019، في جريدة “أمريكان آنترست”، أنه بعد ثماني سنوات من حادثة البوعزيزي في تونس، التي أشعلت موجة من الاحتجاجات الشعبية والاضطرابات السياسية في جميع أنحاء الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، ” يبدو أن هناك جولة جديدة من الاضطراب السياسي المتزايد، تتركز هذه المرة في شمال إفريقيا..على الرغم من تجلي هذا الاضطراب في حالة واحدة، أي السودان، إلا أنه لا توجد وجهات واضحة في الأفق” حسب الباحث في مركز “موشي دايان” لدراسات الشرق الأوسط وأفريقيا التابع لنفس الجامعة.

وأشار مؤلف كتاب “قرن من السياسة العربية”، إلى أن الاحتجاجات الأسبوعية بالجزائر منعت بشدة الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة (82 سنة) من الترشح في الانتخابات لفترة ولاية أخرى تمتد لخمس سنوات. ومازالت هذه الاحتجاجات في مواجهة ما وصفه بروس بـ “البيروقراطية العسكرية – الأوليغارشية” وتشير هذه الأخيرة إلى حكم الأقلية، حيث تكون السلطة السياسية محصورة بين يدي فئة صغيرة من المجتمع تتميز بالمال أو النسب أو السلطة العسكرية.

وفي المغرب المجاور، يضيف الباحث، “تظل السلط تحت سيطرة صارمة، لكن الصيغة المعتادة – القمع والاحتواء وإقرار حريات محدودة – لم تعد لها ضمانات نجاح مستمرة”.

منذ أزيد من نصف قرن علي تخلص المغرب والجزائر من قيود الاستعمار الفرنسي، وفق ما أورده المقال التحليلي، “ينظر البلدان إلى بعضهما كمنافس جسوسياسي أساسي. ويشتركان نفس اللهجة العربية الدارجة، وعدد كبير من السكان يتحدثون الأمازيغية. فضلا عن التدين بالمذهب المالكي الأشعري والتصوف الجنيدي. والتجارة الداخلية وتأثير الاستعمار الفرنسي”، حسب الباحث الإسرائيلي الذي أكد أن ” البلدين أصبحا خصمين إقليميين منذ حرب الرمال عام 1963. واستمر هذا التنافس في التعبير عن نفسه في الصراع الطويل الذي يستمر منذ 45 عاما على امتداد الأراضي المجاورة الـ “الصحراء الإسبانية السابقة”.

وذكر ذات المصدر أن التحكم في إقرار حريات للحياة السياسية والصحافة، والمصالحة مع المعارضين السياسيين والاعتراف الرمزي (والدستوري لاحقا) باللغة والثقافة الأمازيغية كجزء لا يتجزأ من الهوية الوطنية المغربية، والمشاريع التنموية الواسعة النطاق. “كل هذا اشترى وقتا، ويعدّ وسيلة لإظهار حسن النية، لكنه لم يغير من الطبيعة السياسية والاقتصادية والاجتماعية القائمة”، وفق بروس مادي وايتزمان.

وتتركز أبحاث مادي ويتزمان على تاريخ الشرق الأوسط المعاصر والعلاقات العربية العربية والمغرب الحديث. حيث أستطرد قائلا في ذات المقال، “المخزن – هذا المصطلح السياسي المغربي التاريخي للمؤسسة السياسية والعسكرية والاقتصادية والدينية المتشابكة – يواصل اتخاذ القرارات. هذا ما فعله بالضبط “البوفوار” في الجزائر”.

وختم مادي ويتزمان مقاله التحليلي، صاحب عنوان “الخروج إلى شوارع الجزائر والمغرب”، أن السودان وليبيا تعيشان حالة من الفوضى، فيما تواصل الجزائر تصدر عناوين الصحف العالمية. ولن يكون المغرب في منأى عن الإضرابات في المنطقة”