رفع عبد الإله بنكيران، الأمين لحزب “العدالة والتنمية”، ورئيس الحكومة السابق المعفي من قبل الملك محمد السادس قبل أشهر قليلة، من حدة الخطاب والانتقاد لأعلى سلطة في البلاد، إذ طالب بفتح تحقيق في فترة ما بات يعرف بـ “البلوكاج الحكومي” كما عبر عن رفضه لمنطق الابتهاج لخطاب عيد العرش الذي انتقد بشدة الأحزاب السياسية والإدارة.

فهل ستشكل عودة بنكيران إلى منصة الهجوم وتمرير رسائله إلى من يهمهم الأمر بما في ذلك أعلى سلطة في البلاد، مرحلة جديدة في علاقة “العدالة والتنمية” مع “القصر”، إذ من المؤكد، حسب متتبعين، أن هذه الخرجة سيكون لها ما بعدها، فهل سيتحول كلام بنكيران إلى خط سياسي جديد ينخرط فيه حزبه المقبل على عقد مؤتمره الذي سيحدد مستقبل بنكيران نفسه.

طارق: بنكيران يستعد لخوض مغامرة ولاية ثالثة

لإستشراف مستقبل بنكيران، ومستقبل حزبه، اتصل موقع “لكم” بحسن طارق، المحلل السياسي والأستاذ الجامعي بجامعة محمد الخامس بالرباط، الذي اعتبر أن خطاب زعيم “العدالة والتنمية” عبد الإله بنكيران أمام شبيبة حزبه، بمثابة إعلان استعداده لخوض مغامرة ولاية ثالثة على رأس الحزب، لأنه “يمتلك القدرة على ذلك ولأن الأمر يتعلق بقراءة سياسية جديدة للمرحلة التي يمر منها المغرب”.

طارق، أكد في اتصال مع موقع “لكم”، على أن هذه “القراءة السياسية الجديدة لبنكيران تحمل من بين عناصرها مخاض تجربة المشاركة في التسيير طيلة الخمس سنوات الماضية والتي علمته الكثير من الأمور التي جعلته يقر بفشل الإصلاح وبضرورة مواصلة النضال كما استخلص خلاصات أساسية حول علاقته مع البلاط الملكي”.

المتحدث قال إن “الإشارة إلى تعديل الدستور لا يجب أن يأخذ أكثر من حجمه، وأتصور أن قرارا بهذا الحجم يتطلب تقديرا أوسع داخل العدالة والتنمية، ويبدو أن بنكيران أصبح أكثر قابلية لفتح موضوع التعديل الدستوري”، مؤكدا على أن “التساؤل هو كيف سيتفاعل الحزب مع هذا الموضوع وهل بنكيران سيعود لهذا المطلب؟”.

الخروج القوي لبنكيران، فسره طارق بكونه جاء “نتيجىة الطلب المجتمعي والحزبي الذي يتجاوز بنكيران نفسه، وأمام هذا الجفاف القاسي يبدو أن بنكيران الأقرب للاستجابة لهذا الطلب”.

وتساءل طارق بالقول: “هل للعدالة والتنمية القدرة على المقاومة والدفاع عن قراره المستقل؟”، ليستطرد: “اليوم هذا الحزب يوجد في محك اختبار حقيقي في ما يخص استقلالية القرار الحزبي، وفي ظل المتلازمة المغربية حيث الأحزاب الحقيقية التي تتوافق مع الملكية في بداية معركتها الإصلاحية تفقد استقلاليتها في ما بعد وبالتالي هل البيجيدي سيقاوم هذا القدر؟ أم سيصير كما صارت باقي الأحزاب الوطنية؟”.

 شقير: خطابات بنكيران رد فعل شخصي بعد أن طعنته الملكية 

محمد شقير، أستاذ العلوم السياسية ومحلل سياسي، يرى أن تصريحات بنكيران جاءت في سياق معين، مرتبط بمسألتين أساسيتين، الأولى متعلقة بالرد على الخطاب الملكي على غرار ردود باقي الأحزاب لكن بأسلوب يميزه، والمسألة الثانية تندرج في إطار التنافس بينه وبين سعد الدين العثماني، رئيس الحكومة الذي رفع السقف في تصريحاته بدوره في الأيام الأخيرة خصوصا عندما لوح بالاستقالة إذا طلب منه الحزب ذلك.

شقير قال في تصريح لموقع “لكم”، إن “خطابات بنكيران الأخيرة، بمثابة رد فعل شخصي، فهو لم يكن ينتظر إقالته من طرف الملك لذلك تحدث عن الزلزال والانهيار النفسي”، موضحا أن “إقالته من رئاسة الحكومة أثرت على نظرته للمؤسسة الملكية”.

المحلل السياسي يفسر ردة فعل بنكيران بكون الأخير “يرى أنه أسدى خدمات كبرى للملكية وأنه لم يكن ينتظر طعنه بهذه الطريقة التي اعتبرها مسا بكرامته”، مشيرا إلى أن “حدة خطابات بنكيران نتيجة طبيعة لما حدث له وخاصة وأنه يرى أنه لم يعد له ما يخسره”.

وأضاف شقير إن “بنكيران يهيئ للعودة إلى المجال السياسي والتفكير في ولاية ثالثة”، مؤكدا على وجود تنافس قوي بين بنكيران والعثماني.

أما بخصوص حديث بنكيران عن الاعتقالات واستعداده للموت وحديثه عن وجود تهديدات، فيرى شقير أن بنكيران يريد أن يبلغ رسالة إلى من يهمهم الأمر في أعلى سلطة في البلاد على كونه مستعد لأي شيء  وأنه سيستمر لآخر رمق.

رسائل بنكيران، وفق المتحدث، تخاطب من جهة الملك ومحيطه بحيث يشدد على أن الملك يخطئ وأنه غير مؤله ويخاطبه بلهجة التحسر بكون الملك تخلى عنه بالرغم من كونه أسدى خدمات كبيرة للملكية وجنبها المطبات إبان “الربيع العربي”.

ومن جهة، يقول المحلل السياسي، إن ينكيران يطرح نفسه كشخصية مناسبة للحفاظ على تماسك الحزب ووحدته وحضوره القوي داخل المشهد السياسي وفي نفس الوقت عاد ليؤكد أنه القادر على مهاجمة خصمه السياسي حزب “الأصالة والمعاصرة”، وذلك في سياق التنافس مع العثماني.