يبدو أن الوضع الذي بات يعيشه نادي الإتحاد الرياضي حسنية أكادير لكرة القدم لم يشهده منذ 22 دجنبر 1946 تاريخ تأسيسه إلى اليوم، في مسار امتد لنحو 77 عاما، فالنّادي صاحب اللّونين الأبيض والأحمر، صار اليوم “السّواد” يتوشّح مستقبله بسبب “القلاقل والمطبّات” التي باتت تحاصر الممثل الوحيد، لجهة سوس ماسة والجهات الجنوبية الأربع، في الدوري الإحترافي “برو إينوي”.

السّؤال الحارق والملتهب الذي بات مراقبو الشّأن الرّياضي في سوس ماسة يطرحونه: من يدفع نادي الإتحاد الرياضي حسنية أكادير لكرة القدم لأن يتفجّر من الدّاخل؟.

سؤال نبش فيه موقع “لكم”، ولمّ الحقائق والتقاطعات لناد كروي باتت مشاكل الصّراع على التحكّم في تدبيره تحشد الأنصار وتهيّج الخصوم وتفاقم الأوجاع على فريق كروي انعكس صراع القيادة على نتائجه الكروية وأزمة المباريات، وعمّقت جراحه ديون تراكمت على مسيريه، فصاروا يواجهون أطرافا من الداخل وفي الخارج، وسط طموحات أمل “النجاة” بفريق “غزالة سوس” بطموح محبّيه وأنصاره ومحتضنيه.

مسار الإلتباس ومساقه

قبل نحو عام، وتحديدا خلال الجمع العام الإنتخابي للنّادي الكروي السّوسي “حسنية أكادير”، أي يوم 25 فبراير 2023 انتخب أمين ضور رئيسا جديدا للنادي الكروي، تمّت تزكيته من قبل السلطات والجامعة الملكية المغربية لكرة القدم، بعدما استقال المكتب المسير السّابق برئاسة الحبيب سيدينو، وهو مثقل بديون قاربت ثمانية ملايير سنتيم، حينها انسحب تيار أطلق على نفسه فيما بعد “دفاعا عن الشّرعية”، بعض منه موال للرئيس السابق الذي عمّر طويلا في منصب الرّئاسة.

أمين ضور رئيس نادي “حسنية أكادير”

الرئيس المنتخب أمين ضور، ابن مدينة أكادير والمنحدر من بلدة “إمشكيكلن” (اشتوكة أيت باها)، شكّل مكتبا وزّع المهام، فصار يواجه إرثا ثقيلا أمامه..ملايين الديون..دعاوى في المحاكم..حجوزات على ممتلكات النّادي…نتائج كروية تدحرج الفريق وتهدّده نحو مغادرة بطولة الصّفوة والدوري الإحترافي..قلق “معارضين” على الجمع العام الإنتخابي على الكرسي، قرّروا الانسحاب من سباق التّرشح والرّئاسة ليتجهوا نحو القضاء للطّعن في بطلانه.

الدعوة لجمعين عامّين.. من القانوني ولمصلحة ماذا؟

بينما دعا الرّئيس الحالي أمين ضور لجمع عام لنادي حسنية أكادير لكرة القدم يوم 28 أكتوبر الجاري بقاعة النّدوات بملعب “أدرار” بمدينة أكادير، سار المعارضون الذين يطلقون على أنفسهم تيار “دفاعا عن الشّرعية”، منهم الرئيس السّابق الذي قدم استقالته قبل أقلّ من عام، للدعوة لجمع عام مماثل وصفوه بـ”الإستثنائي” في نفس المكان وفي نفس التوقيت، قالت المعارضة إنها حازت على ثلثي توقيعات المنخرطين للقيام بهاته المبادرة التي اعتبرها خصومهم “انقلابية وفاقدة للشّرعية وتشويشا على مسار ناد كروي عريق”، تم إخبار سلطات ولاية جهة سوس ماسة به، وفق رسالة حصل موقع “لكم” على نظير منها.

هذا الوضع الملتبس يطرح أكثر من سؤال بخصوص الدّعوة لجمعين عامين. فبالعودة إلى الفصل 20 من القانون المنظّم، فالدعوة لجمع عام استثنائي بتوقيعات ثلثي المنخرطين يحتّم، وفق القانون، أن “يتمّ إخبار رئيس النّادي، والرّئيس يمنح مهلة شهرين لعقد الجمع العام”. وهو ما تعتبره “الأغلبية المسيّرة” ينتفي في حالة من دعوا لهذا الجمع العام وراهنوا عليه، والذي يصفونه بـ “الإنقلابي”.

ويرى مناصرو الرّئيس الحالي أمين ضور، أنه “فرضا لو تمّ ذلك، فإن عددا من المنخرطين لم يسوّوا وضعيتهم القانونية ويبرؤوا ذمّتهم المالية ويحتاجون لمصادقة الجمع العام على انخراطهم بالنّادي، حيث أن أغلبهم لم يؤدّ انخراطاته السّنوية، ممّا يتعين معه بطلان الانخراط وما يستتبعه من أثر قانوني، وفقا لمقتضيات قانون التربية البدنية والرياضة، بحسب ما تلقاه موقع “لكم” من إفادات.

أيّ موقف لمؤسّسة الوالي وسط صراع منتخبين .. ؟

هذا الصّراع، انتقلت شظاياه إلى من المفروض فيهم أن يحكّموا العقل وينتصروا للقانون من أجل مصلحة النّادي الكروي السّوسي ومستقبله، حتّى يكون الجمع العام محطّة للمحاسبة والمساءلة، مادام هو سيّد نفسه، وهو القوّة الإقتراحية والتقريرية والقانونية والمؤسساتية الوحيدة لتدبير حاضر ومستقبل أكبر ناد في عاصمة وسط المملكة، بما يقتضيه ذلك من نكران للذّات، وحكامة في التّدبير، وحرص على مالية النّادي واستقراره، بحسب تعبير متتبّعين للشّأن الريّاضي تحدثوا لموقع “لكم”.

أحمد حجي والي جهة سوس ماسة عامل عمالة أكادير

ومن تداعيات ذلك، أن دخل على مسار “الصّراع المفتعل” منتخبان، الأوّل من جماعة أكادير الذي يحاول “فرملة” المنحة السّنوية المخصّصة للنادي الكروي وإغراقه “النّاعم” في ديون التدبير المالي، رغم تعليمات رئيس الجماعة عزيز أخنوش الذي دعا لتصفية الملف والتّسريع بالتّعجيل عبر تحويل الدّعم المالي، في وقت يشكل فيه أخنوش عبر شركته الخاصة “أفريقيا” المانح والمحتضن الأكبر التي تضخ الدعم في ميزانية حسنية أكادير، والثّاني منتخب بمجلس جهة سوس ماسة (غيّر جلده السياسي أياما قبل اقتراع 8 شتنبر 2021) “يضغط” من أجل عدم صرف الدّعم المالي للنّادي بسب موالاة غير مفهومة، يشرح المصدر، ومن دون مبرّر.

هذا الوضع سبق أن عرّاه كريم أشنكلي رئيس مجلس جهة سوس ماسة وفضحه في مارس 2021 بقوله: بغينا الحسنية يلعبو برجليهوم ماشي بيدّيهوم. أثار حينها تصريح المسؤول الجهوي غضب من كانوا يسيرون النادي السوسي وتراكمت ديونهم إلى ثمانية ملايير سنتيم، عمل المكتب الحالي لحسينة أكادير على تصفية مليار و120 مليون سنتيم منها، وأوقف نزيف “المالية” والبطاقات والتذاكر المجانية رغم أزمة السّيولة والدعم التي باتت تحاصر النادي.

كريم أشنكلي رئيس مجلس جهة سوس ماسة

وعلى الطّرف الآخر، بقي أحمد حجّي والي جهة سوس ماسة، عامل عمالة أكادير إداوتنان، في موقف “صامت ملتبس”، في ظلّ “التّشويش الذي بات مسيرو النّادي يحاصرون به من كل طرف وجانب..فرملة الدعم والمنح.. معارضون انسحبوا من الجمع العام الإنتخابي ولجؤوا للقضاء..طرف من الإلتراس مناصر للمعارضة كانوا بالأمس، وقبل أقل من عام، يطالبون الرئيس السّابق ومن معه بالرّحيل، لطّخوا جدران وشارع المدينة بعبارات “ارحل”، ليتحوّلوا اليوم إلى مناصرين..لأجل ماذا؟ وكيف؟ بأي ثمن؟ ولمستقبل من؟.

وبرأي مراقبين تحدثوا لموقع “لكم”، فإن موقف “والي جهة سوس ماسة” يجعل القراءات لما يحصل تتعدّد وتسير في اتجاه “تزكية ما يحصل”…صمت غير مفهوم للسلطات وتذبذب في مواقف “جهات” تتحرّك في الخفاء لأجل مصلحة ماذا؟..معارضة انسحبت من سباق الرئاسة قبل عام واتجهت نحو القضاء وسط تهافت على كرسي الرّئاسة… جمعان عامان في يوم واحد… ديون متراكمة جعلت الرئيس الحالي ومن معه يسعون لتصفيتها بتؤدة واتزان رغم كل المطبّات… وضع أثر على النتائج الكروية للنادي السّوسي جعلته في الرتبة 14 وفق الترتيب الحالي للبطولة الاحترافية “برو”….. ليواجه أعرق ناد كروي في جنوب المغرب مستقبلا ملتبسا..فمن ينقذ نادي “غزالة سوس” الذي يراد له أن يتحوّل إلى “فريسة”؟، يتساءل مراقبون.