في سياق النقاش الدائر حول تعديل مدونة الأسرة، أصدر المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي رأيا له حول “زواج الطفلات وتأثيراته الضارة على وضعهن الاقتصادي والاجتماعي”، بناء على إحالة من مجلس النواب، أكد فيه وجود جملة من الآثار السلبية لهذا النوع من الزواج، ودعا إلى الإسراع بالقضاء عليه.

ونبه المجلس إلى أن زواج الطفلات ظاهرة منتشرة في المغرب، فرغم الأرقام الرسمية التي تحصي الآلاف من العقود سنويا، إلا أنها لا تأخذ بعين الاعتبار حالات الزواج غير الموثقة، ما يجعل الظاهرة أكبر مما تبدو عليه، كما أن هذا الزواج تحول من استثناء إلى قاعدة.

وأكد الرأي أن الــزواج المبكــر، إلــى جانــب تأثيــره الســلبي الكبيــر علــى الوضعيــة الاقتصادية والاجتماعية للفتيـات بوصفهـن نسـاء المسـتقبل، فـإن لـه تأثيـرا سـلبيا أشـمل علـى التنميـة الاقتصادية والاجتماعية للبلاد، حيث يـؤدي إلـى تضييـق الآفـاق المسـتقبلية للفتـاة، مـن خلال إقصائهـا مـن منظومـة التربيـة والتكويـن، ومـن ثـم حرمانهـا مـن فـرص المشـاركة الاقتصادية، كمـا يـؤدي إلـى ارتفـاع مسـتوى الخصوبـة وتكريـس وضعيـة الفقـر، ويعرض الجسـدية والنفسـية للفتيـات وأطفالهـن لمخاطـر كبيـرة.

وأشار التقرير إلى أن زواج القاصر يجعل الطفلات خارج الأقسام الدراسية، كما أن معدل النشاط يسجل مستويات أقل لدى الفتيات المتزوجات قبل سن 18 عاما، حيث تضعف فرص الولوج للشغل عند هذه الفئة.

كما توقف المجلس على تعـرض القاصـرات المتزوجـات لمخاطـر مرتفعـة متعلقـة بالمضاعفـات المرتبطـة بالحمـل والـولادة، فرغـم أن وزارة الصحـة تعتبـر أن الحمـل قبـل سـن 18 سـنة ينطـوي علـى مخاطـر صحيـة عاليـة، إلا أن الملاحظ هو أن 32 فـي المائـة مـن الفتيـات القاصـرات المتزوجـات لديهـن طفـل واحـد أو أكثـر.

ومن جهة أخرى، أبرز التقرير أن القاصــرات يتعرضن بشــكل كبيــر للعنــف الأسري والزوجــي، والجســدي والجنســي واللفظــي، مــع كل مــا قــد ينجــم عــن ذلــك مــن آثــار معروفــة علــى المســتوى الجســدي والنفسي، من قبيل الحرمــان مــن الحريــة، والتعــرض لإصابــات جســدية، والاكتئــاب، واضطرابــات القلــق والانتحــار.

وانطلاقا من تشخيصه هذا، أوصى المجلس الدستوري بالإسـراع بوضـع حـد لتزويـج الأطفـال بمختلـف أشـكاله، والـذي يلحـق الضـرر أساسـا بالفتيات بوصفهن نسـاء المسـتقبل.

ودعا إلى ملاءمة أحـكام مدونـة الأسرة مـع الدسـتور واتفاقيـة القضـاء علـى جميـع أشـكال التمييـز ضـد المـرأة والاتفاقية الدوليـة لحقـوق الطفـل، ممـا يعني، الأخذ فـي الاعتبار “مصالـح الطفـل الفضلـى”، مع المنع الصريـح، فـي مدونـة الأسرة، لجميـع أشـكال التمييـز ضـد الأطفال، انسـجاما الدستور.

وأكد على ضرورة نسـخ المـواد 20 و21 و22  مـن مدونـة الأسرة التـي تفتـح البـاب أمـام الاستثناء فـي تطبيـق قاعـدة سـن أهليـة الـزواج، وضمـان حـق الطفـل فـي التسـجيل فـي الحالـة المدنية، دون أي تمييـز بيـن الأطفال المولوديـن فـي إطـار الـزواج وخـارج العلاقـة الزوجيـة، مع  التضميـن الصريـح، فـي مدونـة الأسـرة، للبصمـة الجينيـة “ADN” كعنصـر علمـي مـن عناصـر إثبـات الأبـوة.

كما أوصى التقرير بإدراج تزويـج الطفـلات عبـر عقـود “الكونطـرا” ضمـن مشملات القانـون رقـم 27.14 المتعلـق بمكافحـة الاتجـار بالبشـر، التـي ينبغـي تجريمهـا ومكافحتهـا.