رغم أن الانتخابات في ظل الدستور الممنوح تبقى هيكلا بلا روح، لا تثمر غير مؤسسات على شاكلة الوثيقة المصاغة على عين المصالح الضابطة لعملياتها، فإن ذلك لا يمنع من تتبع الانطباع المفترض لدى السلطة المخزنية، ونظرتها لكل الفاعلين في الساحة، الذين قبلوا لعبتها، خاصة منهم الفاعلون ذوو السند الشعبي المقبول نسبيا. أو بالأحرى تربصها بالعملية بغية التدخل السريع لتعديل رجحان كفتها، وضمان ديمومة التحكم والاستحواذ.

وعليه،  فإن مآل نتائج الانتخابات التشريعية تتقاذفها ثلاث سيناريوهات:

الأول: 

أن يسمح لحزب العدالة والتنمية بالفوز، إذا كان المخزن مايزال في حاجة لتمرير باقي “الإصلاحات”، وتثبيت دعائم أخرى. حتى يتسنى له تجفيف رصيده، ويمسح فيه كل الملفات الحارقة التي تمس الطبقة الفقيرة والمتوسطة المنهكتان أصلا، واللتان تشكلان للبيجيدي سندا كبيرا، وخزان أصوات مهم. إمعانا في الانتقام من الحزب بعدما استقدمه النظام، مكرها، لطبيعة المرحلة التي مر بها.

الثاني:

أن يفرمل المخزن الاكتساح المحتمل للبجيدي، ويدفع بحزب (الأصالة والمعاصرة) لمناصفته، إما بتزوير “خفيف”، أو بإطلاق اليد الطولى للمال الفاسد.

وهذا يضع “العدالة” في موقف حرج، لتأكيده غير ما مر على استحالة التحالف مع خصمه اللدود.

وهو ماسيقبل به تحت ضغط المخزن المعهود في مثل حالات كهذه. وهي خطوة، لا شك، ستشكل رصاصة رحمة توجه للتجربة “الإسلامية” في الحكم. وذلك لسببين:

1- معاكسة الموقف الذي أكد عليه الحزب في ولايته الأولى، وهو كون البام خصم غير شريف. ما سيجعل الحزب في موقف لا يأمل، مع جار بالجنب لا يؤمن، بالنظر لظهر الخصم المؤمن بالنفوذ، الميسر لما جلب له.

2- القبول بالبام في التحالف الحكومي سيكلفه خسارة “أسهم” مهمة من الأعضاء والمتعاطفين مع التجربة.

3- والضربة الأوجع، هي أن وضع يد البيجيدي في يد البام ، سيخلق أقطابا وتيارات داخل الحزب، ما سيفقده التحام قادته، وإضعاف هياكله ومؤسساته.

الثالث: 

في حال تولد لدى المخزن إشباع من حزب العدالة والتنمية، مع الانزعاج الموجود أصلا من مشاركة الإسلاميين في “الحكم” التي تطلبها الطاكتيك المدبر لمرحلة الحراك العربي، في هذه الحالة،  لن تخلو أنذاك الانتخابات من التزوير دفعا في اتجاه تفويز البام.

وهذا السيناريو الثالث يستدعي احتمالات من السيناريو الثاني ولو بطريقة معكوسة.

وذلك من خلال احتمالات ثلاث:

1- يقصى العدالة والتنمية من تشكيل الحكومة بنتيجة متدنية بعامل التلاعب بالأصوات، وهذا مستبعد من منطلق “زور ولا تبالغ”. 

2- يقصى من قبل حزب البام نفسه، إذا لم يقبل به في تلوين الحكومة، فيما سيقرأ وكأنه أخف درجات الموت، وسكرات الموت المعجل. 

3- إذا ما قبل البام  بالعدالة شريكا، فإن ذلك سيحيلنا على: 

أ- رفض البجيدي التحالف معه، في حال انسجم مع مواقفه الآنية، وهذا يعني إقصاء ذاتيا.

ب- وإذا ما قبل بذلك، فكبر للجنازة استدعاء للسناريو الثاني، وهو سناريو الموت المرجأ.

وأصل المصيبة أن قبل الشريف بدخول قفص الضباغ، لاعتبار الموت محتمل بدرجات عالية، وإن باحتمالات القضاء المبرم  المتلون بحسب زوايا التحرك، واقتضاءات المصلحة.

ورغم كون الموت واحد مهما تعددت الأسباب، فالشريف إن مات سياسيا،  مات عزيزا مبجلا، لا خنوعا مستسلما.