الدولتية Statism أو عبادة الدولة الإله: ديانة فاشية متفشية بالمغرب
لا يمنع حصول الإنسان على دبلومات وشواهد جامعية من أن يؤمن بحماقات مثل أن “الديمقراطية فاشلة أو لم تنجح يوما” أو أن “الحرية تؤدي إلى الفوضى والتفكك” أو أن “الدولة يجب أن تتحكم بكل شيء لكي تعتني بالمواطن”.
آراء أخرى
وأتذكر أنني حاورت يوما مغربيا حول موضوع انتشار الرشوة في إدارات الدولة بالمغرب فأخبرني باللغة الأمازيغية بما مفاده أن “الرشوة جيدة ونافعة لأنها تسرع قضاء حوائج الناس وتوفر عليهم ضياع الوقت والمجهود!”. هذا الشخص الذي قال لي هذا الكلام الأحمق ليس بدويا ولا أميا بل هو شخص له مستوى تعليمي لا بأس به ويتكلم على الأقل 3 لغات بشكل جيد. إذن الحماقات المتفلسفة لا يتفوه بها البدويون والأميون فقط بل يمكن أن يتفوه بها أيضا المتعلمون والدكاترة والمثقفون.
يروج عرابو الاستبداد وعشاق الطغيان المخزني والإسلامي منذ مدة طويلة لإشاعة كاذبة مفادها أن أوروبا وأمريكا لم تتقدم بالحرية والديمقراطية وأن تقدمها تكنولوجي وصناعي واستعماري مادي صرف مقرون بقوة الدولة المركزية المستبدة، وأن تقدم أوروبا لا علاقة له بالحرية والديمقراطية. ويزعمون أن الديمقراطية والحرية جاءت لاحقا فقط كمجرد ديكور ورتوشات تجميلية إضافية على الحضارة الأوروبية والأمريكية.
هذه طبعا أكاذيب لأن أوروبا وأمريكا تقدمت اقتصاديا وعلميا بفضل الحرية التي على أساسها انبنت الحضارات والديمقراطيات الأوروبية والأمريكية شيئا فشيئا بدءا من الديمقراطية الإغريقية البدائية إلى الجمهورية الرومانية القديمة SPQR وديمقراطية مجلس شيوخها البدائية إلى وثيقة Magna Carta للحقوق في إنجلترا عام 1215 إلى تأسيس “البرلمان الإنجليزي” في القرن 13 ثم تحوله إلى “برلمان بريطانيا العظمى” ثم إعلان فرجينيا للحقوق عام 1776 في أمريكا إلى وثيقة الاستقلال الأمريكي عام 1776 إلى الدستور العلماني الديمقراطي الأمريكي عام 1787 والتعديلات التي عرفها تدريجيا بالمنهج الديمقراطي.
وطول هذه المدة كانت هناك تراجعات ثم تقدمات ونكسات ثم انتصارات ثم نكسات مرة أخرى ثم انتصارات ولكن الشيء المؤكد هو أن هؤلاء الناس في أوروبا وأمريكا تقدموا بفضل الحرية:
– أولا: الحرية الاقتصادية (اقتصاد السوق الحرة وكبح جماح تدخلات الدولة).
– ثم الحرية الفكرية / العلمية.
– ثم الحرية الدينية (حرية اعتناق وترويج الأديان).
– ثم الحرية السياسية (الديمقراطية).
واليوم بفضل ذلك التراكم الحرياتي والديمقراطي الذي شيد به الأوروبيون والأمريكيون حضارتهم الناجحة (نسبيا) يريد العالم أجمع تقريبا أن يذهب للعيش في أوروبا الغربية وأمريكا وكندا وأستراليا عبر موجات هستيرية من الهجرات الشرعية وغير الشرعية وقوافل اللاجئين وأشباه اللاجئين وقوارب الهاربين من جحيم أفريقيا وأمريكا الوسطى والجنوبية وآسيا.
ولتجدن أكثر المغاربة والأمازيغ المحتقرين للديمقراطية والحرية والعلمانية في طليعة طوابير الفيزات أمام السفارات الأوروبية والأمريكية بالمغرب إن لم يكونوا أصلا يعيشون في أوروبا أو أمريكا أو كندا أو يحملون جنسياتها.
1) من يؤمن بأن الدولة يجب أن تتحكم بكل شيء هو فاشي خالص:
يمكن تقسيم “عرابي الاستبداد” أو “عشاق الاستبداد الدولتي” إلى ثلاثة أقسام:
– عرابو الاستبداد أصحاب الأيديولوجية الإسلامية وخصوصا منها الجناح السلفي والوهابي والإخواني وهم يريدون إقامة دولة دينية إسلامية استبدادية. وهؤلاء هم الاستبداديون الإسلاميون أو الفاشيون الإسلاميون.
– عرابو الاستبداد أصحاب أيديولوجية يسارية علمانية الطابع كالاشتراكية أو الشيوعية الذين يرون في الدولة الاستبدادية والحلول السلطوية الدولتية السبيل الأمثل لفرض أيديولوجيتهم ومشاريعهم. وهؤلاء هم الاستبداديون الاشتراكيون والاستبداديون الشيوعيون أو التوتاليتاريون اليساريون.
– عرابو الاستبداد الدولتي (الفاشيون الخالصون) الذين لا يملكون أية أيديولوجية واضحة ويعبدون الدولة ورموزها ومؤسساتها المدنية والبوليسية والعسكرية ويعتبرون أن الدولة والشعب والوطن والحاكم والحكومة شيء واحد متوحد. ويؤمنون بأن الدولة السلطوية الاستبدادية هي الحل الوحيد لضمان الاستقرار والرخاء للمواطن، ويعتقدون ضمنيا أن الدولة هي الإله أو الإلهة وهي الأب وهي الأم، ويعتبرون أن الديمقراطية والحرية الفردية مجرد تشويش وشوشرة وكلام فارغ. وطبعا فهذه هي الفاشية بحذافيرها. إن من يؤمن بالدولة السلطوية المتحكمة بكل شيء هو فاشي توتاليتاري خالص.
2) ديانة عبادة الدولة أو نزعة “الدولتية” Statism الفاشية:
“النزعة الدولتية” (بالإنجليزية: Statism وبالأمازيغية: Tawanakiẓri أو Tamexzaniẓri أو Tamexzanit وباللغة الدارجة: تامخزانيت) هي فكرة أو نزعة تقول بأن سلطة الدولة هي الحل الشامل وأن الدولة يجب أن تتدخل في كل شيء وتعتني بكل شيء وتتحكم بكل مناحي حياة المواطن وبكل مناحي الحياة العمومية من تعليم واقتصاد وإعلام ودين وثقافة وترفيه وغيره.
وعبدة الدولة (الفاشيون) يرون أن الدولة بزعيمها ومؤسساتها المدنية والأمنية والعسكرية وقوانينها هي السبيل الوحيد لتحقيق الاستقرار والرخاء والازدهار للشعب ويرون أن الديمقراطية والحرية الفردية الكاملة مضيعة للوقت ومدخل إلى الفوضى. ومن خلال كتاباتهم وتعليقاتهم يمكن أن نستخرج هذه الأسس التي تحكم تفكيرهم وعقيدتهم الدولتية الفاشية:
– عبدة الدولة يعتبرون أن الدولة هي كل شيء وهي أساس وجود الشعب.
– عبدة الدولة يعتبرون أن الشعب والأرض والبلد والوطن والبر والبحر والحاكم والحكومة والمؤسسات الحكومية أجزاء تكون الدولة الواحدة الموحدة.
– عبدة الدولة يعتبرون أن المواطن “ينتمي” إلى الدولة.
– عبدة الدولة يعتبرون أن المواطن يجب أن يكون له ولاء مطلق للدولة ويخضع لها خضوعا تاما.
– عبدة الدولة يعتبرون أن الدولة غير ملزمة بتنفيذ أوامر الشعب، لأن الكل (الدولة) غير ملزم بتقديم الولاء لجزء بسيط منها (الشعب). فالكل فوق الجزء، والجزء تابع للكل ومملوك للكل.
– عبدة الدولة يعتبرون، إذن، أن الدولة فوق الشعب.
وهذا يؤدي إلى نتيجة منطقية مفادها: عبدة الدولة يعتقدون أن الشعب هو في خدمة الدولة.
– ويعتبر عبدة الدولة أن المواطن الذي ينتقد الدولة أو يريد تغييرها أو إصلاحها جذريا هو في الحقيقة خائن (خان “انتماءه” للدولة) أو أنه عميل أجنبي أو انفصالي أو عدمي يشكل خطرا على الدولة وشعبها.
– عبدة الدولة يعتبرون أن الرموز الرسمية للدولة مثل العلم الرسمي أو الشعار الرسمي أو الحاكم الأعلى هي مقدسات (لاحظ التعبير الديني العقائدي الطقوسي: “مقدسات”) غير قابلة للسخرية أو الانتقاد أو اقتراح التغيير، وأن من ينتقدها أو يسخر منها أو يريد تغييرها أو إصلاحها أو يقترح بدائل عنها هو خائن ومجرم في حق الدولة وكافر بالدولة ومرتد عن الدولة يجب أن يعاقب بعقوبة المرتد.
– عبدة الدولة يعتبرون أن الديمقراطية (حكم الشعب) خطر على الدولة لأنه لا يعقل أن يتم السماح لـ”جزء من الدولة” أو لـ”خادم الدولة” بأن يحكم الدولة! هذا فضلا عن أن الديمقراطية بطابعها الديناميكي المتغير والمتقلب تفتح الطريق إلى تغيير طبيعة الدولة وتغيير كل شيء حسب رغبات وأهواء الشعب.
– عبدة الدولة يعتبرون الشعب قاصرا لن يستطيع أبدا معرفة مصلحته لذلك فهو يحتاج إلى سلطة الدولة لتتحكم فيه حتى لا يخرب بيته بيديه.
– عبدة الدولة يعتبرون أن الحرية الكاملة للأفراد (حرية العقائد والأديان والتعبير والسخرية والانتقاد والصحافة) خطر على الدولة لأنها تفتح المجال لخلخلة اليقينيات وتغيير مؤسسات الدولة وتفسح المجال للشعب ليحكم الدولة ويغير حكومتها بميكانيزمات شعبية كالتصويت الانتخابي والاستفتاء والاحتجاجات.
– عبدة الدولة يعتبرون أن الدولة يجب أن تكون أحادية في كل شيء وأن تفرض الوحدة إجباريا على الشعب: لغة واحدة، راية واحدة (مع منع الرايات الأخرى)، ديانة واحدة (مع منع الديانات الأخرى)، إله واحد (مع منع الآلهة الأخرى)، زعيم واحد، حكومة واحدة، تفكير واحد، إعلام واحد. وأن غير ذلك هو تشويش يؤدي إلى الانفصال والتفكك والفوضى.
– عبدة الدولة يعتبرون أن احتجاج الشعب ضد الدولة أو ضد رموزها ومسؤوليها هو إهانة للدولة وجريمة يقترفها الشعب ضد الدولة.
إذن فمن الواضح أننا نتعامل هنا مع أيديولوجية فاشية استعبادية. عبدة الدولة أو أتباع “الدولتية” Statism هم فاشيون يكرهون الديمقراطية (حكم الشعب) ويكرهون الحرية ويريدون اختزال حرية الفرد في حرية اختيار الأكل والشرب ووقت النوم وحرية اختيار طريقة مدح الدولة والثناء على الدولة والتسبيح بحمد الدولة، أما الحريات الأخرى (التعبير، العقائد، التغيير السياسي، الانتقاد، السخرية، الصحافة) فهي جرائم أو أنشطة مشبوهة تآمرية ضد الدولة. ويريد عبدة الدولة أن تتحكم الدولة في كل شيء: التعليم، الإعلام، الاقتصاد، الصحافة، الفنون، المعابد الدينية، الترفيه. وهذه هي العبودية الدولتية الفاشية الكاملة.
3) الأيديولوجية الديمقراطية المضادة لديانة “عبادة الدولة” الفاشية:
لنتعرف على الفرق بين “الديمقراطية” (حكم الشعب) و”ديانة عبادة الدولة” الفاشية عبر مقارنة مواقفهما من بعض المفاهيم الأساسية:
ما هي الدولة؟
– الديمقراطية: الدولة هي جهاز تدبيري تابع للشعب ينفذ أوامر الشعب.
– ديانة عبادة الدولة: الدولة هي الحاكم والحكومة والجيش والشعب والأرض وكل شيء.
هل المواطن الفرد ملزم بتقديم الولاء للدولة؟
– الديمقراطية: لا.
– ديانة عبادة الدولة: نعم.
هل الدولة ملزمة بتقديم ولائها للشعب؟
– الديمقراطية: نعم.
– ديانة عبادة الدولة: لا.
ما هو معنى عبارة “الولاء للوطن”؟
– الديمقراطية: الولاء للوطن هو الولاء للشعب والأرض بشرط الحفاظ على الحرية.
– ديانة عبادة الدولة: الولاء للوطن هو الولاء للدولة بلا شروط.
من أين تأتي “الهوية الوطنية”؟
– الديمقراطية: الهوية الوطنية مصدرها الشعب والأرض.
– ديانة عبادة الدولة: الهوية الوطنية تأتي من الدولة.
ما هي هوية الدولة؟
– الديمقراطية: الدولة تستمد هويتها من الشعب وأرض الشعب.
– ديانة عبادة الدولة: الدولة هي الهوية نفسها. الدولة هي مصدر الهوية.
ما هو مصدر السلطة الشرعية؟
– الديمقراطية: الشعب هو مصدر السلطة الشرعية عبر الانتخاب والاستفتاء.
– ديانة عبادة الدولة: الدولة هي مصدر السلطة الشرعية في شخص حاكمها الأعلى.
هل يحق للشعب تغيير الدولة أو تغيير مؤسسات ورموز وحكام الدولة؟
– الديمقراطية: نعم.
– ديانة عبادة الدولة: لا.
هل الدولة جزء من الشعب أم أن الشعب جزء من الدولة؟
– الديمقراطية: الدولة جزء من الشعب.
– ديانة عبادة الدولة: الشعب جزء من الدولة.
هل الدولة تخدم الشعب أم أن الشعب يخدم الدولة؟
– الديمقراطية: الدولة تخدم الشعب.
– ديانة عبادة الدولة: الشعب يخدم الدولة.
هل حرية الفرد تعلو على إرادة الجماعة أو الدولة؟
– الديمقراطية: نعم. حرية الفرد الشخصية أعلى، في كل ما يخص الفرد.
– ديانة عبادة الدولة: لا. إرادة الدولة أعلى دائما.
هل يحق للفرد أن يقاضي الدولة لدى القضاء ويأخذ حقه منها؟
– الديمقراطية: نعم. فالفرد ليس تابعا للدولة.
– ديانة عبادة الدولة: لا. لأن الفرد تابع للدولة.
لمن السيادة؟ من هو السيد؟
– الديمقراطية: السيادة للشعب. الشعب هو السيد.
– ديانة عبادة الدولة: السيادة للدولة. الدولة هي السيد.
ما هي الديمقراطية؟
– الديمقراطية: الديمقراطية هي حكم الشعب وسلطة الشعب بالانتخاب والاستفتاء.
– ديانة عبادة الدولة: الديمقراطية خطر داهم يهدد الدولة بالتفكك والانهيار.
4) ما علاقة الحرية بالديمقراطية؟
الديمقراطية (سلطة الشعب) مرهونة دائما بمدى انتشار الحرية الفردية في المجتمع وبمدى قدرة أفراد الشعب على مواجهة سلطة رجال الدولة وبمدى قدرة أفراد الشعب على التعبير عن آرائهم بحرية وعلى ممارسة أنشطتهم بحرية. كلما اتسعت الحرية الفردية إلا واتسعت معها الديمقراطية وتحسنت أحوال الشعب. والمقصود بالحرية هنا هي أشكالها الرئيسية:
– الحرية الاقتصادية (بالأمازيغية: Tilelli tadamsant).
– الحرية الفكرية (بالأمازيغية: Tilelli tawengimant).
– الحرية الدينية (بالأمازيغية: Tilelli tujjidt).
– الحرية السياسية (بالأمازيغية: Tilelli tasertant).
الديمقراطية أداة عملية لتطبيق مبدإ الحرية الفردية وحقوق الإنسان لتدبير الشؤون العمومية للشعب مع أهمية بقاء الدولة بعيدة عن التدخل والتحكم في حياة المواطن وحريته الفردية وممتلكاته وتجارته وآرائه الشخصية.
وحاليا نجد في العالم ديمقراطيات متفاوتة الجودة والرداءة حسب درجة انتشار الحرية (والوعي بالحرية) في المجتمعات. فهناك ديمقراطيات رديئة أو متردية (مثل العراق ولبنان وفينزويلا ونيجيريا وتركيا). وهناك ديمقراطيات متوسطة (مثل تونس والسنغال وإندونيسيا والبرازيل وروسيا). وهناك ديمقراطيات جيدة نسبيا (مثل أمريكا وألمانيا وبريطانيا وهولندا واليابان وكوريا الجنوبية وجنوب أفريقيا).
وهناك طبعا دول لاديمقراطية أو زائفة الديمقراطية (مثل المغرب والجزائر ومصر والسعودية وإيران وكوريا الشمالية).
وفي كل هذه البلدان ترتفع جودة الديمقراطية كلما ارتفع حجم الحريات الفردية وقلت تدخلات الدولة في حياة المواطن. وتنخفض جودة الديمقراطية كلما ازداد القمع وتكميم الأفواه واعتقال الصحفيين والنشطاء وتضخم حجم الدولة البوليسية وكثرت تدخلات الدولة في حياة المواطن.
5) تقليص سلطات وتدخلات الدولة هو علاج الفساد و”تاشفّارت” Taceffart
يجب على المغاربة الذين يشتكون من الدولة ثم يطالبونها بمزيد من التدخل والتحكم في حياتهم أن يراجعوا أنفسهم ويسألوا أنفسهم عن سبب هذا التناقض.
من أين أتى هذا الإيمان الغيبي لدى المغاربة خصوصا ولدى عامة الأمازيغ بأن الدولة هي علاج كل مشاكلهم وأنها هي الإله الضار النافع الجبار القهار الرزاق الوهاب؟!
الذين يرددون العبارة العجيبة “يجب على الدولة أن تتحمل مسؤولياتها” هم في الحقيقة يشتكون من فشل الدولة وسوء تدبيرها ثم يطالبونها بمزيد من التدخل في حياتهم. والعبارة الأصح التي يجب توجيهها للدولة هي: “يجب على الدولة أن تكف عن التدخل في حياة المواطنين وتكف عن قمع الحريات ويجب عليها أن تخفض الضرائب على المواطنين”، أي بعبارة أخرى: “خوي السيكتور، خلي بنادم يتنفس شويا!”، أو بالأمازيغية:
Egg řeɛwin, ejj aterras ad yarr ennefs
الدولة تتكون من بيروقراطيين عديمي النفع ومعدومي الكفاءة لا يهمهم إلا الحفاظ على كراسيهم ورواتبهم وسلطتهم. ومن يرتجي منهم أن يساعدوا المغرب على التقدم والازدهار والنماء هو واهم. فاقد الشيء لا يعطيه. والازدهار يصنعه المقاولون والمبادرون والباحثون والتقنيون والعلماء والصناعيون والفلاحون والتجار في السوق الحرة.
الازدهار لا يصنعه بيروقراطيون وسياسيون يقضون نهارهم جالسين خلف طاولة يطرطقون الأختام والطامبونات ويملأون الاستمارات البيروقراطية ويدبجون التقارير والبلاغات الحزبية والإدارية الفارغة.
أما الفساد الاقتصادي والإداري والعقاري الذي يعاني منه المغاربة فهو نتيجة لتضخم سلطات الدولة وتدخلاتها في كل شيء. فتضخم السلطة وتضخم ميزانية الدولة (الآتية من أموال الضرائب التي تقصم ظهر المواطن) هو الذي يفسح المجال لشتى أشكال التبذير والنهب والريع واستغلال النفوذ الذي يمارسه النافذون والطفيليات البيروقراطية. لذلك فتقزيم سلطات وتدخلات الدولة وتخفيض الضرائب هو الكفيل بقطع الأوكسيجين عن طفيليات الفساد والتبذير والريع الذي يشل الاقتصاد.
المطلوب هو إقرار الحريات الفردية الكاملة في دستور جديد وإطلاق سراح المختطفين السياسيين والكف عن قمع الحريات المدنية وتخفيض الضرائب والأعباء المالية على المواطن والشركات وتقليص القوانين والقيود البيروقراطية على المستثمرين وترك الاقتصاد للقطاع الخاص ليعمل عمله دون تدخل من الدولة.
أما من يشتكي من فشل الدولة ومن سوء تدبير الدولة ثم يطالب تلك الدولة بمزيد من التدبير والتدخل فهو يداوي مرضه بالتي هي الداء. وهذا هو الجنون بعينه.