رابعاً: كسلاً في الحديث عن الظبي والقُبّرة.

يقرأ درويش، وتردّد معهُ وهي أمامِي مسجّاة، أفركُ ساقها، بمرهم الورد، لم أفكّر في شيءٍ آخر وضوءُ الغرفة أحمرٌ باهتُ، لم أكن أدلّكُ جسمها الخرُّوبي، كنتُ أموّجُ الكورديون، أجّرب موهبتي في الغرقْ.

ومصادفةً أن أرى قمراً شاحباً مثل ليمُونة يتحرّش بالسّاهرات

لم تردّد مع لاعبُ النّرد، بل أنا من استرقتُ له السّمع وأدركنِي هذا المقطعُ الرّائع، الكورديون امرأةٌ مسجّاةٌ أمامي، وكطفلٍ كنتُ أبحثُ بالفطرة عن حلمةِ نهدٍ، لم يقُدنِي الجُوع، واكتفيتُ بمشتقّات الكورديون، عزفٌ منفرد

ولم اجتهِد كيْ أجد شامةً في أشدّ مواضع جسميّ سريةً

بل أعددتُ خمْس خالاتٍ يتفرّقْن فوق صفحةِ جسدها الخروبي، كقطعِ النّرد، كلّها تشعُّ.

كان مُصادفة أن أكون الحيّ في حادث الباص

وأكون العازف على الكورديون، العازِف الذكيّ من لا يفكّ أزرار قميصه، أو يتعرّى كدمعِ العنب، ثمّ يتركُ لها أفقاً للتأويل الخفيف، ربّما تقُول إنّه ولدٌ طائِش، ربّما تقُول إنهّ معلم الجغرافيا، أو بوابةَ داره شمالية، لكنّها لا تذكُر أني تأخّرتُ عن رحلتي المدرسية، هي لا تعرفُ أنّي غيرُ سعيدٍ بليلتي المُقمرة، ولم تنتبه أنِّي أتهجّى النها وند على أزرار سمائها السّابعة، لا اللغة تسعفُني ولا الكورديون يطاوعني، كنتُ أقاومُ وحدِي سماءً كادتْ تكون لي، لولا بوابة دارها الشّمالي.

قلتُ لها:

إني أخافُ من زمني الزّجاجي، أخافُ على قطّتي وعلى أرنبي

وعلى الغامض الكحليّ فيك، أخافُ على تآكل أصابعِي في أصابع قدميْك، من يمتزجُ صهيلهُ بالصّدى لا يعرفُ هويتهُ، أنا متردّدٌ ولا أملَ لي في ما تبقّى من انكسارك، أنا لا أدّعي شيئاً، كسّرتنِي الريّح قبْلك، والبحرُ حظّ الشّعراء، وليْس كلّ بحّار شاعر. أخبّئُ لها سؤالا في سلّة الليمون، هي وعدتنِي بليلٍ طويل آخر، سأقول لها هل الرّيح حظُّ المسافر لو أرادتْ لي ذلك.

أدلّكُ جسمها كان لونهُ عسلياً، متماهياً مع الغامض الكُحلي، امرأةٌ مسجّاة تحضُن نهديها، الشّغفُ دليلي إلى نهدٍ جافّ مكتنزٌ بالذكريات، فيه أثرُ زمنِي الزّجاجي قلتُ لها إني أخافُ من زمني الزّجاجي، هل أعدّلُ صدْرك، أم أضمّك صباح مساءٍ دون أن تسقُط في سُوريا قنبلةٌ، أو يموتُ شهيد. تضحكُ بانكسارِ وكبرياء. 

إنّك رميةُ شهدٍ على رقعةٍ من ظلام، تشعُّ خالاتك، والكورديون حزينٌ هذه الليلة، متعبٌ في هواية الغرق، أحتاجُ لحنا نشازاً كي أجربّ حظّي في الارتِجال، ارتجلُ لكِ ورداً ونحلةً واصنعِي لي طبقاً من الشّهْد، شهداً أسمراً.ولم تلتفّ السّاقُ بالسّاق.

هُبَّ علينا 

عواصفَ رعديّةً كي نصير إلى ما تحبُّ

لنا من حلول السماويِّ في الجسديّ .