رياضة

تقرير رياضي: “مافيا الكرة” و”أزمة” تهجير اللاعبين المغاربة إلى الخليج

لكم

أحدثت الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم رجة قوية، وهي تصدر بلاغا شديد اللهجة يناهض كل الأساليب الدنيئة التي يعمد إليها بعض السماسرة لتهجير اللاعبين المغاربة من الذين تبرز مواهبهم في أكاديميات ومراكز تفريخ المواهب، بل وقررت تحريك مسطرة القضاء، لمتابعة من تبثث في حقهم هذه الجنحة، ورفع الصوت الاستنكاري والاحتجاجي لدى الجهاز المشرف على كرة القدم العالمية، الإتحاد الدولي لكرة القدم، وبموازاة مع هذا كله، قررت الجامعة تجميد عمل بعض الوسطاء والوكلاء إلى حين تهييئ دفتر شروط جديد يعيد رسم الحدود القانونية لمهنة الوساطة الرياضية.

دعوة لاجتماع أعضاء الجامعة، ما كان أحد يتصور في المغرب أن تكون لأسباب غير تلك التي اعتاد الجمهور المغربي التفاعل معها من إشكالات مرتبطة باللخبطة التي ضربت البرمجة مع نهاية الموسم الكروي، ومن رمي عن بعد، لتهم التلاعب بنتائج بعض المباريات، إلا أن ما سيتأكد واجتماع مسؤولي الجامعة ينتهي مقرونا بالبلاغ الصادر، هو أن الدعوة لاجتماعات طارئة على رأس كل شهر كان سببها ضبط خيوط مؤامرة تستهدف الرأسمال والإرث البشري للأندية المغربية.

بلاغ جامعة الكرة لم يفصل في قضية التهجير موضع الشبهة، والتي حركت آلية المتابعة، إلا أن موقع “لكم” تمكن من التوصل إلى أن خيوط القضية متشابكة، ولكن جوهرها وأساسها هو أن لاعبين من أكاديمية محمد السادس لكرة القدم وأكاديمية نادي الفتح الرباطي في سن السادسة عشرة، جرى استدراجهم من طرف وسطاء، منهم من يحمل رخصا مغربية، والهدف طبعا هو تهجيرهم لأندية في الخليج العربي بكثير من المغريات المالية.

التهجير ليس وليد اليوم

وإذا كانت جامعة الكرة المغربية، قررت التصدي بقوة وعلى المكشوف لهذا الاستنزاف المعلن والمبطن للكفاءات المغربية، فإن هذا الذي أثار حفيظة رئيس الجامعة فوزي لقجع وأعضاء الجامعة، ودفعهم إلى إسماع صوت الرفض بل وطلب القصاص من الجناة، ليس وليد اليوم ولا اللحظة، فقد عاشت كرة القدم المغربية فصولا مماثلة لعمليات تهجير جماعية للقاصرين، وأحيانا بصورة مفضوحة، ومن نفذوا تلك العمليات لم يكترثوا بأحكام القانون، أو لربما كانت لهم علاقات مع مسؤولين داخل الأندية المستهدفة بعملية التهجير.

ويذكر الجميع في المغرب الرجة التي حدثت قبل سنوات، وقد تم ترحيل أربعة من لاعبي الرجاء الصغار والقاصرين للإمارات، وبرفقتهم أولياء أمورهم وقد تحصلوا على إغراءات مالية مهمة، العملية التي جرى تصميمها بدقة من قبل مؤطرين ووسطاء، انتهت طبعا بالفشل، بالنظر إلى أن الرجاء البيضاوي تحرك على أكثر من صعيد ونجح في إرجاع لاعبيه.

والذي يطلع على قانون الإتحاد الدولي لكرة القدم، ما يرتبط منه بتجنيس اللاعبين وأيضا بالتعاقد مع لاعبين قاصرين، سيجد أن الفيفا لا تتوقف عن نصب الجدارات المانعة للتجنيس ولاستغلال لاعبين قاصرين، بل إنها تفرض عقوبات على كل من خالف هذه الأنظمة.

الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم وهي تتحرك برغبة من الأندية والأكاديميات المتضررة من “مافيا” تهجير اللاعبين القاصرين، للتصدي لهذا الاستنزاف البشع للطاقات المغربية، لا تبدي بحسب صيغة البلاغ الجامعي أي استعداد لفرملة عملية تنظيف المشهد الكروي من الوسطاء الفاسدين الذين سمحوا لأنفسهم بأن يبيعوا ويشتروا في أبناء جلدتهم، وفي ذلك فإنه ودائما بحسب البلاغ، يبدي استعدادا لا رجعة فيه للضرب بيد من حديد على من هندسوا لصفقات التهجير بأن حركت بشأنهم مسطرة قضائية للبحث والمتابعة، وتقرر تجميد كل رخص الوسطاء المغاربة المعتمدين، إلى حين إنجاز دفتر شروط يضع وكلاء أعمال اللاعبين في صلب معايير تقنية ورياضية.

الوساطة.. قضية أخرى

ولا نحتاج إلى قوة بديهة، لنربط بين القرارين اللذين انتهت إليهما جامعة كرة القدم، أولا بتحريك المتابعة القضائية في حق المتورطين بتهجير لاعبين قاصرين إلى الإمارات وعرض ذلك على الفيفا، وثانيا بتجميد بطاقات عمل كل الوسطاء، فالجامعة وقد حصلت على أدلة ثبوتية، توصلت إلى تورط وسطاء بعينهم في هذا الفعل المرفوض، لذلك قررت تعميم القرار القاضي بتعليق كل رخص وكلاء اللاعبين، بهدف التخليق والتقنين وتجاوز ما كان من اختلالات في منح رخص الوساطة وتقييم عمل وكلاء اللاعبين.

وبرغم أن الجامعة المغربية لكرة القدم تأخرت نسبيا في تحركها لحماية الرأسمال البشري المغربي، من آفات التهجير والتجنيس والمضاربة، على غرار ما يظهره من ليونة مع كثير من الأوراش المتصلة بمصداقية الجامعة،التي وبمجرد شعور مسؤوليها بالخطر المحذق، بادروا إلى ممارسة سلط الحماية والرقابة لحماية كرة القدم، وعدم السماح لأي كان الإتجار بها أو حتى العمل بها ما لم يكن حاصلا على ترخيص ، والحال أن بالمغرب تنتشر أكاديميات ومدارس لكرة القدم غير حاصلة على اعتماد من طرف الجامعة، بل إن منظومة عملها غير مصادق عليها، ويجني أصحابها ما يجنون من أموال وثروات ويجنون بذلك على الأطفال والشباب.

الوحدة في قفص الاتهام

مجموعة من وكلاء أعمال اللاعبين المغاربة، الذين تورطوا في موضوع تهجير اللاعبين القاصرين إلى الإمارات العربية المتحدة، اتهموا مسؤولي الوحدة الإماراتي بالتواطؤ مع بعض السماسرة غير مرخص لهم من قبل الجامعة للاشتغال كوكلاء وعرضوا عليهم مقابل مادي مغربي لجلب أجود اللاعبين صغار السن من الأكاديميات المغربية.

وبحسب ما أكده لموقع” لكم” الوكيل المغربي إدريس العراقي، فإن اختلاف بعض السماسرة مع مسؤول مكلف بالانتدابات في نادي الوحدة الإماراتي،حول المقابل المادي الذي سيربحونه مقابل ضم أبرز اللاعبين الذين لا يتجاوز سنهم 16 سنة،فجر أزمة قوية، بعدما تم الكشف عن خلايا كبيرة ترتبط بالموضوع، ضمنها إماراتيون ومغاربة، سبق لهم التغرير بالعديد من اللاعبين، منذ تجنيس مدافع الفتح الرباطي إسماعيل واجغو، الذي التحق للعب مع ” الأبيض” تحت اسم إسماعيل أحمد، لتتواصل بعد ذلك عمليات التغرير بالمواهب المغربية الشابة، بعضها لم يسعفه الحظ لإكمال مشواره في عالم كرة القدم، وعاد بعدها خائبا للمغرب.

ومن أجل الحد من تهجير اللاعبين القاصرين صوب الإمارات، قطع رئيس جامعة الكرة فوزي لقجع، عهدا على نفسه بالتصدي لكل الأشخاص الذين ثبت تورطهم، مع عدم السماح للاعبين القاصرين بتوقيع عقود مع أندية أخرى، إلا بموافقة أولياء أمورهم، الذين يتعهدون بالإمضاء على وثائق تسحب من الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم، بالبقاء في المغرب ومغادرته وفق الشروط والأحكام المتعارف عليه دوليا.

  • المقال التالي

    الآن

    يُمكنكم تحميل تطبيقنا الرسمي

    الآن يُمكنكم تحميل تطبيق موقع "لكم" المزيد +