تحت أشعة شمس مدينة مراكش الحارقة على غير العادة في هذا الوقت من السنة، تلتئم في هذه الأيام، وفود 192 دولة من أصقاع المعمورة، في القمة الـ 22 لأطراف الاتفاقية الإطار للأمم المتحدة حول التغيرات المناخية “كوب 22″، وهو محفل دولي كبير يعتبر أهم حدث سياسي يشهده العالم على الإطلاق، خلال هذه السنة، بالنظر إلى طبيعته التي تلامس التحديات المرتبطة بقضايا البيئة وانعكاساتها على كوكب الأرض. وهي تحديات باتت اليوم واقعا ملموسا تعاني منه الإنسانية، فالتغيرات المناخية وارتفاع حرارة الكوكب المتزايدة، وتلوث الهواء، واستنزاف الموارد المائية، وكذا تدهور التربة والتصحر وزيادة السكان، كلها مخاطر مؤرقة تعيشها البشرية، وستورثها للأجيال القادمة، بل وتهدد  تواجدها على هذا سطح الكوكب الأزرق.

على وقع هذا الحدث، لسائل منا أن يسأل: هل لدينا كمجتمع مغربي هوية بيئية فعلا ؟ الجواب على هذا السؤال، سيكون بالنفي طبعا، وبدون تردد، من منطلق أنه في الوقت الذي تركز فيه كثير من المجتمعات البشرية اهتمامها على تنمية إدراك الأفراد بأن الوعي البيئي هو أمر واجب على كل فرد، فالدول الغربية مثلا، تجند علماء علم النفس الاجتماعي لتأهيل أفرادها نفسيا، لاكتساب ثقافة الحفاظ على البيئة بشكل واع ومسؤول، حتى اقتنعوا بأن المحافظة على البيئة هي مسؤولية الجميع من الحكومة إلى الأفراد، لازلنا في المغرب الذي يعتبر دولة رائدة في مجال الطاقات النظيفة، نسوق الموضوع بطريقة مناسباتية،رهينة لحملات موسمية ورسمية، فلقد تعودنا أن البيئة عندنا هي من اختصاص وزارات وصية، وبعض المنظمات وجمعيات المجتمع المدني المهتمة فقط، وبالتالي فإننا لم نبلغ بعد إلى جعل موضوع البيئة، ثقافة راسخة في النفوس، تتجاوز منع أكياس البلاستيك، أو حملة نظافة في حي أو  شاطئ ما، أو إشهار تلفزيوني يحض على عدم إشعال النار في غابة، إلى ما هو أجدر وأعمق أي ربط الفرد بمسؤوليته أمام خطورة الوضع البيئي وتقوية إدراكه بذلك.

 ولعمري لو سنحت الفرصة لكثير من المواطنين لإبداء رأيهم في هذا الموضوع، لألفت آلاف الكتب والمجلدات، لأن كل واحد منهم يرى الموضوع من زاويته الخاصة، لكن القليلون هم من سيتحدثون بمنطق موضوعي حول مجمل الموضوع، وأقل منهم من له قدرة على  رسم معالم مجال بيئتنا الطبيعية والصناعية، الاقتصادية، الاجتماعية، الصحية والجمالية، بسبب غياب “هوية بيئية” خاصة بنا.

من هنا ينبغي وبعيدا عن “الكليشيهات” أن يتحمل الجميع مسؤوليته، حكومة وشعبا، من الأسرة والمدرسة، فالجامعة، والإعلام، والمسؤولين، والمثقفين، والأدباء والمختصين، ومنظمات المجتمع المدني، وكل من له غيرة عموما على بيئته محليا ووطنيا أن يسهموا في بناء هوية بيئية مغربية حقيقة يمكن أن يعتد بها و يعتز.