توجه بنكيران إلى قارئة الفنجان، لمعرفة فشله المحتوم في تشكيل هيئة الحاكم والمحكوم.ثم خاطبها قائلا:

لقد ضاعت بوصلتي بين اﻹجتماعات المغلقة واﻹشتراطات المسبقة، وبين غدر اﻷهل واﻷحباب وابتزاز اﻷحزاب، واقتسام كعكة اﻹستوزار وتقديم اﻹعتذار. وإني ﻷرى نفسي في يم عميق، أضيع من اﻷيتام في مأدبة اللئام.

أجابته قارئة الفنجان قائلة:

كنت أعلم أنك سترجع يوما يا ولدي، مهزوما مكسور الوجدان، وستعرف بعد رحيل الصولة والصولجان، بأنك  تطارد خيط دخان.ففنجانك ﻻينطق عن الهوى والبهتان.

لقد سبق وأن أنذرك بفشل محتوم رغم فوزك المزعوم، بفضل ذلك الناخب المعلوم.

وإذ بقارئة الفنجان تتأمل الفنجان المقلوب لبنكيران، سمع دوي مزمجر، وصوت جهوري من داخله يقول:

أنا الشعب يا بنكيران.

أنا الشعب المغلوب الذي يرى فيك القضاء والقدر المكتوب.

أنا الشعب الذي أتخمته جراحك الغائرة، ورمت به في عوالمك المنغلقة المتحجرة.

أنا الشعب الذي يئس قفشات مسيلمة الكذاب، التي ألقت بي في شرنقة البؤس والعذاب.

أنا الشعب الذي مل تقديم المزيد من التنازﻻت، واﻹنخراط في حقارة التحالفات.

فلم يعد الزعيق والبهتان يغويني.

وﻻ عناق الكتاب والميزان يرضيني.

وﻻ القبلات المسمومة للوردة والحمامة والسنبلة والحصان تستهويني.

ترتيبك أنت ووزيرك في القضاء في ﻻئحة اﻷغنياء، نصبكما على عرش قارون.فلا داعي للتباكي عند إصلاح المطبخ والصالون.فقد أدرك الصباح، ولتتوقف عن الكلام المباح، وانعم بالمال المستباح.

أسألك الرحيل، فما لك من ذلك سبيلا.فأنا شعب ﻻيعرف المستحيل، وﻻ يرتضي بالصدق والكرامة بديلا.