في يونيو 2015، أجلت السلطات المغربية ما يقرب 800 مريض عقلي من ضريح بويا عمر، حيث عانى المرضى من الحرمان الطبي والاجتماعي. و بعد عام على ذلك، لازال هؤلاء المرضى يكافحون للعثور على مكان يريح اضطراباتهم، ومنهم من وجد نفسه وحيدا بعد أن تخلت عنه عائلته، وهم كُثر.

تروي “لوموند” قصة كريم، على لسان والدته سميرة، وكانت قد أرسلته إلى ضريح بويا عمر المتواجد بالعطاوية بإقليم قلعة السراغنة، وذلك بغية طرد الأرواح الشريرة التي تكمن داخله.

20 سنة في قيد السلاسل 

ظل كريم محبوسا في القرية التي تحمل نفس اسم الضريح، لمدة عقدين، مع مئات من المغاربة الذين يتعرضون للتعذيب والتخدير والتجويع. وعندما أجلت السلطات كريم و 798 من الأسرى، لم يكن كريم مصابا بالسحر أو مس الشياطين وإنما كان يعاني من مرض عقلي.

الآن سميرة يائسة للغاية، كونها لم تجد ملاذا يأوي ابنها المريض، حيث تعاني ألاف الأسر المغربية من غياب مآوي لعلاج المرضى العقليين.

وتبدأ قصة كريم، الذي ينحدر من مدينة العطاوية، مباشرة بعد وفاة والده سنة 1994،  حيث بدأت أعراض المرض تبدو عليه وأصبح عنيفا جدا، “الحشيش الذي كان يدخنه جعله مجنونا” حسب ما تعتقد والدته التي قررت إثرها أن تأخذه إلى مستشفى الأمراض العقلية. وقالت سميرة، إنها أبقته في المستشفى 17  يوما، “لكن ابني لم يكن يريد تناول الدواء ورفض البقاء في المستشفى.. لقد كان خارج نطاق السيطرة ” تضيف الأم، حيث قررت أخد ابنها لضريح بويا عمر، بعد أن اقترح بعض الناس حولها ذلك، وبقي كريم إثر ذلك مقيدا بالسلاسل في قرية بويا عمر، لمدة عشرين سنة.

وحسب دراسة أجرتها وزراة الصحة في غشت 2014، فإن 90 بالمائة من معتقلي بويا عمر يعانون من اضطرابات عقلية، و 64 في المائة كانوا قد دخلوا المستشفى دون نجاح في العلاج.

تِجارة الأولياء

في مساء يوم من الأيام، توقفت شاحنة بالقرب من مسكن سميرة، بعدما اتصلت به ومدته بـ 400 درهم لينقل ابنها إلى بويا عمر، ولم يطلب السائق أي هوية أو وثيقة طبية حول مرض كريم. وتغطي شبكة نقل المرضى نحو الضريح جميع أنحاء المغرب، حيث تستقبلهم عشرات المنازل، وهي  قريبة من الضريح بـ 200 متر، ويصل أغلى سعر للكراء إلى 200 درهم.

يعيش المرضى المنحدرين من أسر ثرية، في شقق مجهزة بشكل لائق، بينهم أفقرهم يعيشون على الخبز والماء يوميا، في غرف تفتقر لشروط العيش الآدمي. وتتبعت وزارة الصحة الآلاف من المعاملات الداخلية عبر “ويستر يونيون”، الذي  خلاله تدفع الأسر نفقات عيش أبنائها المرضى.

 كريم الذي يبلغ من العمر 38 سنة، يخضع حاليا للعلاج في مستشفى الأمرض العقلية برشيد، مؤكدة والدته أن ابنها لا يتعرف عليها كلما زارته.

وحول وضعيته تقول أخته حليمة:”  المياه مقطوعة دائما، وجسمه متسخ وذقنه غير حليق.. إنه يعيش مثل الحيوان” وعلى الرغم  تردف الأم قائلة:” على الأقل فالعلاج مجاني في المستشفى”.