أصبح فعل حرق الأجساد احتجاجا على خدمات الإدارة المغربية، وسيلة حقيقية للضغط على السلطات العمومية حيث أن هذا السلوك يتنامى مع مرور السنوات، تقول جريدة “جون أفريك” الفرنسية، في مقال نشرته على موقعها، اليوم الثلاثاء 09 ماي الجاري.

وذكرت الجريدة واقعة محاولة شاب يدرس بأحد مراكز التكوين المهني بالدار البيضاء في الثاني من الشهر الجاري، إشعال النار في جسده بسبب خلاف مع إدارة المركز المذكور، حيث تم فتح تحقيق في القضية من قبل السلطات وتم نقل الشاب إلى المستشفى.

وأورد ذات المصدر، أن هذه الحالة ليست الوحيدة التي تم تسجيلها منذ بداية 2017، فقد حاول شاب آخر يدرس في الثانوية إشعال النار في جسده بعد تعارض وقع بينه وبين إدارة المؤسسة، مسجلا عشرات الحالات منها “الإمام الذي تم إعفاؤه من مهامه في أحد المساجد، والفتاة المغتصبة والكثير من الطلبة…”.

ونقلت الجريدة تصريحا للباحث في علم الاجتماع عبد الرحمان رشيق، الذي أورد أن هذا المشهد أصبح مع مرور الوقت وسيلة مشتركة للطعن في قرارات وسلطة الإدارة بالمملكة.

وقال الأستاذ في جامعة الحسن الثاني بالدار البيضاء والمتخصص في الحركات الاحتجاجية الاجتماعية، إن الحواضر سجلت نسبة مرتفعة في عدد حالات الانتحار حرقا، مؤكدا أن الحالات المسجلة تكون دائما في تعارض مع سياسة الحكومة.

وأشار ذات الباحث إلى ظهور البوادر الأولى للظاهرة في سنة 2000، “ومنذ ذلك الوقت بدأت تعرف زيادة متعاقبة، حيث لمست الظاهرة بادئ الأمر ذوي الاحتياجات الخاصة، وخصوصا المبصرين، لتلمس الخريجين والعاطلين عن العمل، ثم انتشرت لتصل إلى الباعة المتجولين…”، مؤكدا أن المغرب يعرف سنويا عشرات محاولات الانتحار حرقا.

وفي ذات السياق أضاف الباحث أن الفعل لمس فئة الذكور أولا، وامتد إلى الإناث، مشيرا “إلى انتشاره في صفوف الشباب وانتقاله ليشمل جميع الفئات العمرية وهو الأمر الذي يثير القلق”، وفق تعبير الباحث في علم الاجتماع.

وأضاف الباحث أن وفاة التونسي محمد البوعزيزي سنة 2011 حرقا، ساهم في تسريع انتشار الفعل، قائلا: “ما يثير القلق هو أن هذا الفعل لم يصدر عن حركة احتجاجية منظمة، بل صدر عن عدد من المواطنين الذين لم يجدوا أمامهم أي وسيلة أنجع للتعبير ولفت انتباه المسؤولين، أكثر من حرق الذات”، مضيفا “تعاقب حالات الانتحار سيؤدي إلى خلق شكل احتجاجي متطرف تقوده جماعة من المواطنين”.

وأكد المتحدث “أن غياب استراتيجية تنصف المتضررين من سياسة الإدارات العمومية، وتحسن خدماتها، سيؤدي لا محالة إلى ارتفاع حالات الانتحار حرقا، وهو ما سيكرس انعدام الثقة بين المواطنين والسلطات”.