متى نصل فعلا إلى تحقيق: أن الدين شأن فردي…
إن الدين، أي دين، لا يتحقق إلا بالإيمان به. والإيمان لا يكون بالقوة، بقدر ما يكون بالاقتناع. والأديان الشائعة في مجتمعات معينة، وفي أمكنة معينة، وأزمنة معينة، لم يومن بها أفراد الشعب المنتمين إلى دين معين؛ بل إن تربية الأبناء، والبنات، خلال التنشئة على الإيمان بدين، أو بآخر، مما يجعل الأفراد: نساء، ورجالا، لا يصرن، أو لا يصيرون مومنين بدين معين، إلا على أساس التبعية إلى لآباء،أوالأمهات، الذين، أو اللواتي يتخذون، أو يتخذن، طابع التقديس، الذي يجعل الإنسان يخاف من غضبهما، أو سخطهما، باعتباره من غضب الله، أو سخطه. ومن غضب عليه الله، فمأواه جهنم، وبئس المصير، كما يقول من يسمون أنفسهم، أو يعتبرهم الناس رجال الدين، أو العلماء، كما يسميهم المخزن.
آراء أخرى
أما الإيمان بالدين، فإننا، إذا استثنينا الرعيل الأول، الذي عاصر ظهوره، واقتنع به، وآمن بالدين، أي دين، فإن الأجيال المتعاقبة، تصير يهودية، أو مسيحية، أو مسلمة، أو بوذية، أو تصير معتنقة لدين آخر، بالتبعية للسلف، الذي يصير صالحا،حتى وإن كان يمارس كافة أشكال الفساد؛ لأن السلف، يصير صالحا بالتقديس. والتقديس مرده الخوف من عذاب القبور، الذي لا وجود له، خاصة وأن الإنسان، عندما يموت،لا تعود إليه الحياة، إلا بعد البعث، والنشور، حسب ما ورد في القرءان، والخوف من جهنم بعد يوم الحساب، والحرص على دخول الجنة، من اجل التمتع بنعيم الحياة الأخرى، كما تم التمتع بنعيم الحياة الدنيا، كما جاء في القرءان الكريم، وخاصة في سورة الواقعة: {وأصحاب اليمين ما أصحاب اليمين، في سدر مخضوض، وطلح منضود، وظل ممدود، وماء مسكوب، وفاكهة كثيرة، لا مقطوعة، ولا ممنوعة، وفرش مرفوعة، إنا أنشأناهن إنشاء، فجعلناهن أبكارا عربا أترابا لأصحاب اليمين، ثلة من الأولين، وثلة من الآخرين}، وتجنب الدخول إلى جهنم، بعد أن يصير من أصحاب الشمال، كما جاء، كذلك، في القرءان، وخاصة في سورة الواقعة أيضا: {وأصحاب الشمال، ما أصحاب الشمال، في سموم، وحميم، وظل من يحموم، لا بارد، ولا كريم، إنهم كانوا قبل ذلك مترفين، وكانوا يصرون على الحنث العظيم، وكانوا يقولون أهذا متنا، وكنا ترابا، وعظاما إنا لمدينون، قال هل انتم مطلعون؟ فاطلع فرءاه في سواء الجحيم}.
وهذه الرغبة الجامحة في نعيم الجنة، مبعثها الحور العين، وهذا الخوف المركب، والمبالغ فيه،من عذاب جهنم، مبعثه الحرمان من الحور العين. ومنهج مؤدلجي الدين، أي دين، هو الحرص على أن لا يختار الإنسان دينا آخر يومن به، بعد أن مجد نفسه، متقمصا لدين معين، لم يومن به في الأصل، بل فرض عليه الإيمان به، بحكم التبعية، وخاصة عندما يتعلق الأمر بمؤدلجي الدين الإسلامي،الذين يحرصون أشد الحرص، على تطبيق ما يسمونه ب {الشريعة الإسلامية}، التي من بين أحكامها، قتل المرتد، مع أن كل من فرض عليه الإيمان بالدين الإسلامي،بحكم التبعية، لم يختر ذلك الإيمان، ولم يقتنع به، بقدر ما وجد نفسه مسلما بالتبعية، فإذا تبين له أن يعتقد بدين آخر، يومن به، ويقتنع بما جاء فيه، بعد اطلاع واسع بما يتعلق به، فإن ذلك شأنه، من منطلق أنه لم يومن بالدين الإسلامي، بقدر ما فرض عليه بحكم التبعية.
وإن الإيمان بدين معين، هو شأن فردي،بعد ترسيخ الاقتناع التام بهذا الدين، أو ذاك. وإذا اختار عدم الإيمان بأي دين، فذلك شانه أيضا، ولا دخل لأي كان به.
ونحن عندما نتطلع إلى السلام في واقعنا الاقتصادي، والاجتماعي، والثقافي، والسياسي، ومن أفراد الشعب الواحد،وبين الشعوب بصفة عامة، وبين شعوب المسلمين بصفة خاصة، نكون قد حققنا الإسلام الذي آمنا به؛ لأن الإسلام كما جاء في الحديث، هو {من سلم المسلمون من لسانه ويده}، كما جاء في جواب الرسول عن السؤال الموجه إليه: {ما الإسلام؟} وعندما يتحقق السلام بين المسلمين، يتحقق الإسلام، الذي يصير مجالا لتجسيد الإيمان، والإيمان كماجاء في الحديث، هو {هو ما وقر في القلب}، في إجابة الرسول عن السؤال {وما الإيمان؟}.ولا وجود للسلام إلا في ظل الإسلام، ولا وجود للإسلام إلا بالإيمان، ولا إيمان لفرد معين بأي دين، إلا بالاقتناع به، واختياره. والاقتناع، والاختيار من شأن الأفراد، وليس من شأن الجماعات، وبالتالي: فالدين بالتبعية عمل قسري، وقمعي، واستبدادي، وإقصائي، ونفي لعدد من المعتقدات. والدين بالاقتناع، والاختيار، شأن فردي، وديمقراطي، وتعددي، وبالتالي: فإن تدريس معتقد معين في المدارس، التي تهم شعبا معينا، دون باقي المعتقدات، لا يعني إلا إعداد الأجيال الصاعدة على الإيمان القسري، بمعتقد واحد، وإقصاء المعتقدات الأخرى،التي لا تعرف عنها الأجيال المتمدرسة شيئا.
وقد كان المفروض أن لا تقوم المدارس، بتدريس اي دين، وان تعمل على إعداد الأجيال الصاعدة، في اي شعب، على:
1 ـ التعرف على ما كان يسميه القدماء بالملل، والنحل، مع الحرص على التفريق بين ملة، وملة، وبين نحلة، ونحلة، مع إبراز الخصائص التي تميز كلا منها، حتى يتحفز الشباب على البحث فيها، والسعي إلى دراسة كل ملة على حدة، بشكل فردي، في أفق بلورة وترسيخ الاقتناع بملة، أو نحلة معينة،تصير موضوع اختيار الإيمان بها، كمعتقد، قد يكون متناسبا مع ديانة موسى،أوديانة عيسى، أو مع دين الإسلام، أو أي دين آخر، على أساس أن ذلك الاختيار شأن فردي، ولا علاقة له بأي جماعة، أو بما هو أيديولوجي / سياسي، بالنسبة لمؤدلجي الدين الإسلامي، مادام المؤدلجون يقصرون وجودهم على الاستغلال الأيديولوجي، والسياسي للدين، أي دين. والشأن الفردي، هو ما يهم الاقتناع بالاعتقاد بدين معين، أو بآخر.
2 ـ إبعاد الدين، أي دين، عن السياسة، حتى لا يتحول إلى شأن عام. والشأن العام هو ما يقتضي التدخل في الأمور الخاصة لعامة الناس، ليتحول الشأن الخاص: {المعتقد كشأن فردي}، إلى شأن عام، يرتبط بالاستغلال الأيديولوجي، والسياسي. وهو ما يجعل المعتقدات، أو الأديان، مؤدلجة، أو مسيسة. وأدلجة المعتقد معناه: تحويله إلى أيديولوجية معبرة عن مصالح طبقية اجتماعية معينة، ضد طبقة اجتماعية أخرى.والدين عندما يصير كذلك، يفقد ضرورة وجوده؛ لأنه بدل أن يجمع الناس حوله، ليصير محترما من الجميع، يتحول إلى دين يفرق بين المومنين به، الذين قد يكونون من هذه الطبقة الاجتماعية، أو تلك، كم أن تسييس معتقد معين، يجعله يتحول إلى مجرد شعار سياسي، قد يتناسب مع الواقع، وقد لا يتناسب معه، وقد يقف وراء قيام صراعات طائفية، بين المقتنعين، المعتقدين بأديان معينة. وهذا الاقتناع، قد يجر المعتقدين إلى أدلجة معتقداتهم، وتسييسها، مما يعتبر وسيلة لاشتعال الحروب الطائفية، التي تأتي على الأخضر، واليابس.وقد تدوم عقودا طويلة، بين المتحاربين على أساس الإيمان، أو الاقتناع بمعتقدات معينة، تمت أدلجتها، وتسييسها، وهو ما يعني: أن إبعاد الدين، اي دين، عن الأيديولوجية، وعن السياسة، يقف وراء تجنب الصراع الطائفي / الطائفي، بين الأديان، وبين المعتقدين، بمختلف الأديان، التي لا يمكن ان يصير كل منها إلا شأنا فرديا. والدين {الشأن الفردي} عندما يتحول إلى أيديولوجية، أو إلى أي شعار سياسي، يصير فاسدا. وفساد المعتقدات المختلفة، يكلف البشرية الكثير من المآسي، التي لا يؤدي ضريبتها إلا المعتقدون المومنون بها، على حساب سلامة البشرية، من مختلف الحروب التي يخوضونها.
3 ـ ممارسة السياسة، بعيدا عن مختلف الأديان، لا من قبل الدول، ولا من قبل الأحزاب، ولا من قبل الشخصيات، حتى لا تتحول المعتقدات الدينية، إلى توجهات سياسية، وحتى لا تتحول التوجهات السياسية، إلى معتقدات دينية، وحتى لا يتحول الزعماء الدينيون / السياسيون، إلى مقدسين،وحتى لا تختلط المعتقدات السياسية، في حالة قيامها، بالمعتقدات الدينية، ليختلط الأمر على عامة الناس، الذين لا يعرفون ما للدين، وما للسياسة.
وممارسة السياسة بعيدا عن الدين، لا يمكن ان يتم إلا في إطار فصل الدين عن السياسة، الذي لا يمكن حدوثه إلا في إطار المجتمع المعلمن، الذي يميز بين ما للسياسة، وما للدين، ولا يخلط بينهما؛ لأن الخلط بين الدين، والسياسة، وبين السياسة، والدين، هو من خصال المجتمع المتخلف، الذي تسود فيه الأصولية الدينية،ويشيع فيه الفساد، والاستبداد، وتكفير علمنة المجتمع، والعلمانيين، وغيرهم مما لا يخدم إلا مصلحة المستفيدين من تخلف الوضع الاقتصادي، والاجتماعي، والثقافي، والسياسي.
******
4 ـ علمنة المجتمع، التي لا تعني إلا أن تكون منطلقات التفكير ما دية / علمية / واقعية، حتى تؤدي إلى التوصل إلى نتائج معقولة، تكون في مصلحة المجتمع، والإنسان، بعيدا عن الغيب، والخرافة، ودون اعتماد الدين، اي دين، كمنطلق للوصول إلى خلاصات تكرس تحكم الدين في كل شيء، مما يجعل احترامنا لهذا الدين، أو ذاك،أو اي دين آخر، غير وارد، نظرا لأنها يجب أن تبقى بعيدة عن التوظيف الأيديولوجي، والسياسي،حتىيتكرس في فكرنا، وفي ممارستنا، الفصل بين الدين، أي دين، وبين السياسة، حتى وإن كانت هذه السياسة مجرد مواقف حزبية، مما يجري في الواقع الاقتصادي، والاجتماعي، والثقافي، والسياسي، حتى وإن كان هذا الحزب، صاحب المواقف، مؤدلجا للدين، اي دين، ما دام الحزب لا ينتج إلا المواقف العلمانية، مهما كانت هذه المواقف،التي قد تكون علمانية، إذا انطلقت من الواقع، ومن العلم، ومن العقل، وتجنبت المنطلقات الميتافيزيقية، واللا علمية، واللا عقلية، حتى تساهم العلمنة، في إعداد أجيال على الارتباط بالواقع، وعلى توظيف العلم، مهما كان هذا العلم، في كل مجالات الحياة، في افق التمرس التام، والفائق، على الفصل بين الدين كمعتقد،وكشأن فردي، وبين السياسة، كشأن عام، حتى يصير ما لله لله، وما لقيصر لقيصر، كما يقولون.
5 ـ قيام دستور ديمقراطي شعبي، يفصل بين مختلف السلط،تكون فيه السيادة للشعب،الذي يصير مصدرا لكل السلطات: التشريعية، والتنفيذية، والقضائية، وبصير منطلقا لتحرير جميع أفراد المجتمع، من كافة أشكال العبودية، ويقف وراء تقرير مصيره الاقتصادي، والاجتماعي، والثقافي، والسياسي؛ لأنه لا علمانية بدون دستور ديمقراطي شعبي، لا يكون إلا بطبيعة علمانية، في فصله بين الدين الذي يصير لله: {وأن المساجد لله فلا تدعو مع الله أحدا}، وبين السياسة التي هي لجميع أفراد الشعب، ولكل الأحزاب، بما في ذلك الأحزاب التي تسمي نفسها أحزابا دينية.
فالدستور الديمقراطي الشعبي، هو الحصانة الضامنة للفصل بين السلطات، ولسيادة الشعب، ولقيامه بتقرير مصيره، ولعلمنة المجتمع، مهما كان هذا المجتمع.
6 ـ تحقيق الديمقراطية، بمضامينها الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية، لقطع الطريق أمام إمكانية إعادة إنتاج ديمقراطية الواجهة، التي لا يمكن تجسيدها إلا في إطار الانتخابات، التي لا تكون إلا مزورة، لتشكيل المشهد السياسي على المقاس، كما يحصل في كل انتخابات تعرفها البلدان ذات الأنظمة التابعة، ومن أجل أن لا تتكرر المآسي، التي عرفتها، وتعرفها شعوب العالم الثالث، الذي يشمل البلدان ذات الأنظمة التابعة، وفي أفق اعتماد الأسس المعرفية، والعلمية، والواقعية، والعقلية، للتطور الذي يمكن أن تعرفه هذه البلدان، بعيدا عن الدين، وعن أدلجة الدين، وعن استغلال الدين أيديولوجيا، وسياسيا؛ لأن الديمقراطية، لا تستقيم مع الدين، ومع أدلجة الدين، ومع التوظيف الأيديولوجي، والسياسي،بقدر ما تستقيم مع التحرير، ومع العدالة الاجتماعية، في أفق الاشتراكية، لدخولها في علاقة جدليو مع التحرير، والاشتراكية.
7 ـ احترام حقوق الإنسان، كما هي في الإعلانات، والمواثيق الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان، حتى يتمتع كل أفراد المجتمع، بكل حقوقهم التي من بينها قيام كل فرد باختيار المعتقد الذي يريد. وإذا اختار أن يبقى بدون معتقد، فذلك شأنه، خاصة، وأن المعتقد، كشأن فردي، أو البقاء بدون معتقد، كشأن فردي، هو الأسلم. وهو الذي يبعدنا عن تحويل المعتقد إلى شأن جماعي، مما يدخلنا في صراع لا حدود له، ولا نهاية بين الطوائف المختلفة،لأن اعتبار الدين، أي دين، شانا جماعيا، هو المدخل لتسييس الدين، أو لتديين السياسة، مع أن اعتبار الدين شأنا فرديا، يضمن فصل الدين عن السياسة، وفصل السياسة عن الدين، والمدخل لهذا الفصل، هو احترام كافة الحقوق الإنسانية، التي بدون احترامها لا يمكن ضمان ان يصير الدين شانا فرديا، ولا أن نفصل الدين عن السياسة، ولا السياسة عن الدين.
8 ـ ملاءمة كافة القوانين المعمول بها، والبرامج التعليمية، والإعلامية، والمراسيم، والقرارات التي تصدرها الهيئات الحكومية،او تتخذها مختلف المؤسسات، مع الإعلانات، والمواثيق، والاتفاقيات الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان، لضمان صيرورة القوانين والبرامج الدراسية، والإعلامية، والمراسيم، والقرارات، مصدرا للتمتع بحقوق الإنسان، والتربية عليها، لإنتاج أجيال في مستوى التطور الذي تعرفه البشرية، بفعل التطور الاقتصادي، والاجتماعي، والثقافي، والسياسي، وبفعل تجاوز العديد من مظاهر التخلف،التي قضت البشرية قرونا طويلة، في إعادة إنتاجها، باسم التمسك بالعادات، والتقاليد، والأعراف، وبفعل إعادة إنتاج التراث، الذي صار هدفا في حد ذاته، لذلك جاءت الملاءمة المذكورة، مدخلا للتقدم، والتطور، وسعيا إلى تحرير الإنسان،من كل مظاهر الاستعباد المتراكمة عبر تاريخ البشرية، وإلى تحقيق الديمقراطية، بمضامينها الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية، حتى تتاح أمام جميع افراد الشعب، أي شعب، ومهما كانت الشروط الموضوعية، من أجل المساهمة في التقرير، والتنفيذ، حتى يصير ذلك مدخلا لتحقيق العدالة الاجتماعية، التي تعتبر شرطا للعمل على تحقيق الاشتراكية.
9 ـ بناء الدولة الوطنية الديمقراطية العلمانية، باعتبارها دولة للحق، والقانون؛ لأن الدولة الوطنية، هي التي تراعي في بناء اقتصادها، واجتماعها، وثقافتها، وسياستها، مصلحة الوطن العظيمة،ومصلحة الوطن من مصلحة الشعب، ومصلحة الشعب من مصلحة العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين. وهو ما يعني أن الدولة الوطنية، هي بالضرورة دولة ديمقراطية، والدولة الديمقراطية هي كذلك بالضرورة دولة التوزيع العادل للثروة الإنتاجية، والخدماتية، حتى تصير الدولة الديمقراطية، دولة العدالة الاجتماعية، التي بدونها لا تتحقق الكرامة الإنسانية، التي تنتج لنا احترام الحقوق الإنسانية، والحرص على تطبيق القوانين المتلائمة معها، مما يجعلها دولة للحق والقانون، التي تعتبر هدفا ووسيلة.
فاعتبار الدولة الوطنية الديمقراطية العلمانية، ودولة الحق، والقانون، هدفا، ووسيلة؛ لأن تحقيقها لا يعني إلا القطع مع الدولة اللا وطنية، واللا ديمقراطية، واللا علمانية، واللا حق، واللا قانون، والانخراط مباشرة في حركية التقدم، والتطور التي ترتقي بالشعب، أي شعب، إلى الانخراط في مدارج التقدم، والتطور، الذي لا يتوقف أبدا، مهما كانت الشروط التي يعيشها الشعب.
10 ـ التفاعل مع ما يجري في العالم، على جميع المستويات: الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية، دون أن يكون ذلك التفاعل مضرا بالمصلحة الوطنية، وبمصلحة الشعب، وبمصلحة كادحيهن وبمصلحة طليعتهم الطبقة العاملة، دون الخضوع لأية شروط، أو إملاءات خارجية،تضر بمصلحة الوطن، والشعب.
ويمكن أن نعتبر أن الغاية من التعامل مع الآخر، شرط للتفاعل معه، في المجالات الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والمدنية، والسياسية؛لأنه بدون حضور الندية، تصير العلاقة نتيجة للتفاعل لصالح جهة معينة، تتوفر على مقومات التقدم، والتطور، الذي لا يكون إلا بالتفاعل الإيجابي، بين مختلف مكونات الواقع، على المستوى العالمي.
والتفاعل، في عمقه، لا يعني إلا الأخذ والعطاء، في عملية معقدة، يصعب معها عدم الأخذ بما هو إيجابي، في إطار اكتساب المناعة ضد كل ما هو سلبي، كما يصعب معها رفض العطاء الذي يقتضي الحرص على الإيجابية،وتجنب إمكانية العطاء السلبي، حتى يكون الإيجابي هو الغالب في الأخذ، والسلبي هو المعدم الذي يتم طرحه أثناء التفاعل، كما يقتضي الحرص على إيجابية العطاء، حتى يصير وسيلة لحث الغير على التفاعل الإيجابي، وتجنب أن يكون العطاء سلبيا،لدوره في تفسخ العلاقة مع الاخر، والتي تقتضي التمسك بها، لضرورتها، ولمساهمتها في تبادل الخبرات، المشكلة، والمحفزة على التطور الاقتصادي، والاجتماعي، والثقافي، والسياسي.
وبذلك نجد أن إعداد الأجيال الصاعدة في صفوف أي شعب، لا بد فيه من التعرف على الملل، والنحل، دون أن نفرض عليها ملة، أو نحلة معينة، أثناء تنشئتها، حتى تمتلك القدرة على اختيار الملة، أو الدين الذي يناسبها، والذي يقتضي أن يبقى بعيدا عن السياسة، حتى لا يتحول من شأن فردي، إلى شأن عام. وممارسة السياسة بعيدا عن الأديان،حتى لا تتحول التوجهات السياسية إلى معتقدات، وعلمنة المجتمع بالحرص على اعتماد المنطلقات المادية، والعلمية، والواقعية، من أجل تجنب صيرورة الأديان، على تعددها، منطلقات للوصول إلى خلاصات تكرس تحكم الدين في كل شيء، وقيام دستور ديمقراطي شعبي، يضمن سيادة الشعب، الذي يصير مصدرا للسلطات، حتى يمتلك القدرة على تقرير مصيره بنفسه، وتحقيق الديمقراطية، بمضامينها الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية، واحترام حقوق الإنسان، كما هي في الإعلانات، والمواثيق،والاتفاقيات الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان، وملاءمة كل القوانين المعمول بها، والبرامج الدراسية، والإعلامية، والمراسيم، والقرارات، مع الإعلانات، والمواثيق، والاتفاقيات الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان، وبناء الدولة الوطنية الديمقراطية العلمانية، باعتبارها دولة للحق، والقانون، والتفاعل مع ما يجري في العالم على جميع المستويات، مع الحرص على إيجابية التفاعل،وتجنب التفاعل السلبي، الذي يقود إلى فساد القيم، وصولا إلى القول: بأن إنضاج شروط صيرورة الدين، او المعتقد، شأنا فرديا، حتى يصير الدين بعيدا عن السياسة، والسياسة بعيدة عن الدين. وإلا فإن صيرورة الدين، أي دين، شأنا عاما، فإنه يتحول إلى دين مؤدلج، وغارق في السياسة، إلى ما لا نهاية.
ونحن عندما أخضعنا الموضوع / السؤال: {متى نصل فعلا إلى تحقيق أن الدين شأن فردي}، إلى النقاش، فلأننا لا نريد أن يصير الدين مسيسا، ومؤدلجا، والسياسة، والأيديولوجية، متدينة، كما لا نريد للمومنين بالأديان، أو المذاهب المختلفة لكل دين، والدخول في صراع دموي طائفي، مما لا علاقة له لا بالأديان، ولا بالمذاهب،بقدر ما له علاقة بالأيديولوجية، وبالسياسة، الناجمة عن التوظيف الأيديولوجي، والسياسي للأديان، والمذاهب، لخدمة مصالح طبقية معينة، حتى يظهر الصراع الطبقي القائم في الواقع، وكأنه صراع بين الطوائف الدينية، والمذهبية.
فهل يتم اختيار أحد المعتقدات، كشأن فردي؟
وهل يمكن اعتبار المتدينين بالتبعية يمتلكون حق تغيير المعتقد، بما يرونه مناسبا لهم؟
وهل تقوم الدولة بالتعريف بمختلف المعتقدات، كما هي في الكتب السماوية، بدل تغييرها، واستحضار تدريس ماله علاقة بالدين الإسلامي وحده؟
وهل تمكن دول المسلمين، مواطنيها، من الاختيار الحر، والنزيه، لمعتقداتهم، ما داموا لم يختاروا كونهم مسلمين؟